الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
كان من جملة المعادين لدعوة محمد بن عبد الوهاب أخوه سليمان.
وكتابه المسمى الصواعق الإلهية لم يسمه هو بل سماه باسم آخر لكن يبدوا أن من نشر الكتاب قبل أكثر من مائة سنة هو الذي أطلق هذا الاسم إما جذباً للقارئ أو لسقوط اسم الكتاب من النسخة التي عنده
على أي حال سأنزل الكتاب هنا وفي ختامه سأنقل كلمات كنت كتبتها قديما عن المعاداة التي لا قتها دعوة محمد بن عبد الوهاب من علماء نجد.
والكتاب مطبوع طبعتان على ما أعلم.
قاله وكتبه المازري المالكي الأحسائي عفا الله
الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة
في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
تأليف
العالم العلامة الحبر البحر الفهَّامة
الشيخ سُليمان بن عبد الوهاب النَّجديّ
رحمه الله تعالى
( 2 )
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى الله عليه وعلى آله الى يوم الدين اما بعد من سليمان بن عبدالوهاب الى حسن بن عيد ان سلام على من اتبع الهدى وبعد قال الله تعالى «ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» (الاية) وقال النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة وانت كتبت الى كثيرا من مرة تستدعي ماعندي حيث نصحتك على لسان ابن اخيك فها انا اذكر لك بعض ماعلمت من كلام اهل العلم فان قبلت فهو المطلوب والحمدلله وان ابيت فالحمدلله فانه سبحانه لا يعصى قهراً وله في كل حركة وسكون حكمة (فنقول) اعلم ان الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وانزل عليه الكتاب تبياناً لكل شيء فانجز الله له ما وعده واظهر دينه على جميع الاديان وجعل ذلك ثابتاً الى آخر الدهر حين انخرام انفس جميع المؤمنين وجعل (امته) خير الامم كم اخبر بذلك بقوله كنتم خير امة اخرجت للناس وجعلهم شهدآء على الناس قال تعالى «وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهدآء على الناس واجتباهم» كما قال تعالى هو اجتباكم وماجعل عليكم في الدين من حرج الاية وقال
( 3 )
النبي صلى الله عليه وسلم انتم توفون سبعين امة انتم خيرها واكرمها عند الله ودلائل ما ذكرنا لا تحصى وقال صلى الله عليه وسلم لا يزال امر هذه الامة مستقيماً حتى تقوم الساعة رواه البخاري وجعل اقتفاء اثر هذه الامة واجباً على كل احد بقوله تعالى «ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وسائت مصيرا» وجعل اجماعهم حجة قاطعة لا يجوز لاحد الخروج عنه ودلائل ماذكرنا معلومة عند كل من له نوع ممارسة في العلم (اعلم) ان ماجاءبه محمد صلى الله عليه وسلم ان الجاهل لا يستبد برأيه بل يجب عليه ان يسئل اهل العلم كما قال تعالى «فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون» وقال صلى الله عليه وسلم هل لا اذا لم يعلموا سئلوا فانما دوآء العيى السؤال وهذا اجماع قال في غاية السؤال قال الامام ابو بكر الهروي اجمعت العلمآء قاطبة على انه لا يجوز لاحد ان يكون اماماً في الدين والمذهب المستقيم حتى يكون جامعاً هذا الخصال (وهي) ان يكون حافظاً للغات العرب واختلافها ومعاني اشعارها واصنافها واختلاف العلماء والفقهآء ويكون عالماً فقيهاً وحافظاً للاعراب وانواعه والاختلاف عالماً بكتاب الله حافظاً له ولا ختلاف قرائته واختلاف القراء فيها عالماً بتفسيره ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وقصصه عالماً باحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مميزاً بين صحيحها وسقيمها ومتصلها ومنقطعها ومراسيلها ومسانيدها ومشاهيرها واحاديث الصحابة موقوفها ومسندها ثم يكون ورعاً ديناً صائناً لنفسه صدوقا ثقة يبني مذهبه ودينه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فاذا جمع هذه الخصال فحينئذ يجوز ان يكون اماما وجاز ان يقلد ويجتهد في دينه وفتاويه واذا لم يكن جامعاً لهذه الخصال اواخل بواحدة منها كان ناقصاً ولم يجز ان يكون اماماً وان يقلده الناس قال (قلت) واذا ثبت ان هذه شرائط لصحة الاجتهاد والامامة فقد كل من لم يكن كذلك ان يقتدي بمن هو بهذه الخصال المذكورة (وقال) الناس في الدين على قسمين مقلد ومجتهد والمجتهدون مختصون بالعلم وعلم الدين يتعلق بالكتاب والسنة واللسان العربي الذي وردا به فن كان فيما يعلم الكتاب والسنة وحكم الفاظهما ومعرفة الثابت من احكامهما والمنتقل من الثبوت بنسخ او غيره والمتقدم والمؤخر صح اجتهاده وان يقلده من لم يبلغ درجته وفرض من ليس بمجتهدان يسئال ويقلد وهذا لا اختلاف فيه انتهى انظر قوله وهذا لا خلاف
( 4 )
فيه وقال ابن القيم في اعلام الموقعين لا يجوز لاحد ان ياخذ من الكتاب والسنة مالم يجتمع فيه شروط الاجتهاد ومن جميع العلوم قال احمد المنادي سأل رجل احمد بن حنبل اذا حفظ الرجل ماية الف حديث هل يكون فقيها قال لا قال فمأتيي الف حديث قال لا قال فثلاث ماية الف حديث قال لا قال فاربع مأية قال نعم قال ابو الحسين فسالت جدي كم مان يحفظ احمد قال اجاب عن ستماية الف حديث قال ابو اسحاق لما جلست في جامع المنصور للفيتا ذكرت هذه المسئلة فقال لي رجل فانت تحفظ هذا المقدار حتى تفتي الناس قلت لا انما افتي بقول من يحفظ هذا المقدار (انتهى) ولو ذهبنا نحكي من حكى الاجماع لطال وفي هذا لكفاية للمسترشد وانما ذكرت هذه المقدمة لتكون قاعدة يرجع اليها فيما نذكره فان اليوم ابتلى الناس بمن ينتسب الى الكتاب والسنة ويستنبط من علومهما ولا يبالي من خالفه واذا طلبت منه ان يعرض كلامه على اهل العلم لم يفعل بل يوجب على الناس الاخذ بقوله ويمفهومه ومن خالفه فهو عنده كافر هذا وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال اهل الاجتهاد ولا والله عشر واحدة ومع هذا فراج كلامه على كثير من الجهال فانا لله وانا اليه راجعون (الامة) كلها تصيح بلسان واحد ومع هذا لا يرد لهم في كلمة بل كلهم كفار او جهال (اللهم) اهدالضال ورده الى الحق فنقول قال الله عز وجل ان الدين عندالله الاسلام وقال تعالى «ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه» وقال تعالى «فان تابوا واقاموا الصلوة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم» وفي الاية الاخرى فاخوانكم في الدين قال ابن عباس حرمت هذه الاية دماء اهل القبلة وقال ايضاً لا تكونوا كالخوارج تؤولوا آيات القرآن في اهل القبلة وانما نزلت في اهل الكتاب والمشركين فجهلوا علمها فسفكوا بها الدماء وانتهكوا الاموال وشهدوا على اهل السنة بالضلالة فعليكم بالعلم بما نزل فيه القرءان انتهى وكان ابن عمر يرى الخوارج شرار الخلق قال انهم عمدوا في ايات نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين رواه البخاري عنه فحينئذ ذكر الله عز وجل (ان الدين عند الله الاسلام» وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل في الصحيحين الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله (الحديث) وفي حديث ابن عمر الذي في الصحيحين بني الاسلام على خمس شهادة ان لا له الا الله وان محمداً عبده ورسوله (الحديث) وفي الحديث وفد عبد القيس امركم بالايمان
( 5 )
بالله وحده اتدرون مالايمان بالله وحده شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الحديث وهو في الصحيحين وغير ذلك من الاحاديث وصف الاسلام بالشهادتين وما معهما من الاركان وهذا اجماع من الامة بل اجمعوا ان من نطق بالشهادتين اجريت عليه احكام الاسلام لحديث امرت ان اقاتل الناس ولحديث الجارية اين الله قالت في السماء قال من انا قالت رسول الله قال اعتقها فانها مؤمنة وكل ذلك في الصحيحين ولحديث كفوا عن اهل لا اله الا الله وغير ذلك قال ابن القيم اجمع المسلمون على ان الكافر اذا قال لا اله الا الله وان محمداً رسول الله فقد دخل في الاسلام انتهى وكذلك اجمع المسلمون ان المرتد اذا كانت ردته بالشرك فان توبته بالشهادتين واما القتال ان كان ثم امام قاتل الناس حتى يقيموا الصلوة ويؤتوا الزكاة وكل هذا مسطور مبين في كتب اهل العلم من طلبه وجده فالحمد لله على تمام الاسلام (فصل) اذا فهمتم ماتقدم فانكم الأن تكفرون من شهد ان لا اله الا الله وحده وان محمدا عبده ورسله واقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وحج البيت مؤمنا بالله وملائكته وكتبه ورسوله ملتزما لجميع شعائر الاسلام وتجعلونهم كفار او بلادهم بلاد حرب فنحن نسئلكم من امامكم في ذلك وممن اخذتم هذا المذهب عنه فان قلتم كفرناهم لانهم مشركون بالله والذي منهم ما اشرك بالله لم يكفر من اشرك بالله لان سبحانه قال «ان الله لا يغفر ان يشرك به» (الاية) وما في معناها من الايات وان اهل العلم قد عدوا في المكفرات من اشرك بالله (قلنا) حق الايات حق وكلام اهل العلم حق ولكن اهل العلم قالوا في تفسير اشرك بالله اي ادعى ان لله شريكا كقول المشركين هؤلاء شركاؤنا وقوله تعالى «وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء واذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون» اجعلوا الالهة الهاً واحدا الى غير ذلك مما ذكره الله في كتابه ورسوله واهل العلم ولكن هذه التفاصيل التي تفصلون من عندكم ان من فعل كذا فهو مشرك وتخرجونه من الاسلام من اين لكم هذا التفصيل استنبطتم ذلك بمفاهيمكم فقد تقدم لكم من اجماع الامة انه لا يجوز لمثلكم الاستنباط الكم في ذلك قدوة من اجماع او تقليد من يجوز تقليده مع انه لا يجوز للمقلدان يكفر ان لم تجمع الامة على قول متبوعه فبينوا لنا من اين اخذتم مذهبكم هذا ولكم علينا عهد الله وميثاقه ان بينتم لنا حقاً يجب المصير اليه لنتبع الحق ان شاء الله فان كان المراد مفاهيمكم
( 6 )
فقد تقدم انه لا يجوز لنا ولا لكم ولالمن يؤمن بالله واليوم الاخر الاخذبها ولا نكفر من معه الاسلام الذي اجمعت الامة على من اتى به فهو مسلم فاما الشرك ففيه اكبر واصغر وفيه كبير واكبر وفيه مايخرج من الاسلام وفيه مالا يخرج من الاسلام وهذا كله باجماع وتفاصيل مايخرج ممالا يخرج يحتاج الى تبين ائمة اهل الاسلام الذي اجتمعت فيهم شروط الاجتهاد فان اجمعوا على امر لم يسع احد الخروج عنه وان اختلفوا فالامر واسع فان كان عندكم عن اهل العلم بيان واضح فبينوالنا وسمعاً وطاعة والا فالواجب علينا وعليكم الاخذ بالاصل المجمع عليه واتباع سبيل المؤمنين وانتم تحتجون ايضاً بقوله عز وجل «لئن اشركت ليحبطن عملك» وبقوله عز وجل في حق الانبياء «لو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون» وبقوله تعالى «ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين ارباباً» فنقول نعم كل هذا حق يجب الايمان به ولكن من اين لكم ان المسلم الذي يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله اذا دعى غائباً او ميتاً او نذر له او ذبح لغير الله او تمسح بقبر او اخذ من ترابه ان هذا هو الشرك الاكبر الذي من فعله حبط عمله وحل ماله ودمه وانه الذي اراد الله سبحانه من هذه الاية وغيرها في القرآن فان قلتم فهمنا ذلك من الكتاب والسنة قلنا لا عبرة بمفهومكم ولا يجوزلكم ولا لمسلم الاخذ بمفهومكم فان الامة مجمعة كما تقدم ان الاستنباط مرتبة اهل الاجتهاد المطلق ومع هذا لو اجتمعت شروط الاجتهاد في رجل لم يجب على احد الاخذ بقوله دون نظر قال الشيخ تقي الدين من اوجب تقليد الامام بعينه دون نظر انه يستتاب فان تاب والا قتل انتهى وان قلتم اخذنا ذلك من كلام بعض اهل العلم كابن تيمية وابن القيم لانهم سموا ذلك شركاً (قلنا) هذا حق ونوافقكم على تقليد الشيخين ان هذا شرك ولكن هم لم يقولوا كما قلتم ان هذا شرك اكبر يخرج من الاسلام وتجري على كل بلد هذا فيها احكام اهل الردة بل من لم يكفرهم عندكم فهو كافر تجري عليه احكام اهل الردة ولكنهم رحمهم الله ذكروا ان هذا شرك وشددوا فيه ونهوا عنه ولكن ما قالوا كما قلتم ولا عشر معشاره ولكنكم اخذتم من قولهم ماجاز لكم دون غيره بل في كلامهم رحمهم الله مايدل على ان هذا الافاعيل شرك اصغر وعلى تقدير ان في بعض افراده ماهو شرك اكبر على حسب حال قائله ونيته فهم
وكتابه المسمى الصواعق الإلهية لم يسمه هو بل سماه باسم آخر لكن يبدوا أن من نشر الكتاب قبل أكثر من مائة سنة هو الذي أطلق هذا الاسم إما جذباً للقارئ أو لسقوط اسم الكتاب من النسخة التي عنده
على أي حال سأنزل الكتاب هنا وفي ختامه سأنقل كلمات كنت كتبتها قديما عن المعاداة التي لا قتها دعوة محمد بن عبد الوهاب من علماء نجد.
والكتاب مطبوع طبعتان على ما أعلم.
قاله وكتبه المازري المالكي الأحسائي عفا الله
الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة
في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
تأليف
العالم العلامة الحبر البحر الفهَّامة
الشيخ سُليمان بن عبد الوهاب النَّجديّ
رحمه الله تعالى
( 2 )
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحمد لله رب العالمين واشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له واشهد ان محمداً عبده ورسوله ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون صلى الله عليه وعلى آله الى يوم الدين اما بعد من سليمان بن عبدالوهاب الى حسن بن عيد ان سلام على من اتبع الهدى وبعد قال الله تعالى «ولتكن منكم امة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر» (الاية) وقال النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة وانت كتبت الى كثيرا من مرة تستدعي ماعندي حيث نصحتك على لسان ابن اخيك فها انا اذكر لك بعض ماعلمت من كلام اهل العلم فان قبلت فهو المطلوب والحمدلله وان ابيت فالحمدلله فانه سبحانه لا يعصى قهراً وله في كل حركة وسكون حكمة (فنقول) اعلم ان الله سبحانه وتعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وانزل عليه الكتاب تبياناً لكل شيء فانجز الله له ما وعده واظهر دينه على جميع الاديان وجعل ذلك ثابتاً الى آخر الدهر حين انخرام انفس جميع المؤمنين وجعل (امته) خير الامم كم اخبر بذلك بقوله كنتم خير امة اخرجت للناس وجعلهم شهدآء على الناس قال تعالى «وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهدآء على الناس واجتباهم» كما قال تعالى هو اجتباكم وماجعل عليكم في الدين من حرج الاية وقال
( 3 )
النبي صلى الله عليه وسلم انتم توفون سبعين امة انتم خيرها واكرمها عند الله ودلائل ما ذكرنا لا تحصى وقال صلى الله عليه وسلم لا يزال امر هذه الامة مستقيماً حتى تقوم الساعة رواه البخاري وجعل اقتفاء اثر هذه الامة واجباً على كل احد بقوله تعالى «ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ماتولى ونصله جهنم وسائت مصيرا» وجعل اجماعهم حجة قاطعة لا يجوز لاحد الخروج عنه ودلائل ماذكرنا معلومة عند كل من له نوع ممارسة في العلم (اعلم) ان ماجاءبه محمد صلى الله عليه وسلم ان الجاهل لا يستبد برأيه بل يجب عليه ان يسئل اهل العلم كما قال تعالى «فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون» وقال صلى الله عليه وسلم هل لا اذا لم يعلموا سئلوا فانما دوآء العيى السؤال وهذا اجماع قال في غاية السؤال قال الامام ابو بكر الهروي اجمعت العلمآء قاطبة على انه لا يجوز لاحد ان يكون اماماً في الدين والمذهب المستقيم حتى يكون جامعاً هذا الخصال (وهي) ان يكون حافظاً للغات العرب واختلافها ومعاني اشعارها واصنافها واختلاف العلماء والفقهآء ويكون عالماً فقيهاً وحافظاً للاعراب وانواعه والاختلاف عالماً بكتاب الله حافظاً له ولا ختلاف قرائته واختلاف القراء فيها عالماً بتفسيره ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه وقصصه عالماً باحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مميزاً بين صحيحها وسقيمها ومتصلها ومنقطعها ومراسيلها ومسانيدها ومشاهيرها واحاديث الصحابة موقوفها ومسندها ثم يكون ورعاً ديناً صائناً لنفسه صدوقا ثقة يبني مذهبه ودينه على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فاذا جمع هذه الخصال فحينئذ يجوز ان يكون اماما وجاز ان يقلد ويجتهد في دينه وفتاويه واذا لم يكن جامعاً لهذه الخصال اواخل بواحدة منها كان ناقصاً ولم يجز ان يكون اماماً وان يقلده الناس قال (قلت) واذا ثبت ان هذه شرائط لصحة الاجتهاد والامامة فقد كل من لم يكن كذلك ان يقتدي بمن هو بهذه الخصال المذكورة (وقال) الناس في الدين على قسمين مقلد ومجتهد والمجتهدون مختصون بالعلم وعلم الدين يتعلق بالكتاب والسنة واللسان العربي الذي وردا به فن كان فيما يعلم الكتاب والسنة وحكم الفاظهما ومعرفة الثابت من احكامهما والمنتقل من الثبوت بنسخ او غيره والمتقدم والمؤخر صح اجتهاده وان يقلده من لم يبلغ درجته وفرض من ليس بمجتهدان يسئال ويقلد وهذا لا اختلاف فيه انتهى انظر قوله وهذا لا خلاف
( 4 )
فيه وقال ابن القيم في اعلام الموقعين لا يجوز لاحد ان ياخذ من الكتاب والسنة مالم يجتمع فيه شروط الاجتهاد ومن جميع العلوم قال احمد المنادي سأل رجل احمد بن حنبل اذا حفظ الرجل ماية الف حديث هل يكون فقيها قال لا قال فمأتيي الف حديث قال لا قال فثلاث ماية الف حديث قال لا قال فاربع مأية قال نعم قال ابو الحسين فسالت جدي كم مان يحفظ احمد قال اجاب عن ستماية الف حديث قال ابو اسحاق لما جلست في جامع المنصور للفيتا ذكرت هذه المسئلة فقال لي رجل فانت تحفظ هذا المقدار حتى تفتي الناس قلت لا انما افتي بقول من يحفظ هذا المقدار (انتهى) ولو ذهبنا نحكي من حكى الاجماع لطال وفي هذا لكفاية للمسترشد وانما ذكرت هذه المقدمة لتكون قاعدة يرجع اليها فيما نذكره فان اليوم ابتلى الناس بمن ينتسب الى الكتاب والسنة ويستنبط من علومهما ولا يبالي من خالفه واذا طلبت منه ان يعرض كلامه على اهل العلم لم يفعل بل يوجب على الناس الاخذ بقوله ويمفهومه ومن خالفه فهو عنده كافر هذا وهو لم يكن فيه خصلة واحدة من خصال اهل الاجتهاد ولا والله عشر واحدة ومع هذا فراج كلامه على كثير من الجهال فانا لله وانا اليه راجعون (الامة) كلها تصيح بلسان واحد ومع هذا لا يرد لهم في كلمة بل كلهم كفار او جهال (اللهم) اهدالضال ورده الى الحق فنقول قال الله عز وجل ان الدين عندالله الاسلام وقال تعالى «ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه» وقال تعالى «فان تابوا واقاموا الصلوة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم» وفي الاية الاخرى فاخوانكم في الدين قال ابن عباس حرمت هذه الاية دماء اهل القبلة وقال ايضاً لا تكونوا كالخوارج تؤولوا آيات القرآن في اهل القبلة وانما نزلت في اهل الكتاب والمشركين فجهلوا علمها فسفكوا بها الدماء وانتهكوا الاموال وشهدوا على اهل السنة بالضلالة فعليكم بالعلم بما نزل فيه القرءان انتهى وكان ابن عمر يرى الخوارج شرار الخلق قال انهم عمدوا في ايات نزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين رواه البخاري عنه فحينئذ ذكر الله عز وجل (ان الدين عند الله الاسلام» وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل في الصحيحين الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله (الحديث) وفي حديث ابن عمر الذي في الصحيحين بني الاسلام على خمس شهادة ان لا له الا الله وان محمداً عبده ورسوله (الحديث) وفي الحديث وفد عبد القيس امركم بالايمان
( 5 )
بالله وحده اتدرون مالايمان بالله وحده شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله الحديث وهو في الصحيحين وغير ذلك من الاحاديث وصف الاسلام بالشهادتين وما معهما من الاركان وهذا اجماع من الامة بل اجمعوا ان من نطق بالشهادتين اجريت عليه احكام الاسلام لحديث امرت ان اقاتل الناس ولحديث الجارية اين الله قالت في السماء قال من انا قالت رسول الله قال اعتقها فانها مؤمنة وكل ذلك في الصحيحين ولحديث كفوا عن اهل لا اله الا الله وغير ذلك قال ابن القيم اجمع المسلمون على ان الكافر اذا قال لا اله الا الله وان محمداً رسول الله فقد دخل في الاسلام انتهى وكذلك اجمع المسلمون ان المرتد اذا كانت ردته بالشرك فان توبته بالشهادتين واما القتال ان كان ثم امام قاتل الناس حتى يقيموا الصلوة ويؤتوا الزكاة وكل هذا مسطور مبين في كتب اهل العلم من طلبه وجده فالحمد لله على تمام الاسلام (فصل) اذا فهمتم ماتقدم فانكم الأن تكفرون من شهد ان لا اله الا الله وحده وان محمدا عبده ورسله واقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان وحج البيت مؤمنا بالله وملائكته وكتبه ورسوله ملتزما لجميع شعائر الاسلام وتجعلونهم كفار او بلادهم بلاد حرب فنحن نسئلكم من امامكم في ذلك وممن اخذتم هذا المذهب عنه فان قلتم كفرناهم لانهم مشركون بالله والذي منهم ما اشرك بالله لم يكفر من اشرك بالله لان سبحانه قال «ان الله لا يغفر ان يشرك به» (الاية) وما في معناها من الايات وان اهل العلم قد عدوا في المكفرات من اشرك بالله (قلنا) حق الايات حق وكلام اهل العلم حق ولكن اهل العلم قالوا في تفسير اشرك بالله اي ادعى ان لله شريكا كقول المشركين هؤلاء شركاؤنا وقوله تعالى «وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم انهم فيكم شركاء واذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون» اجعلوا الالهة الهاً واحدا الى غير ذلك مما ذكره الله في كتابه ورسوله واهل العلم ولكن هذه التفاصيل التي تفصلون من عندكم ان من فعل كذا فهو مشرك وتخرجونه من الاسلام من اين لكم هذا التفصيل استنبطتم ذلك بمفاهيمكم فقد تقدم لكم من اجماع الامة انه لا يجوز لمثلكم الاستنباط الكم في ذلك قدوة من اجماع او تقليد من يجوز تقليده مع انه لا يجوز للمقلدان يكفر ان لم تجمع الامة على قول متبوعه فبينوا لنا من اين اخذتم مذهبكم هذا ولكم علينا عهد الله وميثاقه ان بينتم لنا حقاً يجب المصير اليه لنتبع الحق ان شاء الله فان كان المراد مفاهيمكم
( 6 )
فقد تقدم انه لا يجوز لنا ولا لكم ولالمن يؤمن بالله واليوم الاخر الاخذبها ولا نكفر من معه الاسلام الذي اجمعت الامة على من اتى به فهو مسلم فاما الشرك ففيه اكبر واصغر وفيه كبير واكبر وفيه مايخرج من الاسلام وفيه مالا يخرج من الاسلام وهذا كله باجماع وتفاصيل مايخرج ممالا يخرج يحتاج الى تبين ائمة اهل الاسلام الذي اجتمعت فيهم شروط الاجتهاد فان اجمعوا على امر لم يسع احد الخروج عنه وان اختلفوا فالامر واسع فان كان عندكم عن اهل العلم بيان واضح فبينوالنا وسمعاً وطاعة والا فالواجب علينا وعليكم الاخذ بالاصل المجمع عليه واتباع سبيل المؤمنين وانتم تحتجون ايضاً بقوله عز وجل «لئن اشركت ليحبطن عملك» وبقوله عز وجل في حق الانبياء «لو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون» وبقوله تعالى «ولا يأمركم ان تتخذوا الملائكة والنبيين ارباباً» فنقول نعم كل هذا حق يجب الايمان به ولكن من اين لكم ان المسلم الذي يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله اذا دعى غائباً او ميتاً او نذر له او ذبح لغير الله او تمسح بقبر او اخذ من ترابه ان هذا هو الشرك الاكبر الذي من فعله حبط عمله وحل ماله ودمه وانه الذي اراد الله سبحانه من هذه الاية وغيرها في القرآن فان قلتم فهمنا ذلك من الكتاب والسنة قلنا لا عبرة بمفهومكم ولا يجوزلكم ولا لمسلم الاخذ بمفهومكم فان الامة مجمعة كما تقدم ان الاستنباط مرتبة اهل الاجتهاد المطلق ومع هذا لو اجتمعت شروط الاجتهاد في رجل لم يجب على احد الاخذ بقوله دون نظر قال الشيخ تقي الدين من اوجب تقليد الامام بعينه دون نظر انه يستتاب فان تاب والا قتل انتهى وان قلتم اخذنا ذلك من كلام بعض اهل العلم كابن تيمية وابن القيم لانهم سموا ذلك شركاً (قلنا) هذا حق ونوافقكم على تقليد الشيخين ان هذا شرك ولكن هم لم يقولوا كما قلتم ان هذا شرك اكبر يخرج من الاسلام وتجري على كل بلد هذا فيها احكام اهل الردة بل من لم يكفرهم عندكم فهو كافر تجري عليه احكام اهل الردة ولكنهم رحمهم الله ذكروا ان هذا شرك وشددوا فيه ونهوا عنه ولكن ما قالوا كما قلتم ولا عشر معشاره ولكنكم اخذتم من قولهم ماجاز لكم دون غيره بل في كلامهم رحمهم الله مايدل على ان هذا الافاعيل شرك اصغر وعلى تقدير ان في بعض افراده ماهو شرك اكبر على حسب حال قائله ونيته فهم
عدل سابقا من قبل خيرالدين في الأحد يناير 01, 2017 1:57 pm عدل 1 مرات
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 7 )
ذكروا في بعض مواضع من كلامهم ان هذا لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفر تاركها كما يأتي في كلامهم ان شاء الله مفصلا ولكن المطلوب منكم هو الرجوع الى كلام اهل العلم والوقوف عند الحدود التي حدوا فان اهل العلم ذكروا في كل مذهب من مذاهب الاقوال والافعال التي يكون بها المسلم مرتداً ولم يقولوا من نذر لغير الله فهو مرتد ولم يقولوا من طلب من غير الله فهو مرتد ولم يقولوا من ذبح لغير الله فهو مرتد ولم يقولوا من تمسح بالقبور واخذ من ترابها فهو مرتد كما قلتم انتم فان كان عندكم شيىء فبينوه فانه لا يجوز كتم العلم ولكنكم اخذتم هذا بمفاهيمكم وفارقتم الاجماع وكفرتم امة محمد صلى الله عليه وسلم كلهم حيث قلتم من فعل هذه الافاعيل فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر ومعلوم عند الخاص والعام ان هذه الامور ملأت بلاد المسلمين وعند اهل العلم منهم انها ملأت بلاد المسلمين من اكثر من سبعمائة عام وان من لم يفعل هذه الافاعيل من اهل العلم لم يكفروا اهل هذه الافاعيل ولم يجروا عليهم احكام المرتدين بل اجروا عليهم احكام المسلمين بخلاف قولكم حيث اجريتم الكفر والردة على امصار المسلمين وغيرها من بلاد المسلمين وجعلتم بلادهم بلاد حرب حتى الحرمين الشريفين اللذين اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة الصريحة انهما لا يزالا بلاد اسلام وانهما لا تعبد فيهما الاصنام وحتى ان الدجال في اخر الزمان يطأ البلاد كلها الا الحرمين كما تقف على تقف على ذلك ان شاء الله في هذه الرسالة فكل هذه البلاد عندكم بلاد حرب كفار اهلها لانهم عبدوا الاصنام على قولكم وكلهم عندكم مشركون شركا مخرجاً عن الملة فانالله وانا اليه راجعون فوالله ان هذه الامور التي تكفرون بها الامة النذور وما معها ابن تيمية وابن القيم وهما رحمها الله قد صرحا في كلامهما تصريحا واضحا ان هذه ليس من الشرك الذي ينقل عن الملة بل قد صرحوا في كلامهم ان من الشرك ماهو اكبر من هذا بكثير كثير وان من هذه اللامة من فعله وعاند فيه ومع هذا لم يكفروه كما يأتي كلامهم في ذلك ان شآء الله تعالى (فاما النذر) فنذكر كلام الشيخ تقي الدين فيه وابن القيم وهما من اعظم من شدد فيه وسماه شركاً فنقول قال الشيخ تقي الدين النذر للقبور ولاهل القبور كالنذر لابراهيم الخليل عليه السلام او الشيخ فلان
( 8 )
نذر معصية لا يجوز الوفاء به وان تصدق بمانذر من ذلك على من يستحقه من الفقرآء او الصالحين كان خيرا له عند الله وانفع (انتهى) فلو كان الناذر كافراً عنده لم يأمره بالصدقة لان الصدقة لا تقبل من الكافر بل يأمره بتجديد اسلامه ويقول له خرجت من الاسلام بالنذر لغير الله قال الشيخ ايضا من نذر اسراج بئر او مقبرة او جبل او شجرة او نذر له او لسكانه لم يجز ولا يجوز الوفاء به ويصرف في المصالح مالم يعرف ربه (انتهى) فلو كان الناذر كافراً لم يأمره برد نذره اليه بل امر بقتله وقال الشيخ ايضا من نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم (انتهى) فانظر كلامه هذا وتأويله هل كفر فاعل هذا او كفر من لم يكفره او عد هذا في المكفرات هو او غيره من اهل العلم كما قلتم انتم وخرقتم الاجماع وقد ذكر بن مفلح في الفروع عن شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية والنذر لغير الله كنذره لشيخ معين للاستغاثة وقضاء اللحاجة منه كحلفه بغيره وقال غيره هو نذر معصية (انتهى) فانظر الى هذا الشرط المذكور اي نذر له لاجل الاستغاثة به بل جعله الشيخ كالحلف بغير الله وغيره من اهل العلم جعله نذر معصية هل قالوا مثل ماقلتم من فعل هذا فهو كافرو من لم يكفره فهو كافر عياذاً بك اللهم من قول الزور كذلك بن القيم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الاصغر من المدارج واستدل به بالحديث الذي رواه احمد عن النبي صلى الله عليه وسلم النذر حلفة وذكر غيره من جميع من تسمونه شركا وتكفرون به فعل الشرك الاصغر (واما الذبح) لغير الله فقد ذكره في المحرمات ولم يذكره في المكفرات الا ان ذبح للأصنام او عبد من دون الله كالشمس والكواكب وعده الشيخ تقي الدين في المحرمات الملعون صاحبها كمن غير منار الارض او من ضار مسلماً كما يأتي في كلامه ان شآء الله تعالى وكذلك اهل العلم ذكروا ذلك مما اهل به لغير الله ونهوا عن اهله ولم يكفروا صاحبه وقال الشيخ تقي الدين كما يفعله الجاهلون بمكة شرفها الله تعالى وغيرها من بلاد المسلمين من الذبح للجن ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذبايح الجن (انتهى) ولم يقل الشيخ من فعل هذا فهو كافر بل من لم يكفره فهو كافر كما قلتم انتم واما (السؤال) من غير الله فصله الشيخ تقي الدين رحمه الله ان كان السئل يسئال من المسئول مثل غفران الذنوب وادخال الجنة والنجاة من النار
( 9 )
وانزال المطر وانبات الشجر وامثال ذلك مما هو من خصائص الربوبية فهذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فان تاب والاقتل ولكن الشخص المعين الذي فعل ذلك لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفر تاركها كما يأتي بيان كلامه في ذلك ان شاء الله تعالى (فان قلت) ذكر عنه في الاقناع انه قال من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسئالهم ويتوكل عليهم كفر اجماعاً (قلت) هذا حق ولكن البلاء من عدم فهم كلام اهل العلم لوتأملتم العبارة تأملا تاما لعرفتم انكم تأولتم العبارة على غير تأويلها ولكن هذا من العجب تتركون كلامه الواضح وتذهبون الى عبارة مجملة تستنبطون منها ضد كلام اهل العلم وتزعمون ان كلامكم ومفهومكم اجماع هل سبقكم الى مفهومكم من هذه العبارة احد ياسبحان الله ماتخشون الله (ولكن) انظر الى لفظ العبارة وهو قوله يدعوهم ويتوكل عليهم ويسئالهم كيف جاء بواو العطف وقرن بين الدعاء والتوكل والسؤآل فان الدعاء في لغة العرب هو العبادة المطلقة والتوكل عمل القلب والسؤآل هو طلب الذي تسمونه الأن الدعاء وهو في هذه العبارة لم يقل او سألهم بل جمع بين الدعاء والتوكل والسؤال والأن انتم تكفرون بالسؤال وحده فاين انتم ومفهومكم من هذه العبارة مع انه رحمة الله بين هذه العبارة واصلها في مواضع من كلامه وكذلك (ابن القيم) بين اصلها قال الشيخ من الصابئة المشركين ممن يظهر الاسلام ويعظم الكواكب ويزعم انه يخاطبها بحوائجه ويسجد لها وينحر ويدعو وقد صنف بعض المنتسبين الى الاسلام في مذهب المشركين من الصابئة والمشركين البراهمة كتاباً في عبادة الكواكب وهي من السحر الذي عليه الكنعانيون الذي ملوكهم النماردة الذي بعث الله الخليل صلوات الله وسلامه عليه بالحنفية ملة ابراهيم واخلاص الدين لله الى هؤلاء وقال ابن القيم في مثل هؤلاء يقرون للعالم صانعاً فاضلا حكيماً مقدسا عن العيوب والنقائض ولكن لا سبيل لنا الى الوجهة الى جلاله لا بالوسايط فالواجب علينا ان نتقرب اليه بتوسطات الروحانيات القريبة منه فنحن نتقرب اليهم ونتقرب بهم اليه فهم اربابنا والهتنا وشفعاؤنا عند رب الارباب واله الالهة فانعبدهم الاليقربونا الى الله زلفى فحينئذ نسال حاحاتنا منهم ونعرض احوالنا عليهم ونصبوا في جميع امورنا اليهم فيشفعون الى الهنا والههم وذلك لا يحصل الامن جهة الاستمداد بالروحانيات وذلك بالتضرع والابتهال
( 10 )
من الصلوات والزكات والذبائح القرابين والبخورات وهؤلاء كفروا بالاصلين الذين جاءت بهما جميع الرسل احدهما عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يعبد من دونه من اله (والثاني) الايمان برسله وبما جاؤا به من عند الله تصديقا واقرارا وانقياداً (انتهى) كلام بن القيم فانظر الى الوسائط المذكورة في العبارة كيف تحملونها على غير محملها ولكن ليس هذا باعجب من حملكم كلام الله وكلام رسوله وكلام ائمة الاسلام على غير المحمل الصحيح مع خرقكم الاجماع واعجب من هذا انكم تستدلون بهذه العبارة على خلاف كلام من ذكرها ومن نقلها ترون بها صريح كلامهم في عين المسئلة وهل عملكم هذا الا اتباع المتشابه وترك المحكم انقذنا الله واياكم من متابعة الاهوآء (واما) التبرك والمتمسح بالقبور واخذ التراب منها والطواف بها فقد ذكره اهل العلم فبعضهم عده في المكروهات وبعضهم عده في المحرمات ولم ينطق واحد منهم بان فاعل ذلك مرتد كما قلتم انتم بل تكفرون من لم يكفر فاعل ذلك فالمسئالة مذكورة في كتاب الجنائز في فصل الدفن وزيارة الميت فان اردت الوقوف على ماذكرت لك فطالع الفروع والاقناع وغيرهما من كتب الفقه (فان) قدحتم فيمن صنف هذه الكتب فليس ذلك منكم بكثير ولكن ليكن معلوما عندكم ان هؤلاء لم يحكوا مذهب انفسهم وانما حكوا مذهب احمد بن حنبل واحزابه من ائمة اهل الهدى الذين اجمعت الامة على هدايتهم ودرايتهم فان ابيتم الا العناد وادعوتم المراتب العلية والاخذ من الادلة من غير تقليد ائمة الهدى فقد تقدم ان هذا خرق للاجماع (فصل) وعلى تقدير هذه الامور التي تزعمون انها كفرا عنى النذر ومامعه (فهنا) اصل آخر من اصول اهل السنة مجمعون عليه كما ذكره الشيخ تقي الدين وبن القيم عنهم وهو ان الجاهل والمخطئ من هذه الامة ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا او كافراً انه يعذر بالجهل والخطا حتى تتبين له الحجة الذي يكفر تاركها بياناً واضحا مايلتبس على مثله او ينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الاسلام مما اجمعوا عليه اجماعا جليا قطعيا يعرفه كل من المسلمين من غير نظر وتأمل كما يأتي بيانه ان شاء الله تعالى ولم يخالف في ذلك الا اهل البدع (فان قلت) قال الله عز وجل الامن كفر بالله بعد ايمانه الاية نزلت في المسلمين تكلموا بالكفر مكرهين عليه (قلت) هذا حق وهي حجة
( 11 )
عليكم لا لكم فان الذين تكلموا به هو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتبري من دينه وهذا كفر اجماعا يعرفه كل مسلم ومع هذا ان الله عز وجل عذر من تكلم بهذا الكفر مكرها ولم يؤاخذه ولكن الله سبحانه وتعالى كفر من شرح بهذا الكفر صدراً وهو من عرفه ورضيه واختاره على الايمان غير جاهل به وهذا الكفر في الاية مما اجمع عليه المسلمون ونقلوه في كتبهم وكل من عد المكفرات ذكره واما هذه الامور التي تكفرون بها المسلمين فلم يسبقكم الى التكفير بها احد من اهل العلم ولا عدوها في المكفرات بل ذكرها من ذكرها منهم في انواع الشرك وبعضهم ذكرها في المحرمات ولم يقل احد منهم ان من فعله فهو كافر مرتد ولا احتج عليه بهذه الاية كما احتججتم ولكن ليس هذا باعجب من استدلالكم بايات نزلت في الذين اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون ويقولون ائنا لتاركوا الهتنا لشاعر مجنون والذين يقال لهم ائنكم لتشهدون ان مع الله الهة اخرى والذين يقولون اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء والذين يقولون اجعل الالهة الها واحداً ومع هذا تستدلون بهذه الايات وتنزلونها على الذين يشهدون ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ويقولون مالله من شريك ويقولون ما احد يستحق ان يعبد مع الله فالذي يستدل بهذه الايات على من شهدله رسول الله صلى الله عليه وسلم واجمع المسلمون على اسلامه ماهو بعجيب لو استدل بالاية على مذهبه فان كنتم صادقين فاذكروا لنا من استدل بهذه الاية على كفر من كفرتموه بخصوص الافعال والاقوال التي تقولون انها كفر ولكن والله مالكم مثل الا عبدالملك بن مروان لما قال لابنه ادع الناس الى طاعتك فمن قال عنك برأسه فقل بالسيف على رأسه هكذا يعني اقطعه فانا لله وانا اليه راجعون (فصل) وهاهنا اصل آخر وهو ان المسلم قد تجتمع فيه المادتان الكفر وااسلام والكفر والنفاق والشرك والايمان وانها تجتمع في المادتان ولا يكفر كفرا ينقل عن الملة كما هو مذهب اهل السنة والجماعة كما يأتي تفصيله وبيانه ان شاء الله ولم يخالف في ذلك الا اهل البدع (فصل) اعلم ان اول فرقة فارقت الجماعة الخوارج الذين خرجوا في زمن علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقد ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر بقتلهم وقتالهم وقال يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية اينما لقيتموهم فاقتلوهم وقال فيهم انهم كلابب اهل النار وقال
ذكروا في بعض مواضع من كلامهم ان هذا لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفر تاركها كما يأتي في كلامهم ان شاء الله مفصلا ولكن المطلوب منكم هو الرجوع الى كلام اهل العلم والوقوف عند الحدود التي حدوا فان اهل العلم ذكروا في كل مذهب من مذاهب الاقوال والافعال التي يكون بها المسلم مرتداً ولم يقولوا من نذر لغير الله فهو مرتد ولم يقولوا من طلب من غير الله فهو مرتد ولم يقولوا من ذبح لغير الله فهو مرتد ولم يقولوا من تمسح بالقبور واخذ من ترابها فهو مرتد كما قلتم انتم فان كان عندكم شيىء فبينوه فانه لا يجوز كتم العلم ولكنكم اخذتم هذا بمفاهيمكم وفارقتم الاجماع وكفرتم امة محمد صلى الله عليه وسلم كلهم حيث قلتم من فعل هذه الافاعيل فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر ومعلوم عند الخاص والعام ان هذه الامور ملأت بلاد المسلمين وعند اهل العلم منهم انها ملأت بلاد المسلمين من اكثر من سبعمائة عام وان من لم يفعل هذه الافاعيل من اهل العلم لم يكفروا اهل هذه الافاعيل ولم يجروا عليهم احكام المرتدين بل اجروا عليهم احكام المسلمين بخلاف قولكم حيث اجريتم الكفر والردة على امصار المسلمين وغيرها من بلاد المسلمين وجعلتم بلادهم بلاد حرب حتى الحرمين الشريفين اللذين اخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة الصريحة انهما لا يزالا بلاد اسلام وانهما لا تعبد فيهما الاصنام وحتى ان الدجال في اخر الزمان يطأ البلاد كلها الا الحرمين كما تقف على تقف على ذلك ان شاء الله في هذه الرسالة فكل هذه البلاد عندكم بلاد حرب كفار اهلها لانهم عبدوا الاصنام على قولكم وكلهم عندكم مشركون شركا مخرجاً عن الملة فانالله وانا اليه راجعون فوالله ان هذه الامور التي تكفرون بها الامة النذور وما معها ابن تيمية وابن القيم وهما رحمها الله قد صرحا في كلامهما تصريحا واضحا ان هذه ليس من الشرك الذي ينقل عن الملة بل قد صرحوا في كلامهم ان من الشرك ماهو اكبر من هذا بكثير كثير وان من هذه اللامة من فعله وعاند فيه ومع هذا لم يكفروه كما يأتي كلامهم في ذلك ان شآء الله تعالى (فاما النذر) فنذكر كلام الشيخ تقي الدين فيه وابن القيم وهما من اعظم من شدد فيه وسماه شركاً فنقول قال الشيخ تقي الدين النذر للقبور ولاهل القبور كالنذر لابراهيم الخليل عليه السلام او الشيخ فلان
( 8 )
نذر معصية لا يجوز الوفاء به وان تصدق بمانذر من ذلك على من يستحقه من الفقرآء او الصالحين كان خيرا له عند الله وانفع (انتهى) فلو كان الناذر كافراً عنده لم يأمره بالصدقة لان الصدقة لا تقبل من الكافر بل يأمره بتجديد اسلامه ويقول له خرجت من الاسلام بالنذر لغير الله قال الشيخ ايضا من نذر اسراج بئر او مقبرة او جبل او شجرة او نذر له او لسكانه لم يجز ولا يجوز الوفاء به ويصرف في المصالح مالم يعرف ربه (انتهى) فلو كان الناذر كافراً لم يأمره برد نذره اليه بل امر بقتله وقال الشيخ ايضا من نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم (انتهى) فانظر كلامه هذا وتأويله هل كفر فاعل هذا او كفر من لم يكفره او عد هذا في المكفرات هو او غيره من اهل العلم كما قلتم انتم وخرقتم الاجماع وقد ذكر بن مفلح في الفروع عن شيخه الشيخ تقي الدين ابن تيمية والنذر لغير الله كنذره لشيخ معين للاستغاثة وقضاء اللحاجة منه كحلفه بغيره وقال غيره هو نذر معصية (انتهى) فانظر الى هذا الشرط المذكور اي نذر له لاجل الاستغاثة به بل جعله الشيخ كالحلف بغير الله وغيره من اهل العلم جعله نذر معصية هل قالوا مثل ماقلتم من فعل هذا فهو كافرو من لم يكفره فهو كافر عياذاً بك اللهم من قول الزور كذلك بن القيم ذكر النذر لغير الله في فصل الشرك الاصغر من المدارج واستدل به بالحديث الذي رواه احمد عن النبي صلى الله عليه وسلم النذر حلفة وذكر غيره من جميع من تسمونه شركا وتكفرون به فعل الشرك الاصغر (واما الذبح) لغير الله فقد ذكره في المحرمات ولم يذكره في المكفرات الا ان ذبح للأصنام او عبد من دون الله كالشمس والكواكب وعده الشيخ تقي الدين في المحرمات الملعون صاحبها كمن غير منار الارض او من ضار مسلماً كما يأتي في كلامه ان شآء الله تعالى وكذلك اهل العلم ذكروا ذلك مما اهل به لغير الله ونهوا عن اهله ولم يكفروا صاحبه وقال الشيخ تقي الدين كما يفعله الجاهلون بمكة شرفها الله تعالى وغيرها من بلاد المسلمين من الذبح للجن ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذبايح الجن (انتهى) ولم يقل الشيخ من فعل هذا فهو كافر بل من لم يكفره فهو كافر كما قلتم انتم واما (السؤال) من غير الله فصله الشيخ تقي الدين رحمه الله ان كان السئل يسئال من المسئول مثل غفران الذنوب وادخال الجنة والنجاة من النار
( 9 )
وانزال المطر وانبات الشجر وامثال ذلك مما هو من خصائص الربوبية فهذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فان تاب والاقتل ولكن الشخص المعين الذي فعل ذلك لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفر تاركها كما يأتي بيان كلامه في ذلك ان شاء الله تعالى (فان قلت) ذكر عنه في الاقناع انه قال من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسئالهم ويتوكل عليهم كفر اجماعاً (قلت) هذا حق ولكن البلاء من عدم فهم كلام اهل العلم لوتأملتم العبارة تأملا تاما لعرفتم انكم تأولتم العبارة على غير تأويلها ولكن هذا من العجب تتركون كلامه الواضح وتذهبون الى عبارة مجملة تستنبطون منها ضد كلام اهل العلم وتزعمون ان كلامكم ومفهومكم اجماع هل سبقكم الى مفهومكم من هذه العبارة احد ياسبحان الله ماتخشون الله (ولكن) انظر الى لفظ العبارة وهو قوله يدعوهم ويتوكل عليهم ويسئالهم كيف جاء بواو العطف وقرن بين الدعاء والتوكل والسؤآل فان الدعاء في لغة العرب هو العبادة المطلقة والتوكل عمل القلب والسؤآل هو طلب الذي تسمونه الأن الدعاء وهو في هذه العبارة لم يقل او سألهم بل جمع بين الدعاء والتوكل والسؤال والأن انتم تكفرون بالسؤال وحده فاين انتم ومفهومكم من هذه العبارة مع انه رحمة الله بين هذه العبارة واصلها في مواضع من كلامه وكذلك (ابن القيم) بين اصلها قال الشيخ من الصابئة المشركين ممن يظهر الاسلام ويعظم الكواكب ويزعم انه يخاطبها بحوائجه ويسجد لها وينحر ويدعو وقد صنف بعض المنتسبين الى الاسلام في مذهب المشركين من الصابئة والمشركين البراهمة كتاباً في عبادة الكواكب وهي من السحر الذي عليه الكنعانيون الذي ملوكهم النماردة الذي بعث الله الخليل صلوات الله وسلامه عليه بالحنفية ملة ابراهيم واخلاص الدين لله الى هؤلاء وقال ابن القيم في مثل هؤلاء يقرون للعالم صانعاً فاضلا حكيماً مقدسا عن العيوب والنقائض ولكن لا سبيل لنا الى الوجهة الى جلاله لا بالوسايط فالواجب علينا ان نتقرب اليه بتوسطات الروحانيات القريبة منه فنحن نتقرب اليهم ونتقرب بهم اليه فهم اربابنا والهتنا وشفعاؤنا عند رب الارباب واله الالهة فانعبدهم الاليقربونا الى الله زلفى فحينئذ نسال حاحاتنا منهم ونعرض احوالنا عليهم ونصبوا في جميع امورنا اليهم فيشفعون الى الهنا والههم وذلك لا يحصل الامن جهة الاستمداد بالروحانيات وذلك بالتضرع والابتهال
( 10 )
من الصلوات والزكات والذبائح القرابين والبخورات وهؤلاء كفروا بالاصلين الذين جاءت بهما جميع الرسل احدهما عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يعبد من دونه من اله (والثاني) الايمان برسله وبما جاؤا به من عند الله تصديقا واقرارا وانقياداً (انتهى) كلام بن القيم فانظر الى الوسائط المذكورة في العبارة كيف تحملونها على غير محملها ولكن ليس هذا باعجب من حملكم كلام الله وكلام رسوله وكلام ائمة الاسلام على غير المحمل الصحيح مع خرقكم الاجماع واعجب من هذا انكم تستدلون بهذه العبارة على خلاف كلام من ذكرها ومن نقلها ترون بها صريح كلامهم في عين المسئلة وهل عملكم هذا الا اتباع المتشابه وترك المحكم انقذنا الله واياكم من متابعة الاهوآء (واما) التبرك والمتمسح بالقبور واخذ التراب منها والطواف بها فقد ذكره اهل العلم فبعضهم عده في المكروهات وبعضهم عده في المحرمات ولم ينطق واحد منهم بان فاعل ذلك مرتد كما قلتم انتم بل تكفرون من لم يكفر فاعل ذلك فالمسئالة مذكورة في كتاب الجنائز في فصل الدفن وزيارة الميت فان اردت الوقوف على ماذكرت لك فطالع الفروع والاقناع وغيرهما من كتب الفقه (فان) قدحتم فيمن صنف هذه الكتب فليس ذلك منكم بكثير ولكن ليكن معلوما عندكم ان هؤلاء لم يحكوا مذهب انفسهم وانما حكوا مذهب احمد بن حنبل واحزابه من ائمة اهل الهدى الذين اجمعت الامة على هدايتهم ودرايتهم فان ابيتم الا العناد وادعوتم المراتب العلية والاخذ من الادلة من غير تقليد ائمة الهدى فقد تقدم ان هذا خرق للاجماع (فصل) وعلى تقدير هذه الامور التي تزعمون انها كفرا عنى النذر ومامعه (فهنا) اصل آخر من اصول اهل السنة مجمعون عليه كما ذكره الشيخ تقي الدين وبن القيم عنهم وهو ان الجاهل والمخطئ من هذه الامة ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركا او كافراً انه يعذر بالجهل والخطا حتى تتبين له الحجة الذي يكفر تاركها بياناً واضحا مايلتبس على مثله او ينكر ما هو معلوم بالضرورة من دين الاسلام مما اجمعوا عليه اجماعا جليا قطعيا يعرفه كل من المسلمين من غير نظر وتأمل كما يأتي بيانه ان شاء الله تعالى ولم يخالف في ذلك الا اهل البدع (فان قلت) قال الله عز وجل الامن كفر بالله بعد ايمانه الاية نزلت في المسلمين تكلموا بالكفر مكرهين عليه (قلت) هذا حق وهي حجة
( 11 )
عليكم لا لكم فان الذين تكلموا به هو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتبري من دينه وهذا كفر اجماعا يعرفه كل مسلم ومع هذا ان الله عز وجل عذر من تكلم بهذا الكفر مكرها ولم يؤاخذه ولكن الله سبحانه وتعالى كفر من شرح بهذا الكفر صدراً وهو من عرفه ورضيه واختاره على الايمان غير جاهل به وهذا الكفر في الاية مما اجمع عليه المسلمون ونقلوه في كتبهم وكل من عد المكفرات ذكره واما هذه الامور التي تكفرون بها المسلمين فلم يسبقكم الى التكفير بها احد من اهل العلم ولا عدوها في المكفرات بل ذكرها من ذكرها منهم في انواع الشرك وبعضهم ذكرها في المحرمات ولم يقل احد منهم ان من فعله فهو كافر مرتد ولا احتج عليه بهذه الاية كما احتججتم ولكن ليس هذا باعجب من استدلالكم بايات نزلت في الذين اذا قيل لهم لا اله الا الله يستكبرون ويقولون ائنا لتاركوا الهتنا لشاعر مجنون والذين يقال لهم ائنكم لتشهدون ان مع الله الهة اخرى والذين يقولون اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء والذين يقولون اجعل الالهة الها واحداً ومع هذا تستدلون بهذه الايات وتنزلونها على الذين يشهدون ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ويقولون مالله من شريك ويقولون ما احد يستحق ان يعبد مع الله فالذي يستدل بهذه الايات على من شهدله رسول الله صلى الله عليه وسلم واجمع المسلمون على اسلامه ماهو بعجيب لو استدل بالاية على مذهبه فان كنتم صادقين فاذكروا لنا من استدل بهذه الاية على كفر من كفرتموه بخصوص الافعال والاقوال التي تقولون انها كفر ولكن والله مالكم مثل الا عبدالملك بن مروان لما قال لابنه ادع الناس الى طاعتك فمن قال عنك برأسه فقل بالسيف على رأسه هكذا يعني اقطعه فانا لله وانا اليه راجعون (فصل) وهاهنا اصل آخر وهو ان المسلم قد تجتمع فيه المادتان الكفر وااسلام والكفر والنفاق والشرك والايمان وانها تجتمع في المادتان ولا يكفر كفرا ينقل عن الملة كما هو مذهب اهل السنة والجماعة كما يأتي تفصيله وبيانه ان شاء الله ولم يخالف في ذلك الا اهل البدع (فصل) اعلم ان اول فرقة فارقت الجماعة الخوارج الذين خرجوا في زمن علي بن ابي طالب رضي الله عنه وقد ذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر بقتلهم وقتالهم وقال يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية اينما لقيتموهم فاقتلوهم وقال فيهم انهم كلابب اهل النار وقال
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 12 )
انهم يقتلون اهل الاسلام وقال شرقتلى تحت اديم السماء وقال يقرؤن القرءان يحسبونه لهم وهو عليهم الى غير ذلك مماصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم وهؤلاء خرجوا في زمن على ابن ابي طالب رضي الله عنه وكفروا علياً وعثمان ومعاوية ومن معهم واستحلوا دماء المسلمين واموالهم وجعلوا بلاد المسلمين بلاد حرب وبلادهم هي بلاد الايمان ويزعمون انهم اهل القرءان ولا يقبلون من السنة الا ماوافق مذهبهم ومن خالفهم وخرج عن ديارهم فهم كافر ويزعمون ان علياً والصحابة رضي الله عنهم اشركوا بالله ولم يعلموا بما في القرءان بل هم على زعمهم الذين عملوا به ويستدلون لمذهبهم بمتشابه القرءان وينزلون الايات التي نزلت في المشركين المكذبين في اهل الاسلام هذا واكابر الصحابة عندهم ويدعونهم الى الحق والى المناظرة وناظرهم ابن عباس رضي الله عنهما ورجع منهم الى الحق اربعة الاف ومع هذه الامور الهائلة والكفر الصريح الواضح وخروجهم عن المسلمين قال لهم علي رضي الله عنه لانبدؤكم بقتال ولا نمنعكم عن مساجد الله ان تذكروا فيها اسمه ولا نمنعكم من الفيىء ما دامت ايديكم معنا (ثم ان الخوارج) اعتزلوا وبدؤا المسلمين الامام ومن معه بالقتال فسار عليهم علي رضي الله عنه وجرى على المسليمن منهم امور هائلة يطول وصفها ومع هذا كله لم يكفروهم الصحابة ولا التابعون ولا ائمة الاسلام ولا قال لهم علي ولا غيره من الصحابة قامت عليكم الحجة وبينا لكم الحق قال الشيخ تقي الدين لم يكفرهم علي ولا احد من الصحابة ولا احد من ائمة اهل الاسلام (انتهى) فانظر رحمك الله الى طريقة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاحجام عن تكفير من يدعى الاسلام هذا وهم الصحابة رضي الله عنهم الذين يرون الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم (قال) الامام احمد صحت الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشرة اوجه (قال) اهل العلم كلها خرجها مسلم في صحيحه فانظر الى هدي اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وائمة المسلمين لعل الله يهديك الى اتباع سبيل المؤمنين وينبهك من هذه البلية التي تزعمون الان انها السنة وهي والله طريقة القوم لا طريقة علي ومن معه رزقا الله اتباع اثارهم (فان قلت) على نفسه قتل الغالية بل حرقهم
( 13 )
النار وهم مجتهدون والصحابة قاتلوا اهل الردة (قلت) هذا كله حق فاما الغالية فهم مشركون زنادقة اظهروا الاسلام تلبياً حتى اظهروا الكفر ظهوراً جلياً لا لبس فيه على احد (وذلك) ان علياً رضي الله عنه لما خرج عليهم من باب كندة سجدوا له فقال لهم ما هذا قالوا له انت الله فقال لهم انا عبد من عباد الله قالوا بل انت هو الله فاستتابهم وعرضهم على السيف وابو ان يتوبوا فامر بخد الاخاديد في الارض واضرم فيها النار وعرضهم عليها وقال لهم ان لم تتوبوا قذفتكم فيها فابوا ان يتوبوا بل يقولون له انت الله فقذفهم بالنار فلما احسوا بالنار تحرقهم قالوا الأن تحققنا انك انت الله لان مايعذب بالنار الا الله فهذه قصة الزنادقة الذين حرقهم علي رضي الله عنه ذكرها العلماء في كتبهم فان رأيتم من يقول لمخلوق هذا هو الله فحرقوه والا فاتقوا الله ولا تلبسوا الحق بالباطل وتقيسوا الكافرين على المسلمين بارائكم الفاسدة ومفاهيمكم الواهية (فصل) واما قتال الصديق والصحابة رضي الله عنهم اهل الردة فاعلم انه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق على الاسلام الا اهل المدينة واهل مكة والطائف وجوثا قرية من قرى البحرين واخبار الردة طويلة تحتمل مجلدا ولكن نذكر بعضا من ذلك من كلام اهل العلم ليتبين لكم ما انتم عليه وان استدلالكم بقصة اهل الردة كاستدلالكم الاول (قال) الامام ابو سليمان الخطابي رحمه الله مما يجب ان يعلم ان اهل الردة كانوا اصنافا صنف ارتدوا عن الاسلام ونبذوا الملة وعادوا الى الكفر الذي كانوا عليه من عبادة الاوثان وصنف ارتدوا عن الاسلام وتابعوا مسيلمة وهم بنو حنيفة وقبائل غيرهم صدقوا مسيلمة و وافقوه على دعواه النبوة وصنف ارتدوا ووافقوا الاسود العنبسي وما ادعاه من النبوة باليمن وصنف صدقوا طليحة الاسدي وما ادعاه من النبوة وهم غطفان وفزارة ومن والاهم وصنف صدقوا سجاح فهئولاء كلهم مرتدون منكرون لنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم تاركون للزكاة والصلوة وسائر شرائع الاسلام ولم يبق من يسجد لله في بسيط الارض الا مسجد المدينة ومكة وجواثا قرية في البحرين وصنف آخر وهم الذين فرقوا بين الصلوة والزكاة و وجوب ادائها الى الامام وهؤلاء على الحقيقة اهل بغي وانما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصا لدخولهم في غمار اهل الردة فاضيف الاسم الى الردة اذ كانت اعظم الامرين واهمهما وارخ قتال اهل البغي من زمن
( 14 )
علي ابن ابي طالب رضي الله عنه اذ كانوا منفردين في زمانه لم بختلطوا باهل الشرك وفي امر هؤلاء عرضوا الخلاف ووقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه تعالى عنه حين راجع ابا بكر وناظره واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله فمن قال لا اله الا الله عصم ماله ونفسه الى ان قال رحمه الله وقد بينا ان اهل الردة كانوا اصنافا منهم من ارتد عن الملة ودعى الى نبوة مسيلمة وغيره ومنهم من انكر الشرائع كلها وهولاءهم الذين سماهم الصحابة رضي الله عنهم كفاراً وكذلك رأي ابو بكر سبي ذراريهم وساعده على ذلك اكثر الصحابة ثم لم ينقض عصر الصحابة حتى اجمعوا ان المرتد لا يسبى فاما مانع الزكاة منهم المقيمون على اصل الدين فانهم اهل بغي ولم يسموا اهل شرك اوفهم كفار وان كانت الردة اضيفت اليهم لمشاركتهم للمرتدين في بعض مامنعوه من حق الدين وذلك ان الردة اسم لغوي وكل من انصرف عن امر كان مقبلا عليه فقد ارتد عنه وقد وجد من هولاء القوم الانصراف عن الطاعة ومنع الحق وانقطع عنهم اسم الثنا والمدح وعلق عليهم الاسم القبيح لمشاركتهم القوم الذين كانوا ارتدوا حقا الى ان قال فان قيل وهل اذا انكر طائفة في زماننا فرض الزكاة وامتنعوا من ادائها يكون حكمهم حكم اهل البغي (قلنالا) فان من انكر فرض الزكاة في هذه الازمان كان كافرا باجماع المسلمين على وجوب الزكاة فقد عرفها الخاص والعام واشترك فيها العالم والجاهل فلا يعذر منكره وكذلك الامر في كل من انكر شيئاً مما اجتمعت عليه الامة من امور الدين اذا كان عمله منتشراً كالصلوة الخمس وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة وتحريم الربا والخمر ونكاح المحارم ونحوها من الاحكام الا ان يكون رجلا حديث عهد بالاسلام ولا يعرف حدوده فانه ان انكر شيئاً منها جاهلا به لم يكفرو كان سبيله سبيل اولئك القوم في بقاء الاسم عليه (فاما) ما كان الاجماع معلوما فيه من طريق علم الخاصة كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها وان القاتل عمداً لايرث وان للجد السدس وما اشبه ذلك من الاحكام فان من انكرها لا يكفر بل يعذر فيها لعدم استفاضة علمها في العامة (انتهى) كلام الخطابي وقال صاحب المفهم قال ابو اسحق لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب الا اهل ثلاثة مساجد مسجد المدينة ومسجد مكة ومسجد جواثا (انتهى)
( 15 )
فهذا شيء مما ذكره بعض اهل العلم في اخبار الردة وتفاصيلها يطول ولكن قد تقدم ان مثلكم او من اجل منكم لا يجوز له الاستنباط ولا القياس ولايجوز لاحد ان يقلده بل يجب على من لم يبلغ رتبة المجتهدين ان يقلدهم وذلك بالاجماع ولكن ليكن عندكم معلوماً ان من خرج عن طاعة ابي بكر الصديق في زمانه فقد خرج عن الاجماع القطعي لانه ومن معه هم اهل العلم واهل الاسلام وهم المهاجرين والانصار الذين اثنى الله عليهم في كتابه وامامة ابي بكر امامة حق جميع شروط الامة مجمتمعة فيه فان كان اليوم فيكم مثل ابي بكر والمهاجرين والانصار والامة مجتمعة على امامة واحدمنكم فقيسوا انفسكم بهم والا فبالله عليكم استحيوا من الله ومن خلقه واعرفوا قدر انفسكم فرحم الله من عرف قدر نفسه وانزلها منزلتها وكف شره عن المسلمين واتبع سبيل المؤمنين قال الله تعالى «ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا» (فصل) لما تقدم الكلام على الخوارج وذكر مذهب الصحابة واهل السنة فيهم وانهم لم يكفروهم كفراً يخرج من الاسلام مع مافيهم بانهم كلاب اهل النار وانهم يمرقون من الاسلام ومع هذا كله لم يكفرهم الصحابة لانهم منتسبون الى الاسلام الطاهر وان كانوا مخلين بكثير منه لنوع تأويل وانتم اليوم تكفرون من ليس فيه خصلة واحدة مما في اولئك بل الذين تكفرونهم اليوم وتستحلون دماءهم واموالهم عقايدهم عقايد اهل السنة والجماعة الفرقة الناجية جعلنا الله منهم (ثم خرجت) بدعة القدرية وذلك في آخر زمن الصحابة وذلك ان القدرية فرقتان فرقة انكرت القدر راسا وقالوا ان الله لم يقدر المعاصي على اهلها ولاهو يقدر ذلك ولا يهدي الضال ولاهو يقدر على ذلك والمسلم عندهم هو الذي جعل نفسه مسلماً وهو الذي جعل نفسه مصلياً وكذلك سائر الطاعات والمعاصي بل العبد هو الذي خلقها بنفسه وجعلوا العبد خالقاً مع الله والله سبحانه عندهم لا يقدر يهدي احدا ولا يقدر يضل احدا الى غير ذلك من اقوالهم الكفرية تعالى الله عما يقول اشباه المجوس علوا كبيرا (الفرقة) الثانية من القدرية من قابل هؤلاء وزعم ان الله جبر الخلق على ماعملوا وان الكفر والمعاصي في الخلق كالبياض والسواد في خلق الادمي ماللمخلوق في ذلك صنع بل جميع المعاصي عندهم تضاف لله وامامهم في ذلك ابليس حيث قال فيما اغويتني وكذلك المشركون الذين قالوا لو شاء الله
( 16 )
ما اشركنا ولا اباؤنا الى غير ذلك من قبائحهم وكفرياتهم التي ذكرها عنهم اهل العلم في كتبهم كالشيخ تقي الدين وبن القيم ومع هذا الكفر العظيم والظلالة خرج اوائل هؤلاء في زمن الصحابة رضي الله عنهم كابن عمر وابن عباس واجلاء التابيعن وقاموا في وجوه هئولاء وبينولهم ضلالهم من الكتاب والسنة وتبرءاً منهم من عندهم من الصحابة رضي الله عنهم وكذلك التابعون وصاحوابهم من كل فج ومع هذا الكفر العظيم الهائل لم يكفرهم الصحابة ولا من بعدهم من ائمة اهل الاسلام ولا اوجبوا قتلهم ولا اجروا عليهم احكام اهل الردة ولا قالوا قد كفرتم حيث خالفتمونا لانا لانتكلم الا بالحق وقد قامت عليكم الحجة ببياننا لكم كما قلتم انتم هذا (ومن الراد عليهم) والمبين ضلالهم الصحابة والتابعون الذين لايقولون الاحقاً بل كبير هؤلاء من أئمة دعائهم قتلوه الامراء (وذكر اهل العلم) انه قتل احداً كدفع الصائل خوفاً من ضرره وبعد قتله غسل وصلى عليه ودفن في مقابر المسلمين كما يأتي ان شاء الله ذكره في كلام الشيخ تقي الدين (فصل) الفرقة الثالثة من اهل البدع المعتزلة الذين خرجوا في زمن التابعين واتوا من الاقوال والافعال الكفريات ما هو مشهور (منها) القول بخلق القرءان (ومنها) انكار شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لاهل المعاصي (ومنها) القول بخلود اهل المعاصي في النار الى غير ذلك من قبائحهم وفضائحهم التي نقلها اهل العلم عنهم ومع هذا فقد خرجوا في زمن التابعين ودعوا الى مذهبهم وقام في وجوههم العلماء من التابيعن ومن بعدهم وردوا عليهم وبينوا باطلهم من الكتاب والسنة واجماع علماء الامة وناظروهم اتم المناظرة ومع هذا اصروا على باطلهم ودعوا اليه وفارقوا الجماعة فبدعهم العلماء وصاحوابهم ولكن ما كفروهم ولا اجروا عليهم احكام اهل الردة بل اجروا عليهم هم اهل البدع قبلهم احكام الاسلام من التوارث والتناكح والصلوة عليهم ودفنهم في مقابر المسلمين (ولم يقولوا) لهم اهل العلم من اهل السنة قامت عليكم الحجة حيث بينالكم لانا لا نقول الاحقا فحيث خالفتمونا كفرتم وحل مالكم ودمائكم وصارت بلادكم بلاد حرب كما هو الأن مذهبكم افلا يكون لكم في هؤلاء الأئمة عبرة تدعون عن الباطل وتفيئون الى الحق (فصل)ثم
انهم يقتلون اهل الاسلام وقال شرقتلى تحت اديم السماء وقال يقرؤن القرءان يحسبونه لهم وهو عليهم الى غير ذلك مماصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم وهؤلاء خرجوا في زمن على ابن ابي طالب رضي الله عنه وكفروا علياً وعثمان ومعاوية ومن معهم واستحلوا دماء المسلمين واموالهم وجعلوا بلاد المسلمين بلاد حرب وبلادهم هي بلاد الايمان ويزعمون انهم اهل القرءان ولا يقبلون من السنة الا ماوافق مذهبهم ومن خالفهم وخرج عن ديارهم فهم كافر ويزعمون ان علياً والصحابة رضي الله عنهم اشركوا بالله ولم يعلموا بما في القرءان بل هم على زعمهم الذين عملوا به ويستدلون لمذهبهم بمتشابه القرءان وينزلون الايات التي نزلت في المشركين المكذبين في اهل الاسلام هذا واكابر الصحابة عندهم ويدعونهم الى الحق والى المناظرة وناظرهم ابن عباس رضي الله عنهما ورجع منهم الى الحق اربعة الاف ومع هذه الامور الهائلة والكفر الصريح الواضح وخروجهم عن المسلمين قال لهم علي رضي الله عنه لانبدؤكم بقتال ولا نمنعكم عن مساجد الله ان تذكروا فيها اسمه ولا نمنعكم من الفيىء ما دامت ايديكم معنا (ثم ان الخوارج) اعتزلوا وبدؤا المسلمين الامام ومن معه بالقتال فسار عليهم علي رضي الله عنه وجرى على المسليمن منهم امور هائلة يطول وصفها ومع هذا كله لم يكفروهم الصحابة ولا التابعون ولا ائمة الاسلام ولا قال لهم علي ولا غيره من الصحابة قامت عليكم الحجة وبينا لكم الحق قال الشيخ تقي الدين لم يكفرهم علي ولا احد من الصحابة ولا احد من ائمة اهل الاسلام (انتهى) فانظر رحمك الله الى طريقة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاحجام عن تكفير من يدعى الاسلام هذا وهم الصحابة رضي الله عنهم الذين يرون الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم (قال) الامام احمد صحت الاحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشرة اوجه (قال) اهل العلم كلها خرجها مسلم في صحيحه فانظر الى هدي اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وائمة المسلمين لعل الله يهديك الى اتباع سبيل المؤمنين وينبهك من هذه البلية التي تزعمون الان انها السنة وهي والله طريقة القوم لا طريقة علي ومن معه رزقا الله اتباع اثارهم (فان قلت) على نفسه قتل الغالية بل حرقهم
( 13 )
النار وهم مجتهدون والصحابة قاتلوا اهل الردة (قلت) هذا كله حق فاما الغالية فهم مشركون زنادقة اظهروا الاسلام تلبياً حتى اظهروا الكفر ظهوراً جلياً لا لبس فيه على احد (وذلك) ان علياً رضي الله عنه لما خرج عليهم من باب كندة سجدوا له فقال لهم ما هذا قالوا له انت الله فقال لهم انا عبد من عباد الله قالوا بل انت هو الله فاستتابهم وعرضهم على السيف وابو ان يتوبوا فامر بخد الاخاديد في الارض واضرم فيها النار وعرضهم عليها وقال لهم ان لم تتوبوا قذفتكم فيها فابوا ان يتوبوا بل يقولون له انت الله فقذفهم بالنار فلما احسوا بالنار تحرقهم قالوا الأن تحققنا انك انت الله لان مايعذب بالنار الا الله فهذه قصة الزنادقة الذين حرقهم علي رضي الله عنه ذكرها العلماء في كتبهم فان رأيتم من يقول لمخلوق هذا هو الله فحرقوه والا فاتقوا الله ولا تلبسوا الحق بالباطل وتقيسوا الكافرين على المسلمين بارائكم الفاسدة ومفاهيمكم الواهية (فصل) واما قتال الصديق والصحابة رضي الله عنهم اهل الردة فاعلم انه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق على الاسلام الا اهل المدينة واهل مكة والطائف وجوثا قرية من قرى البحرين واخبار الردة طويلة تحتمل مجلدا ولكن نذكر بعضا من ذلك من كلام اهل العلم ليتبين لكم ما انتم عليه وان استدلالكم بقصة اهل الردة كاستدلالكم الاول (قال) الامام ابو سليمان الخطابي رحمه الله مما يجب ان يعلم ان اهل الردة كانوا اصنافا صنف ارتدوا عن الاسلام ونبذوا الملة وعادوا الى الكفر الذي كانوا عليه من عبادة الاوثان وصنف ارتدوا عن الاسلام وتابعوا مسيلمة وهم بنو حنيفة وقبائل غيرهم صدقوا مسيلمة و وافقوه على دعواه النبوة وصنف ارتدوا ووافقوا الاسود العنبسي وما ادعاه من النبوة باليمن وصنف صدقوا طليحة الاسدي وما ادعاه من النبوة وهم غطفان وفزارة ومن والاهم وصنف صدقوا سجاح فهئولاء كلهم مرتدون منكرون لنبوة نبينا صلى الله عليه وسلم تاركون للزكاة والصلوة وسائر شرائع الاسلام ولم يبق من يسجد لله في بسيط الارض الا مسجد المدينة ومكة وجواثا قرية في البحرين وصنف آخر وهم الذين فرقوا بين الصلوة والزكاة و وجوب ادائها الى الامام وهؤلاء على الحقيقة اهل بغي وانما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصا لدخولهم في غمار اهل الردة فاضيف الاسم الى الردة اذ كانت اعظم الامرين واهمهما وارخ قتال اهل البغي من زمن
( 14 )
علي ابن ابي طالب رضي الله عنه اذ كانوا منفردين في زمانه لم بختلطوا باهل الشرك وفي امر هؤلاء عرضوا الخلاف ووقعت الشبهة لعمر رضي الله عنه تعالى عنه حين راجع ابا بكر وناظره واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله فمن قال لا اله الا الله عصم ماله ونفسه الى ان قال رحمه الله وقد بينا ان اهل الردة كانوا اصنافا منهم من ارتد عن الملة ودعى الى نبوة مسيلمة وغيره ومنهم من انكر الشرائع كلها وهولاءهم الذين سماهم الصحابة رضي الله عنهم كفاراً وكذلك رأي ابو بكر سبي ذراريهم وساعده على ذلك اكثر الصحابة ثم لم ينقض عصر الصحابة حتى اجمعوا ان المرتد لا يسبى فاما مانع الزكاة منهم المقيمون على اصل الدين فانهم اهل بغي ولم يسموا اهل شرك اوفهم كفار وان كانت الردة اضيفت اليهم لمشاركتهم للمرتدين في بعض مامنعوه من حق الدين وذلك ان الردة اسم لغوي وكل من انصرف عن امر كان مقبلا عليه فقد ارتد عنه وقد وجد من هولاء القوم الانصراف عن الطاعة ومنع الحق وانقطع عنهم اسم الثنا والمدح وعلق عليهم الاسم القبيح لمشاركتهم القوم الذين كانوا ارتدوا حقا الى ان قال فان قيل وهل اذا انكر طائفة في زماننا فرض الزكاة وامتنعوا من ادائها يكون حكمهم حكم اهل البغي (قلنالا) فان من انكر فرض الزكاة في هذه الازمان كان كافرا باجماع المسلمين على وجوب الزكاة فقد عرفها الخاص والعام واشترك فيها العالم والجاهل فلا يعذر منكره وكذلك الامر في كل من انكر شيئاً مما اجتمعت عليه الامة من امور الدين اذا كان عمله منتشراً كالصلوة الخمس وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة وتحريم الربا والخمر ونكاح المحارم ونحوها من الاحكام الا ان يكون رجلا حديث عهد بالاسلام ولا يعرف حدوده فانه ان انكر شيئاً منها جاهلا به لم يكفرو كان سبيله سبيل اولئك القوم في بقاء الاسم عليه (فاما) ما كان الاجماع معلوما فيه من طريق علم الخاصة كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها وان القاتل عمداً لايرث وان للجد السدس وما اشبه ذلك من الاحكام فان من انكرها لا يكفر بل يعذر فيها لعدم استفاضة علمها في العامة (انتهى) كلام الخطابي وقال صاحب المفهم قال ابو اسحق لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب الا اهل ثلاثة مساجد مسجد المدينة ومسجد مكة ومسجد جواثا (انتهى)
( 15 )
فهذا شيء مما ذكره بعض اهل العلم في اخبار الردة وتفاصيلها يطول ولكن قد تقدم ان مثلكم او من اجل منكم لا يجوز له الاستنباط ولا القياس ولايجوز لاحد ان يقلده بل يجب على من لم يبلغ رتبة المجتهدين ان يقلدهم وذلك بالاجماع ولكن ليكن عندكم معلوماً ان من خرج عن طاعة ابي بكر الصديق في زمانه فقد خرج عن الاجماع القطعي لانه ومن معه هم اهل العلم واهل الاسلام وهم المهاجرين والانصار الذين اثنى الله عليهم في كتابه وامامة ابي بكر امامة حق جميع شروط الامة مجمتمعة فيه فان كان اليوم فيكم مثل ابي بكر والمهاجرين والانصار والامة مجتمعة على امامة واحدمنكم فقيسوا انفسكم بهم والا فبالله عليكم استحيوا من الله ومن خلقه واعرفوا قدر انفسكم فرحم الله من عرف قدر نفسه وانزلها منزلتها وكف شره عن المسلمين واتبع سبيل المؤمنين قال الله تعالى «ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا» (فصل) لما تقدم الكلام على الخوارج وذكر مذهب الصحابة واهل السنة فيهم وانهم لم يكفروهم كفراً يخرج من الاسلام مع مافيهم بانهم كلاب اهل النار وانهم يمرقون من الاسلام ومع هذا كله لم يكفرهم الصحابة لانهم منتسبون الى الاسلام الطاهر وان كانوا مخلين بكثير منه لنوع تأويل وانتم اليوم تكفرون من ليس فيه خصلة واحدة مما في اولئك بل الذين تكفرونهم اليوم وتستحلون دماءهم واموالهم عقايدهم عقايد اهل السنة والجماعة الفرقة الناجية جعلنا الله منهم (ثم خرجت) بدعة القدرية وذلك في آخر زمن الصحابة وذلك ان القدرية فرقتان فرقة انكرت القدر راسا وقالوا ان الله لم يقدر المعاصي على اهلها ولاهو يقدر ذلك ولا يهدي الضال ولاهو يقدر على ذلك والمسلم عندهم هو الذي جعل نفسه مسلماً وهو الذي جعل نفسه مصلياً وكذلك سائر الطاعات والمعاصي بل العبد هو الذي خلقها بنفسه وجعلوا العبد خالقاً مع الله والله سبحانه عندهم لا يقدر يهدي احدا ولا يقدر يضل احدا الى غير ذلك من اقوالهم الكفرية تعالى الله عما يقول اشباه المجوس علوا كبيرا (الفرقة) الثانية من القدرية من قابل هؤلاء وزعم ان الله جبر الخلق على ماعملوا وان الكفر والمعاصي في الخلق كالبياض والسواد في خلق الادمي ماللمخلوق في ذلك صنع بل جميع المعاصي عندهم تضاف لله وامامهم في ذلك ابليس حيث قال فيما اغويتني وكذلك المشركون الذين قالوا لو شاء الله
( 16 )
ما اشركنا ولا اباؤنا الى غير ذلك من قبائحهم وكفرياتهم التي ذكرها عنهم اهل العلم في كتبهم كالشيخ تقي الدين وبن القيم ومع هذا الكفر العظيم والظلالة خرج اوائل هؤلاء في زمن الصحابة رضي الله عنهم كابن عمر وابن عباس واجلاء التابيعن وقاموا في وجوه هئولاء وبينولهم ضلالهم من الكتاب والسنة وتبرءاً منهم من عندهم من الصحابة رضي الله عنهم وكذلك التابعون وصاحوابهم من كل فج ومع هذا الكفر العظيم الهائل لم يكفرهم الصحابة ولا من بعدهم من ائمة اهل الاسلام ولا اوجبوا قتلهم ولا اجروا عليهم احكام اهل الردة ولا قالوا قد كفرتم حيث خالفتمونا لانا لانتكلم الا بالحق وقد قامت عليكم الحجة ببياننا لكم كما قلتم انتم هذا (ومن الراد عليهم) والمبين ضلالهم الصحابة والتابعون الذين لايقولون الاحقاً بل كبير هؤلاء من أئمة دعائهم قتلوه الامراء (وذكر اهل العلم) انه قتل احداً كدفع الصائل خوفاً من ضرره وبعد قتله غسل وصلى عليه ودفن في مقابر المسلمين كما يأتي ان شاء الله ذكره في كلام الشيخ تقي الدين (فصل) الفرقة الثالثة من اهل البدع المعتزلة الذين خرجوا في زمن التابعين واتوا من الاقوال والافعال الكفريات ما هو مشهور (منها) القول بخلق القرءان (ومنها) انكار شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لاهل المعاصي (ومنها) القول بخلود اهل المعاصي في النار الى غير ذلك من قبائحهم وفضائحهم التي نقلها اهل العلم عنهم ومع هذا فقد خرجوا في زمن التابعين ودعوا الى مذهبهم وقام في وجوههم العلماء من التابيعن ومن بعدهم وردوا عليهم وبينوا باطلهم من الكتاب والسنة واجماع علماء الامة وناظروهم اتم المناظرة ومع هذا اصروا على باطلهم ودعوا اليه وفارقوا الجماعة فبدعهم العلماء وصاحوابهم ولكن ما كفروهم ولا اجروا عليهم احكام اهل الردة بل اجروا عليهم هم اهل البدع قبلهم احكام الاسلام من التوارث والتناكح والصلوة عليهم ودفنهم في مقابر المسلمين (ولم يقولوا) لهم اهل العلم من اهل السنة قامت عليكم الحجة حيث بينالكم لانا لا نقول الاحقا فحيث خالفتمونا كفرتم وحل مالكم ودمائكم وصارت بلادكم بلاد حرب كما هو الأن مذهبكم افلا يكون لكم في هؤلاء الأئمة عبرة تدعون عن الباطل وتفيئون الى الحق (فصل)ثم
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 17 )
خرج بعد هؤلاء المرجئة الذين يقولون الايمان قول بلا عمل فمن اقر عندهم بالشهادتين فهو مؤمن كامل الايمان وان لم يصل الله ركعة طول عمره ولاصام يوما من رمضان ولا ادى زكاة ماله ولاعمل شيئاً من اعمال الخير بل من اقر بالشهادتين فهو عندهم مؤمن كامل الايمان ايمانه كايمان جبريل وميكائيل والانبياء الى غير ذلك من اقوالهم القبيحة التي ابتدعوها في الاسلام ومع انه صاح بهم ائمة اهل الاسلام وبدعوهم وضلوهم وبينوا لهم الحق من الكتاب والسنة واجماع اهل العلم من اهل السنة من الصحابة فمن بعدهم وابوا الا التمادي على ضلالهم ومعاندتهم لاهل السنة متمسكين هم ومن قبلهم من اهل البدع بمتشابه من الكتاب والسنة ومع هذه الامور الهائلة فيهم لم يكفروهم اهل السنة ولا سلكوا مسلككم فيمن خالفكم ولا شهدوا عليهم بالكفر ولا جعلوا بلادهم بلاد حرب بل جعلوا الاخوة الايمانية ثابتة لهم ولمن قبلهم من اهل البدع ولاقالوا لهم كفرتم بالله ورسوله لانا بينالكم الحق فيجب عليكم اتباعنا لانا بمنزلة الرسول من خطأنا فهو عدو الله ورسوله كما هو قولكم اليوم فانا لله وانا اليه راجعون (فصل) ثم حدث بعد هؤلاء الجهمية الفرعونية الذين يقولون ليس على العرش اله يعبد ولا لله في الارض من كلام ولاعرج بمحمد صلى الله عليه وسلم لربه وينكرون صفات الله سبحانه التي اثبتها لنفسه في كتابه واثبتها رسوله صلى الله عليه وسلم واجمع على القول بها الصحابة فمن بعدهم وينكرون رؤية الله سبحانه في الاخرة ومن وصف الله سبحانه بما وصف به نفسه و وصف به رسوله صلى الله عليه وسلم فهو عندهم كافر الى غير ذلك من اقولهم وافعالهم التي هي غاية الكفر حتى اهل العلم سموهم الفرعونية تشبيها لهم بفرعون حيث انكر الله سبحانه ومع فرد عليهم الائمة وبينوا بدعتهم وضلالهم وبدعوهم وفسقوهم وجعلوهم اكفر ممن قبلهم من اهل البدع واقل تشبثاً بالشريعات وقالوا عنهم انهم قدموا عقولهم على الشرعيات وامر اهل العلم بقتل بعض دعاتهم كالجعد بن درهم وجهم بن صفوان وبعد ان قتلوا غسلوهم وصلوا عليهم ودفنوهم مع المسلمين كما ذكر ذلك الشيخ تقي الدين ولم يجروا عليهم احكام اهل الردة كما اجريتم احكام اهل الردة على من لم يقل او يفعل عشر معشار ماقالوا هؤلاء او فعلوا بل والله كفرتم من قال الحق الصرف حيث خالف اهواءكم وانما لم اذكر فرقة الرافضة لانهم معروفون عند الخاص والعام
( 18 )
وفائحهم مشهورة ومن هولاء الفرق الذين ذكرنا تشعبت الثنتان والسبعون فرقة اهل الضلالة المذكورة في السنة في قوله عليه الصلوة والسلام تفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة وماسوى الثنتين والسبعين وهي الثالثة والسبعون هم الفرقة الناجية اهل السنة والجماعة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والى آخر الدهر وهي التي لا تزال قائمة على الحق رزقنا الله اتباعهم بحوله وقوته وكلما ذكرت من اخبار هذه الفرقة فانما اخذته من كتب اهل العلم واكثر ما انقل عن ابن تيمية وابن القيم (فصل) وها انا اذكر لك شيئاً مما ذكر اهل العلم من مذهب السلف عدم القول بتكفير هؤلاء الفرق الذين تقدم ذكرهم (قال) الشيخ تقي الدين في كتاب الايمان لم يكفر الامام احمد الخوارج ولا المرجئة ولا القدرية وانما المنقول عنه وعن امثاله تكفير الجهمية مع ان احمد لم يكفر اعيان الجهمية ولا كل من قال انا جهمي كفره بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا الى قولهم وامتحنو الناس وعاقبوا من لم يروفقهم بالعقوبات الغليظة ولم يكفرهم احمد وامثاله بل كان يعتقد ايمانهم وامامتهم ويدعو لهم ويرى لهم الأتمام بالصلوة خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم بما يراه لامثالهم من الائمة وينكر ما احدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم وان لم يعلموهم انه كفر كان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الامكان فيجمع بين طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في اظهار السنة والدين وانكار بدع الجهمية الملحدين وبين رعاية حقوق المؤمنين من الائمة والامة وان كانوا جهالا مبتدعين وظلمة فاسقين انتهى كلام الشيخ فتأمله تأملا خالياً عن الميل والحيف وقال الشيخ تقي الدين ايضاً من كان في قلبه الايمان بالرسول وبما جاء به وقد غلط في بعض ماتأله من البدع ولو دعى اليها فهذا ليس بكافر اصلا والخوارج كانوا من اظهر الناس بدعة وقتالا للامة وتكفيراً لها ولم يكن في الصحابة من يكفرهم لا علي ولا غيره بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين كما ذكرت الاثار عنهم بذلك في غير هذا الموضع وكذلك سائر الاثنتين والسبعين فرقة من كان منهم منافقاً فهو كافر في الباطل ومن كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطل لم يكن كافرا في الباطل وان كان اخطاء في التأويل كائنا من كان خطاؤه وقد يكون في بعضهم شعبة من النفاق ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الاسفل من النار ومن قال ان الثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفراً
( 19 )
ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة واجماع الصحابة بل واجماع الائمة الربعة وغير الاربعة فليس فيهم من كفر كل واحد من الثنتين والسبعين فرقة انتهى كلامه فتأمله وتأمل حكاية الاجماع من الصحابة وغيرهم من اهل السنة مع ماتقدم لك مما في مذاهبهم من الكفر العظيم لعلك تنتبه من هذه الهوة التي وقعت فيها انت واصحابك (وقال ابن القيم) في طرق اهل البدع الموافقون على اصل الاسلام ولكنهم مختلفون في بعض الاصول كالخوارج والمعتزلة والقدرية والرافضة والجهمية وغلات المرجئة (فهولاء اقسام) احدها الجاهل المقلد الذي لابصيرة له فهذا لا يكفر ولايفسق ولاترد شهادته اذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان (القسم الثاني) متمكن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحق ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ولذاته ومعاشه فهذا مفرط مستحق للوعيد آثم بترك ما اوجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته فهذا ان غلب ما فيه من البدعة والهوى على مافيه من السنة والهوى ردت شهادته وان غلب مافيه من السنة والهدى على مافيه من البدعة والهوى قبلت شهادته (الثالث) ان يسئال ويطلب ويتبين له الهدى ويترك تعصباً او معاداة لا صحابة فهذا اقل درجاته ان يكون فاسقاً وتكفيره محل اجتهاد (انتهى) كالمه فا نظره وتأمله فقد ذكر هذا التفصيل في غالب كتبه وذكر ان الأئمة واهل السنة لا يكفرونهم هذا مع ماوصفهم به من الشرك الاكبر والكفر الاكبر وبين في غالب كتبه مخازيهم ولنذكر من كلامه طرفا تصديقا لماذكرنا عنه وقال رحمه الله تعالى في المدارج المثبتون للصانع نوعان (احدهما) اهل الاشراك به في ربوبيته والاهيته كالمجوس ومن ضاهاهم من القدرية فانهم يثبتون مع الله الها آخر والمجوسية القدرية تثبت مع الله خالقا للافعال ليست افعالهم مخلوقة لله ولا مقدورة له وهي صادرة بغير مشيئته تعالى وقدرته ولا قدرة له عليها بل هم الذين جعلوا انفسهم فاعلين مريدين شيائين وحقيقة قول هولاء ان الله ليس ربا خالقا لافعال الحيوان (انتهى) كلامه وقد ذكرهم بهذا الشرك في سائر كتبه وشبههم بالمجوس الذين يقولون ان للعالم خالقين وتنظر لما تكلم على التكفير هو وشيخه كيف حكوا عدم تكفيرهم عن جميع اهل السنة حتى مع معرفة الحق والمعاندة قال كفره محل اجتهاد كما تقدم كلامه قريبا (وايضا) الجهمية ذكرهم باقبح
( 20 )
الاوصاف وذكر ان شركهم شرك فرعون وانهم معطلة وان المشركين اقل شركا منهم وضرب لهم مثلا في النونية وغيرها من كتبهم كالصواعق وغيرها وكذلك المعتزلة كيف وصفهم باكبر القبايح واقسم ان قولهم واحزابهم من اهل البدع لا تبقى من الايمان حبة خردل فلما تكلم على تكفيرهم في النونية لم يكفرهم بل فصل في موضع منها كمافصل في الطرف كما مر وموضع آخر فيه اهل السنة خاطئة لهؤلاء المبتدعة الذين اقسم ان قولهم لا يبقى من الايمان حبة خردل يقال واشهد علينا بانا لا نكفركم لمامعكم من الكفران اذانتم اهل الجهالة عندنا لستم اولى كفر ولا ايمان ويأتي ان شآء الله تعالى لهذا مزيد من كلام الشيخ تقي الدين وحكاية اجماع السلف وان التكفير هو قول اهل البدع من الخوارج والمعتزلة والرافضة وقال ابو العباس ابن تيمية رحمه الله في كلام له في الفرقان ودخل اهل الكلام المنتسبين الى الاسلام من المعتزلة ونحوهم في بعض مقالة الصابئة والمشركين ممن لم يهتدي بهدى الله الذي ارسل به رسله من اهل الكلام والجدل صاروا يريدون ان يأخذوا مأخذهم كما خبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لتاخذن مأخذ من كان قبلكم (الحديث الصحيح) الى ان قال ان هؤلاء لمتكلمين اكثر حقاً واتبع للادلة لما تنورت به قلوبهم من نور القرأن والاسلام وان كانوا قد ضلوا في كثير مماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فوافقوا اولئك على ان الله لا يتكلم ولا تكلم كما واتقوهم على انه لا علم له ولاقدرة ولا صفة من الصفات الى ان قال فلما رأوا ان الرسل متفقة على ان الله متكلم والقرأن من اثبات قوله وكلامه صار واتارة يقولون ليس بمتكلم حقيقة بل مجازاً (وهذا قولهم) الاول لما كانوا في بدعتهم وكفرهم على الفطرة قبل ان يدخلوا في الفساد والجحود الى ان قال وهذا قول من يقول القرأن مخلوق الى ان قال وانكر هؤلاء ان يكون الله متكلماً او قائلا على الوجه الذي دلت عليه الكتب الالهية وافهمت الرسل لقومهم واتفق عليه اهل الفطر السليمة الى ان قال ونشأ بين هؤلاء الذينهم فروع الصائبة وبين المسلمين المؤمنين اتباع الرسول الخلاف فكفر هؤلاء ببعض ماجاءت به الرسل واختلفوا في كتاب الله فامنوا ببعض واتبع المؤمنون ماانزل اليهم من ربهم وعلموا ان قول هؤلاء اخبث من قول اليهود والنصارى حتى كان عبدالله بن المبارك ليقول انا لنحكي قول اليهود والنصارى ولا نحكي قول الجهمية وكان قد كثر هؤلاء الذينهم فروع
( 21 )
المشركين ومن اتبعهم من الصابئة في آخر المأية الثانية في امارة المأمون وظهرت علوم الصابئين والمنجمين ونحوهم فظهرت هذه المقالة في اهل العلم واهل السيف والامارة وصار في اهلها من الحلفاء والامرآء والوزرآء والفقهاء والقضاة وغيرهم ما امتحنوا به المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات انتهى كلام الشيخ رحمة الله فانظر في هذا الكلام وتدبره كيف وصف هؤلاء باعظم الكفر والشرك وبالايمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه وانهم فروع المشركين والصابئة وانهم اخذوا ماخذ القرون من قبلهم اهل الكفر وانهم خالفوا العقل والنقل والفطرة وانهم خالفوا جميع الرسل في قولهم وانهم عاندوا الحق وان اهل العلم يقولون قولهم هذا اخبث من قول اليهود والنصارى وانهم عذبوا المؤمنين والمؤمنات على الحق وهؤلاء الذين عنا بهذا الكلام هم المعتزلة والقدرية والجهمية ومن سلك سبيلهم من اهل البدع وغيرهم والخلفاء الذين يعنيهم المأمون والمعتصم والواثق ووزرائهم وقضاتهم وفقهاؤهم وهم الذين جلدوا الامام احمد رحمه الله وحبسوه وقتلوا احمد بن بصير الخزاعي وغيره وعذبوا المؤمنين والمؤمنات يدعونهم الى الاخذ بقولهم وهم الذين يعنى بقوله فيما تقدم وما يأتي ان الامام احمد لايكفرهم ولا احد من السلف وان احمد صلى خلفهم واستغفرلهم ورأى الائتمام بهم وعدم الخروج عليهم وان الامام احمد يرد قولهم الذي هو كفر عظيم كما تقدم كلامه فراجعه (فبالله) عليك تأمل اي هذا واي قولكم فيمن خالفكم فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر (بالله عليكم) انتهوا عن الخفا وقول الزور واقتدوا بالسلف الصالح وتجنبوا طريق اهل البدع ولا تكونوا كالذي زين له سوء عمله فرأه حسناً قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى ومن البدع المنكرة تكفير الطائفة وغيرها من طوائف المسلمين واستحلال دمائهم واموالهم وهذا عظيم لوجهين (احدهما) ان تلك الطائفة الاخرى قد لايكون فيها من البدعة اعظم مما في الطائفة المكفرة لها بل قد تكون بدعة الطائفة المكفرة لها اعظم من بدعة الطائفة المكفرة وقد تكون نحوها وقد تكون دونها وهذا حال عامة اهل البدع والاهوى الذين يكفرون بعضهم بعضاً وهؤلاء من الذين قال الله فيهم «ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء» (الثاني) انه لو فرض
خرج بعد هؤلاء المرجئة الذين يقولون الايمان قول بلا عمل فمن اقر عندهم بالشهادتين فهو مؤمن كامل الايمان وان لم يصل الله ركعة طول عمره ولاصام يوما من رمضان ولا ادى زكاة ماله ولاعمل شيئاً من اعمال الخير بل من اقر بالشهادتين فهو عندهم مؤمن كامل الايمان ايمانه كايمان جبريل وميكائيل والانبياء الى غير ذلك من اقوالهم القبيحة التي ابتدعوها في الاسلام ومع انه صاح بهم ائمة اهل الاسلام وبدعوهم وضلوهم وبينوا لهم الحق من الكتاب والسنة واجماع اهل العلم من اهل السنة من الصحابة فمن بعدهم وابوا الا التمادي على ضلالهم ومعاندتهم لاهل السنة متمسكين هم ومن قبلهم من اهل البدع بمتشابه من الكتاب والسنة ومع هذه الامور الهائلة فيهم لم يكفروهم اهل السنة ولا سلكوا مسلككم فيمن خالفكم ولا شهدوا عليهم بالكفر ولا جعلوا بلادهم بلاد حرب بل جعلوا الاخوة الايمانية ثابتة لهم ولمن قبلهم من اهل البدع ولاقالوا لهم كفرتم بالله ورسوله لانا بينالكم الحق فيجب عليكم اتباعنا لانا بمنزلة الرسول من خطأنا فهو عدو الله ورسوله كما هو قولكم اليوم فانا لله وانا اليه راجعون (فصل) ثم حدث بعد هؤلاء الجهمية الفرعونية الذين يقولون ليس على العرش اله يعبد ولا لله في الارض من كلام ولاعرج بمحمد صلى الله عليه وسلم لربه وينكرون صفات الله سبحانه التي اثبتها لنفسه في كتابه واثبتها رسوله صلى الله عليه وسلم واجمع على القول بها الصحابة فمن بعدهم وينكرون رؤية الله سبحانه في الاخرة ومن وصف الله سبحانه بما وصف به نفسه و وصف به رسوله صلى الله عليه وسلم فهو عندهم كافر الى غير ذلك من اقولهم وافعالهم التي هي غاية الكفر حتى اهل العلم سموهم الفرعونية تشبيها لهم بفرعون حيث انكر الله سبحانه ومع فرد عليهم الائمة وبينوا بدعتهم وضلالهم وبدعوهم وفسقوهم وجعلوهم اكفر ممن قبلهم من اهل البدع واقل تشبثاً بالشريعات وقالوا عنهم انهم قدموا عقولهم على الشرعيات وامر اهل العلم بقتل بعض دعاتهم كالجعد بن درهم وجهم بن صفوان وبعد ان قتلوا غسلوهم وصلوا عليهم ودفنوهم مع المسلمين كما ذكر ذلك الشيخ تقي الدين ولم يجروا عليهم احكام اهل الردة كما اجريتم احكام اهل الردة على من لم يقل او يفعل عشر معشار ماقالوا هؤلاء او فعلوا بل والله كفرتم من قال الحق الصرف حيث خالف اهواءكم وانما لم اذكر فرقة الرافضة لانهم معروفون عند الخاص والعام
( 18 )
وفائحهم مشهورة ومن هولاء الفرق الذين ذكرنا تشعبت الثنتان والسبعون فرقة اهل الضلالة المذكورة في السنة في قوله عليه الصلوة والسلام تفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة وماسوى الثنتين والسبعين وهي الثالثة والسبعون هم الفرقة الناجية اهل السنة والجماعة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والى آخر الدهر وهي التي لا تزال قائمة على الحق رزقنا الله اتباعهم بحوله وقوته وكلما ذكرت من اخبار هذه الفرقة فانما اخذته من كتب اهل العلم واكثر ما انقل عن ابن تيمية وابن القيم (فصل) وها انا اذكر لك شيئاً مما ذكر اهل العلم من مذهب السلف عدم القول بتكفير هؤلاء الفرق الذين تقدم ذكرهم (قال) الشيخ تقي الدين في كتاب الايمان لم يكفر الامام احمد الخوارج ولا المرجئة ولا القدرية وانما المنقول عنه وعن امثاله تكفير الجهمية مع ان احمد لم يكفر اعيان الجهمية ولا كل من قال انا جهمي كفره بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا الى قولهم وامتحنو الناس وعاقبوا من لم يروفقهم بالعقوبات الغليظة ولم يكفرهم احمد وامثاله بل كان يعتقد ايمانهم وامامتهم ويدعو لهم ويرى لهم الأتمام بالصلوة خلفهم والحج والغزو معهم والمنع من الخروج عليهم بما يراه لامثالهم من الائمة وينكر ما احدثوا من القول الباطل الذي هو كفر عظيم وان لم يعلموهم انه كفر كان ينكره ويجاهدهم على رده بحسب الامكان فيجمع بين طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في اظهار السنة والدين وانكار بدع الجهمية الملحدين وبين رعاية حقوق المؤمنين من الائمة والامة وان كانوا جهالا مبتدعين وظلمة فاسقين انتهى كلام الشيخ فتأمله تأملا خالياً عن الميل والحيف وقال الشيخ تقي الدين ايضاً من كان في قلبه الايمان بالرسول وبما جاء به وقد غلط في بعض ماتأله من البدع ولو دعى اليها فهذا ليس بكافر اصلا والخوارج كانوا من اظهر الناس بدعة وقتالا للامة وتكفيراً لها ولم يكن في الصحابة من يكفرهم لا علي ولا غيره بل حكموا فيهم بحكمهم في المسلمين الظالمين المعتدين كما ذكرت الاثار عنهم بذلك في غير هذا الموضع وكذلك سائر الاثنتين والسبعين فرقة من كان منهم منافقاً فهو كافر في الباطل ومن كان مؤمنا بالله ورسوله في الباطل لم يكن كافرا في الباطل وان كان اخطاء في التأويل كائنا من كان خطاؤه وقد يكون في بعضهم شعبة من النفاق ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الاسفل من النار ومن قال ان الثنتين والسبعين فرقة كل واحد منهم يكفر كفراً
( 19 )
ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة واجماع الصحابة بل واجماع الائمة الربعة وغير الاربعة فليس فيهم من كفر كل واحد من الثنتين والسبعين فرقة انتهى كلامه فتأمله وتأمل حكاية الاجماع من الصحابة وغيرهم من اهل السنة مع ماتقدم لك مما في مذاهبهم من الكفر العظيم لعلك تنتبه من هذه الهوة التي وقعت فيها انت واصحابك (وقال ابن القيم) في طرق اهل البدع الموافقون على اصل الاسلام ولكنهم مختلفون في بعض الاصول كالخوارج والمعتزلة والقدرية والرافضة والجهمية وغلات المرجئة (فهولاء اقسام) احدها الجاهل المقلد الذي لابصيرة له فهذا لا يكفر ولايفسق ولاترد شهادته اذا لم يكن قادراً على تعلم الهدى وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان (القسم الثاني) متمكن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحق ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ولذاته ومعاشه فهذا مفرط مستحق للوعيد آثم بترك ما اوجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته فهذا ان غلب ما فيه من البدعة والهوى على مافيه من السنة والهوى ردت شهادته وان غلب مافيه من السنة والهدى على مافيه من البدعة والهوى قبلت شهادته (الثالث) ان يسئال ويطلب ويتبين له الهدى ويترك تعصباً او معاداة لا صحابة فهذا اقل درجاته ان يكون فاسقاً وتكفيره محل اجتهاد (انتهى) كالمه فا نظره وتأمله فقد ذكر هذا التفصيل في غالب كتبه وذكر ان الأئمة واهل السنة لا يكفرونهم هذا مع ماوصفهم به من الشرك الاكبر والكفر الاكبر وبين في غالب كتبه مخازيهم ولنذكر من كلامه طرفا تصديقا لماذكرنا عنه وقال رحمه الله تعالى في المدارج المثبتون للصانع نوعان (احدهما) اهل الاشراك به في ربوبيته والاهيته كالمجوس ومن ضاهاهم من القدرية فانهم يثبتون مع الله الها آخر والمجوسية القدرية تثبت مع الله خالقا للافعال ليست افعالهم مخلوقة لله ولا مقدورة له وهي صادرة بغير مشيئته تعالى وقدرته ولا قدرة له عليها بل هم الذين جعلوا انفسهم فاعلين مريدين شيائين وحقيقة قول هولاء ان الله ليس ربا خالقا لافعال الحيوان (انتهى) كلامه وقد ذكرهم بهذا الشرك في سائر كتبه وشبههم بالمجوس الذين يقولون ان للعالم خالقين وتنظر لما تكلم على التكفير هو وشيخه كيف حكوا عدم تكفيرهم عن جميع اهل السنة حتى مع معرفة الحق والمعاندة قال كفره محل اجتهاد كما تقدم كلامه قريبا (وايضا) الجهمية ذكرهم باقبح
( 20 )
الاوصاف وذكر ان شركهم شرك فرعون وانهم معطلة وان المشركين اقل شركا منهم وضرب لهم مثلا في النونية وغيرها من كتبهم كالصواعق وغيرها وكذلك المعتزلة كيف وصفهم باكبر القبايح واقسم ان قولهم واحزابهم من اهل البدع لا تبقى من الايمان حبة خردل فلما تكلم على تكفيرهم في النونية لم يكفرهم بل فصل في موضع منها كمافصل في الطرف كما مر وموضع آخر فيه اهل السنة خاطئة لهؤلاء المبتدعة الذين اقسم ان قولهم لا يبقى من الايمان حبة خردل يقال واشهد علينا بانا لا نكفركم لمامعكم من الكفران اذانتم اهل الجهالة عندنا لستم اولى كفر ولا ايمان ويأتي ان شآء الله تعالى لهذا مزيد من كلام الشيخ تقي الدين وحكاية اجماع السلف وان التكفير هو قول اهل البدع من الخوارج والمعتزلة والرافضة وقال ابو العباس ابن تيمية رحمه الله في كلام له في الفرقان ودخل اهل الكلام المنتسبين الى الاسلام من المعتزلة ونحوهم في بعض مقالة الصابئة والمشركين ممن لم يهتدي بهدى الله الذي ارسل به رسله من اهل الكلام والجدل صاروا يريدون ان يأخذوا مأخذهم كما خبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لتاخذن مأخذ من كان قبلكم (الحديث الصحيح) الى ان قال ان هؤلاء لمتكلمين اكثر حقاً واتبع للادلة لما تنورت به قلوبهم من نور القرأن والاسلام وان كانوا قد ضلوا في كثير مماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فوافقوا اولئك على ان الله لا يتكلم ولا تكلم كما واتقوهم على انه لا علم له ولاقدرة ولا صفة من الصفات الى ان قال فلما رأوا ان الرسل متفقة على ان الله متكلم والقرأن من اثبات قوله وكلامه صار واتارة يقولون ليس بمتكلم حقيقة بل مجازاً (وهذا قولهم) الاول لما كانوا في بدعتهم وكفرهم على الفطرة قبل ان يدخلوا في الفساد والجحود الى ان قال وهذا قول من يقول القرأن مخلوق الى ان قال وانكر هؤلاء ان يكون الله متكلماً او قائلا على الوجه الذي دلت عليه الكتب الالهية وافهمت الرسل لقومهم واتفق عليه اهل الفطر السليمة الى ان قال ونشأ بين هؤلاء الذينهم فروع الصائبة وبين المسلمين المؤمنين اتباع الرسول الخلاف فكفر هؤلاء ببعض ماجاءت به الرسل واختلفوا في كتاب الله فامنوا ببعض واتبع المؤمنون ماانزل اليهم من ربهم وعلموا ان قول هؤلاء اخبث من قول اليهود والنصارى حتى كان عبدالله بن المبارك ليقول انا لنحكي قول اليهود والنصارى ولا نحكي قول الجهمية وكان قد كثر هؤلاء الذينهم فروع
( 21 )
المشركين ومن اتبعهم من الصابئة في آخر المأية الثانية في امارة المأمون وظهرت علوم الصابئين والمنجمين ونحوهم فظهرت هذه المقالة في اهل العلم واهل السيف والامارة وصار في اهلها من الحلفاء والامرآء والوزرآء والفقهاء والقضاة وغيرهم ما امتحنوا به المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات انتهى كلام الشيخ رحمة الله فانظر في هذا الكلام وتدبره كيف وصف هؤلاء باعظم الكفر والشرك وبالايمان ببعض الكتاب والكفر ببعضه وانهم فروع المشركين والصابئة وانهم اخذوا ماخذ القرون من قبلهم اهل الكفر وانهم خالفوا العقل والنقل والفطرة وانهم خالفوا جميع الرسل في قولهم وانهم عاندوا الحق وان اهل العلم يقولون قولهم هذا اخبث من قول اليهود والنصارى وانهم عذبوا المؤمنين والمؤمنات على الحق وهؤلاء الذين عنا بهذا الكلام هم المعتزلة والقدرية والجهمية ومن سلك سبيلهم من اهل البدع وغيرهم والخلفاء الذين يعنيهم المأمون والمعتصم والواثق ووزرائهم وقضاتهم وفقهاؤهم وهم الذين جلدوا الامام احمد رحمه الله وحبسوه وقتلوا احمد بن بصير الخزاعي وغيره وعذبوا المؤمنين والمؤمنات يدعونهم الى الاخذ بقولهم وهم الذين يعنى بقوله فيما تقدم وما يأتي ان الامام احمد لايكفرهم ولا احد من السلف وان احمد صلى خلفهم واستغفرلهم ورأى الائتمام بهم وعدم الخروج عليهم وان الامام احمد يرد قولهم الذي هو كفر عظيم كما تقدم كلامه فراجعه (فبالله) عليك تأمل اي هذا واي قولكم فيمن خالفكم فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر (بالله عليكم) انتهوا عن الخفا وقول الزور واقتدوا بالسلف الصالح وتجنبوا طريق اهل البدع ولا تكونوا كالذي زين له سوء عمله فرأه حسناً قال الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى ومن البدع المنكرة تكفير الطائفة وغيرها من طوائف المسلمين واستحلال دمائهم واموالهم وهذا عظيم لوجهين (احدهما) ان تلك الطائفة الاخرى قد لايكون فيها من البدعة اعظم مما في الطائفة المكفرة لها بل قد تكون بدعة الطائفة المكفرة لها اعظم من بدعة الطائفة المكفرة وقد تكون نحوها وقد تكون دونها وهذا حال عامة اهل البدع والاهوى الذين يكفرون بعضهم بعضاً وهؤلاء من الذين قال الله فيهم «ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء» (الثاني) انه لو فرض
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 22 )
ان احدى الطائفتين مختصة بالبدعة والاخرى موافقة للسنة لم يكن لهذه السنة ان تكفر كل من قال قولا اخطاء فيه فان الله تعالى قال «ربنا لا تواخذ نا ان نسينا او اخطأنا» وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قال قد فعلت وقال تعالى «لاجناح عليكم فيما اخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم» وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله تجاوز لامتي عن الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه وهو حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره وقد اجمع الصحابة والتابعون لهم باحسان وسائر ائمة المسلمين على انه ليس كل من قال قولا اخطاء فيه انه يكفر بذلك ولو كان قوله مخالفاً للسنة ولكن للناس نزاع في مسائل التكفير قد بسطت في غير هذا الموضع وقال الشيخ رحمه الله ايضا الخوارج لهم خاصيتان مشهورتان فارقوا بها جماعة المسلمين وائمتهم (احدهما) خروجهم عن السنة وجعلهم ماليس بسيئة سيئة وجعلهم ماليس بحسنة حسنة (الثاني) في الخوارج واهل البدع انهم يكفرون بالذنوب والسيئات ويترتب على ذلك استحلال دماء المسليمن واموالهم وان دار الاسلام دار حرب ودارهم هى دار الايمان وبذلك يقولوا جمهور الرافضة وجمهور المعتزلة والجهمية وطائفة من غلات المنتسبة الى اهل الحديث فينبغي للمسلم ان يحذر من هذين الاصلين الخبيثين وما يتولد عنهما من بعض المسلمين وذمهم ولعنهم واستحلال دمائهم واموالهم وعامة البدع انما تنشأ من هذين الاصلين (اما الاول) فسببه التأويل الفاسد اما حديث بلغه غير صحيح او عن غير الرسول صلى الله عليه وسلم قلد قائله فيه ولم يكن ذلك القائل مصيباً او تأويل تأوله من آية من كتاب الله ولم يكن التأويل صحيحاً او قياساً فاسداً او رأيا راءه اعتقده صواباً وهو خطأ الى (ان قال) قال احمد اكثرما يخطىء الناس من جهة التأويل والقياس وقال الشيخ اهل البدع صاروا يبنون دين الاسلام على مقدمات يضنون صحتها اما في دلالة الالفاظ واما في المعاني المعقولة ولا يتأملون بيان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فانهايكون ضلالا وقد تكلم احمد على من يتمسك مما يظهر له من القرءان من غير استدلال بيان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وهذه طريقة سائر ائمة المسلمين لايعدلون عن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم ان
( 23 )
وجدوا الى ذلك سبيلا وقال الشيخ ايضاً اني دايماً ومن جالسنى يعلم مني اني من اعظم الناس نهياً من ان ينسب معين الى تكفير او الى تفسيق او معصية الا اذا علم انه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة وفاسقا اخرى وعاصياً اخرى واني اقرران الله قد غفر لهذه الامة خطأها وذلك يعم الخطأ في المسائل الحبرية والمسائل العملية ومازال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد احد منهم معين لاجل ذلك لا يكفر ولا بفسق ولا بمعصية كما انكر شريح قراءة بل عجبت ويسخرون وقال ان الله لا يعجب الى ان قال وقد آل النزاع بين السلف الى الاقتتال مع اتفاق اهل السنة على ان الطائفتين جميعاً مؤمنتان وان القتال لا يمنع العدالة الثابتة لهم لان المقاتل وان كان باغياً فهو متأول والتأويل يمنع الفسق وكنت ابين لهم ان ما نقل عن السلف والائمة من اطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو ايضا حق لكن يجب التفريق بين الاطلاق والتعيين وهذه اول مسألة تنازعت فيها الامة من مسائل الاصول الكبار وهي مسالة الوعيد فان نصوص الوعيد في القرأن المطلقة عامة كقوله تعالى «ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلماً » الاية وكذلك سائر ماورد من فعل كذا فله كذا او فهو كذا فان هذه النصوص مطلقة عامة وهي بمنزلة من قال من السلف من قال كذا فهو كافر الى ان قال والتكفير يكون من الوعيد فانه وان كان القول تكذيبا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لكن قد يكون الرجل حديث عهد بالاسلام او نشأ يباديه بعيده وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص او سمعها ولم تثبت عنده او عارضها عنده معارض آخر او وجب تاويلها وان كان مخطيئا (وكنت) دايما اذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال لاهله اذا انامت فاحرقوني الحديث فهذا رجل شك في قدرة الله وفي اعادته اذا ذرى بل اعتقد انه لايعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلا لايعلم ذلك وكان مؤمنا يخاف الله ان يعاقبه فغفر له بذلك والمتأول من اهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم اولى بالمغفرة من مثل هذا (انتهى) وقال الشيخ رحمه الله وقد سئل عن رجلين تكلما فى مسئالة التكفير فاجاب واطال وقال فى اخر الجواب لوفرض ان رجلا دفع التكفير عمن يعتقد انه ليس بكافر حماية له ونصراً لاخيه المسلم لكان هذا غرضا شرعيا حسنا وهواذا
( 24 )
اجتهد فى ذلك فاصاب فله اجران وان اجتهد فيه فاخطأ فله اجر وقال رحمه الله التكفير انما يكون بانكار ماعلم من الدين بالضرورة اوبانكار الاحكام المتواترة المجمع عليها (انتهى) فانظر الى هذا الكلام وتأمله وهل هذا كقولكم هذا كافر ومن لم يكفره فهو كافر وهو قال ان دفع عنه التكفير وهو مخطئ فله اجر وانظر وتأمل كلامه الاول وهو ان القول قد يكون كفراً ولكن القائل او الفاعل لايكفر لاحتمال امور منها عدم بلوغ العلم على الوجه الذى يكفربه امالم يبلغه واما بلغه ولكن مافهمه اوفهمه ولكن قام عنده معارض اوجب تأويله الى غير ذلك مما ذكره فياعباد الله تنبهوا و ارجعو الى الحق وامشوا حيث مشى السلف الصالح وقفوا حيث وقفو او لا يستغركم الشيطان ويزين لكم تكفير هل الاسلام وتجعلون ميزان كفر الناس مخالفتكم وميزان الاسلام موافقتكم فانا لله وانا اليه راجعون آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وعلى مراد رسوله انقذنا الله واياكم من متابعة الاهواء قال ابن القيم رحمه الله تعالى لما ذكر انواع الكفر وكفر الجحود نوعان كفر مطلق عام وكفر مقيد خاص فالمطلق ان يجحد جملة ما انزل الله ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخاص المقيد ان يجحد فرضا من فروض الاسلام او محرما من محرماته او صفة وصف الله بها نفسه او خبرا اخبر الله به عمداً او تقديما لقول من خالفه عالما عمداً لغرض من الاغراض واما ذلك جهلا او تأويلا يعذو فيه فلا يكفر صاحبه لما في الصحيحين والسنن والمسانيد عن ابي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم قال رجل لم يعمل خيرا قط لاهله وفي رواية اسرف رجل على نفسه فلما حضر او صى بنيه اذا مات فحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فو الله لان قدر الله عليه ليعذبنه عذابا ما عذب به احدا من العالمين فلما مات فعلوا ما امرهم فامر الله البحر فجمع ما فيه وامر البر وجمع ما فيه ثم قال لم فعلت قال من خشيتك يا رب وانت تعلم فغفر له (فهذا) منكر لقدرة الله عليه ومنكر للبعث والمعاد ومع هذا غفر الله له وعذره بجهله لان ذلك مبلغ علمه لم ينكر ذلك عناداً وهذا فصل النزاع في بطلان قول من يقول ان الله لا يعذر العباد بالجهل في سقوط العذاب اذا كان ذلك مبلغ علمه (انتهى) وقد سئل ابن تيمة عن التكفير الواقع في هذه الامة من اول من احدثه وابتدعه فاجاب اول من احدثه في الاسلام المعتزلة وعنهم تلقاه من تلقاه وكذلك الخوارج
( 25 )
هم اول من اظهره واضطرب الناس في ذلك فمن الناس من يحكي عن مالك فيه قولين وعن الشافعي كذلك وعن احمد روايتان وابو الحسن الاشعري واصحابه لهم قولان وحقيقة الامر في ذلك ان القول قد يكون كفرا فيطلق القول تكفير قائله ويقال من قال كذا فهو كافر لكن الشخص المعين الذي قاله لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها من تعريف الحكم الشرعي من سلطان او امير مطاع كما هو المنصوص عليه في كتب الاحكام فاذا عرفه الحكم وزالت عنه الجهالة قامت عليه الحجة وهذا كما هو في نصوص الوعيد من الكتاب والسنة وهي كثيرة جداً والقول بموجبها واجب على وجه العموم والاطلاق من غير ان يعين شخص من الاشخاص فيقال هذا كافر او فاسق او ملعون او مغضوب عليه او مستحق للنار لا سيما ان كان للشخص فضائل وحسان فان ما سومي الانبياء يجوز عليهم الصغائر والكبائر مع امكان ان يكون ذلك الشخص صديقاً او شهيداًِِ او صالحا كما قد بسط في غير هذا الموضع من ان موجب الذنوب تختلف عنه بتوبة او باستغفار او حسنات ماحية او مصائب مكفرة او شفاعة مقبولة او لمحض مشيئة الله و رحمته (فاذا قلنا) بموجب قوله تعالى «ومن يقتل مؤمنا متعمداً» (الاية) وقوله «ان الذين يأكلون امول اليتامى ظلماً انما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعير» او قوله «ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده» (الاية) وقوله «ولاتاكلوا اموالكم بينكم بالباطل» الى قوله «ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما» (الاية) الى غير ذلك من ايات الوعيد (قلنا) بموجب قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله من شرب الخمر او من عق والديه او من غير منار الارض او من ذبح لغير الله او لعن الله السارق او لعن الله آكل الربا و موكله وشاهده وكاتبه او لعن الله لاوي الصدقة والمتعدي فيها او من احدث في المدينة حدثا او آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين الى غير ذلك من احاديث الوعيد لم يجز ان تعين شخصا ممن فعل بعض هذه الافعال وتقول هذا المعين قد صابه هذا الوعيد لامكان التوبة وغيرها من مسقطات العقوبة الى ان قال ففعل هذا الامور ممن يحسب انها مباحة باجتهاد او تلقيد ونحو ذلك وغايته انه معذور من لحوق الوعيد به لمانع كما امتنع لحوق الوعيدبهم لتوبة او حسنات ماحية او مصائب مكفرة او غير ذلك وهذه السبيل هي التي يجب اتباعها فان ماسواها طريقان خبيثان احدهما القول بلحوق الوعيد بكل فرد من الافراد
( 26 )
بعينه ودعوى انها عمل بموجب النصوص وهذا اقبح من قول الخوارج المكفرين بالذنوب والمعتزلة وغيرهم وفساده معلوم بالاضطرار او دلته معلومة في غير هذا الموضع فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق لكن الشخص المعين الذي فعله لا يشهد عليه بالوعيد فلا يشهد على معين من اهل القبلة بالنار لفوات شرط او لحصول مانع وهكذا الاقوال الذي يكفر قائلها قد يكون القائل لها لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده او لم يتمكن من معفرتها وفهمها او قد عرضت له شبهات يعذره الله بها فمن كان مؤمنا بالله وبرسوله مظهراً للاسلام محبا لله ورسوله فان الله يغفر له ولوقارف بعض الذنوب القولية او العملية سوآء اطلق عليه لفظ الشرك او لفظ المعاصي هذا الذي عليه اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماهير أيمة الاسلام لكن المقصود ان مذاهب الأيمة مبنية على هذا التفصيل بالفرق بين النوع والعين بل لا يختلف القول عن الامام احمد وسائر أئمة الاسلام كمالك وابي حنيفة والشافعي انهم لا يكفرون المرجئة الذين يقولون الايمان قول بلا عمل ونصوصهم صريحة بالمتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم وانما كان الامام احمد يطلق القول بتكفير الجهمية لانه ابتلى بهم حتى عرف حقيقة امرهم وانه يدور على التعطيل وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والائمة لكن ما كانوا يكفرون اعيانهم فان الذي يدعو الى القول اعظم من الذي يقوله ولا يدعو اليه والذي يعاقب مخالفه اعظم من الذي يدعو فقط والذي يكفر مخالفه اعظم من الذي يعاقب ومع هذا فالذين من ولاة الامور يقولون بقول الجهمية ان القرآن مخلوق وان الله لا يرى في الاخرة وان ظاهر القرأن لا يحتج به في معفرفة الله ولا الاحاديث الصحيحة وان الدين لا يتم الا بما زخرفوه من الاراء والخيالات الباطلة والعقول الفاسدة وان خيالتهم وجهالاتهم احكم في دين الله من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجماع الصحابة والتابعين لهم باحسان وان اقوال الجهمية والمعطلة من النفي والاثبات احكم في دين الله بسب ذلك امتحنوا المسلمين وسجنوا الامام احمد وجلدوه وقتلوا جماعة وصلبوا آخرين ومع ذلك لا يطلقون اسيراً ولا يعطون من بيت المال الا من وافقهم ويقر بقولهم وجرى على الاسلام منهم امور مبسوطة في غير هذا الموضع ومع هذا التعطيل الذي هو شر من الشك فالامام
ان احدى الطائفتين مختصة بالبدعة والاخرى موافقة للسنة لم يكن لهذه السنة ان تكفر كل من قال قولا اخطاء فيه فان الله تعالى قال «ربنا لا تواخذ نا ان نسينا او اخطأنا» وثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قال قد فعلت وقال تعالى «لاجناح عليكم فيما اخطأتم به ولكن ماتعمدت قلوبكم» وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله تجاوز لامتي عن الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه وهو حديث حسن رواه ابن ماجة وغيره وقد اجمع الصحابة والتابعون لهم باحسان وسائر ائمة المسلمين على انه ليس كل من قال قولا اخطاء فيه انه يكفر بذلك ولو كان قوله مخالفاً للسنة ولكن للناس نزاع في مسائل التكفير قد بسطت في غير هذا الموضع وقال الشيخ رحمه الله ايضا الخوارج لهم خاصيتان مشهورتان فارقوا بها جماعة المسلمين وائمتهم (احدهما) خروجهم عن السنة وجعلهم ماليس بسيئة سيئة وجعلهم ماليس بحسنة حسنة (الثاني) في الخوارج واهل البدع انهم يكفرون بالذنوب والسيئات ويترتب على ذلك استحلال دماء المسليمن واموالهم وان دار الاسلام دار حرب ودارهم هى دار الايمان وبذلك يقولوا جمهور الرافضة وجمهور المعتزلة والجهمية وطائفة من غلات المنتسبة الى اهل الحديث فينبغي للمسلم ان يحذر من هذين الاصلين الخبيثين وما يتولد عنهما من بعض المسلمين وذمهم ولعنهم واستحلال دمائهم واموالهم وعامة البدع انما تنشأ من هذين الاصلين (اما الاول) فسببه التأويل الفاسد اما حديث بلغه غير صحيح او عن غير الرسول صلى الله عليه وسلم قلد قائله فيه ولم يكن ذلك القائل مصيباً او تأويل تأوله من آية من كتاب الله ولم يكن التأويل صحيحاً او قياساً فاسداً او رأيا راءه اعتقده صواباً وهو خطأ الى (ان قال) قال احمد اكثرما يخطىء الناس من جهة التأويل والقياس وقال الشيخ اهل البدع صاروا يبنون دين الاسلام على مقدمات يضنون صحتها اما في دلالة الالفاظ واما في المعاني المعقولة ولا يتأملون بيان الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فانهايكون ضلالا وقد تكلم احمد على من يتمسك مما يظهر له من القرءان من غير استدلال بيان الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وهذه طريقة سائر ائمة المسلمين لايعدلون عن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم ان
( 23 )
وجدوا الى ذلك سبيلا وقال الشيخ ايضاً اني دايماً ومن جالسنى يعلم مني اني من اعظم الناس نهياً من ان ينسب معين الى تكفير او الى تفسيق او معصية الا اذا علم انه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرا تارة وفاسقا اخرى وعاصياً اخرى واني اقرران الله قد غفر لهذه الامة خطأها وذلك يعم الخطأ في المسائل الحبرية والمسائل العملية ومازال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ولم يشهد احد منهم معين لاجل ذلك لا يكفر ولا بفسق ولا بمعصية كما انكر شريح قراءة بل عجبت ويسخرون وقال ان الله لا يعجب الى ان قال وقد آل النزاع بين السلف الى الاقتتال مع اتفاق اهل السنة على ان الطائفتين جميعاً مؤمنتان وان القتال لا يمنع العدالة الثابتة لهم لان المقاتل وان كان باغياً فهو متأول والتأويل يمنع الفسق وكنت ابين لهم ان ما نقل عن السلف والائمة من اطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو ايضا حق لكن يجب التفريق بين الاطلاق والتعيين وهذه اول مسألة تنازعت فيها الامة من مسائل الاصول الكبار وهي مسالة الوعيد فان نصوص الوعيد في القرأن المطلقة عامة كقوله تعالى «ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلماً » الاية وكذلك سائر ماورد من فعل كذا فله كذا او فهو كذا فان هذه النصوص مطلقة عامة وهي بمنزلة من قال من السلف من قال كذا فهو كافر الى ان قال والتكفير يكون من الوعيد فانه وان كان القول تكذيبا لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لكن قد يكون الرجل حديث عهد بالاسلام او نشأ يباديه بعيده وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص او سمعها ولم تثبت عنده او عارضها عنده معارض آخر او وجب تاويلها وان كان مخطيئا (وكنت) دايما اذكر الحديث الذي في الصحيحين في الرجل الذي قال لاهله اذا انامت فاحرقوني الحديث فهذا رجل شك في قدرة الله وفي اعادته اذا ذرى بل اعتقد انه لايعاد وهذا كفر باتفاق المسلمين لكن كان جاهلا لايعلم ذلك وكان مؤمنا يخاف الله ان يعاقبه فغفر له بذلك والمتأول من اهل الاجتهاد الحريص على متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم اولى بالمغفرة من مثل هذا (انتهى) وقال الشيخ رحمه الله وقد سئل عن رجلين تكلما فى مسئالة التكفير فاجاب واطال وقال فى اخر الجواب لوفرض ان رجلا دفع التكفير عمن يعتقد انه ليس بكافر حماية له ونصراً لاخيه المسلم لكان هذا غرضا شرعيا حسنا وهواذا
( 24 )
اجتهد فى ذلك فاصاب فله اجران وان اجتهد فيه فاخطأ فله اجر وقال رحمه الله التكفير انما يكون بانكار ماعلم من الدين بالضرورة اوبانكار الاحكام المتواترة المجمع عليها (انتهى) فانظر الى هذا الكلام وتأمله وهل هذا كقولكم هذا كافر ومن لم يكفره فهو كافر وهو قال ان دفع عنه التكفير وهو مخطئ فله اجر وانظر وتأمل كلامه الاول وهو ان القول قد يكون كفراً ولكن القائل او الفاعل لايكفر لاحتمال امور منها عدم بلوغ العلم على الوجه الذى يكفربه امالم يبلغه واما بلغه ولكن مافهمه اوفهمه ولكن قام عنده معارض اوجب تأويله الى غير ذلك مما ذكره فياعباد الله تنبهوا و ارجعو الى الحق وامشوا حيث مشى السلف الصالح وقفوا حيث وقفو او لا يستغركم الشيطان ويزين لكم تكفير هل الاسلام وتجعلون ميزان كفر الناس مخالفتكم وميزان الاسلام موافقتكم فانا لله وانا اليه راجعون آمنا بالله وبما جاء عن الله على مراد الله وعلى مراد رسوله انقذنا الله واياكم من متابعة الاهواء قال ابن القيم رحمه الله تعالى لما ذكر انواع الكفر وكفر الجحود نوعان كفر مطلق عام وكفر مقيد خاص فالمطلق ان يجحد جملة ما انزل الله ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخاص المقيد ان يجحد فرضا من فروض الاسلام او محرما من محرماته او صفة وصف الله بها نفسه او خبرا اخبر الله به عمداً او تقديما لقول من خالفه عالما عمداً لغرض من الاغراض واما ذلك جهلا او تأويلا يعذو فيه فلا يكفر صاحبه لما في الصحيحين والسنن والمسانيد عن ابي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم قال رجل لم يعمل خيرا قط لاهله وفي رواية اسرف رجل على نفسه فلما حضر او صى بنيه اذا مات فحرقوه ثم ذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فو الله لان قدر الله عليه ليعذبنه عذابا ما عذب به احدا من العالمين فلما مات فعلوا ما امرهم فامر الله البحر فجمع ما فيه وامر البر وجمع ما فيه ثم قال لم فعلت قال من خشيتك يا رب وانت تعلم فغفر له (فهذا) منكر لقدرة الله عليه ومنكر للبعث والمعاد ومع هذا غفر الله له وعذره بجهله لان ذلك مبلغ علمه لم ينكر ذلك عناداً وهذا فصل النزاع في بطلان قول من يقول ان الله لا يعذر العباد بالجهل في سقوط العذاب اذا كان ذلك مبلغ علمه (انتهى) وقد سئل ابن تيمة عن التكفير الواقع في هذه الامة من اول من احدثه وابتدعه فاجاب اول من احدثه في الاسلام المعتزلة وعنهم تلقاه من تلقاه وكذلك الخوارج
( 25 )
هم اول من اظهره واضطرب الناس في ذلك فمن الناس من يحكي عن مالك فيه قولين وعن الشافعي كذلك وعن احمد روايتان وابو الحسن الاشعري واصحابه لهم قولان وحقيقة الامر في ذلك ان القول قد يكون كفرا فيطلق القول تكفير قائله ويقال من قال كذا فهو كافر لكن الشخص المعين الذي قاله لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها من تعريف الحكم الشرعي من سلطان او امير مطاع كما هو المنصوص عليه في كتب الاحكام فاذا عرفه الحكم وزالت عنه الجهالة قامت عليه الحجة وهذا كما هو في نصوص الوعيد من الكتاب والسنة وهي كثيرة جداً والقول بموجبها واجب على وجه العموم والاطلاق من غير ان يعين شخص من الاشخاص فيقال هذا كافر او فاسق او ملعون او مغضوب عليه او مستحق للنار لا سيما ان كان للشخص فضائل وحسان فان ما سومي الانبياء يجوز عليهم الصغائر والكبائر مع امكان ان يكون ذلك الشخص صديقاً او شهيداًِِ او صالحا كما قد بسط في غير هذا الموضع من ان موجب الذنوب تختلف عنه بتوبة او باستغفار او حسنات ماحية او مصائب مكفرة او شفاعة مقبولة او لمحض مشيئة الله و رحمته (فاذا قلنا) بموجب قوله تعالى «ومن يقتل مؤمنا متعمداً» (الاية) وقوله «ان الذين يأكلون امول اليتامى ظلماً انما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعير» او قوله «ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده» (الاية) وقوله «ولاتاكلوا اموالكم بينكم بالباطل» الى قوله «ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما» (الاية) الى غير ذلك من ايات الوعيد (قلنا) بموجب قوله صلى الله عليه وسلم لعن الله من شرب الخمر او من عق والديه او من غير منار الارض او من ذبح لغير الله او لعن الله السارق او لعن الله آكل الربا و موكله وشاهده وكاتبه او لعن الله لاوي الصدقة والمتعدي فيها او من احدث في المدينة حدثا او آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين الى غير ذلك من احاديث الوعيد لم يجز ان تعين شخصا ممن فعل بعض هذه الافعال وتقول هذا المعين قد صابه هذا الوعيد لامكان التوبة وغيرها من مسقطات العقوبة الى ان قال ففعل هذا الامور ممن يحسب انها مباحة باجتهاد او تلقيد ونحو ذلك وغايته انه معذور من لحوق الوعيد به لمانع كما امتنع لحوق الوعيدبهم لتوبة او حسنات ماحية او مصائب مكفرة او غير ذلك وهذه السبيل هي التي يجب اتباعها فان ماسواها طريقان خبيثان احدهما القول بلحوق الوعيد بكل فرد من الافراد
( 26 )
بعينه ودعوى انها عمل بموجب النصوص وهذا اقبح من قول الخوارج المكفرين بالذنوب والمعتزلة وغيرهم وفساده معلوم بالاضطرار او دلته معلومة في غير هذا الموضع فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق لكن الشخص المعين الذي فعله لا يشهد عليه بالوعيد فلا يشهد على معين من اهل القبلة بالنار لفوات شرط او لحصول مانع وهكذا الاقوال الذي يكفر قائلها قد يكون القائل لها لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده او لم يتمكن من معفرتها وفهمها او قد عرضت له شبهات يعذره الله بها فمن كان مؤمنا بالله وبرسوله مظهراً للاسلام محبا لله ورسوله فان الله يغفر له ولوقارف بعض الذنوب القولية او العملية سوآء اطلق عليه لفظ الشرك او لفظ المعاصي هذا الذي عليه اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجماهير أيمة الاسلام لكن المقصود ان مذاهب الأيمة مبنية على هذا التفصيل بالفرق بين النوع والعين بل لا يختلف القول عن الامام احمد وسائر أئمة الاسلام كمالك وابي حنيفة والشافعي انهم لا يكفرون المرجئة الذين يقولون الايمان قول بلا عمل ونصوصهم صريحة بالمتناع من تكفير الخوارج والقدرية وغيرهم وانما كان الامام احمد يطلق القول بتكفير الجهمية لانه ابتلى بهم حتى عرف حقيقة امرهم وانه يدور على التعطيل وتكفير الجهمية مشهور عن السلف والائمة لكن ما كانوا يكفرون اعيانهم فان الذي يدعو الى القول اعظم من الذي يقوله ولا يدعو اليه والذي يعاقب مخالفه اعظم من الذي يدعو فقط والذي يكفر مخالفه اعظم من الذي يعاقب ومع هذا فالذين من ولاة الامور يقولون بقول الجهمية ان القرآن مخلوق وان الله لا يرى في الاخرة وان ظاهر القرأن لا يحتج به في معفرفة الله ولا الاحاديث الصحيحة وان الدين لا يتم الا بما زخرفوه من الاراء والخيالات الباطلة والعقول الفاسدة وان خيالتهم وجهالاتهم احكم في دين الله من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجماع الصحابة والتابعين لهم باحسان وان اقوال الجهمية والمعطلة من النفي والاثبات احكم في دين الله بسب ذلك امتحنوا المسلمين وسجنوا الامام احمد وجلدوه وقتلوا جماعة وصلبوا آخرين ومع ذلك لا يطلقون اسيراً ولا يعطون من بيت المال الا من وافقهم ويقر بقولهم وجرى على الاسلام منهم امور مبسوطة في غير هذا الموضع ومع هذا التعطيل الذي هو شر من الشك فالامام
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 27 )
احمد ترحم عليهم واستغفر لهم وقال ما علمت انهم مكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ولا جاحدون لما جاء به لكنهم تأولوا فاخطأوا وقلدوا من قال ذلك والامام الشافعي لما ناظر حفص الفرد من أئمة المعطلة في مسألة القران وقال القران مخلوق قال له الامام الشافعي كفرت بالله العظيم فكفره ولم يحكم بردته بمجرد ذلك ولو اعتقد ردته وكفره لسعى في قتله وافتى العلماء بقتل دعاتهم مثل غليان القدري والجعد بن درهم وجهم بن صفوان امام الجهمية وغيرهم وصلى الناس عليهم ودفنوهم مع المسلمين وصار قتلهم من باب قتل الصائل لكف ضررهم لا لردتهم ولو كانوا كفار الرأهم المسلمون كغيرهم هذه الامور مبسوطة في غير هذا الموضع (انتهى) كلام الشيخ وانما سقته بطوله لبيان ما تقدم مما شرت اليه ولما فيه من اجماع الصحابة والسلف وغير ذلك مما فصل فاذا كان هذا كفر هؤلاء وهو اعظم من الشرك كما تقدم بيانه مراراً من كلام الشيخين مع ان اهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم الى زمن احمد بن حنبل هم المناظرون والمبينون لهم مع ان قولهم هذا خلاف الكتاب والسنة واجماع سلف الامة من الصحابة فمن بعدهم وهو خلاف العقل والنقل مع البيان التام من اهل العلم ومع هذا لم يكفروهم حتى دعاتهم الذين قتلوا لم يكفروهم المسلمون اما في هذا عبرة لكم تكفرون عوام المسلمين وتستبيحون دماءهم وامواهلم وتجعلون بلادهم بلاد حرب ولم يوجد منهم عشر معشار ما وجد من هولاء وان وجد منهم شئ من انواع الشرك سواء شرك اصغر او اكبر فهم جهال لم تقم عليهم الحجة الذي يكفر تاركها اتظنون ان اولئك السادة ائمة اهل الاسلام ما قامت الحجة بكلامهم وانتم قامت الحجة بكم بل والله تكفرون من لا يكفر من كفرتم وان لم يوجد منه شيئ من الشرك والكفر الله اكبر لقد جئتم شيئاً ادا (يا عباد الله) اتقوا الله خافوا ذا البطش الشديد لقد آذيتم المؤمنين والمؤمنات ان الذين يرمون المومنين والمؤمنات بغير ما كتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا والله مالعباد الله عند الله ذنب الا انهم لم يتبعوكم على تكفير من شهدت النصوص الصحيحة باسلامه واجمع المسلمون على اسلامه فان اتبعوكم اغضبوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وان عصوا اراءكم حكمتم بكفرهم وردتهم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لست اخاف على امتي غونما تقتلهم ولا عدوا
( 28 )
يجتاحهم ولكن اخاف على امتى ائمة مضلين ان اطاعوهم فتنوهم وان عصوهم قتلوهم رواه الطبري من حديث ابي امامة وكان ابو بكر الصديق رضي الله عنه يقول اطيعوني ما اطعت الله وان عصيت فلا طاعة لي عليكم ويقو انا اخطئ واصيب واذا ضربه امر جمع الصحابة واستشارهم وعمر يقول مثل ما قال ابو بكر ويفعل مثل ما يفعل وكذلك عثمان وعلى رضوان الله تعالى عليهم اجمعين وائمة اهل العلم لا يلزمون احد ان يأخذ بقولهم بل ما عزم الرشيد بحمل الناس على الاخذ بموطئ الامام مالك رضي الله عنه قال له مالك لا تفعل يا امير المؤمنين فان العلم انتشر عند غيري او كلاما هذا معناه وكذلك جميع العلماء اهل السنة لم يلزم احد منهم الناس لاخذ بقوله وانتم تكفرون من لا يقول بقولكم ويرى رايكم سئالتك بالله انتم معصومون فيجب الاخذ بقولكم (فان قلت لا) فلم توجبون على الامة الاخذ بقولكم ام تزعمون انكم ائمة تجب طاعتكم فانا اسئالك بالله اهل اجتمع في رجل منكم شروط الامامة التي ذكرها اهل العلم او حتى خصلة واحدة من شروط الامامة بالله عليهكم انتهوا واتركوا التعصيب هبنا عذرنا العامي الجاهل الذي لم يمراس شيئا من كلام اهل العلم فانت ما عذرك عند الله اذا لقيته بالله عليك تنبه واحذر عقوبة جبار السموات والارض فقد نقلنا لك كلام العلم واجماع اهل السنة والجماعة الفرقة الناجية وسيأتيك ان شاء الله ما يصير سببا لهداية من اراد الله هدايته (فصل) قال ابن القيم في شرح المنازل اهل السنة متفقون على ان الشخص الواحد يكون فيه ولاية لله وعدواة من وجهين مختلفين ويكون محبوبا لله مبغوضا من وجهين بل يكون فيه ايمان ونفاق وايمان وكفر ويكون الى احدهما اقرب من الاخر فيكون الى اهله كما قال تعالى «هم للكفر يومئذ اقرب منهم للايمان» وقال «وما يؤمن اكثرهم بالله الاوهم مشركون» فاثبت لهم تبارك وتعالى الايمان مع مقارنة الشرك فان كان مع هذا الشرك تكذيباً لرسله لم ينفعهم ما معهم من الايمان وان كان تصديقاً برسله وهم يرتكبون الانواع من الشرك لا يخرجهم عن الايمان بالرسل واليوم الاخر فهم مستحقون للوعيد اعظم من استحقاق اهل الكبائر وبهذا الاصل اثبت اهل السنة دخول اهل الكبائر النار ثم خروجهم منها ودخولهم الجنة لما قام بهم من السببين قال وقال ابن عباس في قوله تعالى ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك
( 29 )
هم الكافرون قال ابن عباس رضي الله عنهما ليس بكفر ينقل عن الملة اذا فعله فهو به كفر وليس كمن كفر بالله واليوم الاخر وكذلك قال طاووس وعطاء (انتهى كلامه) وقال الشيخ تقي الدين كان الصحابة والسلف يقولون انه يكون في العبد ايمان ونفاق وهذا يدل عليه قوله عزوجل «هم للكفر يومئذ اقرب منهم للايمان» وهذا كثير في كلام السلف يبينون ان القلب يكون فيه ايمان ونفاق والكتاب والسنة يدل على ذلك ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان فعلم انه من كان معه من الايمان اقل قليل لم يخلد في النار وان كان معه كثير من النفاق فهذا يعذب في الدار على قدر ما معه ثم يخرج الى ان قال وتمام هذا ان الانسان قد يكون فيه شعبة من شعب الايمان وشعبة من شعب الكفر وشعبة من شعب النفاق وقد يكون مسلماً وفيه كفر دون الكفر الذي ينقل عن الاسلام بالكلية كما قال الصحابة ابن عباس وغيره كفر دون كفر وهذا عامة قول السلف (انتهى) فتأمل هذا الفصل وانظر حكايتهم الاجماع من السلف ولا تظن ان هذا المخطيئ فان ذلك مرفوع عنه اثم خطاءه كما تقدم مراراً عديدة فانتم الان تكفرون باقل القليل من الكفر بل تكفرون بما تظنون انتم انه كفر بل تكفرون بصريح الاسلام فان عندكم ان من توقف عن تكفير من كفرتموه خايفاً من الله تعالى في تكفير من رأى عليه مات الاسلام فهو عندكم كافر نسئال الله العظيم ان يخرجكم من الظلمات الى النور وان يهدينا واياكم صراط المستقيم صراط الذين انعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين (فصل) قال الشيخ تقي الدين في كتاب الايمان الايمان الظاهر الذي تجري عليه الاحكام في الدنيا لا يستلزم الايمان في الباطن وان المنافقين الذين قالوا امنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين هم في الظاهر مؤمنون يصلون مع المسلمين ويناكحونهم ويوارثونهم كما كان المنفقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم فيهم بحكم الكفار المظهرين الكفر لا في مناكحتهم ولافي موارثتهم ولا نحو ذلك بل لما مات عبدالله ابن ابي وهو من اشهر الناس في النفاق ورثه عبدالله ابنه وهو من خيار المؤمنين وكذلك سائر من يموت منهم يرثه ورثته المؤمنون واذا مات لهم وارث ورثوه
( 30 )
مع المسلمين وان علم انه منافق في الباطن وكذلك كانوا في الحدود والحقوق كسائر المسلمين وكانوا يغزون مع النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم في عزوة تبوك ومع هذا ففي الظاهر تجرئ عليهم احكام اهل الايمان الى ان قال ودماؤهم واموالهم معصومة لا يستحل منهم ما يستحل من الكفار والذين يظهرون انهم مؤمنون بل يظهرون الكفر دون الايمان فانه صلى الله عليه وسلّم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله واني رسول الله فاذا قالوها عصموا مني دمائهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله ولما قال لاسامة اقتلته بعد ان قال لا اله الا الله قال فقلت انما قالها تعوذاً قال هل شققت عن قلبه واقال اني لم اؤمر ان انقب عن قلوب الناس ولا اشق بطونهم وكان اذا استؤذن في قتل رجل يقول اليس يصلى اليس يشهد فاذا قيل له انه منافق قال لذلك فكان حكمه في دمائهم واموالهم كحكمه في دماء غيرهم ولا يستحل منها شيئاً مع انه يعلم نفاق كثير منهم انتهى كلام الشيخ (قال) ابن القيم في اعلام الموقعين قال الامام الشافعي فرض الله سبحانه طاعته على خلقه ولم يجعل لهم من الامر شيئاً وان لا يتعاطوا حكماً على عيب احد بدلالة ولاظن لقصور عملهم عن علم انبيائه الذي فرض عليهم الوقوف عما ورد عليهم حتى يأتيهم امره فانه سبحانه ظاهر عليهم الحجج فاجعل عليهم الحكم في الدينا الا بما ظهر المحكوم عليه ففرض على نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقاتل اهل الاوثان حتى يسلموا فيحقن دمائهم اذا اظهروا الاسلام واعلم انه لايعلم صدقهم بالاسلام الا الله تبارك وتعالى ثم اطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على قوم يظهرون الاسلام ويسرون غيره ولم يجعل له ان يحكم عليهم بخلاف حكم الاسلام ولم يجعل له ان يقضيي عليهم في الدينا بخلاف ما اظهروا فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولو اسلمنا يعني اسلمنا بالقول مخافة القتل والسبا ثم اخبر انه يجزيهم ان اطاعوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يعني ان احدثوا طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في المنافقين وهم صنف ثان اذا جاءك المنافقون قال انشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون اتخذوا ايمانهم جنة يعني
( 31 )
جنة من القتل وقال سيحلفون بالله لكم انهم لمنكم وماهم منكم (الاية) فامر بقول ما اظهروا ولم يجعل سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يحكم عليهم بخلاف حكم الايمان وقد اعلم الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم انهم في الدرك الاسفل من النار فجعل حكمه سبحانه على سرائرهم وحكم نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا على علانيتهم الى ان قال وقد كذبهم في قولهم في كل ذلك وبذلك اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه بما اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن عبيدالله بن يزيد بن عدي بن الخبار ان رجلا سار النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدر ما ساره حتى جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا هو يساره في قتل رجل من المنافقين قال النبي صلى الله عليه وسلم اليس يشهد ان لا اله الا الله قال بلى ولاصلوة له فقال النبي صلى الله عليه وسلم اولئك الذين نهاني الله عن قتلهم ثم ذكر حديث امرت ان اقاتل الناس حتى قال فحسابهم بصدقهم وكذبهم وسرائرهم على الله العالم بسرائرهم المتولى الحكم عليهم دون انبيائه وحكام خلقه وبذلك مضت احكام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين العباد من الحدود وجميع الحقوق اعلمهم ان جميع احكامه على ما يظهرون والله يدين بالسرائر فمن حكم على الناس بخلاف ماظهر عليهم استدلالا علي مااظهر واخلاف ما ابطنوا بدلالة منهم او غير دلالة لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنة الى ان قال ومن اظهر كلمة الاسلام بان شهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك منه ولم يسأل عن كشف حاله او عن باطنه وعن معنى ما لفظ به وباطنه وسريرته الى الله لا الي غيره من نبي او غيره فهذا حكم الله ودينه الذي اجمعت عليه علماء الامة انتهى كلام الشافعي رحمه الله قال ابن القيم بعدما حكي كلام الشافعي وهذه الاحكام جارية منه صلى الله عليه وسلم ثم هي الذي مشى عليه الصحابة والتابعون لهم باحسان والائمة وسائر المتبعين له من علماء امته الى يوم القيمة (انتهى) (فصل) قد تقدم لك من كلام اهل العلم واجماعهم انه لايجوز ان يقلد ويؤتم به في الدين الامن جمع شروط الاجتهاد اجماعاً وتقدم ان من لم يجمع شروط الاجتهاد انه يجب عليه التقليد وان هذا الاخلاف فيه وتقدم ايضا اجماع اهل السنة ان من كان مقراً بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ملتزماً له انه وان كان فيه خصلة من الكفر الاكبر او الشرك ان لا يكفر حتى تقام عليه الحجة الذي يكفر تاركها
احمد ترحم عليهم واستغفر لهم وقال ما علمت انهم مكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم ولا جاحدون لما جاء به لكنهم تأولوا فاخطأوا وقلدوا من قال ذلك والامام الشافعي لما ناظر حفص الفرد من أئمة المعطلة في مسألة القران وقال القران مخلوق قال له الامام الشافعي كفرت بالله العظيم فكفره ولم يحكم بردته بمجرد ذلك ولو اعتقد ردته وكفره لسعى في قتله وافتى العلماء بقتل دعاتهم مثل غليان القدري والجعد بن درهم وجهم بن صفوان امام الجهمية وغيرهم وصلى الناس عليهم ودفنوهم مع المسلمين وصار قتلهم من باب قتل الصائل لكف ضررهم لا لردتهم ولو كانوا كفار الرأهم المسلمون كغيرهم هذه الامور مبسوطة في غير هذا الموضع (انتهى) كلام الشيخ وانما سقته بطوله لبيان ما تقدم مما شرت اليه ولما فيه من اجماع الصحابة والسلف وغير ذلك مما فصل فاذا كان هذا كفر هؤلاء وهو اعظم من الشرك كما تقدم بيانه مراراً من كلام الشيخين مع ان اهل العلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم الى زمن احمد بن حنبل هم المناظرون والمبينون لهم مع ان قولهم هذا خلاف الكتاب والسنة واجماع سلف الامة من الصحابة فمن بعدهم وهو خلاف العقل والنقل مع البيان التام من اهل العلم ومع هذا لم يكفروهم حتى دعاتهم الذين قتلوا لم يكفروهم المسلمون اما في هذا عبرة لكم تكفرون عوام المسلمين وتستبيحون دماءهم وامواهلم وتجعلون بلادهم بلاد حرب ولم يوجد منهم عشر معشار ما وجد من هولاء وان وجد منهم شئ من انواع الشرك سواء شرك اصغر او اكبر فهم جهال لم تقم عليهم الحجة الذي يكفر تاركها اتظنون ان اولئك السادة ائمة اهل الاسلام ما قامت الحجة بكلامهم وانتم قامت الحجة بكم بل والله تكفرون من لا يكفر من كفرتم وان لم يوجد منه شيئ من الشرك والكفر الله اكبر لقد جئتم شيئاً ادا (يا عباد الله) اتقوا الله خافوا ذا البطش الشديد لقد آذيتم المؤمنين والمؤمنات ان الذين يرمون المومنين والمؤمنات بغير ما كتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا والله مالعباد الله عند الله ذنب الا انهم لم يتبعوكم على تكفير من شهدت النصوص الصحيحة باسلامه واجمع المسلمون على اسلامه فان اتبعوكم اغضبوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وان عصوا اراءكم حكمتم بكفرهم وردتهم وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لست اخاف على امتي غونما تقتلهم ولا عدوا
( 28 )
يجتاحهم ولكن اخاف على امتى ائمة مضلين ان اطاعوهم فتنوهم وان عصوهم قتلوهم رواه الطبري من حديث ابي امامة وكان ابو بكر الصديق رضي الله عنه يقول اطيعوني ما اطعت الله وان عصيت فلا طاعة لي عليكم ويقو انا اخطئ واصيب واذا ضربه امر جمع الصحابة واستشارهم وعمر يقول مثل ما قال ابو بكر ويفعل مثل ما يفعل وكذلك عثمان وعلى رضوان الله تعالى عليهم اجمعين وائمة اهل العلم لا يلزمون احد ان يأخذ بقولهم بل ما عزم الرشيد بحمل الناس على الاخذ بموطئ الامام مالك رضي الله عنه قال له مالك لا تفعل يا امير المؤمنين فان العلم انتشر عند غيري او كلاما هذا معناه وكذلك جميع العلماء اهل السنة لم يلزم احد منهم الناس لاخذ بقوله وانتم تكفرون من لا يقول بقولكم ويرى رايكم سئالتك بالله انتم معصومون فيجب الاخذ بقولكم (فان قلت لا) فلم توجبون على الامة الاخذ بقولكم ام تزعمون انكم ائمة تجب طاعتكم فانا اسئالك بالله اهل اجتمع في رجل منكم شروط الامامة التي ذكرها اهل العلم او حتى خصلة واحدة من شروط الامامة بالله عليهكم انتهوا واتركوا التعصيب هبنا عذرنا العامي الجاهل الذي لم يمراس شيئا من كلام اهل العلم فانت ما عذرك عند الله اذا لقيته بالله عليك تنبه واحذر عقوبة جبار السموات والارض فقد نقلنا لك كلام العلم واجماع اهل السنة والجماعة الفرقة الناجية وسيأتيك ان شاء الله ما يصير سببا لهداية من اراد الله هدايته (فصل) قال ابن القيم في شرح المنازل اهل السنة متفقون على ان الشخص الواحد يكون فيه ولاية لله وعدواة من وجهين مختلفين ويكون محبوبا لله مبغوضا من وجهين بل يكون فيه ايمان ونفاق وايمان وكفر ويكون الى احدهما اقرب من الاخر فيكون الى اهله كما قال تعالى «هم للكفر يومئذ اقرب منهم للايمان» وقال «وما يؤمن اكثرهم بالله الاوهم مشركون» فاثبت لهم تبارك وتعالى الايمان مع مقارنة الشرك فان كان مع هذا الشرك تكذيباً لرسله لم ينفعهم ما معهم من الايمان وان كان تصديقاً برسله وهم يرتكبون الانواع من الشرك لا يخرجهم عن الايمان بالرسل واليوم الاخر فهم مستحقون للوعيد اعظم من استحقاق اهل الكبائر وبهذا الاصل اثبت اهل السنة دخول اهل الكبائر النار ثم خروجهم منها ودخولهم الجنة لما قام بهم من السببين قال وقال ابن عباس في قوله تعالى ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك
( 29 )
هم الكافرون قال ابن عباس رضي الله عنهما ليس بكفر ينقل عن الملة اذا فعله فهو به كفر وليس كمن كفر بالله واليوم الاخر وكذلك قال طاووس وعطاء (انتهى كلامه) وقال الشيخ تقي الدين كان الصحابة والسلف يقولون انه يكون في العبد ايمان ونفاق وهذا يدل عليه قوله عزوجل «هم للكفر يومئذ اقرب منهم للايمان» وهذا كثير في كلام السلف يبينون ان القلب يكون فيه ايمان ونفاق والكتاب والسنة يدل على ذلك ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان فعلم انه من كان معه من الايمان اقل قليل لم يخلد في النار وان كان معه كثير من النفاق فهذا يعذب في الدار على قدر ما معه ثم يخرج الى ان قال وتمام هذا ان الانسان قد يكون فيه شعبة من شعب الايمان وشعبة من شعب الكفر وشعبة من شعب النفاق وقد يكون مسلماً وفيه كفر دون الكفر الذي ينقل عن الاسلام بالكلية كما قال الصحابة ابن عباس وغيره كفر دون كفر وهذا عامة قول السلف (انتهى) فتأمل هذا الفصل وانظر حكايتهم الاجماع من السلف ولا تظن ان هذا المخطيئ فان ذلك مرفوع عنه اثم خطاءه كما تقدم مراراً عديدة فانتم الان تكفرون باقل القليل من الكفر بل تكفرون بما تظنون انتم انه كفر بل تكفرون بصريح الاسلام فان عندكم ان من توقف عن تكفير من كفرتموه خايفاً من الله تعالى في تكفير من رأى عليه مات الاسلام فهو عندكم كافر نسئال الله العظيم ان يخرجكم من الظلمات الى النور وان يهدينا واياكم صراط المستقيم صراط الذين انعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين (فصل) قال الشيخ تقي الدين في كتاب الايمان الايمان الظاهر الذي تجري عليه الاحكام في الدنيا لا يستلزم الايمان في الباطن وان المنافقين الذين قالوا امنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين هم في الظاهر مؤمنون يصلون مع المسلمين ويناكحونهم ويوارثونهم كما كان المنفقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم فيهم بحكم الكفار المظهرين الكفر لا في مناكحتهم ولافي موارثتهم ولا نحو ذلك بل لما مات عبدالله ابن ابي وهو من اشهر الناس في النفاق ورثه عبدالله ابنه وهو من خيار المؤمنين وكذلك سائر من يموت منهم يرثه ورثته المؤمنون واذا مات لهم وارث ورثوه
( 30 )
مع المسلمين وان علم انه منافق في الباطن وكذلك كانوا في الحدود والحقوق كسائر المسلمين وكانوا يغزون مع النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من هم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم في عزوة تبوك ومع هذا ففي الظاهر تجرئ عليهم احكام اهل الايمان الى ان قال ودماؤهم واموالهم معصومة لا يستحل منهم ما يستحل من الكفار والذين يظهرون انهم مؤمنون بل يظهرون الكفر دون الايمان فانه صلى الله عليه وسلّم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله واني رسول الله فاذا قالوها عصموا مني دمائهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله ولما قال لاسامة اقتلته بعد ان قال لا اله الا الله قال فقلت انما قالها تعوذاً قال هل شققت عن قلبه واقال اني لم اؤمر ان انقب عن قلوب الناس ولا اشق بطونهم وكان اذا استؤذن في قتل رجل يقول اليس يصلى اليس يشهد فاذا قيل له انه منافق قال لذلك فكان حكمه في دمائهم واموالهم كحكمه في دماء غيرهم ولا يستحل منها شيئاً مع انه يعلم نفاق كثير منهم انتهى كلام الشيخ (قال) ابن القيم في اعلام الموقعين قال الامام الشافعي فرض الله سبحانه طاعته على خلقه ولم يجعل لهم من الامر شيئاً وان لا يتعاطوا حكماً على عيب احد بدلالة ولاظن لقصور عملهم عن علم انبيائه الذي فرض عليهم الوقوف عما ورد عليهم حتى يأتيهم امره فانه سبحانه ظاهر عليهم الحجج فاجعل عليهم الحكم في الدينا الا بما ظهر المحكوم عليه ففرض على نبيه صلى الله عليه وسلم ان يقاتل اهل الاوثان حتى يسلموا فيحقن دمائهم اذا اظهروا الاسلام واعلم انه لايعلم صدقهم بالاسلام الا الله تبارك وتعالى ثم اطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على قوم يظهرون الاسلام ويسرون غيره ولم يجعل له ان يحكم عليهم بخلاف حكم الاسلام ولم يجعل له ان يقضيي عليهم في الدينا بخلاف ما اظهروا فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولو اسلمنا يعني اسلمنا بالقول مخافة القتل والسبا ثم اخبر انه يجزيهم ان اطاعوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يعني ان احدثوا طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال في المنافقين وهم صنف ثان اذا جاءك المنافقون قال انشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون اتخذوا ايمانهم جنة يعني
( 31 )
جنة من القتل وقال سيحلفون بالله لكم انهم لمنكم وماهم منكم (الاية) فامر بقول ما اظهروا ولم يجعل سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يحكم عليهم بخلاف حكم الايمان وقد اعلم الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم انهم في الدرك الاسفل من النار فجعل حكمه سبحانه على سرائرهم وحكم نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا على علانيتهم الى ان قال وقد كذبهم في قولهم في كل ذلك وبذلك اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله سبحانه بما اخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن عبيدالله بن يزيد بن عدي بن الخبار ان رجلا سار النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدر ما ساره حتى جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا هو يساره في قتل رجل من المنافقين قال النبي صلى الله عليه وسلم اليس يشهد ان لا اله الا الله قال بلى ولاصلوة له فقال النبي صلى الله عليه وسلم اولئك الذين نهاني الله عن قتلهم ثم ذكر حديث امرت ان اقاتل الناس حتى قال فحسابهم بصدقهم وكذبهم وسرائرهم على الله العالم بسرائرهم المتولى الحكم عليهم دون انبيائه وحكام خلقه وبذلك مضت احكام رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين العباد من الحدود وجميع الحقوق اعلمهم ان جميع احكامه على ما يظهرون والله يدين بالسرائر فمن حكم على الناس بخلاف ماظهر عليهم استدلالا علي مااظهر واخلاف ما ابطنوا بدلالة منهم او غير دلالة لم يسلم عندي من خلاف التنزيل والسنة الى ان قال ومن اظهر كلمة الاسلام بان شهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك منه ولم يسأل عن كشف حاله او عن باطنه وعن معنى ما لفظ به وباطنه وسريرته الى الله لا الي غيره من نبي او غيره فهذا حكم الله ودينه الذي اجمعت عليه علماء الامة انتهى كلام الشافعي رحمه الله قال ابن القيم بعدما حكي كلام الشافعي وهذه الاحكام جارية منه صلى الله عليه وسلم ثم هي الذي مشى عليه الصحابة والتابعون لهم باحسان والائمة وسائر المتبعين له من علماء امته الى يوم القيمة (انتهى) (فصل) قد تقدم لك من كلام اهل العلم واجماعهم انه لايجوز ان يقلد ويؤتم به في الدين الامن جمع شروط الاجتهاد اجماعاً وتقدم ان من لم يجمع شروط الاجتهاد انه يجب عليه التقليد وان هذا الاخلاف فيه وتقدم ايضا اجماع اهل السنة ان من كان مقراً بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ملتزماً له انه وان كان فيه خصلة من الكفر الاكبر او الشرك ان لا يكفر حتى تقام عليه الحجة الذي يكفر تاركها
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 32)
وان الحجة لا تقوم الا بالاجماع القطعي لا الظني وان الذي يقوم الحجة الامام او نائبه وان الكفر لا يكون الا بانكار الضروريات من دين الاسلام كالوجود والوحدانية والرسالة او بانكار الامور الظاهرة كوجوب الصلوة وان المسلم المقر بالرسول اذا استند الى نوع شبهة تخفى على مثله لا يكفر وان مذهب اهل السنة والجماعة التحاشي عن تكفير من انتسب الى الاسلام حتى انهم يقفون عن تكفير ائمة اهل البدع مع الامر بقتلهم دفعاً لضررهم لا لكفرهم وان الشخص الواحد يجتمع فيه الكفر والايمان والنفاق والشرك ولا يكفر كل الكفر وان من اقر بالاسلام قبل منه سواء كان صادقاً او كاذباً ولو ظهرت منه بعض علامات النفاق وان المكفرين هم اهل الاهوآء والبدع وان الجهل عذر عن الكفر وكذلك الشبهة ولو كانت ضعيفة وغير ذلك مما تقدم فان وفقت ففي هذا كفاية للزجر عن بدعتكم هذه التي فارقتم بها جماعة المسلمين وائمتهم ونحن لم نستنبط ولكن حكينا كلام العلمآء ونقلهم عن اهل الاجتهاد الكامل (فلنرجع) الى ذكر وجوه تدل على عدم صحة ماذهبتم اليه من تكفير المسلم واخراجه من الاسلام اذادعى غير الله او نذر لغير الله اوذبح لغير الله اوتبرك بقبر اوتمسح به الى غير ذلك مما تكفرون به المسلم بل تكفرون من لايكفر من فعل ذلك حتى جعلتم بلاد الاسلام كفرا وحربا فنقول عمدتكم فى ذلك ماستبطتم من القرءان فقد تقدم الاجماع على انه لايجوز لمثلكم الاستنباط ولا يحل لكم ان تعتمدوا على مافهمتم من غير الاقتداء باهل العلم ولايحل لاحد يؤمن بالله واليوم الاخر ان يقلدكم فيما فهمتم من غير اقتداء بائمة الاسلام فان قلتم مقتدون ببعض اهل العلم في ان هذه الافعال شرك (قلنانعم) ونحن نوافقكم على ان من هذه الافعال مايكون شركا ولكن من اين اخذتم من كلام اهل العلم ان هذا هو الشرك الاكبر الذي ذكر الله سبحانه في القرأن والذي يحل ما صاحبه ودمه وتجري عليه احكام المرتدين وان من شك في كفره فهو كافر بينوا لنا من قال ذلك من ائمة المسلمين وانقلوا لنا كلامهم واذكروا مواضعه هل اجمعوا عليه ام اختلفوا فيه فنحن طالعنا بعض كلام اهل العلم ولم نجد كلامكم هذا بل وجدنا مايدل على خلافه وان الكفر بانكار الضروريات كالوجود والوحدانية والرسالة وما اشبه ذلك او بانكرا الاحكام المجمع عليها اجماعا ظاهراً قطعياً كوجوب اركان الاسلام
( 33 )
الخمسة ومااشبهها مع ان من انكر ذلك جاهلا لم يكفر حتى يعرفق تعريفا تزول معه الجهالة وحينئد يكون مكذباً لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذه الامور التي يكفرون بها ليست ضروريات وان قلتم مجمع عليها اجماعاً ظاهراً يعرف الخاص والعام قلنا لكم بينوالنا كلام العلماء في ذلك والا فبينوا كلام الف منهم وحتى مائة او عشرة او واحد فضلا ان يكون اجماعاً طاهرا كالصلوة فان لم تجدوا الا العبارة فهذه عبارة مجملة ونطالب منكم تفصيلها من كلام اهل العلم لتزول عنا الجهالة ولكن من اعجب العجب انكم تستدلون بها على خلاف كلام صاحبها وعلى خلاف كلام من اوردها ونقلها في كتبه على خصوصيات كلامهم في هذه الاشياء التي تكفرون بها بل ذكروا النذر والذبح وبعض الدعاء وبعضها عدوه في المكروهات كالتبرك والتمسح واخذ تراب القبور للتبرك والطواف بها وقد ذكر العلماء في كتبهم منهم صاحب الاقناع واللفظ له قال ويكره المبيت عند القبر وتجصيصه وتزويقه وتخليقه وتقبيله والطواف به وتبخيره وكتابة الرقاع اليه ودسها في الانقاب والاستشفاء بالتربة من الاسقام لان ذلك كله من البدع (انتهى) وانتم تكفرون بهذه الامور (فاذا قلتم) صاحب الاقناع وغيره من علماء الحنابلة كصاحب الفروع جهال لا يعرفون من الضروريات بل عندكم على لازم مذهبكم كفار (قلت) هؤلاء لم يحكوا من مذهب انفسهم لاهم ولا اجل منهم بل ينقلون ويحكون مذهب احمد بن حنبل احد ائمة الاسلام الذي اجمعت الامة على امامته اتظنون ان الجاهل يجب عليه ان يقلدكم ويترك تقليد ائمة اهل العلم بل اجمع ائمة اهل العلم كما تقدم انه لا يجوز الا تقليد الائمة المجتهدين وكل من لم يبلغ رتبة الاجتهاد ان يحكي ويفتي بمذاهب اهل الاجتهاد وانما خصوا للمستفتي ان يستفتي مثل هؤلاء لانهم حاكين مذاهب اهل الاجتهاد والتقليد للمجتهد لا للحاكي هذا صرح به عامة اله العلم ان طلبته من مكانه وجدته وقد تقدم لك مافيه كفاية (وانما) المقصود ان العبارة التي تستدلون بها على تكفير المسلمين لا تدل لمرادكم وان من نقل هذه العبارة واستدل بها هم الذين ذكروا النذر والدعاء والذبح وغيره ذكروا ذلك كله في مواضعه ولم يجلعوه كفراً مخرجاً عن الملة سوى ما ذكره الشيخ في بعض المواضع في نوع من
( 34 )
الدعاء كمغفرة الذنوب وانزال المطر وانبات النبات ونحو ذلك مما انه ذكر ان هذا وان كان كفرا فلا يكفر صاحبه حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفر تاركها وتزول عنه الشبهة ولم يحكه عن قوله اي التكفير بالدعاء المذكور اجماعاً حتى تستدلون انتم عليه بالعبارة بل والله لازم قولكم تكفير الشيخ بعينه واحزابه نسال الله العافية ومما يدل على ان ما فهمتم من العبارة غير صواب انهم عدو الامور المكفرات فرداً في كتاب الردة في كل مذهب من مذاهب الائمة ولم يقولوا او واحد منهم من نذر لغير الله كفر بل الشيخ نفسه الذي تستدلون بعبارته ذكر ان النذر للمشايخ لاجل الاستغاثة بهم كالحلف بالمخلوق كما تقدم كلامه والحلف بالمخلوق ليس شركا اكبر بل قال الشيخ من قال انذرو الى تقضى حوائجكم يستتاب فان تاب والا قتل لسعيه في الارض بالفساد فجعل الشيخ قتله حداً لا كفراً وكذلك تقدم عنه من كلامه في خصوص النذور ما فيه كفاية ولم يقولوا ايضاً من طلب غير الله كفر بل يأتي ان شاء الله تعالى ما يدل على انه ليس بكفر ولم يقولوا من ذبح لغير الله كفرا تظنهم يحكون العبارة ولا عرفوا معناها ام هم اوهموا الناس ارادة لاغوائهم ام احالوا الناس على مفهومكم منها الذي ما فهمه منها من اوردها ولا من حكيها عمن ارودها ام عرفتم من كلامهم ما ان جهلوا هم ام تركوا الكفر الصراح الذي يكفر به المسلم ويحل ماله ودمه وهل يعمل عندهم ليلا ونهار اجهارا غير خفي وتركوا ذلك ما بينوه بل بينوا خلافه حتى جئتم انتم فاستنبطتموه من كلامهم لا والله بل ماارد وما اردتم وانهم في واد وانتم في واد (ومما) يدل على ان كلامكم وتكفيركم ليس بصواب أن الصلاة اعظم اركان الاسلام بعد الشهادتين ومع هذا ذكروا ان من صلاها رياء الناس ردها الله عليه ولم يقبلها منه بل يقول الله تعالى انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك فيه غيري تركته وشركه ويقول له يوم القيمة اطلب ثوابك من الذي عملت لاجله فذكر ان ذلك يبطل العمل ولم يقولوا ان فاعل ذلك كافر حلال المال والدم بل من لم يكفره كما هو مذهبكم فيما اخف من ذلك بكثير وكذلك السجود الذي هو اعظم هيئات الصلاة الذي هو اعظم من النذر والدعاء وغيره فرقوا فيه وقالوا من سجد لشمس او قمر او كوكب او صنم كفر واما السجود لغير ما ذكر فلم يكفروا به بل عدوه في كبائر المحرمات ولكن حقيقة الامر انكم ماقلدتم اهل العلم
( 35 )
ولا عباراتهم وانما عمدتكم مفهومكم واستنباطكم الذي تزعمون انه الحق من انكره انكر الضروريات واما استدلالاتكم بمشتبه العبارات فتلبيس ولكن المقصود انما نطلب منكم ان تبينوا لنا وللناس كلام ائمة اهل العلم بموافقة مذهبكم هذا وتنقلون كلامهم ازاحة للشبهة وان لم يكن عندكم الا القذف والشتم والرمي بالعزية والكفر فالله المستعان لأخر هذه الامة اسوة باولها الذين انزل الله عليهم لم يسلموا من ذلك (فصل) ومما يدل على عدم صوابكم في تكفير من كفرتموه وان الدعاء النذر ليسا بكفر ينقل عن الملة وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم امر في الحديث الصحيح ان تدرء الحدود بالشبهات وقد روى الحاكم في صحيحة وابو عوانة والبزار بسند صحيح وابن السني عن بن مسعود رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا انفلتت دابة احدكم بارض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا يا عباد الله احبسوا يا عباد الله احبسوا ثلاثاً فان لله حاضراً سيحبسه وقد وري الطبراني ان اراد عوناً فليقل يا عباد الله اعينوني ذكر هذا الحديث الائمة في كتبهم ونقلوه اشاعة وحفظا للامة ولم ينكروه منهم النووي في الاذكار وبن القيم في كتابه الكلم الطيب وابن مفلح في الاداب قال في الاداب بعد ان ذكر هذا الاثر قال عبدالله بن الامام احمد سمعت ابي يقول حججت خمس حجج فضللت الطريق في حجة وكنت ما شيا فجعلت اقول يا عباد الله دلونا على الطريق فلم ازل اقول ذلك حتى وقعت على الطريق (انتهى) اقول حيث كفرتم من سئال غايباً او ميتاً بل زعمتهم ان المشركين الكفار الذي كذبوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم اخف شركا ممن سئال غير الله في بر او بحر واستدللتم على تلك بمفهومكم الذي لا يجوز لكم ولا لغيركم الاعتماد عليه هل جعلتم هذا الحديث وعمل العلماء بمضمونه شبهة لمن فعل شيئاً مما تزعمون انه شرك اكبر فانالله وانا اليه راجعون قال في مختصر الروضة الصحيح ان من كان من اهل الشهادتين فانه لا يكفر ببدعة على الاطلاق ما استند فيها الى تأؤيل يلتبس به الامر على مثله وهو الذي رجحه شيخنا ابو العباس ابن تيمية (انتهى) اتظن دعاء الغايب كفرا بالضرورة ولم يعرفه ائمة الاسلام اتظن ان على تقدير ان قولكم صواب تقوم الحجة على الناس بكلامكم ونحن نذكر كلام الشيخ تقي الدين الذي استدللتم بعبارته على تكفير المسلمين بالدعاء والنذر والاففي ما تقدم كفاية ولكن
( 36 )
زيادة فائدة قال الشيخ رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم من قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم تستحبه الشريعة فهو من المنكرات وبعضه اشد من بعض سواء كان شجرة او عيناً او قناة او جبلا او مفازة او اقبح ان ينذر لتلك البقعة ويقال انها تقبل النذر كما بقوله بعض الضالين فان هذا النذر نذر معصية باتفاق العلماء لا يجوز الوفاء به ثم ذكر رحمه الله تعالى في مواضع كثيرة موجود في اكثر البلاد في الحجاز منها مواضع كثيرة وقال في مواضع اخر من الكتاب المذكور والسائلون قد يدعون دعاء محرماً يحصل معه ذلك الغرض ويحصل لهم ضرر اعظم منه ثم ذكر انه يكون له حسنات تربى على ذلك فيعفو الله بها عنه قال وحكي لنا ان بعض المجاورين بالمدينة الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم اشتهى عليه نوعاً من الاطعمة فجاء بعض الهاشميين اليه فقال ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث لك هذا وقال اخرج من عندنا فان من يكون عندنا لا يشتهي مثل هذا قال الشيخ وآخرون قضيت حوائجهم ولم يقل لهم مثل ذلك لاجتهادهم او تقليدهم او قصورهم في العلم فانه يغفر للجاهل ما لايغفر لغيره ولهذا عامة ما يحكي في هذا الباب انما هو من قاصرى المعرفة ولوكان هذا شرعاِ اوديناً لكان اهل المعرفة اولى به ففرق بين العفو عن الفاعل والمغفرة له وبين اباحة فعله وقد علمت جماعة ممن سئال حاجته لبعض المقبورين من الانبياء والصالحين فقضيت حاجته وهؤلاء يخرج مما ذكرته وليس ذلك بشرع فيتبع وانما يثبت استحباب الافعال وكونها سنة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السابقون الاولون وما سوى هذا من الامور المحدثة فلا تستحب وان اشتملت احياناً على فوائد وقال ايضاً صارت النذور المحرمة في الشرع مأكل للسدنة والمجاورين العاكفين على بعض المشاهد وغيرها واولئك الناذرون يقول احدهم مرضت فنذرت ويقول الاخر خرج على المحاربون فنذرت ويقول الاخر ركبت البحر فنذرت ويقول الاخر حبست فنذرت وقد قام في نفوسهم من هذه النذور هي السبب في حصول مطلوبهم ودفع مرهوبهم وقد اخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ان نذر طاعة الله فضلا عن معصيته ليس سبباً للخير بل تجد كثيراً من الناس يقول ان المشهد الفلاني والمكان الفلاني يقبل النذر بمعنى انهم نذرو له نذوراً ان
وان الحجة لا تقوم الا بالاجماع القطعي لا الظني وان الذي يقوم الحجة الامام او نائبه وان الكفر لا يكون الا بانكار الضروريات من دين الاسلام كالوجود والوحدانية والرسالة او بانكار الامور الظاهرة كوجوب الصلوة وان المسلم المقر بالرسول اذا استند الى نوع شبهة تخفى على مثله لا يكفر وان مذهب اهل السنة والجماعة التحاشي عن تكفير من انتسب الى الاسلام حتى انهم يقفون عن تكفير ائمة اهل البدع مع الامر بقتلهم دفعاً لضررهم لا لكفرهم وان الشخص الواحد يجتمع فيه الكفر والايمان والنفاق والشرك ولا يكفر كل الكفر وان من اقر بالاسلام قبل منه سواء كان صادقاً او كاذباً ولو ظهرت منه بعض علامات النفاق وان المكفرين هم اهل الاهوآء والبدع وان الجهل عذر عن الكفر وكذلك الشبهة ولو كانت ضعيفة وغير ذلك مما تقدم فان وفقت ففي هذا كفاية للزجر عن بدعتكم هذه التي فارقتم بها جماعة المسلمين وائمتهم ونحن لم نستنبط ولكن حكينا كلام العلمآء ونقلهم عن اهل الاجتهاد الكامل (فلنرجع) الى ذكر وجوه تدل على عدم صحة ماذهبتم اليه من تكفير المسلم واخراجه من الاسلام اذادعى غير الله او نذر لغير الله اوذبح لغير الله اوتبرك بقبر اوتمسح به الى غير ذلك مما تكفرون به المسلم بل تكفرون من لايكفر من فعل ذلك حتى جعلتم بلاد الاسلام كفرا وحربا فنقول عمدتكم فى ذلك ماستبطتم من القرءان فقد تقدم الاجماع على انه لايجوز لمثلكم الاستنباط ولا يحل لكم ان تعتمدوا على مافهمتم من غير الاقتداء باهل العلم ولايحل لاحد يؤمن بالله واليوم الاخر ان يقلدكم فيما فهمتم من غير اقتداء بائمة الاسلام فان قلتم مقتدون ببعض اهل العلم في ان هذه الافعال شرك (قلنانعم) ونحن نوافقكم على ان من هذه الافعال مايكون شركا ولكن من اين اخذتم من كلام اهل العلم ان هذا هو الشرك الاكبر الذي ذكر الله سبحانه في القرأن والذي يحل ما صاحبه ودمه وتجري عليه احكام المرتدين وان من شك في كفره فهو كافر بينوا لنا من قال ذلك من ائمة المسلمين وانقلوا لنا كلامهم واذكروا مواضعه هل اجمعوا عليه ام اختلفوا فيه فنحن طالعنا بعض كلام اهل العلم ولم نجد كلامكم هذا بل وجدنا مايدل على خلافه وان الكفر بانكار الضروريات كالوجود والوحدانية والرسالة وما اشبه ذلك او بانكرا الاحكام المجمع عليها اجماعا ظاهراً قطعياً كوجوب اركان الاسلام
( 33 )
الخمسة ومااشبهها مع ان من انكر ذلك جاهلا لم يكفر حتى يعرفق تعريفا تزول معه الجهالة وحينئد يكون مكذباً لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فهذه الامور التي يكفرون بها ليست ضروريات وان قلتم مجمع عليها اجماعاً ظاهراً يعرف الخاص والعام قلنا لكم بينوالنا كلام العلماء في ذلك والا فبينوا كلام الف منهم وحتى مائة او عشرة او واحد فضلا ان يكون اجماعاً طاهرا كالصلوة فان لم تجدوا الا العبارة فهذه عبارة مجملة ونطالب منكم تفصيلها من كلام اهل العلم لتزول عنا الجهالة ولكن من اعجب العجب انكم تستدلون بها على خلاف كلام صاحبها وعلى خلاف كلام من اوردها ونقلها في كتبه على خصوصيات كلامهم في هذه الاشياء التي تكفرون بها بل ذكروا النذر والذبح وبعض الدعاء وبعضها عدوه في المكروهات كالتبرك والتمسح واخذ تراب القبور للتبرك والطواف بها وقد ذكر العلماء في كتبهم منهم صاحب الاقناع واللفظ له قال ويكره المبيت عند القبر وتجصيصه وتزويقه وتخليقه وتقبيله والطواف به وتبخيره وكتابة الرقاع اليه ودسها في الانقاب والاستشفاء بالتربة من الاسقام لان ذلك كله من البدع (انتهى) وانتم تكفرون بهذه الامور (فاذا قلتم) صاحب الاقناع وغيره من علماء الحنابلة كصاحب الفروع جهال لا يعرفون من الضروريات بل عندكم على لازم مذهبكم كفار (قلت) هؤلاء لم يحكوا من مذهب انفسهم لاهم ولا اجل منهم بل ينقلون ويحكون مذهب احمد بن حنبل احد ائمة الاسلام الذي اجمعت الامة على امامته اتظنون ان الجاهل يجب عليه ان يقلدكم ويترك تقليد ائمة اهل العلم بل اجمع ائمة اهل العلم كما تقدم انه لا يجوز الا تقليد الائمة المجتهدين وكل من لم يبلغ رتبة الاجتهاد ان يحكي ويفتي بمذاهب اهل الاجتهاد وانما خصوا للمستفتي ان يستفتي مثل هؤلاء لانهم حاكين مذاهب اهل الاجتهاد والتقليد للمجتهد لا للحاكي هذا صرح به عامة اله العلم ان طلبته من مكانه وجدته وقد تقدم لك مافيه كفاية (وانما) المقصود ان العبارة التي تستدلون بها على تكفير المسلمين لا تدل لمرادكم وان من نقل هذه العبارة واستدل بها هم الذين ذكروا النذر والدعاء والذبح وغيره ذكروا ذلك كله في مواضعه ولم يجلعوه كفراً مخرجاً عن الملة سوى ما ذكره الشيخ في بعض المواضع في نوع من
( 34 )
الدعاء كمغفرة الذنوب وانزال المطر وانبات النبات ونحو ذلك مما انه ذكر ان هذا وان كان كفرا فلا يكفر صاحبه حتى تقوم عليه الحجة الذي يكفر تاركها وتزول عنه الشبهة ولم يحكه عن قوله اي التكفير بالدعاء المذكور اجماعاً حتى تستدلون انتم عليه بالعبارة بل والله لازم قولكم تكفير الشيخ بعينه واحزابه نسال الله العافية ومما يدل على ان ما فهمتم من العبارة غير صواب انهم عدو الامور المكفرات فرداً في كتاب الردة في كل مذهب من مذاهب الائمة ولم يقولوا او واحد منهم من نذر لغير الله كفر بل الشيخ نفسه الذي تستدلون بعبارته ذكر ان النذر للمشايخ لاجل الاستغاثة بهم كالحلف بالمخلوق كما تقدم كلامه والحلف بالمخلوق ليس شركا اكبر بل قال الشيخ من قال انذرو الى تقضى حوائجكم يستتاب فان تاب والا قتل لسعيه في الارض بالفساد فجعل الشيخ قتله حداً لا كفراً وكذلك تقدم عنه من كلامه في خصوص النذور ما فيه كفاية ولم يقولوا ايضاً من طلب غير الله كفر بل يأتي ان شاء الله تعالى ما يدل على انه ليس بكفر ولم يقولوا من ذبح لغير الله كفرا تظنهم يحكون العبارة ولا عرفوا معناها ام هم اوهموا الناس ارادة لاغوائهم ام احالوا الناس على مفهومكم منها الذي ما فهمه منها من اوردها ولا من حكيها عمن ارودها ام عرفتم من كلامهم ما ان جهلوا هم ام تركوا الكفر الصراح الذي يكفر به المسلم ويحل ماله ودمه وهل يعمل عندهم ليلا ونهار اجهارا غير خفي وتركوا ذلك ما بينوه بل بينوا خلافه حتى جئتم انتم فاستنبطتموه من كلامهم لا والله بل ماارد وما اردتم وانهم في واد وانتم في واد (ومما) يدل على ان كلامكم وتكفيركم ليس بصواب أن الصلاة اعظم اركان الاسلام بعد الشهادتين ومع هذا ذكروا ان من صلاها رياء الناس ردها الله عليه ولم يقبلها منه بل يقول الله تعالى انا اغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا اشرك فيه غيري تركته وشركه ويقول له يوم القيمة اطلب ثوابك من الذي عملت لاجله فذكر ان ذلك يبطل العمل ولم يقولوا ان فاعل ذلك كافر حلال المال والدم بل من لم يكفره كما هو مذهبكم فيما اخف من ذلك بكثير وكذلك السجود الذي هو اعظم هيئات الصلاة الذي هو اعظم من النذر والدعاء وغيره فرقوا فيه وقالوا من سجد لشمس او قمر او كوكب او صنم كفر واما السجود لغير ما ذكر فلم يكفروا به بل عدوه في كبائر المحرمات ولكن حقيقة الامر انكم ماقلدتم اهل العلم
( 35 )
ولا عباراتهم وانما عمدتكم مفهومكم واستنباطكم الذي تزعمون انه الحق من انكره انكر الضروريات واما استدلالاتكم بمشتبه العبارات فتلبيس ولكن المقصود انما نطلب منكم ان تبينوا لنا وللناس كلام ائمة اهل العلم بموافقة مذهبكم هذا وتنقلون كلامهم ازاحة للشبهة وان لم يكن عندكم الا القذف والشتم والرمي بالعزية والكفر فالله المستعان لأخر هذه الامة اسوة باولها الذين انزل الله عليهم لم يسلموا من ذلك (فصل) ومما يدل على عدم صوابكم في تكفير من كفرتموه وان الدعاء النذر ليسا بكفر ينقل عن الملة وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم امر في الحديث الصحيح ان تدرء الحدود بالشبهات وقد روى الحاكم في صحيحة وابو عوانة والبزار بسند صحيح وابن السني عن بن مسعود رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا انفلتت دابة احدكم بارض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا يا عباد الله احبسوا يا عباد الله احبسوا ثلاثاً فان لله حاضراً سيحبسه وقد وري الطبراني ان اراد عوناً فليقل يا عباد الله اعينوني ذكر هذا الحديث الائمة في كتبهم ونقلوه اشاعة وحفظا للامة ولم ينكروه منهم النووي في الاذكار وبن القيم في كتابه الكلم الطيب وابن مفلح في الاداب قال في الاداب بعد ان ذكر هذا الاثر قال عبدالله بن الامام احمد سمعت ابي يقول حججت خمس حجج فضللت الطريق في حجة وكنت ما شيا فجعلت اقول يا عباد الله دلونا على الطريق فلم ازل اقول ذلك حتى وقعت على الطريق (انتهى) اقول حيث كفرتم من سئال غايباً او ميتاً بل زعمتهم ان المشركين الكفار الذي كذبوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم اخف شركا ممن سئال غير الله في بر او بحر واستدللتم على تلك بمفهومكم الذي لا يجوز لكم ولا لغيركم الاعتماد عليه هل جعلتم هذا الحديث وعمل العلماء بمضمونه شبهة لمن فعل شيئاً مما تزعمون انه شرك اكبر فانالله وانا اليه راجعون قال في مختصر الروضة الصحيح ان من كان من اهل الشهادتين فانه لا يكفر ببدعة على الاطلاق ما استند فيها الى تأؤيل يلتبس به الامر على مثله وهو الذي رجحه شيخنا ابو العباس ابن تيمية (انتهى) اتظن دعاء الغايب كفرا بالضرورة ولم يعرفه ائمة الاسلام اتظن ان على تقدير ان قولكم صواب تقوم الحجة على الناس بكلامكم ونحن نذكر كلام الشيخ تقي الدين الذي استدللتم بعبارته على تكفير المسلمين بالدعاء والنذر والاففي ما تقدم كفاية ولكن
( 36 )
زيادة فائدة قال الشيخ رحمه الله تعالى في اقتضاء الصراط المستقيم من قصد بقعة يرجو الخير بقصدها ولم تستحبه الشريعة فهو من المنكرات وبعضه اشد من بعض سواء كان شجرة او عيناً او قناة او جبلا او مفازة او اقبح ان ينذر لتلك البقعة ويقال انها تقبل النذر كما بقوله بعض الضالين فان هذا النذر نذر معصية باتفاق العلماء لا يجوز الوفاء به ثم ذكر رحمه الله تعالى في مواضع كثيرة موجود في اكثر البلاد في الحجاز منها مواضع كثيرة وقال في مواضع اخر من الكتاب المذكور والسائلون قد يدعون دعاء محرماً يحصل معه ذلك الغرض ويحصل لهم ضرر اعظم منه ثم ذكر انه يكون له حسنات تربى على ذلك فيعفو الله بها عنه قال وحكي لنا ان بعض المجاورين بالمدينة الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم اشتهى عليه نوعاً من الاطعمة فجاء بعض الهاشميين اليه فقال ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث لك هذا وقال اخرج من عندنا فان من يكون عندنا لا يشتهي مثل هذا قال الشيخ وآخرون قضيت حوائجهم ولم يقل لهم مثل ذلك لاجتهادهم او تقليدهم او قصورهم في العلم فانه يغفر للجاهل ما لايغفر لغيره ولهذا عامة ما يحكي في هذا الباب انما هو من قاصرى المعرفة ولوكان هذا شرعاِ اوديناً لكان اهل المعرفة اولى به ففرق بين العفو عن الفاعل والمغفرة له وبين اباحة فعله وقد علمت جماعة ممن سئال حاجته لبعض المقبورين من الانبياء والصالحين فقضيت حاجته وهؤلاء يخرج مما ذكرته وليس ذلك بشرع فيتبع وانما يثبت استحباب الافعال وكونها سنة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السابقون الاولون وما سوى هذا من الامور المحدثة فلا تستحب وان اشتملت احياناً على فوائد وقال ايضاً صارت النذور المحرمة في الشرع مأكل للسدنة والمجاورين العاكفين على بعض المشاهد وغيرها واولئك الناذرون يقول احدهم مرضت فنذرت ويقول الاخر خرج على المحاربون فنذرت ويقول الاخر ركبت البحر فنذرت ويقول الاخر حبست فنذرت وقد قام في نفوسهم من هذه النذور هي السبب في حصول مطلوبهم ودفع مرهوبهم وقد اخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ان نذر طاعة الله فضلا عن معصيته ليس سبباً للخير بل تجد كثيراً من الناس يقول ان المشهد الفلاني والمكان الفلاني يقبل النذر بمعنى انهم نذرو له نذوراً ان
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 37 )
قضيت حاجتهم فقضيت الى ان قال وما يروي ان رجلا جاء الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فشكى اليه الجدب عام الرمادة فرأه وهو يأمره ان ياتي عمر فيأمره ان يخرج يستقي بالناس قال مثل هذا يقع كثيراً لم هو دون النبي صلى الله عليه وسلم واعرف من هذا وقايع وكذلك سؤال بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم او غيره من امته حاجته فتقضى له فان هذا وقع كثير ولكن عليك ان تعلم ان اجابه النبي صلى الله عليه وسلم او غيره لهؤلاء السائلين لا يدل على استحباب السؤال واكثر هؤلاء السائلين الملحين لما هم فيه من الحال لو لم يجابوا لاضطرب ايمانهم كما ان السائلين له في الحياة كانوا كذلك وقال رحمه الله ايضا حتى ان بعض القبور يجتمع عندها في اليوم من السنة ويسافر اليها من الامصار في المحرم او في صفر او عاشورا او غير ذلك تقصد ويجتمع عندها فيه كما تقصد عرفة ومزدلفة في ايم معلومة من السنة وربما كان الاهتمام بهذه الاجتماعات في الدين والدنيا اشد منكراً حتى ان بعضهم يقول نريد الحج الى قبر فلان وفلان وبالجملة هذا الذي يفعل عند هذه القبور هو بعينه نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذي انكره احمد بن حنبل رحمه الله وقال قد افرط الناس في هذا جداً واكثروا وذكر الامام احمد ما يفعل عند قبر الحسين رضى الله عنه قال الشيخ ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيرها وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال انه قبر علي وقبر الحسين الى قبور كثيرة في بلاد الاسلام لا يمكن حصرها (انتهى)كلام الشيخ فيا عباد الله تاملوا كم في كلام الشيخ هذا من موضع يرد مفهومكم من العبارة التي تستدلون بها من كلامه ويرد تكفيركم للمسلمين ونحن نذكر بعض ما في ذلك تتميماً للفائدة (منها قوله) في قصد البقعة والنذر في العيون والشجر والمغارات وما ذكره انه من المنكرات ولم يجب الوفاء به ولم يقل ان فاعل ذلك كافر مرتد حلال المال والدم كما قلتم (ومنها) ان من الناس من يأمر بالنذر والقصد لهذه الاشياء التي ذكرها وسماه ضالا ولم يكفره كما قلتم (ومنها) ان هذه المواضع وهذه القبور وهذه الافاعيل ملات بلاد الاسلام قديما ولم يقل لاهو ولا احد من اهل العلم انها بلاد كفر كما كفرتم اهالها بل كفرتم من لم يكفرهم (ومنها) انه ذكر طلب اهل القبور وانه كثر وشاع وغاية ذلك انه حرمه بل رفع الخطاء عن المجتهد في ذلك او المقلد او الجاهل وانتم تجعلونهم بهذه الافاعيل اكفر ممن
( 38 )
كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كفار قريش (ومنها) ان غاية ان يعلم المسلم ان هذا لم يشرعه الله وانتم تقولون هذا يعلم بالضرورة انه كفر حتى اليهود والنصارى يعرفون ذلك ومن لم يكفر فاعله فهو كافر فيا عباد الله انتبهوا (ومنها) انه قال اجابة النبي صلى الله عليه وسلم او غيره لهولاء السائلين الملحين لو لم يجابو الاضطراب ايمانهم جعلهم مؤمنين وجعل اجابة دعائهم رحمة من الله تعالى لهم لئلا يضطرب ايمانهم وانتم تقولون من فعل فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر ومنها ان هذه الامور وهي سؤال النبي صلى الله عليه وسلم حدثت في زمن الصحابة كالذي شكى للنبي صلى الله عليه وسلم القحط رواه في النوم فامره ان يأتي عمر ولا ذكر ان عمر انكر ذلك وانتم تجعلون مثل هذا كافرا (ومنها) ان هذه الامور حدثت من قبل زمن الامام احمد في زمان ائمة الاسلام وانكرها من انكرها منهم ولازالت حتى ملأت بلاد الاسلام كلها وفعلت هذه الافاعيل كلها التي تكفرون بها ولم يرو عن احد من ائمة المسلمين انهم كفورا بذلك ولا قالوا هولاء مرتدون ولا امروا بجهادهم ولاسموا بلاد المسلمين بلاد شرك وحرب كما قلتم انتم بل كفرتم من لم يكفر بهذه الافاعيل وان لم يفعلها ايظنون ان هذه الامور من الوسائط التي في العبارة الذي يكفر فاعلها اجماعاً وتمضى قرون الائمة من ثمان ماية عام ومع هذا لم يرو عن عالم من علماء المسلمين انها كفر بل ما يظن هذا عاقل بل والله لازم قولكم ان جميع الامة بعد زمان احمد رحمه الله تعالى علماؤها وامراؤها وعامتها كلهم كفار مرتدون فانا لله وانا اليه راجعون واغوثاه الى الله واغوثاه ام تقولون كما يقول بعض عامتكم ان الحجة ما قامت الابكم والا قبلكم لم يعرف دين الاسلام يا عباد الله انتهوا ولكن بكلام الشيخ هذا يستدل عليكم على ان مفهومكم ان هذه الافاعيل من الشرك الاكبر خطأ وايضاً وان مفهومكم ان هذه الافاعيل داخلة في معنى عبارة من جعل بينه وبين الله وسائط الى آخره نبهنا الله واياكم من الضلال (فصل) ومما يدل على بطلان قولكم هذا ما روى مسلم في صحيحه عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله زوى لي الارض فرأيت مشارقها ومغربها وان امتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها واعطيت الكنزين الاحمر والابيض واني سئلت ربي لامتي ان لا يهلكها بسنة عامة وان لا يسلط
( 39 )
عليهم عدواً من سوى انفسهم يستبيح بيضتهم وان ربي قال يا محم اذا قضيت قضاء انه لايردواني اعطيتك لامتك ان لا هلكهم بسنة عامة وان لا اسلط عليهم عدوا من سوى انفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من اقطارها او قال من بين اقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا انتهى وجه الدليل من هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انه لا يسلط على هذه الامة عدوا من سوى انفسهم بل يسلط بعضهم على بعض (ومعلوم) عند الخاص والعام ممن له معرفة بالاخبار ان هذه الامور التي تكفرون بها ملات بلاد المسلمين من اكثر من سبع ماية عام كما تقدم نقله ولو كانت هذه عبادة الاصنام الكبرى وانها الوسائط كما زعمتم فكان اهلها كفار او من لم يكفرهم فهو كافر كما قلتم انتم الأن ومعلوم ان العلماء والامرآء لم يكفروهم ولم يجروا عليهم احكام اهل الردة مع ان هذه الامور تفعل في غالب بلاد الاسلام ظاهرة غير خفية بل كما قال الشيخ صارت مأكل لكثير من الناس وايضا يسافرون اليها من جميع الامصار اعظم مما يسافرون الى الحج ومع هذا كله فاخبرونا برجل واحد من اهل العلم او اهل السيف قال مقالتكم هذه بل اجروا عليهم احكام اهل الاسلام فاذا كانوا كفارا عباد اصنام بهذه الافاعيل والعلمآء والامراء اجروا عليهم احكام الاسلام فهم بهذا الصنيع اي العلمآء والامراء كفار لان من لم يكفر اهل الشرك الذين يجعلون مع الله الهاً آخر فهو كافر فحيئذ ليسوا من هذه الامة بل كفار سلطهم الله على هذه الامة فاستباحوا بيضتهم وهذا يرد هذا الحديث وهو ظاهر من الحديث لمن تدبره والله الموفق لارب غيره (فان قلت) روى هذا الحديث بعينه البرقاني وزاد فيه انما اخاف على امتي الائمة المضلين واذا وضع عليهم السيف لم يرفع الى يوم القيمة ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من امتي بالمشركين وحتى تعبد فيأم من امتي الاوثان وانه يكون في امتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم انه نبي وانا خاتم النبيين لانبي بعدي ولاتزال طائفة من امتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي امر الله تعالى (قلت) وهذا ايضاً حجة عليكم يوافق الكلام الاول ان قوله صلى الله عليه وسلم انما اخاف على امتي الائمة المضلين فهذا يلد على انه ما خاف عليهم الكفر والشرك الاكبر وانما يخاف عليهم الائمة المضلين كما وقع وماهو الواقع ولو كانوا يكفرون بعده لود ان يسلط عليهم من يهلكهم ومما خاف عليهم
( 40 )
ايضا وضع السيف واخبر انه اذا وضع لا يرفع وكذلك وقع وهذا من آيات نبوته صلى الله عليه وسلم فانه وقع كما اخبر وقوله لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من امتي بالمشركين وهذا ايضا وقع وقوله حتى تعبد فيئام من امتي الاوثان فهذا حق وقوله لا يزال طائفة من امتي على الحق منصورة الى آخره يدل على ان هذه الامور التي ملأت بلاد الاسلام ليست بعبادة الاوثان فلو كانت هذه الامور عبادة الاصنام لقاتلتهم الطائفة المنصورة ولم يعهد ولم يذكر ان احدا من هذه الامة قاتل على ذلك وكفر من فعله واستحل ماله ودمه قبلكم فان وجدتم ذلك في قديم الدهر او حديثه فبينوه وانى لكم بذلك وهذا الذي ذكرناه واضح من اول الحديث وآخره والحمدلله رب العالمين (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم في تكفير من كفر تموه ماروى البخاري في صحيحه عن معاوية بن ابي سفيان رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وانما انا قاسم والله معطي ولا يزال امر هذه الامة مستقيماً حتى تقوم الساعة او يأتي امر الله تعالى انتهى (وجه الدليل) منه ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان امر هذه الامة لا يزال مستقيماً الى اخر الدهر ومعلوم ان هذه الامور التي تكفرون بها مازالت قديماً ظاهرة ملأت البلاد كما تقدم فلو كانت هي الاصنام الكبرى ومن فعل شيئاً من تلك الافاعيل عابد للاوثان لم يكن امر هذه الامة مستقيماً بل منعكساً بلدهم بلد كفر تعبد فيها الاصنام ظاهرا وتجري على عبدة الاصنام فيها احكام الاسلام فاين الاستقامة وهذا واضح جلي (فان قلت) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة ما يعارض هذا وقوله صلى الله علي وسلم لتتبعن سنن من كان من قبلكم وما في معناه وقوله صلى الله عليه وسلم تفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار الا ملة واحدة (قلت) هذا حق ولا نعارض والحمدلله (وقد بين) العلماء ذلك ووضحوه وانه قوله تفترق هذه الامة الحديث فهؤلاء اهل الاهوآء كما تقدم ذكرهم ولم يكونوا كافرين بل كلهم مسلمون الامن اسر تكذيب الرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو منافق كما تقدم في كلام الشيخ من حكاية مذهب اهل السنة في ذلك وقوله صلى الله عليه وسلم كلها في النار الا واحدة فهو وعيد مثل وعيد اهل الكبائر مثل قاتل النفس وآكل مال اليتيم وآكل الربا
( 41 )
وغير ذلك واما الفرقة الناجية فهي السالمة من جميع البدع المتبعة لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بينه اهل العلم وهذا اجماع من اهل العلم كما تقدم لك (واما) قوله صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم الحديث قال الشيخ رحمه الله ليس هذا اخبارا عن جميع الامة فقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم انه لانزال من امته طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة واخبر انه لاتجتمع على ضلالة وانه لايزال يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم بطاعته فعلم بخبره الصدق انه يكون في امته قوم متمكسون بهديه الذي هو دين الاسلام محضا وقوم منحرفون الى شعبة من شعب اليهود او شعبة من شعب النصارى وان كان الرجل لايكفر بكل الانحراف بل وقد لا يفسق وقال رحمه الله الناس في مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في جاهلية فاما بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا جاهلية مطلقة فانه لاتزال من امته طائفة ظاهرين الى قيام الساعة واما الجاهلية المقيدة فقد تكون في بعض بلاد المسلمين او في بعض الاشخاص كقوله صلى الله عليه وسلم اربع في امتي من امر الجاهلية فدين الجاهلية لايعود الى آخر الدهر عند اخترام انفس جميع المؤمنين عموما (انتهى) كلام الشيخ رحمه الله تعالى فقد تبين لك ان دين الاسلام ملاء بلاد الاسلام بنص احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما فسره به العلماء الاعلام وان كل الفرق على الاسلام بخلاف قولكم هذا فان صح مذهبكم فلم يبق على الارض مسلم من ثمان ماية سنة الا انتم والعجب كل العجب ان الفرقة الناجية وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم باوصاف وكذلك وصفها اهل العلم وليس فيكم خصلة واحدة منها فانا لله وانا اليه راجعون (فصل) ومما يدل على عدم صحة مذهبكم مارواه البيهقي وابن عدي وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يحمل هذا العلم من كل خلق عدوله ينفون عنه تحريف العالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين قال في الاداب قال هنا سالت احمد عن هذا الحديث قال صحيح (انتهى) قال ابن القيم هذا حديث روي من وجوه يشد بعضها بعضا ووجه الدليل منه ان النبي صلى الله عليه وسلم وصف حملة علمه الذي بعثه الله به انهم عدول كل طبقة من طبقات الامة وقد تقدم مرارا ان هذه الافاعيل التي تجعلون من فعلها كافرا موجودة في الامة وجودا ظاهرا من اكثر من سبعماية عام بل
( 42 )
قد ذكر بن القيم انها ملأت الارض واخبر ان في الشام وغيره من بلاد المسلمين بل في كل بلد منها عدة واخبر بامور عظيمة هائلة تعمل عندها من السجود للقبور والذبح لها وطلب تفريج الكربات واغاثة اللهفان من اهلها والنذور وغير ذلك ثم اقسم انه مقتصر فيما حكى عنهم وان فعلهم اعظم واكثر مما ذكره وقال لم نستقص ذكر بدعتهم وشركهم ومع هذا لم يجر عليهم ولا احد من اهل العلم من طبقة ولا الطبقات قبله ولا بعده من جميع اهل العلم الذين وصفهم صلى الله عليه وسلم بالعدالة وبحفظ الدين عن غلو الغالين وتاول الجاهلين وانتحال المبطلين لم يجر عليهم احد منهم الكفر الظاهر ولم يسموا بلاد المسلمين بلاد كفار ولاغزوا البلاد والعباد وسموهم مشركين هذا وهم القائمون بنصرة الحق وهم الطائفة المنصورة الى قيام الساعة بل ذكر ابن القيم اذ هذه الافاعيل التي تكفرون بها بل تكفرون من لايكفر بها بل تزعمون انها عبادة الاصنام الكبرى كثرت في بلاد الاسلام حتى قال فما اعز من تخلص من هذا بل اعز من لايعادي من انكره فذكر ان غالب الامة تفعله والذي لايفعله ينكر على ما انكره ويعاديه اذا انكره فلوكان ما ذهبتم اليه حقاً لكانت جميع الامة والعياذ بالله كلها اشركت بالله الشرك الاكبر وحسنت فعله وانكرت على من انكره من قبل زمن ابن القيم فحينئذ يرد قولكم هذا الحديث والحديث الذي قبله والاحاديث التي تأتي ان شآء الله تعالى وهذا بين واضح لمن وفق والحمد لله (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ماورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لاتزال طائفة من امتي ظاهرين على الحق لايضرهم من خذلهم ولامن خالفهم الى يوم القيامة قال الشيخ تقي الدين لما ذكر هذا الحديث كانت هذه الامة كما اخبر به صلى الله عليه وسلم انه قال لاتزال فيها طائفة منصورة ظاهرة بالعلم والسيف لم يصبها ما اصاب من قبلها من بني اسرائيل وغيرهم حيث كانوا مقهورين مع الاعدآء بل ان غلبت في قطر من الارض كانت في القطر الاخر امة ظاهرة منصورة ولم يسلط على مجموعها عدواً من غيرهم ولكن يقع بينهم اختلاف وفتن قال ومذهب اهل السنة والجماعة ظاهرون اهله الى يوم القيمة وهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من امتي الحديث (انتهى) اقول وجه الدلالة من هذا الحديث ان هذه الطائفة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرة ليست بخفية كما يزعم عندكم وايضا منصورة لسوا باذلاء مختفين وايضا ماخلت بلاد
( 43 )
الاسلام منهم يوما وايضا كما قال الشيخ لم يسلط عليهم الاعداء وتقهرهم فاذا كانت هذه اوصافهم بنص الصادق المصدوق وهذه الامور التي تكفرون بها ملأت البلاد الاسلام من اكثر من سبعمائة عام وانتم تزعمون ان هذه عبادة غير الله وان هذه الوسايط المذكورة في القرءان ومع هذا لم يذكر في زمن من الازمان ان احدا قال ماقلتم او عمل ما عملتم بل ماتجدون ماتحتجون لشبهتكم الا ان عليا قتل من قال انت الله وان الصديق قاتل اهل الردة او بعبارة مجملة يعرف كل من له ممارسة في العلم ان مفهومكم هذا منها ضحكة فالحمد الله على زوال الالتباس والاشتباه اما والله ان هذا الحديث وحده يكفي في بطلان قولكم لو كان ثم اذن واعية نسئال الله ان ينقذكم من الهلكة انه جواد كريم (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال رأس الكفر نحو المشرق وفي رواية الايمان يماني والفتنة من هاهنا حيث يطلع قرن الشيطان وفي الصحيحين ايضا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال وهو مستقبل المشرق ان الفتنة هاهنا وللبخاري عنه مرقوعا اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا قالوا او في نجدنا قال اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا قالوا وفي نجدنا قال الثالثة هناك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان ولاحمد من حديث ابن عمر مرفوعاً اللهم بارك لنا في مدينتنا وفي صاعنا وفي مدنا ويمننا وشامنا ثم استقبل مطلع الشمس فقال هاهنا يطلع قرن الشيطان وقال من هاهنا الزلازل والفتن (انتهى) اقول اشهدان رسول الله صلى الله عليه وسلم لصادق فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى اله وصحبه اجمعين لقدادى الامانة وبلغ الرسالة قال الشيخ تقي الدين فالمشرق عن مدينته صلى الله عليه وسلم شرقا ومنها خرج مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة وهو اول حادث حدث بعده واتبعه خلائق وقاتلهم خليفته الصديق (انتهى) وجه الدلالة من هذا الحديث من وجوه كثيرة نذكر بعضها (منها) ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ان الايمان يماني والفتنة تخرج من المشرق ذكرها مراراً (ومنها) ان النبي صلى الله عليه وسلم دعى للحجاز واهله مراراً وابى ان يدعو لاهل المشرق لما فيهم من الفتن خصوصاً نجد (ومنها) ان اول فتنة وقعت بعده صلى الله عليه وسلم وقعت بارضنا هذه فنقول هذه الامور التي
( 44 )
تجعلون المسلم بها كافر من لم يكفره ملاءت مكة والمدينة واليمن من سنين متطاولة (بل بلغنا) ان ما في الارض اكثر من هذه الامور في اليمن والحرمين وبلدنا هذه هي اول من ظهر فيها الفتن ولا نعلم في بلاد المسليمن اكثر من فتنها قديماً وحديثاً وانتم الأن مذهبكم انه يجب على العامة اتباع مذهبكم وان من اتبعه ولم يقدر على اظهاره في بلده وتكفير اهل بلده وجب عليه الهجرة اليكم وانكم الطائفة المنصورة وهذا خلاف هذا الحديث فان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبره الله بما هو كائن على امته الى يوم القيمة وهو صلى الله عليه وسلم اخبر بما يجري عليهم ومنهم فلو علم ان بلاد المشرق خصوصاً نجد بلاد مسيلمة انها تصير دار الايمان وان الطائفة المنصورة تكون بها وانها بلاد يظهر فيها الايمان ولا يخفى في غيرها وان الحرمين الشريفين واليمن تكون بلاد كفر تعبد فيها الاوثان وتجب الهجرة منها لاخبر بذلك ولدعى لاهل الشرق خصوصاً نجد ولدعى على الحرمين واليمن واخبرانهم يعبدون الاصنام وتبرأ منهم اذ لم يكن الاضد ذلك فانه صلى الله عليه وسلم عم المشرق وخص نجد بان منها يطلع قرن الشيطان وان منها وفيها الفتن وامتنع من الدعاء لها وهذا خلاف زعمكم وان اليوم عندكم الذين دعى لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار والذين ابا ان يدعولهم واخبر ان منها يطلع قرن الشيطان وان منها الفتن هي بلاد الايمان تجب الهجرة اليها وهذا بين واضح من الاحاديث ان شاء الله (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم مافي الصحيحين عن عقبة بن عامر ان النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال اني لست اخشى عليكم ان تشركوا بعدي ولكن اخشى عليكم الدنيا ان تنافسوا فيها فتقتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم قال عقبة فكان آخر مارايت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر (انتهى) وجه الدلالة منه ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بجميع مايقع على امته ومنهم الى يوم القيمة كما ذكر في احاديث اخر ليس هذا موضعها ومما اخبر به هذا الحديث الصحيح انه امن ان امته تعبد الاوثان ولم يخافه عليهم واخبرهم بذلك واما الذي يخافه عليهم فاخبرهم به وحذرهم منه ومع هذا فوقع ماخافه عليهم وهذا خلاف مذهبكم فان امته على قولكم عبدوا الاصنام كلهم وملأت الاوثان بلادهم
( 45 )
الا ان احد في اطراف الارض ما يلحق له خبر ولافن اطراف الشرق الى اطراف الغرب الى الروم الى اليمن كل هذا ممتلىء مما زعمتم انه الاصنام وقلتم من لم يكفر من فعل هذه الامور والافعال فهو كافر ومعلوم ان المسليمن كلهم اجروا الاسلام على من انتسب اليه ولم يكفروا من فعل هذا فعلى قولكم جميع بلاد الاسلام كفار الابلدكم والعجب ان هذا ما حدث في بلدكم لا من قريب عشر سنة فبان بهذا الحديث خطأوكم والحمد الله رب العالمين (فان قلت) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اخوف ما اخاف عليكم الشرك قلت هذا حق واحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا تتعارض ولكن كل حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه يخاف على امته الشرك قيدة بالشرك الاصغر كحديث شداد بن اوس وحديث ابي هريرة وحديث محمود بن لبيد فكلها مقيدة ومبينة انما خاف رسول الله صلى الله عليه وسلم منه على امته الشرك الاصغر وكذلك وقع فانه ملا الارض كما انه خاف عليهم الافتتان والقتال على الدنيا فوقع وهو اى الشرك الاصغر هو الذي تسمونه الان الشرك الاكبر وتكفرون المسلمين به بل تكفرون من لم يكفرهم فاتفقت الاحاديث وبان الحق ووضح والحمد لله (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ماروى مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الشيطان قد ايس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم وروى الحاكم وصححه وابو يعلى والبيهقي عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد يئس ان تعبد الاصنام بارض العرب ولكن رضى منهم بمادون ذلك بالمحقرات وهي الموبقات وروى الامام احمد والحاكم وصححه وابن ماجه عن شداد بن اوس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اتخوف على امتي الشرك قلت يارسول الله اتشرك امتك بعدك قال نعم اما انهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا وثنا ولكن يراؤن باعمالهم (انتهى) اقول وجه الدلالة منه كما تقدم ان الله سبحانه اعلم نبيه من غيبه بما شاء وبما هو كائن الى يوم القيمة واخبر صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قدائس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب وفي حديث ابن مسعود دائس الشيطان ان تعبد الاصنام بارض العرب وفي حديث شداد انهم لا يعبدون وثنا وهذا بخلاف مذهبكم فان البصرة وما حولها والعراق من دون دجلة الموضع الذي فيه قبر
( 46 )
علي وقبر الحسين رضي الله تعالى عنهما وكذلك اليمن كلها والحجاز كل ذلك من ارض العرب ومذهبكم ان هذه المواضع كلها عبد الشيطان فيها وعبدت الاصنام وكلهم كفار ومن لم يكفرهم فهو عندكم كافر وهذه الاحاديث ترد مذهبكم وهذا الايقال انه قد وجد بعض الشرك بارض العرب زمن الردة فان ذلك زال في آن يسير فهو كالامر الذي عرض لا يعتدبه كما ان رجلا او اكثر من اهل الكفر دخل ارض العرب وعبد غير الله في موضع خال او خفية فاما هذه الامور التي تجعلونها شركا اكبر وعبادة الاصنام فهي ملأت بلاد العرب من قرون متداولة فتبين بهذه الاحاديث فساد قولكم ان هذه الامور هي عبادة الاوثان الكبرى وتبين ايضا بطلان قواكم ان الفرقة الناجية قد تكون في بعض اطراف الارض ولا يأتي لها خبر فلو كانت هذه عبادة الاصنام والشرك الاكبر لقاتل اهله الفرقة الناجية المنصورين الظاهرون الى قيام الساعة وهذا الذي ذكرناه واضح جلي والحمدلله رب العالمين ومن العجب انكم تزعمون ان هذه الامور اي القبور وما يعمل عندها والنذور هي عبارة الاصنام الكبرى وتقولون ان هذا امر واضح جلي يعرف بالضرورة حتى اليهود والنصارى يعرفونه (فاقول) جوابالكم عن هذا الزعم الفاسد سبحانك هذا بهتان عظيم قد تقدم مرارا عديدة ان الامة باجمعها على طبقاتها من قرب ثمنماية سنة ملأت هذه القبور بلادها ولم يقولوا هذه عبادة الاصنام الكبرى ولم يقولوا ان من فعل شيئا من هذه الامور فقد جعل مع الله الها اخر ولم يجروا على اهلها حكم عباد الاصنام ولاحكم المرتدين اي ردة كانت (فلو انكم قلتم) ان اليهود لانهم قوم بهت وكذلك النصارى ومن ضاهاهم في بهت هذه الامة من متبدعة الامة يقولون ان هذه عبادة الاصنام الكبرى لقلنا صدقتم فما ذلك من بهتهم وحسدهم وغلوهم ورميهم الامة بالعظايم بكثير ولكن الله سبحانه وتعالى مخزيهم ومظهر دينه على جميع الاديان بوعده هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ولكن اقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دعى للمدينة وما حولها ولليمن وقال له من حضره ونجد فقال هناك الزلازل والفتن اما والله لفتنة الشهوات فتنة والظلمة التي يعرف كل خاص وعام من اهلها انها من الظلم والتعدي
قضيت حاجتهم فقضيت الى ان قال وما يروي ان رجلا جاء الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فشكى اليه الجدب عام الرمادة فرأه وهو يأمره ان ياتي عمر فيأمره ان يخرج يستقي بالناس قال مثل هذا يقع كثيراً لم هو دون النبي صلى الله عليه وسلم واعرف من هذا وقايع وكذلك سؤال بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم او غيره من امته حاجته فتقضى له فان هذا وقع كثير ولكن عليك ان تعلم ان اجابه النبي صلى الله عليه وسلم او غيره لهؤلاء السائلين لا يدل على استحباب السؤال واكثر هؤلاء السائلين الملحين لما هم فيه من الحال لو لم يجابوا لاضطرب ايمانهم كما ان السائلين له في الحياة كانوا كذلك وقال رحمه الله ايضا حتى ان بعض القبور يجتمع عندها في اليوم من السنة ويسافر اليها من الامصار في المحرم او في صفر او عاشورا او غير ذلك تقصد ويجتمع عندها فيه كما تقصد عرفة ومزدلفة في ايم معلومة من السنة وربما كان الاهتمام بهذه الاجتماعات في الدين والدنيا اشد منكراً حتى ان بعضهم يقول نريد الحج الى قبر فلان وفلان وبالجملة هذا الذي يفعل عند هذه القبور هو بعينه نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الذي انكره احمد بن حنبل رحمه الله وقال قد افرط الناس في هذا جداً واكثروا وذكر الامام احمد ما يفعل عند قبر الحسين رضى الله عنه قال الشيخ ويدخل في هذا ما يفعل بمصر عند قبر نفيسة وغيرها وما يفعل بالعراق عند القبر الذي يقال انه قبر علي وقبر الحسين الى قبور كثيرة في بلاد الاسلام لا يمكن حصرها (انتهى)كلام الشيخ فيا عباد الله تاملوا كم في كلام الشيخ هذا من موضع يرد مفهومكم من العبارة التي تستدلون بها من كلامه ويرد تكفيركم للمسلمين ونحن نذكر بعض ما في ذلك تتميماً للفائدة (منها قوله) في قصد البقعة والنذر في العيون والشجر والمغارات وما ذكره انه من المنكرات ولم يجب الوفاء به ولم يقل ان فاعل ذلك كافر مرتد حلال المال والدم كما قلتم (ومنها) ان من الناس من يأمر بالنذر والقصد لهذه الاشياء التي ذكرها وسماه ضالا ولم يكفره كما قلتم (ومنها) ان هذه المواضع وهذه القبور وهذه الافاعيل ملات بلاد الاسلام قديما ولم يقل لاهو ولا احد من اهل العلم انها بلاد كفر كما كفرتم اهالها بل كفرتم من لم يكفرهم (ومنها) انه ذكر طلب اهل القبور وانه كثر وشاع وغاية ذلك انه حرمه بل رفع الخطاء عن المجتهد في ذلك او المقلد او الجاهل وانتم تجعلونهم بهذه الافاعيل اكفر ممن
( 38 )
كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم من كفار قريش (ومنها) ان غاية ان يعلم المسلم ان هذا لم يشرعه الله وانتم تقولون هذا يعلم بالضرورة انه كفر حتى اليهود والنصارى يعرفون ذلك ومن لم يكفر فاعله فهو كافر فيا عباد الله انتبهوا (ومنها) انه قال اجابة النبي صلى الله عليه وسلم او غيره لهولاء السائلين الملحين لو لم يجابو الاضطراب ايمانهم جعلهم مؤمنين وجعل اجابة دعائهم رحمة من الله تعالى لهم لئلا يضطرب ايمانهم وانتم تقولون من فعل فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر ومنها ان هذه الامور وهي سؤال النبي صلى الله عليه وسلم حدثت في زمن الصحابة كالذي شكى للنبي صلى الله عليه وسلم القحط رواه في النوم فامره ان يأتي عمر ولا ذكر ان عمر انكر ذلك وانتم تجعلون مثل هذا كافرا (ومنها) ان هذه الامور حدثت من قبل زمن الامام احمد في زمان ائمة الاسلام وانكرها من انكرها منهم ولازالت حتى ملأت بلاد الاسلام كلها وفعلت هذه الافاعيل كلها التي تكفرون بها ولم يرو عن احد من ائمة المسلمين انهم كفورا بذلك ولا قالوا هولاء مرتدون ولا امروا بجهادهم ولاسموا بلاد المسلمين بلاد شرك وحرب كما قلتم انتم بل كفرتم من لم يكفر بهذه الافاعيل وان لم يفعلها ايظنون ان هذه الامور من الوسائط التي في العبارة الذي يكفر فاعلها اجماعاً وتمضى قرون الائمة من ثمان ماية عام ومع هذا لم يرو عن عالم من علماء المسلمين انها كفر بل ما يظن هذا عاقل بل والله لازم قولكم ان جميع الامة بعد زمان احمد رحمه الله تعالى علماؤها وامراؤها وعامتها كلهم كفار مرتدون فانا لله وانا اليه راجعون واغوثاه الى الله واغوثاه ام تقولون كما يقول بعض عامتكم ان الحجة ما قامت الابكم والا قبلكم لم يعرف دين الاسلام يا عباد الله انتهوا ولكن بكلام الشيخ هذا يستدل عليكم على ان مفهومكم ان هذه الافاعيل من الشرك الاكبر خطأ وايضاً وان مفهومكم ان هذه الافاعيل داخلة في معنى عبارة من جعل بينه وبين الله وسائط الى آخره نبهنا الله واياكم من الضلال (فصل) ومما يدل على بطلان قولكم هذا ما روى مسلم في صحيحه عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله زوى لي الارض فرأيت مشارقها ومغربها وان امتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها واعطيت الكنزين الاحمر والابيض واني سئلت ربي لامتي ان لا يهلكها بسنة عامة وان لا يسلط
( 39 )
عليهم عدواً من سوى انفسهم يستبيح بيضتهم وان ربي قال يا محم اذا قضيت قضاء انه لايردواني اعطيتك لامتك ان لا هلكهم بسنة عامة وان لا اسلط عليهم عدوا من سوى انفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من اقطارها او قال من بين اقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا انتهى وجه الدليل من هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر انه لا يسلط على هذه الامة عدوا من سوى انفسهم بل يسلط بعضهم على بعض (ومعلوم) عند الخاص والعام ممن له معرفة بالاخبار ان هذه الامور التي تكفرون بها ملات بلاد المسلمين من اكثر من سبع ماية عام كما تقدم نقله ولو كانت هذه عبادة الاصنام الكبرى وانها الوسائط كما زعمتم فكان اهلها كفار او من لم يكفرهم فهو كافر كما قلتم انتم الأن ومعلوم ان العلماء والامرآء لم يكفروهم ولم يجروا عليهم احكام اهل الردة مع ان هذه الامور تفعل في غالب بلاد الاسلام ظاهرة غير خفية بل كما قال الشيخ صارت مأكل لكثير من الناس وايضا يسافرون اليها من جميع الامصار اعظم مما يسافرون الى الحج ومع هذا كله فاخبرونا برجل واحد من اهل العلم او اهل السيف قال مقالتكم هذه بل اجروا عليهم احكام اهل الاسلام فاذا كانوا كفارا عباد اصنام بهذه الافاعيل والعلمآء والامراء اجروا عليهم احكام الاسلام فهم بهذا الصنيع اي العلمآء والامراء كفار لان من لم يكفر اهل الشرك الذين يجعلون مع الله الهاً آخر فهو كافر فحيئذ ليسوا من هذه الامة بل كفار سلطهم الله على هذه الامة فاستباحوا بيضتهم وهذا يرد هذا الحديث وهو ظاهر من الحديث لمن تدبره والله الموفق لارب غيره (فان قلت) روى هذا الحديث بعينه البرقاني وزاد فيه انما اخاف على امتي الائمة المضلين واذا وضع عليهم السيف لم يرفع الى يوم القيمة ولا تقوم الساعة حتى يلحق حي من امتي بالمشركين وحتى تعبد فيأم من امتي الاوثان وانه يكون في امتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم انه نبي وانا خاتم النبيين لانبي بعدي ولاتزال طائفة من امتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي امر الله تعالى (قلت) وهذا ايضاً حجة عليكم يوافق الكلام الاول ان قوله صلى الله عليه وسلم انما اخاف على امتي الائمة المضلين فهذا يلد على انه ما خاف عليهم الكفر والشرك الاكبر وانما يخاف عليهم الائمة المضلين كما وقع وماهو الواقع ولو كانوا يكفرون بعده لود ان يسلط عليهم من يهلكهم ومما خاف عليهم
( 40 )
ايضا وضع السيف واخبر انه اذا وضع لا يرفع وكذلك وقع وهذا من آيات نبوته صلى الله عليه وسلم فانه وقع كما اخبر وقوله لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من امتي بالمشركين وهذا ايضا وقع وقوله حتى تعبد فيئام من امتي الاوثان فهذا حق وقوله لا يزال طائفة من امتي على الحق منصورة الى آخره يدل على ان هذه الامور التي ملأت بلاد الاسلام ليست بعبادة الاوثان فلو كانت هذه الامور عبادة الاصنام لقاتلتهم الطائفة المنصورة ولم يعهد ولم يذكر ان احدا من هذه الامة قاتل على ذلك وكفر من فعله واستحل ماله ودمه قبلكم فان وجدتم ذلك في قديم الدهر او حديثه فبينوه وانى لكم بذلك وهذا الذي ذكرناه واضح من اول الحديث وآخره والحمدلله رب العالمين (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم في تكفير من كفر تموه ماروى البخاري في صحيحه عن معاوية بن ابي سفيان رضي الله تعالى عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وانما انا قاسم والله معطي ولا يزال امر هذه الامة مستقيماً حتى تقوم الساعة او يأتي امر الله تعالى انتهى (وجه الدليل) منه ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان امر هذه الامة لا يزال مستقيماً الى اخر الدهر ومعلوم ان هذه الامور التي تكفرون بها مازالت قديماً ظاهرة ملأت البلاد كما تقدم فلو كانت هي الاصنام الكبرى ومن فعل شيئاً من تلك الافاعيل عابد للاوثان لم يكن امر هذه الامة مستقيماً بل منعكساً بلدهم بلد كفر تعبد فيها الاصنام ظاهرا وتجري على عبدة الاصنام فيها احكام الاسلام فاين الاستقامة وهذا واضح جلي (فان قلت) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الاحاديث الصحيحة ما يعارض هذا وقوله صلى الله علي وسلم لتتبعن سنن من كان من قبلكم وما في معناه وقوله صلى الله عليه وسلم تفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار الا ملة واحدة (قلت) هذا حق ولا نعارض والحمدلله (وقد بين) العلماء ذلك ووضحوه وانه قوله تفترق هذه الامة الحديث فهؤلاء اهل الاهوآء كما تقدم ذكرهم ولم يكونوا كافرين بل كلهم مسلمون الامن اسر تكذيب الرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو منافق كما تقدم في كلام الشيخ من حكاية مذهب اهل السنة في ذلك وقوله صلى الله عليه وسلم كلها في النار الا واحدة فهو وعيد مثل وعيد اهل الكبائر مثل قاتل النفس وآكل مال اليتيم وآكل الربا
( 41 )
وغير ذلك واما الفرقة الناجية فهي السالمة من جميع البدع المتبعة لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بينه اهل العلم وهذا اجماع من اهل العلم كما تقدم لك (واما) قوله صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من كان قبلكم الحديث قال الشيخ رحمه الله ليس هذا اخبارا عن جميع الامة فقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم انه لانزال من امته طائفة ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة واخبر انه لاتجتمع على ضلالة وانه لايزال يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم بطاعته فعلم بخبره الصدق انه يكون في امته قوم متمكسون بهديه الذي هو دين الاسلام محضا وقوم منحرفون الى شعبة من شعب اليهود او شعبة من شعب النصارى وان كان الرجل لايكفر بكل الانحراف بل وقد لا يفسق وقال رحمه الله الناس في مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في جاهلية فاما بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا جاهلية مطلقة فانه لاتزال من امته طائفة ظاهرين الى قيام الساعة واما الجاهلية المقيدة فقد تكون في بعض بلاد المسلمين او في بعض الاشخاص كقوله صلى الله عليه وسلم اربع في امتي من امر الجاهلية فدين الجاهلية لايعود الى آخر الدهر عند اخترام انفس جميع المؤمنين عموما (انتهى) كلام الشيخ رحمه الله تعالى فقد تبين لك ان دين الاسلام ملاء بلاد الاسلام بنص احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما فسره به العلماء الاعلام وان كل الفرق على الاسلام بخلاف قولكم هذا فان صح مذهبكم فلم يبق على الارض مسلم من ثمان ماية سنة الا انتم والعجب كل العجب ان الفرقة الناجية وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم باوصاف وكذلك وصفها اهل العلم وليس فيكم خصلة واحدة منها فانا لله وانا اليه راجعون (فصل) ومما يدل على عدم صحة مذهبكم مارواه البيهقي وابن عدي وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يحمل هذا العلم من كل خلق عدوله ينفون عنه تحريف العالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين قال في الاداب قال هنا سالت احمد عن هذا الحديث قال صحيح (انتهى) قال ابن القيم هذا حديث روي من وجوه يشد بعضها بعضا ووجه الدليل منه ان النبي صلى الله عليه وسلم وصف حملة علمه الذي بعثه الله به انهم عدول كل طبقة من طبقات الامة وقد تقدم مرارا ان هذه الافاعيل التي تجعلون من فعلها كافرا موجودة في الامة وجودا ظاهرا من اكثر من سبعماية عام بل
( 42 )
قد ذكر بن القيم انها ملأت الارض واخبر ان في الشام وغيره من بلاد المسلمين بل في كل بلد منها عدة واخبر بامور عظيمة هائلة تعمل عندها من السجود للقبور والذبح لها وطلب تفريج الكربات واغاثة اللهفان من اهلها والنذور وغير ذلك ثم اقسم انه مقتصر فيما حكى عنهم وان فعلهم اعظم واكثر مما ذكره وقال لم نستقص ذكر بدعتهم وشركهم ومع هذا لم يجر عليهم ولا احد من اهل العلم من طبقة ولا الطبقات قبله ولا بعده من جميع اهل العلم الذين وصفهم صلى الله عليه وسلم بالعدالة وبحفظ الدين عن غلو الغالين وتاول الجاهلين وانتحال المبطلين لم يجر عليهم احد منهم الكفر الظاهر ولم يسموا بلاد المسلمين بلاد كفار ولاغزوا البلاد والعباد وسموهم مشركين هذا وهم القائمون بنصرة الحق وهم الطائفة المنصورة الى قيام الساعة بل ذكر ابن القيم اذ هذه الافاعيل التي تكفرون بها بل تكفرون من لايكفر بها بل تزعمون انها عبادة الاصنام الكبرى كثرت في بلاد الاسلام حتى قال فما اعز من تخلص من هذا بل اعز من لايعادي من انكره فذكر ان غالب الامة تفعله والذي لايفعله ينكر على ما انكره ويعاديه اذا انكره فلوكان ما ذهبتم اليه حقاً لكانت جميع الامة والعياذ بالله كلها اشركت بالله الشرك الاكبر وحسنت فعله وانكرت على من انكره من قبل زمن ابن القيم فحينئذ يرد قولكم هذا الحديث والحديث الذي قبله والاحاديث التي تأتي ان شآء الله تعالى وهذا بين واضح لمن وفق والحمد لله (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ماورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال لاتزال طائفة من امتي ظاهرين على الحق لايضرهم من خذلهم ولامن خالفهم الى يوم القيامة قال الشيخ تقي الدين لما ذكر هذا الحديث كانت هذه الامة كما اخبر به صلى الله عليه وسلم انه قال لاتزال فيها طائفة منصورة ظاهرة بالعلم والسيف لم يصبها ما اصاب من قبلها من بني اسرائيل وغيرهم حيث كانوا مقهورين مع الاعدآء بل ان غلبت في قطر من الارض كانت في القطر الاخر امة ظاهرة منصورة ولم يسلط على مجموعها عدواً من غيرهم ولكن يقع بينهم اختلاف وفتن قال ومذهب اهل السنة والجماعة ظاهرون اهله الى يوم القيمة وهم الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من امتي الحديث (انتهى) اقول وجه الدلالة من هذا الحديث ان هذه الطائفة التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهرة ليست بخفية كما يزعم عندكم وايضا منصورة لسوا باذلاء مختفين وايضا ماخلت بلاد
( 43 )
الاسلام منهم يوما وايضا كما قال الشيخ لم يسلط عليهم الاعداء وتقهرهم فاذا كانت هذه اوصافهم بنص الصادق المصدوق وهذه الامور التي تكفرون بها ملأت البلاد الاسلام من اكثر من سبعمائة عام وانتم تزعمون ان هذه عبادة غير الله وان هذه الوسايط المذكورة في القرءان ومع هذا لم يذكر في زمن من الازمان ان احدا قال ماقلتم او عمل ما عملتم بل ماتجدون ماتحتجون لشبهتكم الا ان عليا قتل من قال انت الله وان الصديق قاتل اهل الردة او بعبارة مجملة يعرف كل من له ممارسة في العلم ان مفهومكم هذا منها ضحكة فالحمد الله على زوال الالتباس والاشتباه اما والله ان هذا الحديث وحده يكفي في بطلان قولكم لو كان ثم اذن واعية نسئال الله ان ينقذكم من الهلكة انه جواد كريم (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال رأس الكفر نحو المشرق وفي رواية الايمان يماني والفتنة من هاهنا حيث يطلع قرن الشيطان وفي الصحيحين ايضا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال وهو مستقبل المشرق ان الفتنة هاهنا وللبخاري عنه مرقوعا اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا قالوا او في نجدنا قال اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا قالوا وفي نجدنا قال الثالثة هناك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان ولاحمد من حديث ابن عمر مرفوعاً اللهم بارك لنا في مدينتنا وفي صاعنا وفي مدنا ويمننا وشامنا ثم استقبل مطلع الشمس فقال هاهنا يطلع قرن الشيطان وقال من هاهنا الزلازل والفتن (انتهى) اقول اشهدان رسول الله صلى الله عليه وسلم لصادق فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه وعلى اله وصحبه اجمعين لقدادى الامانة وبلغ الرسالة قال الشيخ تقي الدين فالمشرق عن مدينته صلى الله عليه وسلم شرقا ومنها خرج مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة وهو اول حادث حدث بعده واتبعه خلائق وقاتلهم خليفته الصديق (انتهى) وجه الدلالة من هذا الحديث من وجوه كثيرة نذكر بعضها (منها) ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ان الايمان يماني والفتنة تخرج من المشرق ذكرها مراراً (ومنها) ان النبي صلى الله عليه وسلم دعى للحجاز واهله مراراً وابى ان يدعو لاهل المشرق لما فيهم من الفتن خصوصاً نجد (ومنها) ان اول فتنة وقعت بعده صلى الله عليه وسلم وقعت بارضنا هذه فنقول هذه الامور التي
( 44 )
تجعلون المسلم بها كافر من لم يكفره ملاءت مكة والمدينة واليمن من سنين متطاولة (بل بلغنا) ان ما في الارض اكثر من هذه الامور في اليمن والحرمين وبلدنا هذه هي اول من ظهر فيها الفتن ولا نعلم في بلاد المسليمن اكثر من فتنها قديماً وحديثاً وانتم الأن مذهبكم انه يجب على العامة اتباع مذهبكم وان من اتبعه ولم يقدر على اظهاره في بلده وتكفير اهل بلده وجب عليه الهجرة اليكم وانكم الطائفة المنصورة وهذا خلاف هذا الحديث فان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبره الله بما هو كائن على امته الى يوم القيمة وهو صلى الله عليه وسلم اخبر بما يجري عليهم ومنهم فلو علم ان بلاد المشرق خصوصاً نجد بلاد مسيلمة انها تصير دار الايمان وان الطائفة المنصورة تكون بها وانها بلاد يظهر فيها الايمان ولا يخفى في غيرها وان الحرمين الشريفين واليمن تكون بلاد كفر تعبد فيها الاوثان وتجب الهجرة منها لاخبر بذلك ولدعى لاهل الشرق خصوصاً نجد ولدعى على الحرمين واليمن واخبرانهم يعبدون الاصنام وتبرأ منهم اذ لم يكن الاضد ذلك فانه صلى الله عليه وسلم عم المشرق وخص نجد بان منها يطلع قرن الشيطان وان منها وفيها الفتن وامتنع من الدعاء لها وهذا خلاف زعمكم وان اليوم عندكم الذين دعى لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كفار والذين ابا ان يدعولهم واخبر ان منها يطلع قرن الشيطان وان منها الفتن هي بلاد الايمان تجب الهجرة اليها وهذا بين واضح من الاحاديث ان شاء الله (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم مافي الصحيحين عن عقبة بن عامر ان النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال اني لست اخشى عليكم ان تشركوا بعدي ولكن اخشى عليكم الدنيا ان تنافسوا فيها فتقتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم قال عقبة فكان آخر مارايت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر (انتهى) وجه الدلالة منه ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر بجميع مايقع على امته ومنهم الى يوم القيمة كما ذكر في احاديث اخر ليس هذا موضعها ومما اخبر به هذا الحديث الصحيح انه امن ان امته تعبد الاوثان ولم يخافه عليهم واخبرهم بذلك واما الذي يخافه عليهم فاخبرهم به وحذرهم منه ومع هذا فوقع ماخافه عليهم وهذا خلاف مذهبكم فان امته على قولكم عبدوا الاصنام كلهم وملأت الاوثان بلادهم
( 45 )
الا ان احد في اطراف الارض ما يلحق له خبر ولافن اطراف الشرق الى اطراف الغرب الى الروم الى اليمن كل هذا ممتلىء مما زعمتم انه الاصنام وقلتم من لم يكفر من فعل هذه الامور والافعال فهو كافر ومعلوم ان المسليمن كلهم اجروا الاسلام على من انتسب اليه ولم يكفروا من فعل هذا فعلى قولكم جميع بلاد الاسلام كفار الابلدكم والعجب ان هذا ما حدث في بلدكم لا من قريب عشر سنة فبان بهذا الحديث خطأوكم والحمد الله رب العالمين (فان قلت) ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اخوف ما اخاف عليكم الشرك قلت هذا حق واحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لا تتعارض ولكن كل حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه يخاف على امته الشرك قيدة بالشرك الاصغر كحديث شداد بن اوس وحديث ابي هريرة وحديث محمود بن لبيد فكلها مقيدة ومبينة انما خاف رسول الله صلى الله عليه وسلم منه على امته الشرك الاصغر وكذلك وقع فانه ملا الارض كما انه خاف عليهم الافتتان والقتال على الدنيا فوقع وهو اى الشرك الاصغر هو الذي تسمونه الان الشرك الاكبر وتكفرون المسلمين به بل تكفرون من لم يكفرهم فاتفقت الاحاديث وبان الحق ووضح والحمد لله (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ماروى مسلم في صحيحه عن جابر ابن عبدالله عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الشيطان قد ايس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم وروى الحاكم وصححه وابو يعلى والبيهقي عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قد يئس ان تعبد الاصنام بارض العرب ولكن رضى منهم بمادون ذلك بالمحقرات وهي الموبقات وروى الامام احمد والحاكم وصححه وابن ماجه عن شداد بن اوس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اتخوف على امتي الشرك قلت يارسول الله اتشرك امتك بعدك قال نعم اما انهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا وثنا ولكن يراؤن باعمالهم (انتهى) اقول وجه الدلالة منه كما تقدم ان الله سبحانه اعلم نبيه من غيبه بما شاء وبما هو كائن الى يوم القيمة واخبر صلى الله عليه وسلم ان الشيطان قدائس ان يعبده المصلون في جزيرة العرب وفي حديث ابن مسعود دائس الشيطان ان تعبد الاصنام بارض العرب وفي حديث شداد انهم لا يعبدون وثنا وهذا بخلاف مذهبكم فان البصرة وما حولها والعراق من دون دجلة الموضع الذي فيه قبر
( 46 )
علي وقبر الحسين رضي الله تعالى عنهما وكذلك اليمن كلها والحجاز كل ذلك من ارض العرب ومذهبكم ان هذه المواضع كلها عبد الشيطان فيها وعبدت الاصنام وكلهم كفار ومن لم يكفرهم فهو عندكم كافر وهذه الاحاديث ترد مذهبكم وهذا الايقال انه قد وجد بعض الشرك بارض العرب زمن الردة فان ذلك زال في آن يسير فهو كالامر الذي عرض لا يعتدبه كما ان رجلا او اكثر من اهل الكفر دخل ارض العرب وعبد غير الله في موضع خال او خفية فاما هذه الامور التي تجعلونها شركا اكبر وعبادة الاصنام فهي ملأت بلاد العرب من قرون متداولة فتبين بهذه الاحاديث فساد قولكم ان هذه الامور هي عبادة الاوثان الكبرى وتبين ايضا بطلان قواكم ان الفرقة الناجية قد تكون في بعض اطراف الارض ولا يأتي لها خبر فلو كانت هذه عبادة الاصنام والشرك الاكبر لقاتل اهله الفرقة الناجية المنصورين الظاهرون الى قيام الساعة وهذا الذي ذكرناه واضح جلي والحمدلله رب العالمين ومن العجب انكم تزعمون ان هذه الامور اي القبور وما يعمل عندها والنذور هي عبارة الاصنام الكبرى وتقولون ان هذا امر واضح جلي يعرف بالضرورة حتى اليهود والنصارى يعرفونه (فاقول) جوابالكم عن هذا الزعم الفاسد سبحانك هذا بهتان عظيم قد تقدم مرارا عديدة ان الامة باجمعها على طبقاتها من قرب ثمنماية سنة ملأت هذه القبور بلادها ولم يقولوا هذه عبادة الاصنام الكبرى ولم يقولوا ان من فعل شيئا من هذه الامور فقد جعل مع الله الها اخر ولم يجروا على اهلها حكم عباد الاصنام ولاحكم المرتدين اي ردة كانت (فلو انكم قلتم) ان اليهود لانهم قوم بهت وكذلك النصارى ومن ضاهاهم في بهت هذه الامة من متبدعة الامة يقولون ان هذه عبادة الاصنام الكبرى لقلنا صدقتم فما ذلك من بهتهم وحسدهم وغلوهم ورميهم الامة بالعظايم بكثير ولكن الله سبحانه وتعالى مخزيهم ومظهر دينه على جميع الاديان بوعده هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ولكن اقول صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دعى للمدينة وما حولها ولليمن وقال له من حضره ونجد فقال هناك الزلازل والفتن اما والله لفتنة الشهوات فتنة والظلمة التي يعرف كل خاص وعام من اهلها انها من الظلم والتعدي
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 47 )
وانها خلاف دين الاسلام وانه يجب التوبة منها انها اخف بكثير من فتنة الشبهات التي تضل عن دين الاسلام ويكون صاحبها من الاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وفي الحديث الصحيح هلك المتنطعون قالها ثلاثا فانالله وانا اليه راجعون انقذنا الله واياكم من الهلكة انه رحيم (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما اخرجه الامام احمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة من حديث عمرو بن الاحوص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع الا ان الشيطان قدايس ان يعبد في بلدكم هذا ابدا ولكن ستكون له طاعة في بعض ماتحقرون من اعمالكم فيرض بها وفي صحيح الحاكم عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع فقال الشيطان قدايس ان يعبد في ارضكم ولكن يرضى ان يطاع فيما سوى ذلك فيما تحقرون من اعمالكم فاحذروا ايها الناس اني تركت فيكم ما ان اعتصمتم به لم تظلوا ابدا كتاب الله وسنة نبيه (انتهى) وجه الدلالة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبر في هذه الحديث الصحيح ان الشيطان يئس ان يعبد في بلد مكة وكذلك بقوله ابدا لئلا يتوهم متوهم انه حد ثم يزول وهذا خبر منه صلى الله عليه وسلم وهو لا يخبر بخلاف مايقع وايضا بشرى منه صلى الله عليه وسلم لا مته وهو لا يبشرهم الا بالصدق ولكنه حذرهم ماسوى عبادة الاصنام لا ما يحتقرون وهذا بين واضح من الحديث وهذه الامور التي تجعلونها الشرك الاكبر وتسمون اهلها عباد الاصنام اكثر ماتكون بمكة المشرفة واهل مكة المشرفة امراءوها وعلماءوها وعامتها على هذا من مدة طويلة اكثر من ستماية عام ومع هذا هم الأن اعداؤكم يسبونكم ويلعنونكم لاجل مذهبكم هذا واحكامهم وحكامهم جارية وعلماؤها وامرؤها على اجراء احكام الاسلام على اهل هذه الامور التي تجعلونها الشرك الاكبر فان كان مازعمتم حقاً فهم كفار كفراً ظاهراً وهذه الاحاديث ترد زعمكم وتبين بطلان مذهبكم هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم في الاحاديث التي في الصحيحين وغيرها بعد فتح مكة وهو بها لاهجرة بعد اليوم وقد بين اهل العلم ان المراد لا هجرة من مكة وبينوا ايضا ان هذا الكلام منه صلى الله عليه وسلم يدل على ان مكة لا تزال دار ايمان بخلاف مذهبكم فانكم توجبون الهجرة منها الى بلاد الايمان بزعمكم التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاد الفتن وهذا
( 48 )
واضح جلي صريح لمن وفقه الله وترك التعصب والتمادي على الباطل والله المستعان عليه التكلان (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما روى مسلم في صحيحه عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال المدينة خيرلهم لو كانوا يعلمون لا يسعها احد رغبة عنها الا ابدله الله فيها من هو خير منه ولا يثبت احد الى لاوائها وجهدها الاكنت له شفيعاً او شهيداً يوم القيمة وروى ايضا مسلم في صحيحه عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لايصبر على لاوى المدينة وشهدتها احد من امتي الا كنت له شفيعاً يوم القيمة في الصحيحين من حديث جابر مرفوعاً انما المدينة كالكير تنفى خبثها وتضع طيبها وفي الصحيحين ايضا عن النبي صلى الله عليه وسلم على انقلاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال وفي الصحيحين ايضاً من حديث انس عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس من بلد الاسيطأوه الدجال الامكة والمدنية ليس نقب من انقابها الا عليه ملائكة حافين الحديث وفي الصحيحين من حديث ابي سعيد مرفوعاً لا يكيد المدينة احد الاانماع كما ينماع الملح في الماء وفي الترمذي من حديث ابي هريرة برفعه آخر قرية من قرى الاسلام خربا المدينة وجه الدلالة من هذه الاحاديث من وجوه كثيرة نذكر بعضها احدها ان النبي صلى الله عليه وسلم حث على سكنى المدينة واخبرانها خير من غيرها وان احد الايدعها رغبة عنها الا ابدلها الله بخير منه واخبر انه صلى الله عليه وسلم شفيع لمن سكنها وشهيد له يوم القيمة وذكر ان ذلك لامته ليس لقرن دون قرن وان احد الايدعها الا لعدم علمه وانها كالكير تنفي خبثها وانها محروسة بالملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال آخر الدهر وان احد الايكيدها الا انماع كالملح في الماء وقال من استطاع ان يموت فيها فليمت واخبرانها آخر قرية من قرى الاسلام خراباً وكل لفظ من هذه الالفاظ تدل على خلاف قولكم ان هذه الامور التي تكفرون بها وتسمونها اصناماً ومن فعل شيئاً منها فهو مشرك الشرك الاكبر عابد وثن ومن لم يكفره فهو عندكم كافر معلوم عند كل من عرف المدينة واهلها ان هذه الامور فيها كثير واكثر منه في الزبير وفي جميع قرى الاسلام وذلك فيها من قرون متطاولة تزيد على اكثر من ستمأية سنة وان جميع اهلها روئسائها وعلماؤها وامراؤها يحرون على اهلها احكام الاسلام وانهم اعداؤكم يسبونكم ويسبون مذهبكم الذي هو التكفير
( 49 )
وتسميته اصناماً آلهة مع الله فعلى مذهبكم انهم كفار فهذه الاحاديث ترد مذهبكم وعلى مذهبكم ان يجب على المسلم الخروج منها وهذه الاحاديث ترد الاحاديث ترد زعمكم وعلى مذهبكم ان اهلها لا يشفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لان من جعل مع الله الها آخر فبالاجماع هو شفيع يطاع وهذه الاحاديث ترد زعمكم ومما يزيد الامر وضوحاً ان مما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم ان الدجال الذي ياتي آخر الزمان لا يدخلها والدجال لا فتنة اكبر من فتنته وغاية مايطلب من الناس عبادة غير الله فاذا كانت هذه الامور التي تسمون من فعلها جاعلا مع الله الها اخر عابد صنم مشركاً بالله الشرك الاكبر ملأت المدينة من ستماية او سبعماية سنة او اكثر او اقل حتى ان جميع اهلها يعادون وينكرون على ما انكره فائدة عدم دخول الدجال وهو مايطلب من الناس الا الشرك وما فائدة بشرى النبي صلى الله عليه وسلم بعد دخوله على المشركين فانالله وانا اليه راجعون لو تعرفون لازم مذهبكم بل صريح قولكم لا ستحييتم من الناس ان لم تسحيوا من الله ومن تامل هذه الاحاديث وجد فيها اكثر مما ذكرنا يدل على بطلان قولكم هذا ولكن لا حياة لمن تنادي اسئل الله لي ولكم العافية والسلامة من الفتن (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى فقلت يا رسول الله ان كنت لاظن حين انزل الله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ان ذلك تام قال انه سيكون من ذلك ماشآء الله ثم يبعث الله ريحاً طيبة فتوفي كل من في قلبه مثقال من خردل من ايمان فيبقى من لاخير فيه فيرجعون الى دين ابائهم وعن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال طائفة من امتي يقاتلون على الحق حتى يقاتل آخرهم المسيح وعن جابر ابن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة المسلمين حتى تقئم الساعة رواه مسلم وعن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال عصابة من امتي يقاتلون على امر الله لعدوهم لايضرهم من خالفهم حتى تاتيهم الساعة وهم على
( 50 )
ذلك فقال عبدالله بن عمر اجل ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك مسها مس الحرير لاتترك انسانا في قلبه مثقال حبة من ايمان الاقبضته ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة رواه مسلم ايضا عن عبدالله بن عمر وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال في امتي فيمكث اربعين وذكر الحديث وفيه ان عيسى يقتل الدجال وذكر الريح وقبض ارواح المؤمنين ويبقى شرار الناس الى ان قال ويتمثل لهم الشيطان فيقول الاتستجيبون فيقولون ماذا تأمرنا فيأمرهم بعبادة الاوثان وذكر الحديث اقول في خذذه الاحاديث الصحيحة ابين دلالة على بطلان مذهبكم وهى ان جميع هذا الاحاديث مصرحة بان الاصنام لاتعبد في هذه الامة الابعد انخرام انفس جميع المؤمنين آخر الدهر وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عبادة الاوثان وانها كائنة فعرضت عليه الصديقة مفهومها من الاية الكريمة ان دين محمد صلى الله عليه وسلم لا يزال ظاهرا على الدين كله وذلك ان عبادة الاصنام لاتكون مع ظهور الدين فيبين لها صلى الله عليه وسلم مراده في ذلك واخبرها ان مضهومها من الاية حق وان عبادة الاصنام لاتكون اللابعد اخرام انفس جمع المؤمنين واما قبل ذلك فلا وهذا بخلاف مذهبكم فان اللات واللعزى عبدت على قولكم في جميع بلاد المسلمين من قرون متطاولة ولم يبق الابلادكم من ان ظهر قولكم هذا من قريب ثمان سنين فزعمتم ان من وافقكم على جميع قولكم فهو المسلم ومن خالفكم فهو كافر وهذا الحديث الصحيح وهو يبين بطلان ماذهبتم اليه لمن له اذن واعية وايضا في حديث عمران ان الطائفة المنصورة لا تزال تقاتل على الحق حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال وكذلك حديث عقبة ان العصابة يقاتلون على الحق وانهم لا يزالون قاهرين لعدوهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك ومعلوم ان الدجال غاية مايدعوهم اليه عبادة غير الله تعالى فاذا كان ان عبادة غير الله تعالى ظاهرة في جميع بلاد المسلمين فما فايدة فتنة الدجال التي حذر عنها جميع الانبياء اممهم وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم حذر من فتنته واين العصابة الذين يقاتلون على الحق الذين آخرهم يقاتل الدجال عن قتال هؤلاء المشركين على زعمهكم الذين يجعلون مع الله الهة اخرى اتقولون خفيون ففي هذه الاحاديث انهم ظاهرين اتقولون مستضعفون ففي
( 51 )
هذه الاحاديث انهم قاهرين لعدوهم اتقولون يأتون زمن الدجال ففي هذه الاحاديث انهم مازالو ولايزالون اتقولون انهم انتم فانتم مدتكم قريبة من ثمان سنين اخبرونا من قال هذا القول قبلكم حتى نصدقكم والافلستم هم (ففي) هذا والله اعظم الرد عليكم والبيان لفساد قولكم فصلوات الله وسلامه على من اتى بالشريعة الكاملة التي فيها بيان ضلال كل ضال وكذلك في حديث عبد الله بن عمر وان الشيطان بعد انخرام انفس المؤمنين يتمثل للناس يدعوهم الى الاستجابة فيقولون له فماذا تامرنا فيأمرهم بعبادة الاوثان فاذا كان ان بلاد المسلمين حجازاً ويمنا وشاما وشرقا وغربا امتلأت من الاصنام وعبادتها على زعمكم فافائدة الاخبار بهذه الاحاديث ان الاوثان لاتعبد الابعد ان يتوفى الله سبحانه وتعالى كل من في قلبه حبة خردل من ايمان ومافائدة قتال الدجال آخر الزمان وفي هذه الازمان المتطاولة من قريب ستماية سنة او سبعماية سنة مايقاتلون اهل الاوثان والاصنام على زعمكم والله كما قال تبارك وتعالى فانها لاتعمي الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وفي هذه الوجوه التي ذكرنا من السنة كفاية لمن قصده اتباع الحق وسلوك الصراط المستقيم واما من اعماه الهوى ورؤية النفس فهو كما قال جل وعلى ولو اننا نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا ان يشاء الله ونحن نعرض على من خالف الشرع ونسأله بالله الذي لااله الاهو ان يعطونا من انفسهم شرع الله الذي انزل على رسوله وبيننا وبينهم من ارادوا من علمآء الامة ولهم علينا عهد الله وميثاقه ان كان الحق معهم لنتبعنهم ولكن من اعجب العجاب استدلال بعضكم بقصة قدامة بن مظعون ومن معه حيث استحلوا الخمر متأولين قوله ليس على الذين آمنو وعملوا الصالحات جناح في ما طعموا الاية وان عمر مع جميع الصحابة اجمعوا انهم ان رجعو واقروا بالتحريم والاقتلوا (فاقول) تحريم الخمر معلوم بالضرورة من دين الاسلام من الكتاب والسنة وجميع علمآء الامة ومع هذا اجمع المهاجرون والانصار وكل مسلم في زمنهم على تحريمه والامام ذلك الوقت لجميع الامة امام واحد والدين في نهاية الظهور (وكل هذا) والذين استحلوا الخمر لم يكفرهم عمر ولااحد من الصحابة الاان عاندوا بعد ان يدعوهم الامام ويبين لهم بيانا واضحاً لالبس فيه فان عاندوا بعد اقامة الحجة من الكتاب
( 52 )
والسنة واجماع الامة الاجماع القطعي والامام العدل الذي اجمعت امامته جميع الامة فان عاندوا بعد ذلك اقيم عليهم حد القتل ومع هذا كله تجعلون من خالفكم في مفاهيمكم الفاسدة التي لايجوز لمن يسؤمن بالله واليوم الاخر ان يتبعكم عليها ويقمدكم فيها كافراً وتحتجون بهذه القصة بل والله لو احتج بها محتج عليكم وجعل سبيلكم سبيل الذين استحلوا الخمر لكان اقرب الى الصواب من احتجاجكم بها على من خالفكم جعلتم انفسكم كعمر في جميع المهاجرين والانصار فانالله ونااليه راجعون مااطمها من بلية ومن العجايب ايضاً احتجاجكم بعبارة الشيخ التي في الاقناع ان من قال ان عليا اله وان جبريل غلط فهذا كافر ومن لم يكفره فهو كافر فيا عجب العجب وهل يشك مسلم ان من قال ان الروح الامين صرف النبوة عن علي الى محمد صلى الله عليه وسلم ان هذا مسلم ولكن انتم تنقلون ان من قال علي اله الى من سميتم انتم انه اله ومن فعل كذا وكذا فهو جاعله اله فتلبسون على الجهال فلم لم يقل اهل العلم ان من يسئال مخلوقاً شيئاً فقد جعله الها او من نذرله او من فعل كذا وكذا ولكن هذه تسميتكم التي اخترعتموها من سائر اهل العلم وحملتم كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وكلام اهل العلم رحمهم الله على مفاهيمكم الفاسدة فانا لله وانا اليه راجعون (فصل) ولنذكر شيئا مما ذكره بعض اهل العلم في ضفة مذهب المشركين الذين كذبوا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم قال ابن القيم كان الناس على الهدى ودين الحق فكان اول من كادهم الشيطان بعبادة الاصنام وانكار البعث وكان اول من كادهم من جهة العكوف على القبور وتصوير اهلها كما قصة الله عنهم في كتابه يقوله لا تذرن الهتكم ولاتذرن وداولا سواعا ولايغوث ويعوق ونسراً (قال) ابن عباس هذه اسمآء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا اوحى الشيطان الى قومهم ان انصبوا الى مجالسهم التي كانوا عليها يجلسون انصابا وسموها باسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى هلك اولئك ونسخ العلم عبدت (انتهى) فارسل الله لهم نوحاً بعبادة الله وحده فكذبوه فاهلكهم الله بالطوفان ثم ان عمرو بن عامر اول من غير دين ابراهيم عليه السلام واستخرج اصنام قوم نوح من شاطىء البحر ودعى العرب الى عبادتها ففعلوا ثم ان العرب بعد ذلك بمدة عبدوا ماستحسنوا ونسوا ما كانوا عليه واستبدلوا بدين ابراهيم
( 53 )
عبادة الاوثان وبقي فيهم من دين ابراهيم تعظيم البيت والحج وكانت نزار تقول في تلبيتها لبيك لا شريك لك الاشريكا هو لك تملكه ومالك الى ان قال وكان لاهل كل وادصنم يعبدونه ثم بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد قالت قريش اجعل الالهة الهاً واحدا ان هذا لشيء عجاب وكان الرجل اذا سافر فنزل منزلا اخذ اربعة احجار فنظر احسنها فاتخذه ربا وجعل الثلاثة اثافي لقدره فاذا ارتحل تركه فاذا نزلمنزلا آخر فعل مثل ذلك وروى حنبل عن رجا العطاردي قال كنا نعبد الحجر في الجاهلية فاذا وجدنا حجرا هو احسن منه نلقي ذلك وناخذه فاذا لم نجد حجرا جمعنا حفنة من تراب ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنابه وعن ابي عثمان النهدي قال كنا في الجاهلية نعبد حجرا فسمعنا مناديا ينادي يااهل الرحال ان ربكم ان هلك فالتمسوا ربا فخرجنا على كل صعب وذلول فبينما نحن كذلك نطلب اذا نحن بمنادي ينادي انا قد وجدنا ربكم او شبهه فاذا حجر فنحرنا عليه الجزر ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وجد حول البيت ثلاثة ماية وستين صنما فجعل يطعن بقوسه في وجوهها وعيونها ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهي تتساقط على وجوهها ثم امربها فاخرجت من المسجد وحرقت قال تلاعب الشيطان بالمشركين له اسباب عديدة فطائفة دعاهم الى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الصنام على صورهم كماتقدم عن قوم نوح وبعضهم اتخذوها بزعمهم على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم وجعلوا لها بيوتا وسدنة وحجابا وحجا وقربانا ومن عبادة الاصنام عبادة الشمس زعموا انها ملك من الملائكة لها نفس وعقل وهي اصل نور القمر والكواكب وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها وهي عندهم ملك الفلك فتستحق التعظيم والسجود ومن شريعتهم في عبادتها انهم اتخذوا لها صنما وله بيت خاص يأتون ذلك البيت ويصلون فيه ثلاث مرات في اليوم ويأتيه اصحاب العاهات فيصلون له ويصومون له ويدعونه وهم اذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها واذا غربت واذا توسطت الفلك (وطائفة اخرى) اتخذوا القمر صنما وزعموا انه يستحق التعظيم والعبادة واليه تدبير هذا العالم السفلي ويعبدونه ويصلون له ويسجدون ويصومون له اياما معلومة منكل شهر ثم يأتون اليه بالطعام والشراب والفرح ومنهم من يعبد اصناما اتخذوها على صور الكواكب وبنوالها هياكل ومتعبدات لكل كوكب
( 54 )
منها هكيل يخصه وضنم يخصه وعبادةتخصه وكل هؤلاء مرجعهم الى عبادة الاصنام لانهم لا يستمرلهم طريقة الى شخض خاص على كل شكل ينظرون اليه ويعكفون عليه الى ان قال (ومنهم) من يبعد النار حتى اتخذوها الها معبودة وبنوالها بيوتا كثيرة وجعلوا لها الحجاب والخزنة حتى لا يدعوها تخمد لحظة ومن عبادتهم انهم يطفون بها ومنهم من يلقي نفسه فيها تقربا اليها ومنهم من يلقي ولده فيها متقربا اليها ومنهمعباد زهاد عاكفين صائمين لها ولهم في عبادتها او ضاع لا يخلون بها ومن الناس طائفة تعبد المآء وتزعم انه اصل كل شئ ولهم في عبادته امور ذكرها منها تسبيحه وتحميده والسجود له ومن الناس طايفة عبدت الحيوان منهم من عبد البقر ومنهم من عبد الخيل ومنهم من عبد البشر ومنهم من عبد الشجر ومنهم من عبد الشيطان قا لتعالى الم اعهد اليكم يا بني آدم ان لا تبعدوا الشيطان الايتين قال ومنهم من يقران للعالم صانعاً فاضلا حكيما مقدسا عن العيوب والنقائص قالوا ولا سبيل لنا الى الوصول اليه الابا لوسائط فالواحب علينا ان نتقرب اليه بتوسطات الروحانيات الغريبة منه فنحن نتقرب اليهم ونتقرب بهم اليه فهم اربابنا والهتنا وشفعاؤنا عند رب الارباب واله الالهة فانعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى فحينئذ نسئال حاجاتنا منهم ونعرض احوالنا عليهم ونصبوا في جميع امورنا فيشفعون الى الهنا والهم وذلك لا يحصل الا بستمداد من جهة الروحانيات وذلك بالتضرع والبتهال من الصلوات لهم والزكاة وذبح القرابين والنجورات وهؤلاء كفروا بالاصلين الذين جاءت بها جميع الرسل احدهما عبادة الله وحده لا شريك له والثاني الايمان برسله وما جاؤ ابه من عند الله تصديقاً واقراراً وانقياداً وهذا مذهب المشركين من سائر الامم قال والقران والكتب الالهية مصرحة ببطلان هذا الدين وكفر اهله قا لفان الله سبحانه ينهى ان يجعل غيره مثلاله وندله وشبها فان اهل الشرك شبهوا من يعظمونه ويعبدونه الخالق واعطوه خصائص الالهية وصرحوا انه اله وانكر واجعل الالهية الها واحدا وقالوا اصبروا على آلهتكم وصرحوا بانه اله معبود يرجى ويخاف ويعظم ويسجد له وتقب له القرابين الى غير ذلك من خصائص العبادة التي لا تنبغي الا لله تعالى قال الله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وقا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا (الاية) فهولاء جعلوا
( 55 )
المخلقين مثلا للخالق والند الشبه يقال فلان ند فلان وندنده اى مثله وشبهه (قال) ابن زيد الالهة التي جعلوها معه وقا الزجاج اي لا تجعلوا لله امثالا ونظراء ومنه قوله عزوجل الحمدالله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذي كفروا بربهم يعدلون اي يعدلون به غيره فيجعلون له من خلقه عدلا وشبها (قال) ابن عباس رضي الله عنما يريد يعدولا بي م هلقي الاصنام والحجارة بعد ان اقروا بنعمتي وربوبيتي (قال الزجاج) اعلم انه خالق ما ذكره في هذه الاية وان خالقها لا شيئ مثله واعالم ان الكفار يجعلون له عدلا والعدل التسوية يقال عدل الشيئ بالشيئ اذا ساواه قال تعالى هل تعلم له سميا (قال) ابن عباس رضي الله تعالى عنهما شبها ومثلا هو مومن يساميه وذلك نفي للمخلوق ان يكون مشباها للخالق ومماثلا له بحيث يستحق العبادة والتعظيم ومن هذا قوله ولم يكن له كفوا احد وقوله ليس كمثله شيئ الاية انما قصدبه نفي ان كيون له شريك او معبود يستحق العبادة والتعظيم هذا الشبيه هو الذي ابطل نفيا ونهيا هو اصل شرك العالم وعبادة الاصنام ولهذ انهى النبي صلى الله عليه وسلم ان يسجد لمخلوق مثله او يحلف او يقول ما شاء الله وشيئت ونحو ذلك حذرا من هذا التشبيه الذ اصل شرك العالم (انتهى) كلام بن القيم ملخصا وانما نقلنا هذا لتعلموا صفة شرك المشركين ولتعلموا ان هذه الامور التي تكفرون بها من فروع هذا الشرك ولهذا قال منقال من العلمآء انها شرك وسماها شكاً عدها في الشرك لااصغر ومنهم من لم يسمها شركاً وذكرها في المحرمات ومنهم من عد بعضها في المكروهات كما هو مذكور في مواضعه من كتب اهل العلم من طلبه وجده والله سبحانه يجنبنا وحميع المسلمين حميع ما يفضيه آمين والحمدالله رب العالمين (فصل) ولنختم هذه الرسالة بشئ مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم صفة المسلم الحديث الاول حيث عمر ان جبريل عليه السلام سائل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاسلام قال ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله وتقيم الصلوة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا قا صدقت قا لفاخبرني عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر
( 56 )
خيره وشره قال صدقت قال فاخبرني عن الاسحان قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك قال صدقت (الى آخر الحديث) وفيه هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم رواه مسلم وراوه البخاري بمعناه (الحديث الثاني) عن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله لا الله وان محمداً رسول الله وقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رضمان رواه البخاري ومسلم (الحديث الثالث) في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنما قال قدم وفد عبدالقيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يارسول الله انا لانستطيع ان نأتيكم الا في شره حرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر فامرنا بامر فصل نخبربه من ورائنا وندخل به الجنة فامرهم بالايمان بالله وحده قال اتدورن ما الايمان بالله وحده قالوا الله ورسوله اعلم قال شهادة ان لا اله الا الله وان محمداَ رسول الله واقام الصلوة وايتاء الزكاة وصيام رمضان وان تعطوا من المغنم الخمس وقال احفضوهن واخبروا بهن من روائكم (الحديث الرابع) عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً الى اليمن قال انك تأتي اقواماً اهل كتاب فليكن اول ماتدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله وان محمداً عبده ورسوله فان هم اطاعوك لذلك فاعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فان هم اطاعوك لذلك فاعلمهم ان الله افرتض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد الى فقرائهم رواه البخاري (الحديث الخامس) عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ويقيموا لاصلوة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله رواه البخاري ومسلم (الحديث السادس) عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يقولا لا اله الا الله فاذا قالوها عصموا مني دماءهم واموالهم لا بحقها وحسابهم على الله رواه البخاري وسلم ورااه احمد وابن ماجة وابن خزيمة بزيادة وان محمداً رسول الله ويقيمون الصلوة ويؤتوا الزكاة ثم قد حرم على الموالهم ودمائهم (الحديث السابع)
وانها خلاف دين الاسلام وانه يجب التوبة منها انها اخف بكثير من فتنة الشبهات التي تضل عن دين الاسلام ويكون صاحبها من الاخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وفي الحديث الصحيح هلك المتنطعون قالها ثلاثا فانالله وانا اليه راجعون انقذنا الله واياكم من الهلكة انه رحيم (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما اخرجه الامام احمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة من حديث عمرو بن الاحوص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع الا ان الشيطان قدايس ان يعبد في بلدكم هذا ابدا ولكن ستكون له طاعة في بعض ماتحقرون من اعمالكم فيرض بها وفي صحيح الحاكم عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع فقال الشيطان قدايس ان يعبد في ارضكم ولكن يرضى ان يطاع فيما سوى ذلك فيما تحقرون من اعمالكم فاحذروا ايها الناس اني تركت فيكم ما ان اعتصمتم به لم تظلوا ابدا كتاب الله وسنة نبيه (انتهى) وجه الدلالة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبر في هذه الحديث الصحيح ان الشيطان يئس ان يعبد في بلد مكة وكذلك بقوله ابدا لئلا يتوهم متوهم انه حد ثم يزول وهذا خبر منه صلى الله عليه وسلم وهو لا يخبر بخلاف مايقع وايضا بشرى منه صلى الله عليه وسلم لا مته وهو لا يبشرهم الا بالصدق ولكنه حذرهم ماسوى عبادة الاصنام لا ما يحتقرون وهذا بين واضح من الحديث وهذه الامور التي تجعلونها الشرك الاكبر وتسمون اهلها عباد الاصنام اكثر ماتكون بمكة المشرفة واهل مكة المشرفة امراءوها وعلماءوها وعامتها على هذا من مدة طويلة اكثر من ستماية عام ومع هذا هم الأن اعداؤكم يسبونكم ويلعنونكم لاجل مذهبكم هذا واحكامهم وحكامهم جارية وعلماؤها وامرؤها على اجراء احكام الاسلام على اهل هذه الامور التي تجعلونها الشرك الاكبر فان كان مازعمتم حقاً فهم كفار كفراً ظاهراً وهذه الاحاديث ترد زعمكم وتبين بطلان مذهبكم هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم في الاحاديث التي في الصحيحين وغيرها بعد فتح مكة وهو بها لاهجرة بعد اليوم وقد بين اهل العلم ان المراد لا هجرة من مكة وبينوا ايضا ان هذا الكلام منه صلى الله عليه وسلم يدل على ان مكة لا تزال دار ايمان بخلاف مذهبكم فانكم توجبون الهجرة منها الى بلاد الايمان بزعمكم التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلاد الفتن وهذا
( 48 )
واضح جلي صريح لمن وفقه الله وترك التعصب والتمادي على الباطل والله المستعان عليه التكلان (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما روى مسلم في صحيحه عن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال المدينة خيرلهم لو كانوا يعلمون لا يسعها احد رغبة عنها الا ابدله الله فيها من هو خير منه ولا يثبت احد الى لاوائها وجهدها الاكنت له شفيعاً او شهيداً يوم القيمة وروى ايضا مسلم في صحيحه عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لايصبر على لاوى المدينة وشهدتها احد من امتي الا كنت له شفيعاً يوم القيمة في الصحيحين من حديث جابر مرفوعاً انما المدينة كالكير تنفى خبثها وتضع طيبها وفي الصحيحين ايضا عن النبي صلى الله عليه وسلم على انقلاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال وفي الصحيحين ايضاً من حديث انس عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس من بلد الاسيطأوه الدجال الامكة والمدنية ليس نقب من انقابها الا عليه ملائكة حافين الحديث وفي الصحيحين من حديث ابي سعيد مرفوعاً لا يكيد المدينة احد الاانماع كما ينماع الملح في الماء وفي الترمذي من حديث ابي هريرة برفعه آخر قرية من قرى الاسلام خربا المدينة وجه الدلالة من هذه الاحاديث من وجوه كثيرة نذكر بعضها احدها ان النبي صلى الله عليه وسلم حث على سكنى المدينة واخبرانها خير من غيرها وان احد الايدعها رغبة عنها الا ابدلها الله بخير منه واخبر انه صلى الله عليه وسلم شفيع لمن سكنها وشهيد له يوم القيمة وذكر ان ذلك لامته ليس لقرن دون قرن وان احد الايدعها الا لعدم علمه وانها كالكير تنفي خبثها وانها محروسة بالملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال آخر الدهر وان احد الايكيدها الا انماع كالملح في الماء وقال من استطاع ان يموت فيها فليمت واخبرانها آخر قرية من قرى الاسلام خراباً وكل لفظ من هذه الالفاظ تدل على خلاف قولكم ان هذه الامور التي تكفرون بها وتسمونها اصناماً ومن فعل شيئاً منها فهو مشرك الشرك الاكبر عابد وثن ومن لم يكفره فهو عندكم كافر معلوم عند كل من عرف المدينة واهلها ان هذه الامور فيها كثير واكثر منه في الزبير وفي جميع قرى الاسلام وذلك فيها من قرون متطاولة تزيد على اكثر من ستمأية سنة وان جميع اهلها روئسائها وعلماؤها وامراؤها يحرون على اهلها احكام الاسلام وانهم اعداؤكم يسبونكم ويسبون مذهبكم الذي هو التكفير
( 49 )
وتسميته اصناماً آلهة مع الله فعلى مذهبكم انهم كفار فهذه الاحاديث ترد مذهبكم وعلى مذهبكم ان يجب على المسلم الخروج منها وهذه الاحاديث ترد الاحاديث ترد زعمكم وعلى مذهبكم ان اهلها لا يشفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لان من جعل مع الله الها آخر فبالاجماع هو شفيع يطاع وهذه الاحاديث ترد زعمكم ومما يزيد الامر وضوحاً ان مما بشر به النبي صلى الله عليه وسلم ان الدجال الذي ياتي آخر الزمان لا يدخلها والدجال لا فتنة اكبر من فتنته وغاية مايطلب من الناس عبادة غير الله فاذا كانت هذه الامور التي تسمون من فعلها جاعلا مع الله الها اخر عابد صنم مشركاً بالله الشرك الاكبر ملأت المدينة من ستماية او سبعماية سنة او اكثر او اقل حتى ان جميع اهلها يعادون وينكرون على ما انكره فائدة عدم دخول الدجال وهو مايطلب من الناس الا الشرك وما فائدة بشرى النبي صلى الله عليه وسلم بعد دخوله على المشركين فانالله وانا اليه راجعون لو تعرفون لازم مذهبكم بل صريح قولكم لا ستحييتم من الناس ان لم تسحيوا من الله ومن تامل هذه الاحاديث وجد فيها اكثر مما ذكرنا يدل على بطلان قولكم هذا ولكن لا حياة لمن تنادي اسئل الله لي ولكم العافية والسلامة من الفتن (فصل) ومما يدل على بطلان مذهبكم ما روى مسلم في صحيحه عن عائشة رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى فقلت يا رسول الله ان كنت لاظن حين انزل الله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدي ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ان ذلك تام قال انه سيكون من ذلك ماشآء الله ثم يبعث الله ريحاً طيبة فتوفي كل من في قلبه مثقال من خردل من ايمان فيبقى من لاخير فيه فيرجعون الى دين ابائهم وعن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال طائفة من امتي يقاتلون على الحق حتى يقاتل آخرهم المسيح وعن جابر ابن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لن يبرح هذا الدين قائما يقاتل عليه عصابة المسلمين حتى تقئم الساعة رواه مسلم وعن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال عصابة من امتي يقاتلون على امر الله لعدوهم لايضرهم من خالفهم حتى تاتيهم الساعة وهم على
( 50 )
ذلك فقال عبدالله بن عمر اجل ثم يبعث الله ريحاً كريح المسك مسها مس الحرير لاتترك انسانا في قلبه مثقال حبة من ايمان الاقبضته ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة رواه مسلم ايضا عن عبدالله بن عمر وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال في امتي فيمكث اربعين وذكر الحديث وفيه ان عيسى يقتل الدجال وذكر الريح وقبض ارواح المؤمنين ويبقى شرار الناس الى ان قال ويتمثل لهم الشيطان فيقول الاتستجيبون فيقولون ماذا تأمرنا فيأمرهم بعبادة الاوثان وذكر الحديث اقول في خذذه الاحاديث الصحيحة ابين دلالة على بطلان مذهبكم وهى ان جميع هذا الاحاديث مصرحة بان الاصنام لاتعبد في هذه الامة الابعد انخرام انفس جميع المؤمنين آخر الدهر وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عبادة الاوثان وانها كائنة فعرضت عليه الصديقة مفهومها من الاية الكريمة ان دين محمد صلى الله عليه وسلم لا يزال ظاهرا على الدين كله وذلك ان عبادة الاصنام لاتكون مع ظهور الدين فيبين لها صلى الله عليه وسلم مراده في ذلك واخبرها ان مضهومها من الاية حق وان عبادة الاصنام لاتكون اللابعد اخرام انفس جمع المؤمنين واما قبل ذلك فلا وهذا بخلاف مذهبكم فان اللات واللعزى عبدت على قولكم في جميع بلاد المسلمين من قرون متطاولة ولم يبق الابلادكم من ان ظهر قولكم هذا من قريب ثمان سنين فزعمتم ان من وافقكم على جميع قولكم فهو المسلم ومن خالفكم فهو كافر وهذا الحديث الصحيح وهو يبين بطلان ماذهبتم اليه لمن له اذن واعية وايضا في حديث عمران ان الطائفة المنصورة لا تزال تقاتل على الحق حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال وكذلك حديث عقبة ان العصابة يقاتلون على الحق وانهم لا يزالون قاهرين لعدوهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك ومعلوم ان الدجال غاية مايدعوهم اليه عبادة غير الله تعالى فاذا كان ان عبادة غير الله تعالى ظاهرة في جميع بلاد المسلمين فما فايدة فتنة الدجال التي حذر عنها جميع الانبياء اممهم وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم حذر من فتنته واين العصابة الذين يقاتلون على الحق الذين آخرهم يقاتل الدجال عن قتال هؤلاء المشركين على زعمهكم الذين يجعلون مع الله الهة اخرى اتقولون خفيون ففي هذه الاحاديث انهم ظاهرين اتقولون مستضعفون ففي
( 51 )
هذه الاحاديث انهم قاهرين لعدوهم اتقولون يأتون زمن الدجال ففي هذه الاحاديث انهم مازالو ولايزالون اتقولون انهم انتم فانتم مدتكم قريبة من ثمان سنين اخبرونا من قال هذا القول قبلكم حتى نصدقكم والافلستم هم (ففي) هذا والله اعظم الرد عليكم والبيان لفساد قولكم فصلوات الله وسلامه على من اتى بالشريعة الكاملة التي فيها بيان ضلال كل ضال وكذلك في حديث عبد الله بن عمر وان الشيطان بعد انخرام انفس المؤمنين يتمثل للناس يدعوهم الى الاستجابة فيقولون له فماذا تامرنا فيأمرهم بعبادة الاوثان فاذا كان ان بلاد المسلمين حجازاً ويمنا وشاما وشرقا وغربا امتلأت من الاصنام وعبادتها على زعمكم فافائدة الاخبار بهذه الاحاديث ان الاوثان لاتعبد الابعد ان يتوفى الله سبحانه وتعالى كل من في قلبه حبة خردل من ايمان ومافائدة قتال الدجال آخر الزمان وفي هذه الازمان المتطاولة من قريب ستماية سنة او سبعماية سنة مايقاتلون اهل الاوثان والاصنام على زعمكم والله كما قال تبارك وتعالى فانها لاتعمي الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وفي هذه الوجوه التي ذكرنا من السنة كفاية لمن قصده اتباع الحق وسلوك الصراط المستقيم واما من اعماه الهوى ورؤية النفس فهو كما قال جل وعلى ولو اننا نزلنا اليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيئ قبلا ما كانوا ليؤمنوا الا ان يشاء الله ونحن نعرض على من خالف الشرع ونسأله بالله الذي لااله الاهو ان يعطونا من انفسهم شرع الله الذي انزل على رسوله وبيننا وبينهم من ارادوا من علمآء الامة ولهم علينا عهد الله وميثاقه ان كان الحق معهم لنتبعنهم ولكن من اعجب العجاب استدلال بعضكم بقصة قدامة بن مظعون ومن معه حيث استحلوا الخمر متأولين قوله ليس على الذين آمنو وعملوا الصالحات جناح في ما طعموا الاية وان عمر مع جميع الصحابة اجمعوا انهم ان رجعو واقروا بالتحريم والاقتلوا (فاقول) تحريم الخمر معلوم بالضرورة من دين الاسلام من الكتاب والسنة وجميع علمآء الامة ومع هذا اجمع المهاجرون والانصار وكل مسلم في زمنهم على تحريمه والامام ذلك الوقت لجميع الامة امام واحد والدين في نهاية الظهور (وكل هذا) والذين استحلوا الخمر لم يكفرهم عمر ولااحد من الصحابة الاان عاندوا بعد ان يدعوهم الامام ويبين لهم بيانا واضحاً لالبس فيه فان عاندوا بعد اقامة الحجة من الكتاب
( 52 )
والسنة واجماع الامة الاجماع القطعي والامام العدل الذي اجمعت امامته جميع الامة فان عاندوا بعد ذلك اقيم عليهم حد القتل ومع هذا كله تجعلون من خالفكم في مفاهيمكم الفاسدة التي لايجوز لمن يسؤمن بالله واليوم الاخر ان يتبعكم عليها ويقمدكم فيها كافراً وتحتجون بهذه القصة بل والله لو احتج بها محتج عليكم وجعل سبيلكم سبيل الذين استحلوا الخمر لكان اقرب الى الصواب من احتجاجكم بها على من خالفكم جعلتم انفسكم كعمر في جميع المهاجرين والانصار فانالله ونااليه راجعون مااطمها من بلية ومن العجايب ايضاً احتجاجكم بعبارة الشيخ التي في الاقناع ان من قال ان عليا اله وان جبريل غلط فهذا كافر ومن لم يكفره فهو كافر فيا عجب العجب وهل يشك مسلم ان من قال ان الروح الامين صرف النبوة عن علي الى محمد صلى الله عليه وسلم ان هذا مسلم ولكن انتم تنقلون ان من قال علي اله الى من سميتم انتم انه اله ومن فعل كذا وكذا فهو جاعله اله فتلبسون على الجهال فلم لم يقل اهل العلم ان من يسئال مخلوقاً شيئاً فقد جعله الها او من نذرله او من فعل كذا وكذا ولكن هذه تسميتكم التي اخترعتموها من سائر اهل العلم وحملتم كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وكلام اهل العلم رحمهم الله على مفاهيمكم الفاسدة فانا لله وانا اليه راجعون (فصل) ولنذكر شيئا مما ذكره بعض اهل العلم في ضفة مذهب المشركين الذين كذبوا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم قال ابن القيم كان الناس على الهدى ودين الحق فكان اول من كادهم الشيطان بعبادة الاصنام وانكار البعث وكان اول من كادهم من جهة العكوف على القبور وتصوير اهلها كما قصة الله عنهم في كتابه يقوله لا تذرن الهتكم ولاتذرن وداولا سواعا ولايغوث ويعوق ونسراً (قال) ابن عباس هذه اسمآء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا اوحى الشيطان الى قومهم ان انصبوا الى مجالسهم التي كانوا عليها يجلسون انصابا وسموها باسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى هلك اولئك ونسخ العلم عبدت (انتهى) فارسل الله لهم نوحاً بعبادة الله وحده فكذبوه فاهلكهم الله بالطوفان ثم ان عمرو بن عامر اول من غير دين ابراهيم عليه السلام واستخرج اصنام قوم نوح من شاطىء البحر ودعى العرب الى عبادتها ففعلوا ثم ان العرب بعد ذلك بمدة عبدوا ماستحسنوا ونسوا ما كانوا عليه واستبدلوا بدين ابراهيم
( 53 )
عبادة الاوثان وبقي فيهم من دين ابراهيم تعظيم البيت والحج وكانت نزار تقول في تلبيتها لبيك لا شريك لك الاشريكا هو لك تملكه ومالك الى ان قال وكان لاهل كل وادصنم يعبدونه ثم بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بالتوحيد قالت قريش اجعل الالهة الهاً واحدا ان هذا لشيء عجاب وكان الرجل اذا سافر فنزل منزلا اخذ اربعة احجار فنظر احسنها فاتخذه ربا وجعل الثلاثة اثافي لقدره فاذا ارتحل تركه فاذا نزلمنزلا آخر فعل مثل ذلك وروى حنبل عن رجا العطاردي قال كنا نعبد الحجر في الجاهلية فاذا وجدنا حجرا هو احسن منه نلقي ذلك وناخذه فاذا لم نجد حجرا جمعنا حفنة من تراب ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنابه وعن ابي عثمان النهدي قال كنا في الجاهلية نعبد حجرا فسمعنا مناديا ينادي يااهل الرحال ان ربكم ان هلك فالتمسوا ربا فخرجنا على كل صعب وذلول فبينما نحن كذلك نطلب اذا نحن بمنادي ينادي انا قد وجدنا ربكم او شبهه فاذا حجر فنحرنا عليه الجزر ولما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وجد حول البيت ثلاثة ماية وستين صنما فجعل يطعن بقوسه في وجوهها وعيونها ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهي تتساقط على وجوهها ثم امربها فاخرجت من المسجد وحرقت قال تلاعب الشيطان بالمشركين له اسباب عديدة فطائفة دعاهم الى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الصنام على صورهم كماتقدم عن قوم نوح وبعضهم اتخذوها بزعمهم على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم وجعلوا لها بيوتا وسدنة وحجابا وحجا وقربانا ومن عبادة الاصنام عبادة الشمس زعموا انها ملك من الملائكة لها نفس وعقل وهي اصل نور القمر والكواكب وتكون الموجودات السفلية كلها عندهم منها وهي عندهم ملك الفلك فتستحق التعظيم والسجود ومن شريعتهم في عبادتها انهم اتخذوا لها صنما وله بيت خاص يأتون ذلك البيت ويصلون فيه ثلاث مرات في اليوم ويأتيه اصحاب العاهات فيصلون له ويصومون له ويدعونه وهم اذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها واذا غربت واذا توسطت الفلك (وطائفة اخرى) اتخذوا القمر صنما وزعموا انه يستحق التعظيم والعبادة واليه تدبير هذا العالم السفلي ويعبدونه ويصلون له ويسجدون ويصومون له اياما معلومة منكل شهر ثم يأتون اليه بالطعام والشراب والفرح ومنهم من يعبد اصناما اتخذوها على صور الكواكب وبنوالها هياكل ومتعبدات لكل كوكب
( 54 )
منها هكيل يخصه وضنم يخصه وعبادةتخصه وكل هؤلاء مرجعهم الى عبادة الاصنام لانهم لا يستمرلهم طريقة الى شخض خاص على كل شكل ينظرون اليه ويعكفون عليه الى ان قال (ومنهم) من يبعد النار حتى اتخذوها الها معبودة وبنوالها بيوتا كثيرة وجعلوا لها الحجاب والخزنة حتى لا يدعوها تخمد لحظة ومن عبادتهم انهم يطفون بها ومنهم من يلقي نفسه فيها تقربا اليها ومنهم من يلقي ولده فيها متقربا اليها ومنهمعباد زهاد عاكفين صائمين لها ولهم في عبادتها او ضاع لا يخلون بها ومن الناس طائفة تعبد المآء وتزعم انه اصل كل شئ ولهم في عبادته امور ذكرها منها تسبيحه وتحميده والسجود له ومن الناس طايفة عبدت الحيوان منهم من عبد البقر ومنهم من عبد الخيل ومنهم من عبد البشر ومنهم من عبد الشجر ومنهم من عبد الشيطان قا لتعالى الم اعهد اليكم يا بني آدم ان لا تبعدوا الشيطان الايتين قال ومنهم من يقران للعالم صانعاً فاضلا حكيما مقدسا عن العيوب والنقائص قالوا ولا سبيل لنا الى الوصول اليه الابا لوسائط فالواحب علينا ان نتقرب اليه بتوسطات الروحانيات الغريبة منه فنحن نتقرب اليهم ونتقرب بهم اليه فهم اربابنا والهتنا وشفعاؤنا عند رب الارباب واله الالهة فانعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى فحينئذ نسئال حاجاتنا منهم ونعرض احوالنا عليهم ونصبوا في جميع امورنا فيشفعون الى الهنا والهم وذلك لا يحصل الا بستمداد من جهة الروحانيات وذلك بالتضرع والبتهال من الصلوات لهم والزكاة وذبح القرابين والنجورات وهؤلاء كفروا بالاصلين الذين جاءت بها جميع الرسل احدهما عبادة الله وحده لا شريك له والثاني الايمان برسله وما جاؤ ابه من عند الله تصديقاً واقراراً وانقياداً وهذا مذهب المشركين من سائر الامم قال والقران والكتب الالهية مصرحة ببطلان هذا الدين وكفر اهله قا لفان الله سبحانه ينهى ان يجعل غيره مثلاله وندله وشبها فان اهل الشرك شبهوا من يعظمونه ويعبدونه الخالق واعطوه خصائص الالهية وصرحوا انه اله وانكر واجعل الالهية الها واحدا وقالوا اصبروا على آلهتكم وصرحوا بانه اله معبود يرجى ويخاف ويعظم ويسجد له وتقب له القرابين الى غير ذلك من خصائص العبادة التي لا تنبغي الا لله تعالى قال الله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وقا ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا (الاية) فهولاء جعلوا
( 55 )
المخلقين مثلا للخالق والند الشبه يقال فلان ند فلان وندنده اى مثله وشبهه (قال) ابن زيد الالهة التي جعلوها معه وقا الزجاج اي لا تجعلوا لله امثالا ونظراء ومنه قوله عزوجل الحمدالله الذي خلق السموات والارض وجعل الظلمات والنور ثم الذي كفروا بربهم يعدلون اي يعدلون به غيره فيجعلون له من خلقه عدلا وشبها (قال) ابن عباس رضي الله عنما يريد يعدولا بي م هلقي الاصنام والحجارة بعد ان اقروا بنعمتي وربوبيتي (قال الزجاج) اعلم انه خالق ما ذكره في هذه الاية وان خالقها لا شيئ مثله واعالم ان الكفار يجعلون له عدلا والعدل التسوية يقال عدل الشيئ بالشيئ اذا ساواه قال تعالى هل تعلم له سميا (قال) ابن عباس رضي الله تعالى عنهما شبها ومثلا هو مومن يساميه وذلك نفي للمخلوق ان يكون مشباها للخالق ومماثلا له بحيث يستحق العبادة والتعظيم ومن هذا قوله ولم يكن له كفوا احد وقوله ليس كمثله شيئ الاية انما قصدبه نفي ان كيون له شريك او معبود يستحق العبادة والتعظيم هذا الشبيه هو الذي ابطل نفيا ونهيا هو اصل شرك العالم وعبادة الاصنام ولهذ انهى النبي صلى الله عليه وسلم ان يسجد لمخلوق مثله او يحلف او يقول ما شاء الله وشيئت ونحو ذلك حذرا من هذا التشبيه الذ اصل شرك العالم (انتهى) كلام بن القيم ملخصا وانما نقلنا هذا لتعلموا صفة شرك المشركين ولتعلموا ان هذه الامور التي تكفرون بها من فروع هذا الشرك ولهذا قال منقال من العلمآء انها شرك وسماها شكاً عدها في الشرك لااصغر ومنهم من لم يسمها شركاً وذكرها في المحرمات ومنهم من عد بعضها في المكروهات كما هو مذكور في مواضعه من كتب اهل العلم من طلبه وجده والله سبحانه يجنبنا وحميع المسلمين حميع ما يفضيه آمين والحمدالله رب العالمين (فصل) ولنختم هذه الرسالة بشئ مما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم صفة المسلم الحديث الاول حيث عمر ان جبريل عليه السلام سائل النبي صلى الله عليه وسلم عن الاسلام قال ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله وتقيم الصلوة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا قا صدقت قا لفاخبرني عن الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر
( 56 )
خيره وشره قال صدقت قال فاخبرني عن الاسحان قال ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك قال صدقت (الى آخر الحديث) وفيه هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم رواه مسلم وراوه البخاري بمعناه (الحديث الثاني) عن ابن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بني الاسلام على خمس شهادة ان لا اله لا الله وان محمداً رسول الله وقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رضمان رواه البخاري ومسلم (الحديث الثالث) في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنما قال قدم وفد عبدالقيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا يارسول الله انا لانستطيع ان نأتيكم الا في شره حرام وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر فامرنا بامر فصل نخبربه من ورائنا وندخل به الجنة فامرهم بالايمان بالله وحده قال اتدورن ما الايمان بالله وحده قالوا الله ورسوله اعلم قال شهادة ان لا اله الا الله وان محمداَ رسول الله واقام الصلوة وايتاء الزكاة وصيام رمضان وان تعطوا من المغنم الخمس وقال احفضوهن واخبروا بهن من روائكم (الحديث الرابع) عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً الى اليمن قال انك تأتي اقواماً اهل كتاب فليكن اول ماتدعوهم اليه شهادة ان لا اله الا الله وان محمداً عبده ورسوله فان هم اطاعوك لذلك فاعلمهم ان الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فان هم اطاعوك لذلك فاعلمهم ان الله افرتض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد الى فقرائهم رواه البخاري (الحديث الخامس) عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ويقيموا لاصلوة ويؤتوا الزكاة فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام وحسابهم على الله رواه البخاري ومسلم (الحديث السادس) عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرت ان اقاتل الناس حتى يقولا لا اله الا الله فاذا قالوها عصموا مني دماءهم واموالهم لا بحقها وحسابهم على الله رواه البخاري وسلم ورااه احمد وابن ماجة وابن خزيمة بزيادة وان محمداً رسول الله ويقيمون الصلوة ويؤتوا الزكاة ثم قد حرم على الموالهم ودمائهم (الحديث السابع)
رد: الصَوَاعِقُ الإِلَهِيَّة في الرَدِّ عَلَى الوَهَّابِيَّةِ
( 57 )
عن ابي هريرة رضى الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها رواه مسلم (الحديث الثامن) حديث بريدة ابن الحصيب كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا بعث حيششا وذكر الحديث وفيه اذا حاصرتم اهل مدينة او اهل حصن فان شهدوا ان لا اله الا الله فلهم ما لكم وعليهم ما عليكم الحديث رواه مسلم (الحديث التاسع) عن المقداد بن الاسود انه قال يا رسول الله ارايت ان لقيت رجلا من المشركين فقاتلني فضرب احدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال اسملت لله افاقتله يار سول الله بعد ان قالها قال لا تقتله فقلت يا رسول الله انه قطع احدى يدي ثم قال ذلك بعد ان قطعها افاقتله قال لا تقلته فانه بمنزلتك قبل ان تقتله وانك بمنزلته قبل ان يقول كلمته التي قال رواه البخاري ومسلم (الحديث العاشر) حديث اسامة وقتله الرجل بعد ماقال لا اله الا الله فكيف تصنع بلا اله الا الله يوم القيمة فقال يارسول الله انما قالها تعوذاً قال هلا شققت عن قلبه وجعل يكرر عليه من لك بلا اله الا الله يوم القيمة قال اسامة حتى تمنيت ان لم اكن اسلمت الا يومئذ الحديث في الصحيح حديث اسامة في الصحيحين لفظه عن اسامة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم على مياههم ولحقت انا ورجل من الانصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا اله الا الله فكف عنه الانصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا اسامة اقتلته بعد ان قال لا اله الا الله فازال يكررها حتى تمنيت اني لم اكن اسلمت قبل ذلك اليوم وفي راوية انه قال افلا شققت عن قلبه وروى ابن مردويه عن ابراهيم التيمي عن ابيه عن اسامة قال لا اقتل رجلا يقول لا اله الا الله ابدا قال فقال سعد بن مالك وانا والله لا اقتل رجلا يقول لا اله الا الله ابدا (الحديث الحادي عشر) عن ابن عمر رضى الله تعالى عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضى الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه الى بني جذيمة فدعاهم الى الاسلام فلم يحسنوا ان يقولوا اسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا فجعل خالد يأسر ويقتل الى أن قال فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا له فرفع يديه فقال اللهم إني ابرأ اليك مما فعل خالد مرتين
( 58 )
رواه احمد والبخاري (الحديث الثاني عشر) عن انس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا غزا قوماً لم يغز حتى يصبح فاذا سمع اذاناً امسك وان لم يسمع اذاناً اغار بعدما يصبح رواه احمد والبخاري وعنه كان يغير اذا طلع الفجر وكان يستمع الاذان فاذا سمع اذاناً امسك والا اغار فسمع رجلا يقول الله اكبر الله اكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة ثم قال اشهد ان لا اله الا الله فقال خرجت من النار فنظروا اليه فاذا هو راعي معز رواه مسلم (الحديث الثالث عشر) عن عصام المزني قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا بعث السرية يقول اذا رايتم مسجداً او سمعتم مناديا فلا تقتلوا احدا رواه احمد وابو داود والترمذي وابن ماجة (الحديث الرابع عشر) عن ام سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل عليكم امرآة فتعرفون وتنكرون فمن انكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضى وتابع فقالوا يا رسول الله افلا نقاتلهم قال لا ماصلوا رواه مسلم (الحديث الخامس عشر) عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاتنا واسلم وستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله في ذمته رواه البخاري (الحديث السادس عشر) عن ابي سعيد في حديث الخوارج فقال ذو الحويصرة للنبي صلى الله عليه وسلم اتق الله فقال ويلك الست احق اهل الارض ان يتقي الله ثم قال ثم ولى الرجل فقال خالد يا رسول الله الا اضرب عنقه قال لا لعله ان يكون يصلي قال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ماليس في قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم اؤمر ان انقب عن قلوب الناس ولا اشق بطونهم رواه مسلم (الحديث السابع عشر) عن عبيدالله بن عدي بن الخيار ان رجلا من الانصار حدثه انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اليس يشهد ان لا اله الا الله فقال الانصاري بلى يا رسول الله ولا شهادة له فقال اليس يشهد ان محمداً رسول الله قال بلى ولاشهادة له قال اليس يصلى قال بلى ولا صلاة له قال اولئك الذين نهى الله عن قتلهم رواه الشافعي واحمد (الحديث الثامن عشر) في الصحيحين عن ابي هريرة رضى الله عنه قال اتى اعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم
( 59 )
فقال دلني على عمل اذا علمته دخلت الجنة قال تعبد الله ولا شترك به شيئاً وتقمي الصلوة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال والذي نفسي بيده لا ازيد على هذا ولا انقص منه فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم من سره ان ينظر الى رجل من اهل الجنة فلينظر الى هذا (الحديث التاسع عشر) عن عمران ابن مرة الجهني قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ارايت ان شهدت ان لا اله الا الله وانك رسول الله وصليت الصلوة الخمس وصمت رمضان وقته فمن انا قال من الصديقين والشهداء رواه ابن حبان وابن خزيمة فس صحيحهما (الحديث العشرون) عن العباس بن عبدالمطلب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاق طعم الايمان من رضى بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبياً رواه مسلم (الحديث الحادي والعشرون) عن سعد ان عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال حين يسمع الموذن يقول اشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له وان محمداَ عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالاسلام ديناً غفرله ذنبه رواه مسلم (الحديث الثاني والعشرون) في الصحيحين عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة افضلها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذي من الطريق والحياء شعبة من الايمان (الحديث الثالث والعشرون) حديث ابن عباس رضى الله عنهما مرض ابو طالب وجائته قريش وجائه النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اريد منهم كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدى اليهم بها العجم الجزية قالوا كلمة واحدة قال كلمة قولوا لا اله الا الله فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون اجعل الالهة الهاً واحداً ان هذا الشئ عجاب الاية رواه احمد والنسائي والترمذي وحسنه (الحديث الرابع والعشرون) في الصحيحين عن سعيد بن المسيب عن ابيه لما حضرت ابا طالب الوفاة جائه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده ابا جهل وعبدالله ابن امية فقال اي عم قل لا اله الا الله كلمة احاج لك بها عند الله فقال ابو جهل وعبدالله بن امية اترغب عن ملة عبدالمطلب فقال ابو طالب اخر كلامه بل على ملة عبدالمطلب وابا ان يقول لا اله الا الله (الحديث الخامس والعشرون) حديث ابي بكر الصديق قلت يا رسول الله ما نجاة هذا الامر فقال
( 60 )
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي فردها فهي له نجاة رواه احمد (الحديث السادس والعشرون) عن عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهدان لا اله الا الله وحده لاشريك له وان محمداً عبده ورسوله وان عيسى عبدالله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه وان الجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من العمل رواه البخاري ومسلم (الحديث السابع والعشرون) عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ ما من احد يشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله صدقاً من قلبه الاحرمه الله على النار قال يارسول الله افلا ابخر به فيستبشروا قال اذا يتكلوا فاخبربها معاذاً عند موته رواه البخاري ومسلم (الحديث الثامن والعشرون) عن عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله حرم الله عليه النار رواه مسلم (الحديث التاسع والعشرون) عن ابي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد قال لا اله الا الله ثم مات على ذلك الا دخل الجنة رواه البخاري ومسلم (الحديث الثلاثون) في الصحيحين عن عتبان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بها وجه الله (الحديث الحادي والثالثون) عن ابي هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطاه نعليه فقال اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت وراء هذا الحايط يشهد ان لا اله الا الله فبشره بالجنة رواه مسلم (الحديث الثاني والثلاثون) عن ابي هريرة رضى الله عنه قلت يا رسول الله من اسعد الناس بشفاعتك قال اسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله الا الله خالصاً من قلبه رواه البخاري (الحديث الثالث والثلاثون) حديث ام سلمة وذكر الحديث وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله لا يلقي الله عبد بها غير شاك فيحجب عن الجنة رواه البخاري ومسلم (الحديث الرابع والثلاثون) عن عثمان بن عفان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات وهويعلم ان لا اله الا الله دخل الجنة رواه مسلم (الحديث الخامس والثلاثون) حديث انس في الشفاعة وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم فيخرج من النار من قال لا اله الا الله وفي قلبه من الخير مايزن شعيرة ثم يخرج من النار من قال لا اله الله وفي قلبه من الخير مايزن بره ثم يخرج من قال لا اله الا الله وفي
( 61 )
قلبه من الخير ما يزن ذرة رواه البخاري ومسلم في الصحيح قريبا منه حديث ابي سيعد ومن خديث الصديق عن احمد (الحديث السادس والثلاثون) حديث معاذ قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة (الحديث السابع والثلاثون) عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الجنة لا اله الا الله رواه الامام احمد والبرار (الحديث الثامن والثلاثون) عن ابي هريرة رضى الله عنه قامل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بلا فنادى بالاذان فملا سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال مثل هذا يقينا دخل الجنة رواه النسائي وابن حبان في صحيحه (الحديث التاسع والثلاثون) عن رفاعة الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهد عند الله لا يموت بعد يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله صادقا من قلبه ثم يسدد الى سلك الجنة رواه احمد (الحديث الاربعون) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اني لا علم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه فيموت على ذلك الا حرم الله عليه النار لا اله الا الله رواه الحاكم (الحديث الحادي والاربعون) عن ابي هريرة رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حضر ملك الموت رجلا يموت فشق اعضائه فلم يجده عمل خيراً ثم شق قلبه فلم يجد فيه خيرا ثم فك لحييه فوجد طرف لسانه لاصقا بحنكه يقول لا اله الا الله فغفر له بكلمة الاخلاص رواه الطبراني والبيهقي وابن ابي الدنيا (الحديث الثاني والاربعون) حديث ابي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال موسى ايا رب علمني شيئاً اذكرك وادعوك به قال قل لا اله الا الله قال يارب كل عبادك يقولون هذا قال قل لا اله الا الله قال انما اريد شيئاً تخصني به قال يا موسى لو ان السموات والسبع والارضين السبع في كفة مالت بهن لا اله الا الله رواه بن السني والحاكم وابن حبان في صحيحيهما (الحديث الثالث والاربعون) عن ابي هريرة رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله الا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما اصابه رواه بن حبان والطبراني والبزار وروانه رواه الصحيح (الحديث الرابع والاربعون) عن عبدالله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بوصية نوح ابنه فقال يا بني اني اوصيك باثين اوصيك بقول لا اله الا الله ( 62 )
فانها لو وضعت في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة لرجحت بهن ولو كانت حلقة لفصمتهن حتى تخلص الى الله الحديث رواه البزار والنسائي والحاكم (الحديث الخامس والاربعون) عن عبدالله بن عمرو وعن النبي صلى الله عليه وسلم خير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير رواه الترمذي (الحديث السادس والاربعون) عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جددوا ايمانكم قالوا يا رسول الله وكيف نجدد ايماننا قال اكثروا من قول لا اله الا الله رواه احمد والطبراني الحديث السابع والاربعون عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيخلص رجل من امتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر ثم يقول اتنكر من هذا شيئاً اظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يارب فيقول الك عذر فيقول لا يا رب فيقول الله تبارك وتعالى ان لك عندنا حسنة فانه لا ظلم عليك اليوم فيخرج له بطاقة فيها اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمداً عبده ورسوله فيقول احضروه فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات قال فانك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيئ رواه الترمذي وحسنه وابن ماجة والبيهقي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال على شرط مسلم (الحديث الثامن والاربعون) عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث وفيه لا اله الا الله ليس بينها وبين الله حجاب حتى تخلص اليه رواه الترمذي (الحديث التاسع والاربعون) عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يدرس الاسلام كما يدرس وشيي الثوب حتى لايدري ما صيام ولا صدقة ولا صلاة ولانسك ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الارض منه اية ويبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يقولون ادركنا اباءنا على هذه الكلمة لا اله الا الله فنحن نقولها فقال صلة بن زفر لحذيفة فما روي عنهم لا اله الا الله وهم لا يدرون ما صيام ولا صلوة ولا صدقة ولا نسك فاعرض عنه حذيفة فرددها عليه ثلاثاً كل ذلك يعرض عنه حذيفة ثم اقبل عليه في الثالثة فقال ياصلة تنجيهم من النار ياصلة تنجيهم من النار يا صلة تنجيهم من النار رواه بن ماجة والحاكم في صحيحه وقال هذا حديث على شرط مسلم (الحديث
( 63 )
الخمسون) عن انس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من اصل الايمان الكف عمن قال لا اله الا الله لا تكفره بذنب ولا تخرجه من الاسلام بعمل الحديث رواه ابو داود (الحديث الحادي والخمسون) عن عبدالله بن عمرو وان النبي صلى الله عليه وسلم قال كفوا عن اهل لا اله الا الله لا تكفروهم بذنب فمن كفر اهل لا اله الا الله فهو الى الكفر اقرب رواه الطبراني (الحديث الثاني والخمسون) في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضى الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وفي الصحيحين ايضاً من حديث ابي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرمى رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر الا ارتدت عليه ان لم يكن صاحبها كذلك وفي الصحيحين عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم من قذف مؤمنا بالكفر فهو كقتله وفي الصحيح من حديث ابي هريرة رضى الله عنه ومن حديث عبدالله بن عمر رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ايما رجل قال لاخيه يا كافر فقد باء به احدهما والله سبحانه وتعالى اعلم ونسأله من فضله ان يختم لنا بالاسلام
يقول مصحح مطبعة نخبة الاخبارالفقير الى الله تعالى محمد بهاء الدين
تم طبع هذا الكتاب المسمى بالصواعق الالهية في الرد على الوهابية تأليف العالم العلامة الحبر البحر الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب النجدي عم الله ثراه بصبيب الرحمة وافاض عليه سجال الاحسان والنعمة على ذمة السيدين الجليلين الحسيبين النسيبين صاحب الفضيلة المئاثر الجليلة فضلى زاده السيد عبدالرزاق افندي النقشبندي القادري المجددي وصاحب الفضيلة والسيادة السيد محمود افندي النقشبندي الخالدي وكان هذا الطبع الجميل والشكل البديع الجليل بمطبعة نخبة الاخبار ملحوظاً بنظر مالكها ذي اليد الطولى المئاثر البهية والنعمة العضمى والمفاخر الجلية العالم النحرير الفيلسوف الشهير ذي الرأي الحميد والفكر السديد سيدنا ومولانا السيد محمد رشيد نجل سيد بلاد العراق وعالمها الذي شهدت بفضله الافاق المرحوم السيد داود افندي السعدي في اواسط شهر ذي الحجة من عام ثلثماية وستة بعد الالف من هجرة
قال المازري المالكي تجاوز الله عنه: في النية إدراج بحث صغير لنا في هذا الرابط عن الردود النجدية على دعوة محمد بن عبد الوهاب.
وكنت سابقاً بدأت في إنزال رد ابن عفالق وتوقفت لا لأنه ليس كاملاً عندي ولكن منعي أمر شاهدته في المنتدى وكنت أضمرت أن أرسله لبعض أصحابنا الذين في المنتدى.
لكن صرفني عن هذا ما وجدته في النسخة الأولى والتي تقع في مجموع أولها رد ابن عفالق ثم رسائل في الرد على محمد بن عبد الوهاب إلا أن الرسالة التي تلي رد ابن عفالق مع قراءة سريعة إنتابني إحساس أنها هي رد ابن عفالق الحقيقي وأن الموجود عندي هو طليعة الرد إذ الكتاب كله رسالة صغيره موجهه إليه فيها أسئلة قصد منها ابن عفالق إحراج ابن عبد الوهاب وإظهار جهله ولم يلج بقوة في الرد على أصوله بخلاف ما ينقله العلماءالذين أرخوا لتلك الحقبة من وصفهم لرد ابن عفالق بأنه رد جيد ومتقن
فأرجوا في خلال الأيام المقبلة أن أتفرغ لهذا الأمر وأسأل من أعرف من المهتمين بهذا الأمر من الأحسائيين إذ مثل هذه الردود لا يمكن إن توجد إلا في البيوت وليس من التعقل إخراجها للناس.
فإلى ذاك الوقت أرجو من الله العون ومن الإخوة العذر.
وكتبه حامداً ومصلياً
المازري المالكي
كان الله له
عن ابي هريرة رضى الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فاذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها رواه مسلم (الحديث الثامن) حديث بريدة ابن الحصيب كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا بعث حيششا وذكر الحديث وفيه اذا حاصرتم اهل مدينة او اهل حصن فان شهدوا ان لا اله الا الله فلهم ما لكم وعليهم ما عليكم الحديث رواه مسلم (الحديث التاسع) عن المقداد بن الاسود انه قال يا رسول الله ارايت ان لقيت رجلا من المشركين فقاتلني فضرب احدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال اسملت لله افاقتله يار سول الله بعد ان قالها قال لا تقتله فقلت يا رسول الله انه قطع احدى يدي ثم قال ذلك بعد ان قطعها افاقتله قال لا تقلته فانه بمنزلتك قبل ان تقتله وانك بمنزلته قبل ان يقول كلمته التي قال رواه البخاري ومسلم (الحديث العاشر) حديث اسامة وقتله الرجل بعد ماقال لا اله الا الله فكيف تصنع بلا اله الا الله يوم القيمة فقال يارسول الله انما قالها تعوذاً قال هلا شققت عن قلبه وجعل يكرر عليه من لك بلا اله الا الله يوم القيمة قال اسامة حتى تمنيت ان لم اكن اسلمت الا يومئذ الحديث في الصحيح حديث اسامة في الصحيحين لفظه عن اسامة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم على مياههم ولحقت انا ورجل من الانصار رجلا منهم فلما غشيناه قال لا اله الا الله فكف عنه الانصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا اسامة اقتلته بعد ان قال لا اله الا الله فازال يكررها حتى تمنيت اني لم اكن اسلمت قبل ذلك اليوم وفي راوية انه قال افلا شققت عن قلبه وروى ابن مردويه عن ابراهيم التيمي عن ابيه عن اسامة قال لا اقتل رجلا يقول لا اله الا الله ابدا قال فقال سعد بن مالك وانا والله لا اقتل رجلا يقول لا اله الا الله ابدا (الحديث الحادي عشر) عن ابن عمر رضى الله تعالى عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضى الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه الى بني جذيمة فدعاهم الى الاسلام فلم يحسنوا ان يقولوا اسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا فجعل خالد يأسر ويقتل الى أن قال فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا له فرفع يديه فقال اللهم إني ابرأ اليك مما فعل خالد مرتين
( 58 )
رواه احمد والبخاري (الحديث الثاني عشر) عن انس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا غزا قوماً لم يغز حتى يصبح فاذا سمع اذاناً امسك وان لم يسمع اذاناً اغار بعدما يصبح رواه احمد والبخاري وعنه كان يغير اذا طلع الفجر وكان يستمع الاذان فاذا سمع اذاناً امسك والا اغار فسمع رجلا يقول الله اكبر الله اكبر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة ثم قال اشهد ان لا اله الا الله فقال خرجت من النار فنظروا اليه فاذا هو راعي معز رواه مسلم (الحديث الثالث عشر) عن عصام المزني قال كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا بعث السرية يقول اذا رايتم مسجداً او سمعتم مناديا فلا تقتلوا احدا رواه احمد وابو داود والترمذي وابن ماجة (الحديث الرابع عشر) عن ام سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل عليكم امرآة فتعرفون وتنكرون فمن انكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضى وتابع فقالوا يا رسول الله افلا نقاتلهم قال لا ماصلوا رواه مسلم (الحديث الخامس عشر) عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى صلاتنا واسلم وستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا الله في ذمته رواه البخاري (الحديث السادس عشر) عن ابي سعيد في حديث الخوارج فقال ذو الحويصرة للنبي صلى الله عليه وسلم اتق الله فقال ويلك الست احق اهل الارض ان يتقي الله ثم قال ثم ولى الرجل فقال خالد يا رسول الله الا اضرب عنقه قال لا لعله ان يكون يصلي قال خالد وكم من مصل يقول بلسانه ماليس في قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم اؤمر ان انقب عن قلوب الناس ولا اشق بطونهم رواه مسلم (الحديث السابع عشر) عن عبيدالله بن عدي بن الخيار ان رجلا من الانصار حدثه انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اليس يشهد ان لا اله الا الله فقال الانصاري بلى يا رسول الله ولا شهادة له فقال اليس يشهد ان محمداً رسول الله قال بلى ولاشهادة له قال اليس يصلى قال بلى ولا صلاة له قال اولئك الذين نهى الله عن قتلهم رواه الشافعي واحمد (الحديث الثامن عشر) في الصحيحين عن ابي هريرة رضى الله عنه قال اتى اعرابي الى النبي صلى الله عليه وسلم
( 59 )
فقال دلني على عمل اذا علمته دخلت الجنة قال تعبد الله ولا شترك به شيئاً وتقمي الصلوة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال والذي نفسي بيده لا ازيد على هذا ولا انقص منه فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم من سره ان ينظر الى رجل من اهل الجنة فلينظر الى هذا (الحديث التاسع عشر) عن عمران ابن مرة الجهني قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ارايت ان شهدت ان لا اله الا الله وانك رسول الله وصليت الصلوة الخمس وصمت رمضان وقته فمن انا قال من الصديقين والشهداء رواه ابن حبان وابن خزيمة فس صحيحهما (الحديث العشرون) عن العباس بن عبدالمطلب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاق طعم الايمان من رضى بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبياً رواه مسلم (الحديث الحادي والعشرون) عن سعد ان عن النبي صلى الله عليه وسلم من قال حين يسمع الموذن يقول اشهد ان لا اله الا الله وحده لاشريك له وان محمداَ عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالاسلام ديناً غفرله ذنبه رواه مسلم (الحديث الثاني والعشرون) في الصحيحين عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة افضلها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذي من الطريق والحياء شعبة من الايمان (الحديث الثالث والعشرون) حديث ابن عباس رضى الله عنهما مرض ابو طالب وجائته قريش وجائه النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اريد منهم كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدى اليهم بها العجم الجزية قالوا كلمة واحدة قال كلمة قولوا لا اله الا الله فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون اجعل الالهة الهاً واحداً ان هذا الشئ عجاب الاية رواه احمد والنسائي والترمذي وحسنه (الحديث الرابع والعشرون) في الصحيحين عن سعيد بن المسيب عن ابيه لما حضرت ابا طالب الوفاة جائه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده ابا جهل وعبدالله ابن امية فقال اي عم قل لا اله الا الله كلمة احاج لك بها عند الله فقال ابو جهل وعبدالله بن امية اترغب عن ملة عبدالمطلب فقال ابو طالب اخر كلامه بل على ملة عبدالمطلب وابا ان يقول لا اله الا الله (الحديث الخامس والعشرون) حديث ابي بكر الصديق قلت يا رسول الله ما نجاة هذا الامر فقال
( 60 )
رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي فردها فهي له نجاة رواه احمد (الحديث السادس والعشرون) عن عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهدان لا اله الا الله وحده لاشريك له وان محمداً عبده ورسوله وان عيسى عبدالله ورسوله وكلمته القاها الى مريم وروح منه وان الجنة حق والنار حق ادخله الله الجنة على ما كان من العمل رواه البخاري ومسلم (الحديث السابع والعشرون) عن انس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ ما من احد يشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله صدقاً من قلبه الاحرمه الله على النار قال يارسول الله افلا ابخر به فيستبشروا قال اذا يتكلوا فاخبربها معاذاً عند موته رواه البخاري ومسلم (الحديث الثامن والعشرون) عن عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله حرم الله عليه النار رواه مسلم (الحديث التاسع والعشرون) عن ابي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد قال لا اله الا الله ثم مات على ذلك الا دخل الجنة رواه البخاري ومسلم (الحديث الثلاثون) في الصحيحين عن عتبان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله حرم على النار من قال لا اله الا الله يبتغي بها وجه الله (الحديث الحادي والثالثون) عن ابي هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطاه نعليه فقال اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت وراء هذا الحايط يشهد ان لا اله الا الله فبشره بالجنة رواه مسلم (الحديث الثاني والثلاثون) عن ابي هريرة رضى الله عنه قلت يا رسول الله من اسعد الناس بشفاعتك قال اسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله الا الله خالصاً من قلبه رواه البخاري (الحديث الثالث والثلاثون) حديث ام سلمة وذكر الحديث وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله لا يلقي الله عبد بها غير شاك فيحجب عن الجنة رواه البخاري ومسلم (الحديث الرابع والثلاثون) عن عثمان بن عفان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات وهويعلم ان لا اله الا الله دخل الجنة رواه مسلم (الحديث الخامس والثلاثون) حديث انس في الشفاعة وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم فيخرج من النار من قال لا اله الا الله وفي قلبه من الخير مايزن شعيرة ثم يخرج من النار من قال لا اله الله وفي قلبه من الخير مايزن بره ثم يخرج من قال لا اله الا الله وفي
( 61 )
قلبه من الخير ما يزن ذرة رواه البخاري ومسلم في الصحيح قريبا منه حديث ابي سيعد ومن خديث الصديق عن احمد (الحديث السادس والثلاثون) حديث معاذ قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة (الحديث السابع والثلاثون) عن معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الجنة لا اله الا الله رواه الامام احمد والبرار (الحديث الثامن والثلاثون) عن ابي هريرة رضى الله عنه قامل لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام بلا فنادى بالاذان فملا سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال مثل هذا يقينا دخل الجنة رواه النسائي وابن حبان في صحيحه (الحديث التاسع والثلاثون) عن رفاعة الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهد عند الله لا يموت بعد يشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله صادقا من قلبه ثم يسدد الى سلك الجنة رواه احمد (الحديث الاربعون) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اني لا علم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه فيموت على ذلك الا حرم الله عليه النار لا اله الا الله رواه الحاكم (الحديث الحادي والاربعون) عن ابي هريرة رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حضر ملك الموت رجلا يموت فشق اعضائه فلم يجده عمل خيراً ثم شق قلبه فلم يجد فيه خيرا ثم فك لحييه فوجد طرف لسانه لاصقا بحنكه يقول لا اله الا الله فغفر له بكلمة الاخلاص رواه الطبراني والبيهقي وابن ابي الدنيا (الحديث الثاني والاربعون) حديث ابي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال موسى ايا رب علمني شيئاً اذكرك وادعوك به قال قل لا اله الا الله قال يارب كل عبادك يقولون هذا قال قل لا اله الا الله قال انما اريد شيئاً تخصني به قال يا موسى لو ان السموات والسبع والارضين السبع في كفة مالت بهن لا اله الا الله رواه بن السني والحاكم وابن حبان في صحيحيهما (الحديث الثالث والاربعون) عن ابي هريرة رضى الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله الا الله نفعته يوما من دهره يصيبه قبل ذلك ما اصابه رواه بن حبان والطبراني والبزار وروانه رواه الصحيح (الحديث الرابع والاربعون) عن عبدالله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اخبركم بوصية نوح ابنه فقال يا بني اني اوصيك باثين اوصيك بقول لا اله الا الله ( 62 )
فانها لو وضعت في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة لرجحت بهن ولو كانت حلقة لفصمتهن حتى تخلص الى الله الحديث رواه البزار والنسائي والحاكم (الحديث الخامس والاربعون) عن عبدالله بن عمرو وعن النبي صلى الله عليه وسلم خير ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير رواه الترمذي (الحديث السادس والاربعون) عن ابي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جددوا ايمانكم قالوا يا رسول الله وكيف نجدد ايماننا قال اكثروا من قول لا اله الا الله رواه احمد والطبراني الحديث السابع والاربعون عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيخلص رجل من امتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها مد البصر ثم يقول اتنكر من هذا شيئاً اظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يارب فيقول الك عذر فيقول لا يا رب فيقول الله تبارك وتعالى ان لك عندنا حسنة فانه لا ظلم عليك اليوم فيخرج له بطاقة فيها اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمداً عبده ورسوله فيقول احضروه فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات قال فانك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيئ رواه الترمذي وحسنه وابن ماجة والبيهقي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال على شرط مسلم (الحديث الثامن والاربعون) عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث وفيه لا اله الا الله ليس بينها وبين الله حجاب حتى تخلص اليه رواه الترمذي (الحديث التاسع والاربعون) عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يدرس الاسلام كما يدرس وشيي الثوب حتى لايدري ما صيام ولا صدقة ولا صلاة ولانسك ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الارض منه اية ويبقى طوائف من الناس الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة يقولون ادركنا اباءنا على هذه الكلمة لا اله الا الله فنحن نقولها فقال صلة بن زفر لحذيفة فما روي عنهم لا اله الا الله وهم لا يدرون ما صيام ولا صلوة ولا صدقة ولا نسك فاعرض عنه حذيفة فرددها عليه ثلاثاً كل ذلك يعرض عنه حذيفة ثم اقبل عليه في الثالثة فقال ياصلة تنجيهم من النار ياصلة تنجيهم من النار يا صلة تنجيهم من النار رواه بن ماجة والحاكم في صحيحه وقال هذا حديث على شرط مسلم (الحديث
( 63 )
الخمسون) عن انس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من اصل الايمان الكف عمن قال لا اله الا الله لا تكفره بذنب ولا تخرجه من الاسلام بعمل الحديث رواه ابو داود (الحديث الحادي والخمسون) عن عبدالله بن عمرو وان النبي صلى الله عليه وسلم قال كفوا عن اهل لا اله الا الله لا تكفروهم بذنب فمن كفر اهل لا اله الا الله فهو الى الكفر اقرب رواه الطبراني (الحديث الثاني والخمسون) في الصحيحين عن عبدالله بن مسعود رضى الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وفي الصحيحين ايضاً من حديث ابي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرمى رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر الا ارتدت عليه ان لم يكن صاحبها كذلك وفي الصحيحين عن ثابت بن الضحاك عن النبي صلى الله عليه وسلم من قذف مؤمنا بالكفر فهو كقتله وفي الصحيح من حديث ابي هريرة رضى الله عنه ومن حديث عبدالله بن عمر رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ايما رجل قال لاخيه يا كافر فقد باء به احدهما والله سبحانه وتعالى اعلم ونسأله من فضله ان يختم لنا بالاسلام
يقول مصحح مطبعة نخبة الاخبارالفقير الى الله تعالى محمد بهاء الدين
تم طبع هذا الكتاب المسمى بالصواعق الالهية في الرد على الوهابية تأليف العالم العلامة الحبر البحر الفهامة الشيخ سليمان بن عبدالوهاب النجدي عم الله ثراه بصبيب الرحمة وافاض عليه سجال الاحسان والنعمة على ذمة السيدين الجليلين الحسيبين النسيبين صاحب الفضيلة المئاثر الجليلة فضلى زاده السيد عبدالرزاق افندي النقشبندي القادري المجددي وصاحب الفضيلة والسيادة السيد محمود افندي النقشبندي الخالدي وكان هذا الطبع الجميل والشكل البديع الجليل بمطبعة نخبة الاخبار ملحوظاً بنظر مالكها ذي اليد الطولى المئاثر البهية والنعمة العضمى والمفاخر الجلية العالم النحرير الفيلسوف الشهير ذي الرأي الحميد والفكر السديد سيدنا ومولانا السيد محمد رشيد نجل سيد بلاد العراق وعالمها الذي شهدت بفضله الافاق المرحوم السيد داود افندي السعدي في اواسط شهر ذي الحجة من عام ثلثماية وستة بعد الالف من هجرة
قال المازري المالكي تجاوز الله عنه: في النية إدراج بحث صغير لنا في هذا الرابط عن الردود النجدية على دعوة محمد بن عبد الوهاب.
وكنت سابقاً بدأت في إنزال رد ابن عفالق وتوقفت لا لأنه ليس كاملاً عندي ولكن منعي أمر شاهدته في المنتدى وكنت أضمرت أن أرسله لبعض أصحابنا الذين في المنتدى.
لكن صرفني عن هذا ما وجدته في النسخة الأولى والتي تقع في مجموع أولها رد ابن عفالق ثم رسائل في الرد على محمد بن عبد الوهاب إلا أن الرسالة التي تلي رد ابن عفالق مع قراءة سريعة إنتابني إحساس أنها هي رد ابن عفالق الحقيقي وأن الموجود عندي هو طليعة الرد إذ الكتاب كله رسالة صغيره موجهه إليه فيها أسئلة قصد منها ابن عفالق إحراج ابن عبد الوهاب وإظهار جهله ولم يلج بقوة في الرد على أصوله بخلاف ما ينقله العلماءالذين أرخوا لتلك الحقبة من وصفهم لرد ابن عفالق بأنه رد جيد ومتقن
فأرجوا في خلال الأيام المقبلة أن أتفرغ لهذا الأمر وأسأل من أعرف من المهتمين بهذا الأمر من الأحسائيين إذ مثل هذه الردود لا يمكن إن توجد إلا في البيوت وليس من التعقل إخراجها للناس.
فإلى ذاك الوقت أرجو من الله العون ومن الإخوة العذر.
وكتبه حامداً ومصلياً
المازري المالكي
كان الله له
مواضيع مماثلة
» الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
» عقيدة المحقيقين من الأشاعرة في تفسير " ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ"
» عقيدة المحقيقين من الأشاعرة في تفسير " ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ"
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى