بيان قول (لو كان خيرا لسبقونا إليه)
بيان قول (لو كان خيرا لسبقونا إليه)
#الاستدلال_بمقولة : [لو كان خيرا لسبقونا إليه]
#طريق_خاطئ من طرق الاستدلال :
قاعدة (١) : [عدم الورود لا يعني ورود العدم].
قاعدة (٢) : [عدم الوجدان لا يعني عدم الوجود].
ً
تنتشر بعض الفتاوى في الانترنت حول مسألة ما، وهذه المسألة مختلف فيها مثلا، ويحتج من يفتي بالتحريم بقول (لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به) أو يقول (لم يفعله الصحابة او التابعون ...)
او يقول : (لو كان خيرا لسبقونا اليه)
والغريب ان الكلام قد لا يكون عن فعل مستحب او واجب أو حرام، إنما يكون عن خلاف في فعل هل هو جائز (مباح) أو حرام..
ولي هنا وقفات :
أولها:
يجب ان نعرف بأن هذا الكلام (لو كان خيرا لسبقونا اليه) ليس أصلا من أصول الاستدلال في الشريعة.
ثانيا:
إن ترك الفعل لا يدل على تحريمه، فالشيء الذي لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على التحريم، إنما يدل على عدم الوجوب أو الاستحباب.
ثالها:
إن كان الكلام يدور حول فعل جائز فماذا يعني اذا لم يفعله السلف، هو جائز وليس واجبا او مستحبا كي نستغرب عدم فعلهم له.
رابعا:
ورد عن بعض سلف الأمة وأئمتها أفعال لم يامر بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها، منها :
لما أشار عمر على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن قال له أبو بكر : كيف أفعل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال له عمر : هو والله خير . فاقتنع أبو بكر وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فكان إجماعا على مشروعية كل ما هو نظير له مما فيه نفع عام للأمة وإن لم يكن له شاهد من الشرع بخصوصه، كعمل المدارس والمعاهد الشرعية والوزارات الدينية والمجامع الفقهية والمسابقات العلمية الشرعية والبرامج الدعوية المختلفة والجمعيات الخيرية.. كلها لم يرد عليها دليل خاص إلا أنها تندرج تحت أصول الشريعة العامة الآمرة بفعل كل ما فيه خير لعموم الأمة كما قال تعالى : وافعلوا الخير لعلكم تفلحون .
¤ كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قد قسم دهره ثلاث ليال؛ ليلة يبيتها قائما، وليلة راكعا، وليلة ساجدا.
¤ وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تعطر أموال الصدقة.
وغيرها كثير من أفعال لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بها، مع ان هذه عبادات وليس من امور العادات والمباحات.
وكذلك من بعد الصحابة من السلف والأئمة، منها:
¤ كان الامام مالك لا يلبس نعالا ولايركب دابة في المدينة المنورة، وكان يقول: أنا أستحي من الله أن أطأ تربة نبي الله بحافر دابة .
فهل قال احد للإمام مالك :
هل أنت تحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صحابته الذين مشوا بنعالهم وركبوا الدواب في المدينة؟ هل فاتهم ذلك وتذكرته أنت ؟ لا لم يقل له أحد ذلك.
وقال البخاري رحمه الله :
"ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين".
واستحسن الشافعي الحلف على المصحف ومس أي جزء من الكعبة وغير ذلك ..
ومن أصول أبي حنيفة الاستحسان على ما هو معروف في اصول الفقه.
ومن أصول مالك وغيره العمل بالمصالح المرسلة وهي امور يستحبها أو يوجبها مع عدم ورود دليل خاص بها .
واستحسن أحمد بن حنبل التعريف بالامصار أي اجتماعهم يوم عرفة للدعاء في مكان وهم غير حجاج لموافقة الحجاج وغير ذلك .
¤ وقال ابن القيم رحمه الله :
سمعت ابن تيمية رحمه الله يقول :
(من واظب على "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت" كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر أربعين مرة أحيا الله بها قلبه)
فهل البخاري مبتدع حينما أحدث صلاة لم يفعلها السلف، وها هو ابن تيمية يفعل شيئا لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته، فلماذا لم يقل له تلامذته أو أقرانه : من أين لك هذا الدعاء، وبهذا العدد تحديدا، وبهذا الوقت تحديدا ؟
وهل قال له أحد: لو كان خيرا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته؟ هل فاتهم وتذكرته ؟ لا لم يقل له احد ذلك، بل عد ابن القيم ذلك من مناقبه رحمهما الله .
وغير ذلك كثير جدا، وفيما ذكرناه كفاية.
والحمد لله أولا وآخرا .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه الشيخ سيف علي عصري
حفظه الله ورعاه
#طريق_خاطئ من طرق الاستدلال :
قاعدة (١) : [عدم الورود لا يعني ورود العدم].
قاعدة (٢) : [عدم الوجدان لا يعني عدم الوجود].
ً
تنتشر بعض الفتاوى في الانترنت حول مسألة ما، وهذه المسألة مختلف فيها مثلا، ويحتج من يفتي بالتحريم بقول (لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به) أو يقول (لم يفعله الصحابة او التابعون ...)
او يقول : (لو كان خيرا لسبقونا اليه)
والغريب ان الكلام قد لا يكون عن فعل مستحب او واجب أو حرام، إنما يكون عن خلاف في فعل هل هو جائز (مباح) أو حرام..
ولي هنا وقفات :
أولها:
يجب ان نعرف بأن هذا الكلام (لو كان خيرا لسبقونا اليه) ليس أصلا من أصول الاستدلال في الشريعة.
ثانيا:
إن ترك الفعل لا يدل على تحريمه، فالشيء الذي لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على التحريم، إنما يدل على عدم الوجوب أو الاستحباب.
ثالها:
إن كان الكلام يدور حول فعل جائز فماذا يعني اذا لم يفعله السلف، هو جائز وليس واجبا او مستحبا كي نستغرب عدم فعلهم له.
رابعا:
ورد عن بعض سلف الأمة وأئمتها أفعال لم يامر بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها، منها :
لما أشار عمر على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن قال له أبو بكر : كيف أفعل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال له عمر : هو والله خير . فاقتنع أبو بكر وأجمع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فكان إجماعا على مشروعية كل ما هو نظير له مما فيه نفع عام للأمة وإن لم يكن له شاهد من الشرع بخصوصه، كعمل المدارس والمعاهد الشرعية والوزارات الدينية والمجامع الفقهية والمسابقات العلمية الشرعية والبرامج الدعوية المختلفة والجمعيات الخيرية.. كلها لم يرد عليها دليل خاص إلا أنها تندرج تحت أصول الشريعة العامة الآمرة بفعل كل ما فيه خير لعموم الأمة كما قال تعالى : وافعلوا الخير لعلكم تفلحون .
¤ كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قد قسم دهره ثلاث ليال؛ ليلة يبيتها قائما، وليلة راكعا، وليلة ساجدا.
¤ وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تعطر أموال الصدقة.
وغيرها كثير من أفعال لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بها، مع ان هذه عبادات وليس من امور العادات والمباحات.
وكذلك من بعد الصحابة من السلف والأئمة، منها:
¤ كان الامام مالك لا يلبس نعالا ولايركب دابة في المدينة المنورة، وكان يقول: أنا أستحي من الله أن أطأ تربة نبي الله بحافر دابة .
فهل قال احد للإمام مالك :
هل أنت تحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صحابته الذين مشوا بنعالهم وركبوا الدواب في المدينة؟ هل فاتهم ذلك وتذكرته أنت ؟ لا لم يقل له أحد ذلك.
وقال البخاري رحمه الله :
"ما وضعت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين".
واستحسن الشافعي الحلف على المصحف ومس أي جزء من الكعبة وغير ذلك ..
ومن أصول أبي حنيفة الاستحسان على ما هو معروف في اصول الفقه.
ومن أصول مالك وغيره العمل بالمصالح المرسلة وهي امور يستحبها أو يوجبها مع عدم ورود دليل خاص بها .
واستحسن أحمد بن حنبل التعريف بالامصار أي اجتماعهم يوم عرفة للدعاء في مكان وهم غير حجاج لموافقة الحجاج وغير ذلك .
¤ وقال ابن القيم رحمه الله :
سمعت ابن تيمية رحمه الله يقول :
(من واظب على "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت" كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر أربعين مرة أحيا الله بها قلبه)
فهل البخاري مبتدع حينما أحدث صلاة لم يفعلها السلف، وها هو ابن تيمية يفعل شيئا لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته، فلماذا لم يقل له تلامذته أو أقرانه : من أين لك هذا الدعاء، وبهذا العدد تحديدا، وبهذا الوقت تحديدا ؟
وهل قال له أحد: لو كان خيرا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته؟ هل فاتهم وتذكرته ؟ لا لم يقل له احد ذلك، بل عد ابن القيم ذلك من مناقبه رحمهما الله .
وغير ذلك كثير جدا، وفيما ذكرناه كفاية.
والحمد لله أولا وآخرا .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه الشيخ سيف علي عصري
حفظه الله ورعاه
_________________
مواضيع مماثلة
» إظهار الفاقة إليه تعالى
» الايبانة عن اصول الديانة بيان عقيدة الإمام ابا الحسن الأشعري
» بيان حكم المجسم
» في بيان من له حق التصحيح والتضعيف
» بيان من له حق التصحيح والتضعيف
» الايبانة عن اصول الديانة بيان عقيدة الإمام ابا الحسن الأشعري
» بيان حكم المجسم
» في بيان من له حق التصحيح والتضعيف
» بيان من له حق التصحيح والتضعيف
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى