كتاب نبراس المهذب لاخلاق الشباب (هدية الألباب في جواهر الأدب )
صفحة 1 من اصل 1
كتاب نبراس المهذب لاخلاق الشباب (هدية الألباب في جواهر الأدب )
كتاب نبراس المهذب لاخلاق الشباب (هدية الألباب في جواهر الأدب )
بسم الله الرّحمن الرّحيم والصّلاة والسّلام على أشرف الخلق أجمعين
اما بعد اخواني لقد وجدت خيرا كثيرا في هذا الكتاب فارت ان اتقاسمه معكم
مقدمة
"تلخيص مِن فنون الأداب، مِن تعليم مَن أدَّبه الكريم الوهاب"
نحمدُك اللّهمّ يا من وفّقتنا لحمدك، وجعلتنا من أمّة خيرة خلقك، الذي خصصته لخطابك، وأنزلت عليه أفضل كلامك، وأدّبته بأدابك، سيّدنا محمّد عليه أشرف صلاتك وسلامك القائل: /*/ «أدّبني ربي فأحسن تأديبي، وعلّمني فأحسن تعليمي ثمّ أمرني بمكارم الأخلاق ... الخ الحديث»[1].
أمّا بعد: فإليك أيّها القارئ الكريم، شهدةً أتحفك بها، وهديّةً أمنحك إيّاها، من أحاديث نقطة الكون ومادّته، وتأديبه وتعليمه لأمّته. لتصل إلى مطالعة الكتاب وأنت سالم من الأمراض مصداقا لقوله صلّى الله عليه وسلّم: /*/ «ما أهدى المرءُ المسلم لاخيه هديةً أفضل من كلمةِ حكمةٍ يزيده الله بها هدًى أو يرده عن ردًى»[2] اهـ رواه البهيقي.
وقبل الشّروع أقول: اعلم أيّها القارئ الكريم، أنّ مكارم الأخلاق التي هي نتيجة الأداب، يجب السّعي في كسبها طيلة عمر الإنسان لأنّه في حاجة إليها في كلّ وقت وأوان، وفي كل حال وزمان، وذلك لا يحصل إلّا بالرّياضة وصحبة الأخيار من العلماء العاملين والأولياء الكاملين لقولهم: ما وصل من وصل إلاّ بمحبّة من وصل، ولأنّ النّفس مجبولة على حبّ اللّهو والرّاحة، والميل إلى الشّهوات والهوى، وأنت مطلوب بردّها عن هواها، ومراقبتها في جميع أعمالها بالجدّ والاجتهاد فيما خُلقت لأجله، مع ملازمة الأدب في ذلك كلّه مع رسوله الكريم والكتاب الذي أنزل عليه، وما جاءت به سنّته صلّى الله عليه وسلّم مع /11/ سلامة الصّدر من الرّأي والتّكليف، لتكون من المؤمنين الكاملين المحبّين لله ورسوله بشهادة قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران : 31]، وقوله: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء : 65] ، فنفي كمال الإيمان على من بقي في صدره حرج من حكّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حياته أو سنّته بعد نقله من هذه الدّار، يثبت كمال الإيمان لسالم الصّدر عندما يأمره الرّسول أو سنّته أو ورثته بفعل أو ترك، وقد قال: صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المروي عن أنس: /*/ «مَن أحيا سنّتي فقد أحبّني، ومن أحبّني كان معي في الجنّة»[3]، ومن المعلوم أنّ إحياء السّنة هو العمل بما جاء فيها، وقال صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه الطبراني: /*/ «المتمسك بسنتي عند فساد أمّتي له أجر مائة شهيد»[4] وقال صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: /*/ «المرء مع من أحب»[5]، إذا علمت هذا، فاعلم أنّ الأدب هو الرّائد الأكبر لتعليم السّنّة، وأن السّنّة هي الدّعوة الحسنى إلى الرّقي الأخلاقي الذي تجري وراءه الإنسانيّة المهذّبة، ولقد أدّب النّبي صلّى الله عليه وسلّم أمّته بأخلاقه وأقواله، فكان المثل الأعلى لجميع الأمّة: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب : 21]، ثمّ قام بذلك المثل الأعلى الخلفاء الرّاشدون بعده، ثمّ السّلف الصّالح، ثمّ العلماء العاملون في كل عصر يجاهدون من أجل مكارم الأخلاق وإحياء السّنّة المطهّرة، فهم المثل الأعلى في الزّهد عن الدّنيا وفي غرس مكارم الأخلاق في نفوس الأمّة، قائمين نهارهم، ساهرين ليلهم في بثّ الدّعوة، طالبين مرضاة الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ [الفتح : 29]. /11/
لقد أدّبتِ السّنّةُ رجالا وربّتهم تربية كاملة صالحة، وتلك الخصائص موجودةٌ فيها، لأنّها من طبيعتها ومن ذاتها، وعليه فالواجب على الطّالب ملازمة علماء السّنّة وكتب السّنّة، واتّباع مذاهب الأمّة المجتهدين ليأخذ من أخلاقهم وأقوالهم وأفعالهم ما يصير به من الرّجال الكاملين، ثمّ الواجب على العالم بذلُ جهده في نشر الدّعوة وبثّ السّنّة والأخلاق الكريمة الصّالحة، وليكون خلفا عن أسلافه وقدوة ومثلا لأهل جيله، شاكرا لأنعم خالقه ومربّيه، المتفضّل بجوده وإحسانه عليه.
[1] تمّ تخريجه في ص 32 وهذا من الأحاديث المشتهرة بين الأدباء ( ليست الشهرة المصطلح عليها عند المحدثين)
[2] شعب الإيمان لأبي بكر البيهقي ج3 ص264
[3]ـ المعجم الأوسط لأبي القاسم الطبراني ج9 ص168
واخرجه كذالك محمد بن نصر المروزي في كتابه تعظيم الصلاة ج2 ص661
[4] ـ المعجم الكبير للطبراني ج20 ص50 دون لفظة ( مائة )
[5] ـ صحيح البخاري حسب ترقيم فتح الباري ج8 ص48
بسم الله الرّحمن الرّحيم والصّلاة والسّلام على أشرف الخلق أجمعين
اما بعد اخواني لقد وجدت خيرا كثيرا في هذا الكتاب فارت ان اتقاسمه معكم
مقدمة
"تلخيص مِن فنون الأداب، مِن تعليم مَن أدَّبه الكريم الوهاب"
نحمدُك اللّهمّ يا من وفّقتنا لحمدك، وجعلتنا من أمّة خيرة خلقك، الذي خصصته لخطابك، وأنزلت عليه أفضل كلامك، وأدّبته بأدابك، سيّدنا محمّد عليه أشرف صلاتك وسلامك القائل: /*/ «أدّبني ربي فأحسن تأديبي، وعلّمني فأحسن تعليمي ثمّ أمرني بمكارم الأخلاق ... الخ الحديث»[1].
أمّا بعد: فإليك أيّها القارئ الكريم، شهدةً أتحفك بها، وهديّةً أمنحك إيّاها، من أحاديث نقطة الكون ومادّته، وتأديبه وتعليمه لأمّته. لتصل إلى مطالعة الكتاب وأنت سالم من الأمراض مصداقا لقوله صلّى الله عليه وسلّم: /*/ «ما أهدى المرءُ المسلم لاخيه هديةً أفضل من كلمةِ حكمةٍ يزيده الله بها هدًى أو يرده عن ردًى»[2] اهـ رواه البهيقي.
وقبل الشّروع أقول: اعلم أيّها القارئ الكريم، أنّ مكارم الأخلاق التي هي نتيجة الأداب، يجب السّعي في كسبها طيلة عمر الإنسان لأنّه في حاجة إليها في كلّ وقت وأوان، وفي كل حال وزمان، وذلك لا يحصل إلّا بالرّياضة وصحبة الأخيار من العلماء العاملين والأولياء الكاملين لقولهم: ما وصل من وصل إلاّ بمحبّة من وصل، ولأنّ النّفس مجبولة على حبّ اللّهو والرّاحة، والميل إلى الشّهوات والهوى، وأنت مطلوب بردّها عن هواها، ومراقبتها في جميع أعمالها بالجدّ والاجتهاد فيما خُلقت لأجله، مع ملازمة الأدب في ذلك كلّه مع رسوله الكريم والكتاب الذي أنزل عليه، وما جاءت به سنّته صلّى الله عليه وسلّم مع /11/ سلامة الصّدر من الرّأي والتّكليف، لتكون من المؤمنين الكاملين المحبّين لله ورسوله بشهادة قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران : 31]، وقوله: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ [النساء : 65] ، فنفي كمال الإيمان على من بقي في صدره حرج من حكّم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حياته أو سنّته بعد نقله من هذه الدّار، يثبت كمال الإيمان لسالم الصّدر عندما يأمره الرّسول أو سنّته أو ورثته بفعل أو ترك، وقد قال: صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المروي عن أنس: /*/ «مَن أحيا سنّتي فقد أحبّني، ومن أحبّني كان معي في الجنّة»[3]، ومن المعلوم أنّ إحياء السّنة هو العمل بما جاء فيها، وقال صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه الطبراني: /*/ «المتمسك بسنتي عند فساد أمّتي له أجر مائة شهيد»[4] وقال صلّى الله عليه وسلّم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: /*/ «المرء مع من أحب»[5]، إذا علمت هذا، فاعلم أنّ الأدب هو الرّائد الأكبر لتعليم السّنّة، وأن السّنّة هي الدّعوة الحسنى إلى الرّقي الأخلاقي الذي تجري وراءه الإنسانيّة المهذّبة، ولقد أدّب النّبي صلّى الله عليه وسلّم أمّته بأخلاقه وأقواله، فكان المثل الأعلى لجميع الأمّة: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب : 21]، ثمّ قام بذلك المثل الأعلى الخلفاء الرّاشدون بعده، ثمّ السّلف الصّالح، ثمّ العلماء العاملون في كل عصر يجاهدون من أجل مكارم الأخلاق وإحياء السّنّة المطهّرة، فهم المثل الأعلى في الزّهد عن الدّنيا وفي غرس مكارم الأخلاق في نفوس الأمّة، قائمين نهارهم، ساهرين ليلهم في بثّ الدّعوة، طالبين مرضاة الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ﴿سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ﴾ [الفتح : 29]. /11/
لقد أدّبتِ السّنّةُ رجالا وربّتهم تربية كاملة صالحة، وتلك الخصائص موجودةٌ فيها، لأنّها من طبيعتها ومن ذاتها، وعليه فالواجب على الطّالب ملازمة علماء السّنّة وكتب السّنّة، واتّباع مذاهب الأمّة المجتهدين ليأخذ من أخلاقهم وأقوالهم وأفعالهم ما يصير به من الرّجال الكاملين، ثمّ الواجب على العالم بذلُ جهده في نشر الدّعوة وبثّ السّنّة والأخلاق الكريمة الصّالحة، وليكون خلفا عن أسلافه وقدوة ومثلا لأهل جيله، شاكرا لأنعم خالقه ومربّيه، المتفضّل بجوده وإحسانه عليه.
[1] تمّ تخريجه في ص 32 وهذا من الأحاديث المشتهرة بين الأدباء ( ليست الشهرة المصطلح عليها عند المحدثين)
[2] شعب الإيمان لأبي بكر البيهقي ج3 ص264
[3]ـ المعجم الأوسط لأبي القاسم الطبراني ج9 ص168
واخرجه كذالك محمد بن نصر المروزي في كتابه تعظيم الصلاة ج2 ص661
[4] ـ المعجم الكبير للطبراني ج20 ص50 دون لفظة ( مائة )
[5] ـ صحيح البخاري حسب ترقيم فتح الباري ج8 ص48
خيرالدين يعجبه هذا الموضوع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى