الْتَّقْرِير الْـمَنْكُوس لِلْدُّكْتُور #الْوَهَّابِي_فَرْكُوس حَوْل عَقِيدَة الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاء أَهْل الْحَدِيثِ؟!
الْتَّقْرِير الْـمَنْكُوس لِلْدُّكْتُور #الْوَهَّابِي_فَرْكُوس حَوْل عَقِيدَة الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاء أَهْل الْحَدِيثِ؟!
الْتَّقْرِير الْـمَنْكُوس لِلْدُّكْتُور #الْوَهَّابِي_فَرْكُوس حَوْل عَقِيدَة الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاء أَهْل الْحَدِيثِ؟!
طَالَعْتُ مَا كَتَبَهُ هَذَا الْوَهَّابِي فِي مَقَالِهِ الَّذَي يَعُجُّ بِالاِفْتِرَاءِ وَالْطَّعْنِ فِي عَقِيدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاء أَهْل الْحَدِيثِ، فَلَـمْ أَجِد فِيمَا قَرَّرهُ مِنْ أَكَاذِيب وَهَرْطَقَاتٍ مَا يَسْتَحِقُّ الاِلْتِفَات وَالْتَّعْلِيق أَصْلًا غَيْر الْتَّنْبِيه عَلَى طَرِيقَته الْخَسِيسَة وَمُحَاوَلَته الْبَئِيسَة لِبَثِّ سُمُومِ (الْتَّجِسِيمِ!) وَ(الْتَّكْفِيرِ!) مُتَسَتِّرًا تَحَتَ عَبَاءَة جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَزَائِرِيِّينَ الْبَادِيْسِيَّة؟!، فَأَحْبَبْتُ بَيَان مَا يَلِي:
أَوَّلًا: ادَّعَى الْوَهَّابِي فِي مَقَالهِ(1) قَائِلًا: ((فمَنْ صدَّ عن مذهبِهم وأَعرضَ عن منهجهم)) أَيْ: الْتَّيْمِيَّة وَالْوَهَّابِيَّة ((وزَعَم أنَّه يَسَعُ أهلَ الكلام والأهواءِ والافتراقِ الانتسابُ إلى مذهبِ أهل السنَّة))؟! يَقْصِد بِدَرَجَةٍ أُوْلَى سَادَتهُ الْـمُتَكَلِّمَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَتَطَفَّلُ هَذَا الْنَّاكِر لِلْجَمِيلِ عَلَى تَحْقِيقَاتِهِم فِي كُلِّ الْعُلُومِ كَمَا تَجِدْهُ فِيمَا يُسَوِّدهُ فِي مَكْتُوبَاتِهِ الْهَزِيلَةِ فَـ: "يَأكُل الْغَلَّة لِيَسُبَّ الْـمِلَّة" كَمَا يُقَالُ عِنْدَنَا فِي الْجَزَائِر، لِيَقُول: ((فهو ـ كما قِيلَ: "أَضلُّ مِنْ حمارِ أهله"، يتقلَّب في غفلةٍ عن الهدى، ويتخبَّط في ظُلُمات الجهل والضلال))؟!
فَكُل مَنْ نَسَبَ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّة إِلَى أَهْلِ الْسُّنَّةِ فَهُوَ: "أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أهْلِهِ؟!" هَكَذَا يَزْعُم هَذَا الْوَهَّابِي كَمَا تَرَى؟!، وَطَبْعًا يَقْصِد بِأَهْلِ الْسُّنَّةِ شَجَرَةَ زَقُّوم (الْتَّيْمِيَّة!) (الْـمُجَسِّمَة!) وَمَا يَنْدَرج تَحْتَهَا مِن طُفَيْلِيَّات تَكْفِيرِيَّة؟!...
وَاسْتَمِع إِلَيْهِ يَقُول فِي الْهَامِش رَقَم "8": ((فلا تضرُّ هذه التسمياتُ المُختلِفة لأهل السنَّة والجماعة، فضلًا عن التي يطعن فيهم بها أهلُ الأهواء والبِدَع، مثل لمزِهم بالحشوية والناصبة والتيمية والوهَّابية والباديسية والجامية والمدخلية وغيرها))؟!
إِذًا فَهَذَا الْوَهَّابِي يَحْشُر الْبَادِيسِيَّة فِي زُمْرَةِ حِزْبِ سَلَفهِ (الْتَّيْمِيَّة!) (الْـمُجَسِّمَة!)؟! وَكَأنَّ مَشَايِخ جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَزَائِرِيِّينَ كَانُوا عَلَى مَشْرَبِ مَشَايِخه فِي (الْتَّجْسِيمِ!) وَ(الْتَّشْبِيه!) يَقُولُون بِعَقِيدَةِ الْجُلُوس وَالاِسْتِقْرَارِ وَالْقُعُودِ وَإِثْبَاتِ الْحَرَكَةِ وَالاِنْتِقَالِ وَالْصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ وَالْقَوْلِ بِالْتَّبْعِيضِ وَالْتَّجَزِّي وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ وَنِسْبَة الْتَّغَيُّرِ وَالْتَّحَوُّلِ وَ...غَيْرهَا مِن عَقَائِد الْوَثَنِيَّة الَّتِي يَتَفَانَى فِي إِثْبَاتِهَا لله جَلَّ وعَزَّ (الْتَّيْمِيَّة!) وَ(الْوَهَّابِيَّة!) سَلَف هَذَا الْوَهَّابِي الْـمُتَخَبِّط فِي غَيَابَاتِ الْتَّنَاقُضِ وَ(الْتَّجِسِيمِ!)؟! وَهَذِهِ الْـمُنَاوَرَة الْمَكْشُوفَة الْعَوَار هِيَ مِنْ جُمْلَة (الْتَّكْتِيكَات!) الْـمَعْرُوفَة عِنْدَ الْوَهَّابِيَّة؟!، فَالْرَّجُل يُرِيد أَنْ يُصَوِّر لِلْمَفْتُونِينَ بِهِ وَكَأَنَّ عَقِيدَة (الْتَّيْمِيَّة!) فِي (الْتَّجِسِيم!) كَانَتْ مُتَجَذِّرَة فِي أَرْضِ هَذَا الْوَطَن "الْجَزائِر" وَمُتَأَصِّلَة فِيه، وَلَهَا مَرْجَعِيَّة حَمَلَت لِوَاءهَا جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَزَائِرِيِّينَ الْبَادِيْسِيَّة؟!...
وَالْحَقِيقَة أَنَّ تَارِيخ هَذَا الْبَلَد لَـم يَشْهَد قَطُّ قَائِمَةً لِهَؤْلَاءِ (الْمُجَسِّمَةِ!) بَلْ كُلّ مَعَالِم الْتَّعْلِيمِ فِيهِ كَانَتْ وَلَا تَزَال عَلَى وفقِ مَا ذَكَر سَيِّدِي ابْن عَاشِر: "فِي عَقْدِ الْأَشْعَرِي و فِقْهِ مَالِك***وفِي طَرِيقَةِ الْجُنَيْدِ الْسَّالِك"...
ثَانِيًا: صَحِيحٌ أَنَّ جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَزَائِرِيِّينَ الْبَادِيْسِيَّة وَفِي كُلِّ مَا يَمُتُّ بِصِلَةٍ إِلَى مَسَائِلِ الْقُبُور وَدَعَاوي الْتَّمَجْهُدِ كَانَتْ -بِدَرَجَاتٍ مِنَ الْتَّفَاوُتِ عِنْدَ مَشَايِخِهَا- عَلَى أُصُولِ الْبِدْعَةِ (الْتَّيْمِيَّةِ!) وَ(الْوَهَّابِيَّةِ!)، وَلَكِن فِي الْعَقِيدَة أَعْنِي: تَوْحِيد الله فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَقَدْ كَانُوا عَن بَكْرَةِ أَبِيهِم عَلَى عَقِيدَة هَذَا الْبَلَد أَشَاعِرَة بَيْنَ الْتَّفْوِيضِ وَالْتَّأْوِيل: يَنْفُونَ مُطْلَقَ الْتَّشْبِيهِ عَنْ رَبِّهِم وَيُنَزِّهُونَهُ تَعَالَى عَنِ الْجِهَةِ وَالْمَكَانِ وَيَنْفُونَ عَن كَلَامِهِ الْحُرُوف وَالْأَصْوَات وغَيْرهَا مِنْ سِمَاتِ (الْجِسْمِيَّةِ!)؟!، كَمَا يُثْبِتُونَ الاِسْتِوَاء وَالْنُّزُول بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا حَمْلٍ لَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا اللُّغَوِي الْمَعْرُوف فِي حَقِّ الْـمَخْلُوقِ وَهَذَا تَفْوِيضٌ مَحْضٌ، وَيَتَأَوَّلُونَ فِي صِفَةِ الْرَّحْمَةِ وَالاِسْتِحْيَاءِ وَالْـمَحَبَّةِ وَالاِعْرَاضِ وَ...الخ
فَزَعْم هَذَا الْوَهَّابِي بِأَنَّ الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّة كَانَتْ عَلَى مَشْرَب (الْتَّجْسِيمِ!) بِنَاءً عَلَى بَعْض مُتَشَابه الْأَقْوَال الْحَمَّالَة أَوْجُه وَالَّتِي صَدَرَت عَنْ بَعْض مَشَايِخ الْجَمْعيَّة، مِنْ دُونِ الْرُّجُوعِ إِلَى مُحْكَمِ مَوَاقِف الْقَوْم الْصَّرِيحَةِ فِي هَذَا الْشَّأْنِ لَا يُعَدُّ إِلَّا مَحْض تَلْبِيسٍ عَهِدنَاهُ مِن سَلَفهِ (الْمُجَسِّمَة!) لِذَاتِ الْسَّبَب الـمَذْكُور آنِفًا وَالْـمُتَعَلَّق بِمُحَاوَلَة الْوَهَّابِيَّةِ اخْتِلَاق مَرْجَعِيَّة لَهُم فِي هَذَا الْبَلَد؟!...
ثَالِثًا: نَذْكُر لِلْقَارِئ الْكَرِيم بَعْض نُصُوص مَشَايِخ الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسْيَّة وَكِبَار تَلَامِذةِ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس الْصَّرِيحَة فِي هَذَا الْشَّأْنِ وَالَّتِي تُبَيِّنُ بِمَكَانٍ مَدَى افْتِرَاء هَذَا الْوَهَّابِي عَلَى الْأُمَّةِ الْجَزَائِرِيَّةِ:
قَالَ أمِينُ مَالِ جَمْعِيَّة العُلَمَاء الـمُسْلِمِين الْـجَزَائِرِيِّين الشَّيْخ مُبَارَك الـمِيلِي (1896م-1945م): ((وَدَبَّ فِي الأَوْسَاطِ الْإِسْلاَمِيَّة مَبْدَأ الْتَّصَوُّفِ عَلَى قَدَمَيْ: الْإِفْرَاطِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْتَّفْرِيطِ فِي الْدُّنْيَا، وَاشْتَمَلَ كَسَائِر الْـمَبَادِئِ عَلَى: الْصِّدِّيقِ وَالْزِّنْدِيقِ، وَلَكِنْ كَانَ الْغَالِب عَلَى رِجَالِهِ: الْعِلْم بِالْدِّينِ وَالْصِّدْق فِي الْعَمَلِ وَمُوَالاَة الْسَّلَفِ، فَكَانُوا فِي الاِعْتِقَادَاتِ: مُحَدِّثِينَ سَلَفِيِّينَ، أَوْ مُتَكَلِّمِينَ أَشْعَرِيِّينَ وَمَاتُرِيدِيِّينَ، وَفِي الْعِبَادَاتِ: مَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ أَوْ شَافِعِيِّينَ أَوْ حَنْبَلِيِّينَ، وَاشْتَهَرَ مِنْهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْد، فَانْتَسَبَ إِلَيْهِ مَنْ بَعْدَهُ فِي آدَابِ الْسُّلُوكِ، وَبِهَذَا كَانَ الْتَّصَوُّفَ مَرضِيًّا عِنْدَ أَهْلِ الْسُّنَّةِ لاِنْتِسَابِ رِجَالِهِ إِلَى الْأَئِمَّةِ الـمَرْضِيِّينَ، كَمَا قَالَ صَاحِب "الْجَوْهَرَةِ": وَمَالِـكٌ وَسَـائِـرُ اْلأَئِـمَّـهْ *** كَـذَا أَبُـو الْقَاسِـمْ هُـدَاةُ اْلأُمَّـهْ))(2)؟!
فَالْشَّيْخ مُبَارَك الْمِيـِلي يُقَرِّر بِصَرِيحِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ أَهْل الْسُّنَّة وَالْجَمَاعَة الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ:
(أ) مِن الْمَذَاهِبِ الْمَرْضِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْسُّنَّةِ
(ب) رِجَال الْعِلْم بِالْدِّين
(ت) وَالْصِّدْق فِي الْعَمَلِ
(ث) وَمُوَالَاة الْسَّلَفِ عَقِيدَةً وَمَنْهَجًا
وَلَيْسَ هَذَا الْمَوْقِف مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْشَّيْخ مُبَارَك الْمِيـِلي بَلْ هُوَ أَيْضًا مَوْقِف كِبَار مَشَايِخ الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسيَّة وَبِالْأَحْرَى مَوْقِف الْـمَجْلِس الْإِدَارِي لِجَمْعِيَّة العُلَمَاء الـمُسْلِمِين الْـجَزَائِرِيِّين الْبَادِيسيَّة؟!...
نَعَمْ؛ فَقَد زَكَّى الـمَجْلس الْبَادِيسِي الْمَذْكُور الْرِّسَالَة الَّتِي زَبَرَ فِيهَا الْشَّيْخ مُبَارَك الْمِيـِلي تَزْكِيَته الآنِفَة الْذِّكْر لِأَهْلِ الْسُّنَةِ الْأَشَاعِرَةِ وَالْـمَاتُرِيدِيَّة، ثُـمَّ إِنَّ مَا جَاءَ فِي رِسَالَة "الْشِّرْك وَمَظَاهِره" يُعَدُّ دُسْتُورَ الْجَمْعِيَّةِ الْبَادِيسيَّة فِي مَوَاقِفهَا الْخِلَافِيَّةِ مَعَ الْزَّوَايَا الْطُّرُقِيَّةِ وَالْـمُحافِظَةِ؟!...
نَعَمْ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي تَقْرِير الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّةِ رَقَمَه كَاتِبهَا الْعَام الْشَّيْخ الْعَرْبِي الْتَّبَسِّي (ت:1957م) حَوْلَ الْرِّسَالَةِ الْمَذْكُورَة، مَا نَصُّهُ: ((الْـمَجْلِس الْإِدَارِي لِجَمْعِيَّةِ الْعُلَمَاء يُقَرِّرُ أَنَّ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ رِسَالَة: "الْشِّرْك وَمَظَاهِره" لِـمُؤَلِّفهَا الْأُسْتَاذ مُبَارَك الْـمِيلِي، هُوَ: عَيْنُ الْسُّنَّةِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْرِّسَالَة تُعَدُّ مِنَ الْكُتُبِ الْـمُؤَلَّفَةِ فِي نَشْرِ الْسُّنَّةِ وَرَدِّ الْبِدَعِ))(3)؟!
ثُـمَّ أَكَّدَ الْشَّيْخ الْعَرْبِي الْتَّبَسِّي إِجْمَاع الْـمَجْلِس الْإِدَارِي لِلْجَمْعِيَّةِ الْبَادِيسِيَّةِ عَلَى كُلِّ مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْرِّسَالَةِ، وَهَذَا بَعْدَ أَنْ عَرَضَهَا مُؤَلِّفهَا فَتَصَفَّحهَا الْـمَجْلِس الْـمَذْكُور وَاسْتَقْصَى مَسَائِلهَا، فَقَالَ: ((...وعَرَضَ هَذهِ الْرِّسَالَة عَلَى مَجْلِس إِدَارَةِ الْـجَمْعِيَّةِ، فَتَصَفَّحَهَا، وَاسْتَقْصَى مَسَائِلَهَا، فَإِذَا هِيَ رِسَالَة تُعَدُّ فِي أَوَّلِيَّاتِ الْرَّسَائِلِ أَوْ الْكُتُبِ الْـمُؤَلَّفَةِ فِي نَصْرِ الْسُّنَنِ وَإِمَاتَةِ الْبِدَعِ، تَقَرُّ بِهَا عَيْن الْسُّنَّةِ وَالْسُّنِّيِّينَ، وَيَنْشَرِحُ لَهَا صُدُور الْـمُؤْمِنِينَ...وَإِنَّ الْـمَجْلِسَ الْإِدَارِي لِـجَمْعِيَّة الِعُلَمَاء يُقَرِّرُ بِإِجْمَاعِ أَعْضَائِهِ أَحَقِيَّة مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْرِّسَالَةِ الْعِلْمِيَّةِ الْـمُفِيدَةِ، وَيُوَافِقُ مُؤَلِّفهَا عَلَى مَا فِيهَا، وَيَدْعُو الْـمُسْلِمِينَ إِلَى دِرَاسَتِهَا وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهَا، فَإنَّهُ الْعَمَل بِالْدِّينِ))(4)؟!...
إذاً، فَأَهْل الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وِفْقَ تَقْرِيرِ وَإِقْرَارِ الْـمَجْلِس الْإِدَارِي لِلْجَمْعيَّةِ الْبَادِيسِيَّةِ، كَانُوا فِي الاِعْتِقَادَاتِ:
(أ) ((مُحَدِّثِينَ سَلَفِيِّينَ)): وَالْـمَقْصُود بِهِم فُضَلَاء أَهْل الْـحَدِيث مِمَّن غَلَبَ عَلَى طَرِيقَتِهِم: التَّفْوِيض...
(ب) ((أَوْ مُتَكَلِّمِينَ أَشْعَرِيِّينَ وَمَاتُرِيدِيِّينَ)): أَيْ مُتَكَلِّمَة أَهْل الْسُّنَّةِ الْذَّابِّينَ عَنْ حِيَاضِ الْعَقِيدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْاُصُولِ الْشَّرْعِيَّةِ: الْسَّادَةُ الْقَادَةُ الْأَشَاعِرَة والْـمَاتُرِيدِيَّة مِمَّن غَلَبَ عَلَى طَرِيقَتِهِم الْتَّأْوِيل.
وَلَا يَذْهَبَنَّ بِكَ الْوَهْم إِلَى أَنَّ طَرِيقَة الْـجَمْعِيَّة هِيَ الْتَّفْوِيض بِإِطْلَاقٍ أَوْ الْتَّأْوِيل أَيْضًا بِإِطْلَاقٍ؟! بَل اسْتِقْرَاء تُرَاث الْقَوْمِ يُؤَكِّدُ أَنَّ الْقَوْم يُؤَوِّلُونَ فِي مَوَاضِع ويُفَوِّضُونَ فِي أُخْرَى، وَلَا أَدَلَّ عَلَى هَذَا مِن الاِسْتِشْهَادِ بِمَا جَاءَ فِي رِسَالَةِ "الْشِّرْك وَمَظَاهِره" نَفْسهَا مِنْ تَأْوِيلِ الْـمَحَبَّة بِلَازِمِهَا فِي حَقِّهِ تَعَالَى، فَقَدْ قَالَ الْشَّيْخ مُبَارَك الْـمِيلِي هُنَاكَ تَحْتَ عُنْوَانِ "الْـمَحَبَّة فِي الْقُرْآنِ": ((قَوْلهُ تَعَالَى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾[الـمَائِدَة:54] فَمَحَبَّةُ اللَّه تَعَالَى لِلْعَبْدِ: إِنْعَامهُ عَلَيْهِ...وَقَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة:222] أَيْ: يُثِيبهُم و يُنْعِم عَلَيْهِم))(5)؟! فَمَحَبَّةُ الله عِنْد مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ لَيْسَت عَلَى ظَاهِرِهَا اللُّغَوِي كَمَا يُدَنْدِنُ (الْتَّيْمِيَّة!) (الْمُجَسِّمَةُ!)، بَلْ هِيَ عِنْدَ الْبَادِيسِيَّة مُؤَوَّلَة بِلَازِمِهَا؟!...
وَقَالَ الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي (ت:1960م) فِي تَقْدِيمِهِ وَتَزْكِيته لِلْرِّسَالَةِ الْـمَذْكُورَةِ: ((تَـمَّ طَبْع هَذَهِ الْرِّسَالَة، بَلْ هَذَا الْكِتَاب الْقَيِّم الْوَحِيد فِي بَابِهِ، وَالَّذِي لَمْ يَسْبَق لِعَالِمٍ جَزَائِرِيٍّ أَنْ أَلَّفَ فِي مَوْضُوعِهِ، فَجَاءَ بُرْهَانًا عَلَى مَا فِي الْجَزَائِر الْيَوْمِ مِنْ نَهْضَةٍ عِلْمِيَّةٍ إِصْلاَحِيَّةٍ ودَعْوَةٍ إِلَى عَقِيدَةِ الْحَقِّ الْسَّلَفِيَّةِ...وَبِالجُمْلَةِ فَهُوَ الْعَقِيدَة الْإِسْلاَمِيَّة الْـخَالِصَةِ وَالْدَّعْوَة الْإِصْلاَحِيَّة الْوَاضِحَة، وَلِهَذَا قَرَّرَت جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء نَشْرهُ بِاسْمِهَا بَعْدَ الْـمُوَافَقَةِ عَلَى كُلِّ فِيهِ، لِيَكُونَ سَبَبًا فِي بَيَانِ دَعْوَتهَا وحُجَّة ضِدَّ كُلِّ مَنْ وَقَفَ فِي طَرِيقِهَا. يَشْتَمِلُ الكِتَاب عَلَى أَكْثَرَ مِنْ 321 صفحة بالقطَع الـمُتَوَسِّط، مَطْبُوعٌ طَبْعًا مُتْقَنًا ومُصَحَّحٌ بِغَايَة الاِعْتِنَاءِ فِي الْـمَطْبَعَةِ الْجَزَائِرِيَّة بِقَسَنْطِينَة، ويَكْفِي فِي وَصْفِهِ والْتَّنْوِيهِ بِقَدْرِهِ أنَّ مُؤلِّفهُ هُوَ الأُستَاذ الـمِيلِي، وأنَّ جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء اِرْتَضَتْ نَشْرَهُ وإِذَاعَتَهُ بَيْنَ الْعُمُومِ عَلَى عُهْدَتِهَا وبِاسْمِهَا...))(6)؟! وَتَأَمَّل تَأْكِيد الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي: ((وَلِهَذَا قَرَّرَت جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء نَشْرهُ بِاسْمِهَا بَعْدَ الْـمُوَافَقَةِ عَلَى كُلِّ فِيهِ)) فَكَلَام الْشَّيْخ مُبَارَك الْمِيلِي فِي الْأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيديَّةِ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَجْمَعَ الْمَجْلِس الْإِدَارِي لِلْجَمْعِيَّةِ -كِبَار مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ الْبَادِيسِيَّةِ- عَلَى أَحَقِّيَّتِهِ وَنَشْرِهِ وَتَبَنِّيهِ...
وَنَقُولُ لِهَذَا الْوَهَّابِي مَا رَأْيُكَ أَيْضًا فِيمَا كَتَبَهُ مُفْتِي الْجَمْعِيَّةِ الِبَادِيسِيَّةِ الْشَّيْخ الْسَّعِيد الْزَّوَاوِي (1952م) حِينَ يَعْتَزُّ بِحِفْظِ مُتُونِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة مِنَ الْسَّنُوسِيَّةِ وَالْـجَوْهَرَةِ الْتَّوْحِيدِيَّةِ كَمَا يُسَمِّيهَا، وَكَذَلِكَ الْعَقِيدَة الْنَّسَفِيَّة الْمُعْتَبَرَة عِنْدَ الْسَّادَة الْمَاتُرِيدِيَّةِ فَهِيَ عِنْدَ هَذَا الْمُفْتِي مِنَ الْعَقَائِدِ الْـمَرْضِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْسُّنَّةِ قَاطِبَةً مِنْ دُونِ اسْتِثْنَاءٍ، وَاسْتَمِع إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: ((...فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْنَّسَفِيَّةِ الْشَّهِيرَةِ...وَكُنْتُ حَفِظْتُهَا كَمَا حَفِظْتُ الْسَّنُوسِيَّةَ وَالْـجَوْهَرَةَ الْتَّوْحِيدِيَّةَ...وَنَصُّ الْـمَقْصُودِ فِي الْـخِلاَفَةِ فِي الْعَقَائِدِ الْنَّسَفِيَّةِ الْشَّهِيرَةِ الْـمَرْضِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْسُّنَّةِ قَاطِبَةً هُوَ...))(7)؟! وَقَالَ أَيْضًا: ((وَبِهَذَا أَخَذَ الإِمَامُ الْنَّسَفِي فِي عَقِيدَتِهِ الْـمُعْتَبَرَة))(؟!...
وعِنْدَ تَطَرُّقِهِ لِطَرَائِقِ التَّعْلِيمِ فِي مَنْطِقَةِ "زَوَاوَة"، حَثَّ الْشَّيْخ الْزَّوَاوِي عَلَى تَقْسِيمِ الْطَّلَبَةِ الْصِّغَارِ إِلَى طَبَقَاتٍ حَسْبَ أَعْمَارِهِم ثُـمَّ عَلَى وفْقِ مَلَكَةِ الاِسْتِعْدَادِ وَالْإِدْرَاكِ، مَعَ الْعِنَايَةِ بِتَطْوِيرِ مَلَكَةِ الْحِفْظِ وَالْتَّمَادِي فِي هَذَا الْـسَّبِيل إِلَى حَدِّ البُلُوغِ مَعَ الْقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْتَّوْحِيدِ وَغَيْرهَا مِنَ الْفُنُونِ الَّتِي تُدَرَّس مِنْ الْكُتُبِ الـمُتَاحَةِ فِي بِلاَدِ نَشْأَتِهِ "زَوَاوَة"، فَقَالَ مَا نَصُّهُ: ((وَأَمَّا الْتَّوْحِيدُ: فَيُكْتَفَى فِيهِ بِكِتَابِ الإِرْشَادِ لِإِمَامِ الْـحَرَمَيْنِ، ثُـمَّ الْسَّنُوسِيَّة الْـمَرْضِيَّة، وَلَكِنْ بِاعْتِدَالٍ وَعَدَمِ تَشْدِيدِ النَّكِيرِ وَلَعْنِ الـمُخَالِفِ، وَالأَوْلَى السُّكُوت عَنْهُ، وَمَنْ يَشْتُم النَّاسَ يُشْتَم، وَلَعَلَّ لِذَلِكَ سُمِّيَ التَّوْحِيدُ: عِلْمَ الكَلاَمِ))(9)؟!...
وقَالَ أَيْضًا فِي تَزْكِيَةِ كِتَابِ "الْـمَوَاقِفِ" الـمَعْرُوفِ فِي تَقْرِيرِ عَقَائِد الْسَّادَة الأَشَاعِرَة لِلْعَلاَّمَةِ عَضُد الْدِّين الْإِيْجِي، مَا نَصُّهُ: ((الْمَوَاقِف أَكْبَرُ كِتَابٍ وَمُنْتَهَى فِي عِلْمِ الْعَقَائِدِ))(10)؟!..الخ
وَالْآن، هَلْ يَنْطَبِقُ كَلَام الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كُلِّ مَنْ يَعُدُّ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيديَّة مِنْ خُلِّصِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ، بِوَصْفِهِ بِأَنَّهُ: (("أَضلُّ مِنْ حمارِ أهله"))؟! عَلَى كِبَارِ مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ الِبَادِيسِيَّةِ الَّتِي يَتَمَسَّح بِهَا هُوَ نَفْسهُ، وَيُرِيدُ حَشْو هَذَا الْبَلَد "الْجَزَائِر" بِبِدْعَةِ (الْتَّجْسِيمِ!) وَ(الْتَّكْفِيرِ!) (الْوَهَّابِيَّةِ!) مُخْتَفِيًا تَحْتَ عَبَاءَةِ هَذِهِ الْجَمْعِيَّة الْـمَذْكُورَةِ بِالْذَّاتِ، أمْ لَا يَنْطَبِق؟!...
رَابِعًا: نَقُولُ لِهَذَا الْوَهَّابِي: إِذَا كُنْت حَقًّا تُقِرُّ بِالْأُصُول الْمَنْهَجِيَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْأَصْل الْأَصِيلِ: "الْعِبْرَة بِالْمَعَانِي لَا بِالْمَبَانِي"، فَيَلْزمُك أَنْ تَنْفَذَ إِلَى رُوحِ الْكَلِمَاتِ وَالْعِبَارَاتِ وَمِنْ ثَـمَّ رَدِّ الْمُتَشَابِهَاتِ إِلَى الْمُحْكَمَاتِ عِنْدَ اسْتِقْرَاءِ تُرَاثِ الْجَمْعِيَّةِ الْبَادِيسِيَّةِ، فَمِنَ الْعَبَثِ بِمَكَانٍ مُحَاوَلَة الْتَّشَبُّث بِحَمْلِ هَذِهِ الْجَمْعِيَّة شِعَار "الْسَّلَفِيَّة" لِإِلْحَاقِهَا رَأْسًا بِعَقِيدَةِ سَلَفِكَ (الْتَّيْمِيَّة!) (الْمُجَسِّمَةِ!)؟! فَالاِشْتِرَاك فِي دَعَاوى الاِنْتِمَاء لَا يُوجِبُ الاِشْتِرَاك فِي نَفْسِ الْأُصُول؟!، فَالْبَاحِث الْحَقِيقِي يَبْنِي بَحْثه عَلَى الْحَقَائِق الْمُحْكَمَةِ وَلَا يَلْعَب عَلَى وَتَرِ الْمُتَشَابِهِ، وَعَلَى إِثْرِ هَذَا نَقُولُ لِهَذَا الْوَهَّابِي مَا قَوْلُكَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَقَائِقِ الْثَّابِتَةِ:
قَالَ الْعُضْو الْـمُؤسِّس لِلْجَمِعِيَّةِ وَخَطِيبهَا الْبَارِز الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي مُنَزِّهًا الله عَنِ الْجِهَةِ وَالْمَكَانِ وَالْمَحَلِّ، مَا نَصُّهُ: ((هُوَ اللهِ جَلَّ وعَلاَ وتَقَدَّسَ وتَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَـحْتَاجَ إِلىَ مَـحَلٍّ وَمَكَانٍ. ويَعْلَمُ كُلُّ مَنْ لَهُ إِلْـمَامٌ بِالْدِّيَانَةِ أَنَّ هَذِهِ الْعَقِيدَة عَقِيدَة الْحُلُولِ وَالاِتِّحَادِ...قَدْ تَجَاوَزَ فِيهَا مُعْتقِدُهَا والْدَّاعِي إِلَيْهَا كُلَّ مَا قِيلَ عَنْ غُلَاةِ رِجَال الْكَنِيسَةِ مِنَ الأُرْثُودُكْسِيِّينَ ومُتَعَصِّبَةِ الْـمَجُوسِ الْبُوذِيَّة أَوْ الْـمُجَسِّمَة وَالْـمُشَبِّهَة))(11)؟! وَقَالَ مُعْلِنًا عَنْ عَقِيدَةِ حِزْبه "حِزْب الْإِصْلَاح" فِي مَعْرِضِ كَلَامِهِ عَنْ مُبَاهَلَةِ الْطُّرقِيَّةِ، مَا نَصُّهُ: ((وَنَحْنُ نَحْمَدُ الله وَنَقُولُ: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النِّساء:171]، وَنَعْبُدُهُ وَحْدَهُ، وَنْدْعُوهُ وَحْدَهُ، وَلَا نَدْعُو مَعَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَمَا كَانَ، وَلَا نُشْرِك بِهِ شَيْئاً، وَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، ولاَ يـَحِلُّ في مَـحَلٍّ، وَلاَ يَـحْوِيهِ مِنْ خَلْقِه شَيْءٌ، وَلاَ يَتَّحِدُ بِشَيْءٍ، وَنَعْتَقِدُ أَنَّ الوُجُودَ: خَلْقٌ وخَالِقٌ وَمُوجِدٌ قَدِيـمٌ))(12)؟!...
فَهَذِهِ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ مِن أَوَّائِل مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ الِبَادِيسِيَّة يُعْلِنُ فِيهَا صَاحِبهَا الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي عَقِيدَة "حِزْب الْإِصِلَاح" البَادِيسِي وَعَلَى جَرِيدَةِ الْشِّهَابِ الَّتِي يُشْرِفُ عَلَيْهَا الْشَّيْخ ابْن بَادِيس نَفْسهُ، وَكَمَا تَرَى فَهَذِهِ الْعَقِيدَة تَقُومُ عَلَى تَنْزِيهِ اللهِ عَنِ الْمَكَان وَالْـمَحَلِّ وَالْجِهَةِ، بَلْ إِنَّ نِسْبَة هَذِهِ الْنَّقَائِص عِنْدَ الْقَوْم تُضَاهِي عَقِيدَة: ((غُلَاةِ رِجَال الْكَنِيسَةِ مِنَ الأُرْثُودُكْسِيِّينَ ومُتَعَصِّبَةِ الْـمَجُوسِ الْبُوذِيَّة أَوْ الْـمُجَسِّمَة وَالْـمُشَبِّهَة)) عَلَى حَدِّ تَعْبِير الْرَّجُل؟! وَهَذَا فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ نَاحِيَةِ حُكْم الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي عَلَى الْجِهَوِيَّةِ (الْـمُجَسِّمَةِ!)؟!...
وَتَأَمَّل أَيْضًا نِسْبَة الْرَّجُل عَقِيدَة الْجِهَة وَالْمَكَان إِلَى (الْـمُجَسِّمَةِ!) وَ(الْـمُشَبِّهَةِ!)؟!، فَهُوَ يَقْصِدُ قَطْعًا غُلَاة (الْمُجَسِّمَة!) فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّن اشْتُهِرُوا بِإثْبَاتِ الْجُلُوس وَالْقُعُود وَالاِسْتِقْرَارِ عَلَى مَكَانِ الْعَرْشِ فِي حَقِّ رَبِّهِم؟!...
وَكَتَبَ مُفْتِي الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّة الْشَّيْخ الْسَّعِيد الْزَّوَاوِي كِتَابًا وَسَمَهُ: "الْخُطَب الْـمِنْبَرِيَّة"، وَقَالَ فِي مَقَالٍ عَلَى "جَرِيدَةِ الْشِّهَابِ" بِأَنَّهُ رَقَمَ الْكِتَابَ الـمَذْكُور عَلَى الْطَّرِيقَةِ الْسَّلَفِيَّةِ، فَقَال هُنَاكَ: ((إِنَّ قَصْدِي مِنْ تَأْلِيفِ الكِتَابِ أَمْرَانِ: أَحَدُهَمَا: تَجْدِيدُ طَرْيقَةِ السَّلَفِ فِي إِلْقَاءِ الـخُطَبِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الأَصْلِ فِي ذَلِكَ))(13)، وَبِالْرُّجُوعِ إِلَى بَعْضِ الْتَّقَارِيرِ الْعَقَدِيَّةِ الْوَاضِحَةِ فِي ثَنَايَا هَذَا الْـمَرْقُومِ نَجِدُ الْـمُؤَلِّف الْشَّيْخ الْسَّعِيد الْزَّوَاوِي يَقُولُ مَثَلاً: ((الْـحَمْدُ للهِ الْـمُتَّصِفِ بِالْـكَمَالِ الْدَّائِمِ بِلاَ زَوَالٍ، الْـمُسْتَحِيلِ عَنْهُ الْتَّحَوُّل وَالاِنْتِقَال ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الْشُّورَى:11]، وَهُوَ الْوَلِـيُّ الْكَبِيرُ الْـمُتَعَال، ذُو الْإِحْسَانِ وَالْإِفْضَالِ...وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي صِفَاتِ الْذَّاتِ وَالأَفْعَالِ، وَلاَ مُـمَاثِلَ لَهُ بـِمَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ، وَلاَ ضِدَّ وَلاَ نِدَّ وَلاَ وَزِيرَ))(14)، فَتَنْزِيهُ اللهِ عَنِ الْـحَرَكَةِ وَالاِنْتِقَالِ وَالْتَّغَّيُّرِ وَقِيَامِ الْحَوَادِثِ بِالْذَّاتِ الْعَلِيَّةِ هُوَ مُرَادُ الْشَّيْخ الْزَّوَاوِي بِالْعَقِيدَةِ الْسَّلَفِيَّةِ، وَهَذِهِ الْعَقِيدَةُ الْـمَذْكُورَةُ هِيَ ذَاتهَا عَقِيدَةِ أَهْل الْسُّنَّةِ وَالـجَمَاعَةِ: الْسَّادَة الْأَشَاعِرَةِ وَالـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلاَءِ أَهْلِ الـحَدِيثِ. وَهِيَ عَيْنُ عَقِيدَةِ (الْنُّفَاةِ!) وَ(الْجَهْمِيَّةِ!) عِنْدَ (الْتَّيْمِيَّةِ!) وَ(الْوَهَّابِيَّةِ!)؟! فَتَأَمَّل!
وَمِنَ العَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ عِنْدَ الشَّيْخِ السَّعِيد الزَّوَاوِي أَيْضًا مَا قَرَّرَهُ فِي مَعْرضِ كَلاَمِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ رُؤْيَة اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة وَكَذَلِكَ صِفَة الْكَلاَمِ فِي حَقِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، حَيْثُ قَالَ: ((...كَمَا فِي مَسْأَلَتَيْ خَلْقِ القُرْآنِ والرُّؤْيَةِ الإلَهِيَّة فِي الـجَنَّةِ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الـحُذَّاقِ الـمُصْلِحِينَ مِنَ العُلَمَاءِ الـمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الـمَرْحُومُ الشَّيخُ مُحَمَّد عَبْدُه مُفْتِي الدِّيَّارِ الـمِصْرِيَّةِ والكَاتِبُ الشَّهِيرُ فِي الـمَسَائِلِ الإِصْلاَحِيَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ مَا مُلَخَّصهُ: "حَصَلَ الاِتِّفَاقُ بِأَنْ يُرَى الله تَعَالَى فِي الآخِرَةِ لَكِنْ لَيْسَ بِهَذَا الْبَصَرِ وَلاَ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الْدُّنْيَوِيَّةِ أَيْ بِأَنْ يَنْعَكِسَ الْبَصَرُ إِلَى البَصِيرَةِ، وَهِيَ مَعْنَى قَوْلِ الـمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ لاَ يُرَى، والْثَّانِيَةُ أَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ الله الْأَزَلِيُّ وَأَنَّ الْـحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ مَخْلُوقَةٌ، ذَلِكَ بِأَنَّا أَهْل الْسُّنَّةِ نَقُولُ أَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ الله لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلاَ صَوْتٍ خِلاَفًا لِطَائِفَةٍ مِنَ الـحَنَابِلَةِ يَقُولُونَ أَنَّ كَلاَمَ الله بِحُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ ولَكِنْ لَيْسَتْ كَحُرُوفِنَا وَأَصْوَاتِنَا، وَالْـمُعْتَزِلَة يَقُولُونَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ يَعْنُونَ الـحُرُوفَ والأَصْوَاتَ الَّتِي وَافَقْنَاهُم عَلَيْهَا...الخ لخ"))(15)؟!...
فَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفْتِي الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّة الْشَّيْخ الزَّوَاوِي يَسْلُبُ مِنَ الْرُّؤْيَةِ مُطْلَق الْكَيْفِيَّاتِ الَّتِي يَدَّعِي (الْـمُجَسِّمَة!) (الْتَّيْمِيَّة!) بِأَنَّ مَنْ نَفَاهَا مِنَ الْسَّادَة الأَشَاعِرَةِ وَالـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلاَءِ أَهْلِ الـحَدِيثِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ عَقْلَهُ؟! كَمَا يُرَدِّدُ شَيْخهُم الأَكْبَر ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي وَابْن أَبِي العِزِّ الْـمَحْسُوب عَلَى الْسَّادَةِ الْحَنَفِيَّة فِي شَرْحِهِ الْـمُحَرِّف عَلَى الْعَقِيدَة الطَّحَاوِيَّة؟!...
ثًمَّ إِنَّ صِفَةَ الْكَلاَمِ عِنْدَ الشَّيْخِ السَّعِيد الزَّوَاوِي كَمَا تَرَى صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ وَلَيْسَت حَادِثَةً، كَمَا أَنَّ كَلاَمهُ تَعَالَى لَيْسَ إِلاَّ الْكَّلاَم الْنَّفْسِي فَهُوَ بِلَا حَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ، بِخِلاَفِ (الْتَّيْمِيَّة!) (الْـمُجَسِّمَة!)، فَالكَلاَمُ عِنْدَهُم حَرْفٌ وَصَوْتٌ، يُحْدِثُهُ تَعَالَى فِي ذَاتِهِ وَيُفْنِيهِ وِفْقَ مَشْيئَتِهِ سُبْحَانَهُ؟! فَاللهُ عِنْدَهُم يَخْلُقُ فِي نَفْسِهِ كَمَالاَتِهِ ثُمَّ يُفْنِيهَا شَيْئًا فَشَيْئًا؟!...
وَهُنَاكَ مِنَ الْنُّصُوصِ الأُخْرَى لِمَشَايِخِ الْجَمْعِيَّة مَا يَزِيدُ فِي هَذَا النَّحْوِ مِنَ الْبَيَان، وَيُؤَكِّدُ بِمَكَانٍ أَنَّ عَقِيدَة مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْصِّفَاتِ عِنْدَ الْتَّحْقِيقِ وَالْتَّدْقِيقِ لَيْسَتْ إِلاَّ عَقِيدَة أَهْل الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَةِ وَالْـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلاَءِ أَهْلِ الـحَدِيثِ، وَلاَ عَلاَقَة لَهَا الْبَتَّة بِعَقِيدَة (الْتَّجْسِيمِ!) (الْتَّيْمِيَّةِ!)...
خَامِسًا: نُنَبِّه الْقَارِئ الْكَرِيم إِلَى وَاحِدةٍ مِنْ تَلْبِيسَاتِ هَذَا الْرَّجُل الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى:
قَالَ هَذَا الْوَهَّابِي كَمَا تَجِدْهُ فِي مَقَالِهِ الْمُشَار إِلَيْهِ: ((فلا يَقبل ـ في حِيَاضه ـ [يَقْصِد مَذْهَب سَلَفه] طاعنًا في ذات الله المقدَّسة وأسمائه وصِفَاتِه، ولا محرِّفًا ولا مُؤوِّلًا ولا مُعطِّلًا ولا مُشبِّهًا))؟!، فَمَنْ قَرَأَ قَوْلهُ: ((ولا مُشبِّهًا)) يَحْسَب أَنَّ عَقِيدَة هَذَا الْرَّجُل تَقُومُ عَلَى نَفْيِ مُطْلَقِ (الْـتَّشْبِيهِ!)؟!، وَالْحَقِيقَة هِيَ أَنَّ مَذْهَبهُ يَقُومُ عَلَى إِثْبَاتِ نَوْع (مُشَابَهَةٍ!) بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ؟! وَأَنَّ الْقَوْل بِنَفْيِ مُطْلَقَ (الْتَّشْبِيهِ!) بَيْنَ ذَاتِ الْوَاجِبِ وَذَاتِ الْمُمْكِن يَقْضِي بِنَفِيِ وُجُود الْبَارِي؟!...
نَعَمْ؛ فَقَد قَالَ هَذَا الْوَهَّابِي فِي فَتْوَى رَقَم: "617" عَلَى مَوْقِعِهِ الاِلِكْتْرُونِي الْرَّسْمِي مَا نَصُّهُ: ((والصفات الخبرية هذه مما تُسمَّى بالأبعاض أو الأجزاء هي ملازمة للذات غير منفكَّة عنها فلم يزل سبحانه بها ولم يحدث له شيء من ذلك بعد أن لم يكن بل هو موصوف بها أزلاً وأبدًا))(16)؟!
فَالْرَّجُل يُرَدِّدُ كَلَام شَيْخِهِ ابْن الْعُثَيْمِين وَحَاصِلُهُ:
(أ) مُسَمَّى "عَيْن الله" مَثَلًا هُوَ نَظِير مُسَمَّى "عَيْن الْإِنْسَانِ"، أَيْ: عَيْن اللهِ (عُضْوٌ!) وَ(أَدَاةٌ!) يُبْصِرُ بِهَا جَلَّ وَعَزَّ، فَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْـمَعْنَى: (جُزْءٌ!) وَ(بَعْضٌ!) مِن ذَاتِ الْرَّبِّ، نَظِير (أَدَاة!) الْعَيْن فِي الْـمَخْلُوقِ؟!
(ب) وَكَوْن عَيْن الْرَّبِّ كَذَلِكَ أَيْ: (أَدَاةٌ!) وَ(جَارِحَةٌ!) وَ(عُضْوٌ!) وَ(بَعْضٌ!) لَا يَعْنِي أَنَّهَا تَقْبَلُ الاِنْفِصَالَ (الْفِعْلِي!) عَن ذَاتِ الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ الْحَال فِي أَعْيُنِ الْـمَخْلُوقَات؟!
فَالْرَّجُل يَعْتَقِدُ أَنَّ (أَدَوَاتَ!) وَ(جَوَارِحَ!) وَ(أَبْعَاضَ!) وَ(أَجْزَاءَ!) رَبِّهِ: (أَجْسَامٌ!) لَا تَقْبَلُ الاِنْفِكَاك عَنِ الْذَّاتِ لَا أَزَلًا وَلَا أَبَداً؟!...
فَكَيْفَ يُلَبِّسُ إِذًا هَذَا الْوَهَّابِي بِدَعْوَى الاِطِلَاقِ فِي نَفْيِ (الْتَّشْبِيهِ!) عَنْ رَبِّهِ كَمَا مَرَّ مَعَكَ فِي كَلَامِهِ، إِذَا كَانَ هُوَ نَفْسهُ يَعْتَقِدُ بِأَنَّ رَبَّهُ يَشْتَرِكُ مَعَ الْمَخْلُوقَاتِ فِي جِسْمِيَّة (الْحَجْمِ!) وَ(الْكَمِّ!) وَ(الْحُدُودِ!) وَ(الْأَبْعَادِ!) مِنْ (طُولٍ!) وَ(عَرْضٍ!) وَ(عُمْقٍ!)؟!...
وَلِكَيْ تُدْرِكَ أَنَّ هَذِهِ الْحَقِيقَة هِيَ ذَاتهَا مَذْهَب الْقَوْم، أَكْتَفِي هَا هُنَا بِذِكْر مَا قَرّرَهُ شَيْخهُم ابْن الْعُثَيْمِين فِي هَذَا الْصَّدَد، حَيْثُ يَقُول: ((فَإِذَا قُلْتَ: مَا هِيَ الْصُّورَة الَّتِي تَكُونُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكُون آدَم عَلَيْهَا؟ قُلْنَا: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَجْهٌ وَلَهُ عَيْنٌ وَلَهُ يَدٌ ولَهُ رِجْلٌ عَزَّ وَجَلَّ، لَكِنْ لاَ يَلْزَم مِن أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاء مـُمَاثلَة لِلْإِنْسَانِ؛ فَهُنَاكَ شَيْءٌ مِنَ الْشَّبَهِ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْـمُمَاثَلَةِ))(18)؟! فَإِثْبَاتُ الْصُّورَة للهِ يَقْضِي عِنْدَ (الْتَّيْمِيَّة!) وَ(الْوَهَّابِيَّة!) بِوُجُوبِ إِثْبَاتِ قَدْرٍ مِنَ (الْشَّبَهِ!) بَيْنَ مَا يُسَمُّونَهُ بِـ: "الْصِّفَات" فِي حَقِّ خَالِقِهِم، وَبَيْنَ (أَدَوَاتِ!) الْـمَخْلُوقِ؟!، وَهَذَا عَيْن (الْتَّشْبِيه!) وَ(الْتَّجْسيم!) كَمَا لَا يَخْفَى...
إِذَا تَبَيَّنَ لَكَ هَذَا، فَاقْرَأ مَا كَتَبَهُ هَذَا الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس نَفْسهُ عِنْدَ شَرْحِهِ عَلَى عَقِيدَةِ ابْن بَادِيس: ((وَبِغَضِّ الْنَّظَرِ عَمَّا ذَكَرَهُ الْـمُصَنِّفُ رَحِمَهُ الله [الْشَّيْخ ابْن بَادِيس] مِنْ نَفْيِ الْـمِثْلِ وَالْنِّدِّ وَالْكُفْءِ وَالْنَّظِيرِ وَالْشَّبِيهِ للهِ تَعَالَى مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ))(18)؟! فَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنَ هَذَا الْوَهَّابِي بِأَنَّ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس يَنْفِي مُطْلَقَ (الْمُشَابَهَةِ!) بَيْن الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوق، وَهَذَا الْتَّنْزِيه يَهْدِمُ أَصْل الْعَقِيدَةِ (الْتَّيْمِيَّةِ!): فَنَفْيُ (الْـمُشَابَهَةِ!) بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ يَقْضِي عِنْدَ الْقَوْمِ بِنَفْيِ (الْحَجْمِيَّةِ!) عَنْهُ تَعَالَى، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ نَفْي وُجُودِ الْرَّبِّ؟!...
فَالْعَاقِل إِذًا: يَتَسَاءَلُ هَا هُنَا مَا مَحَلُّ "غَضّ الْنَّظَرِ؟!" مِنَ الْإِعْرَابِ كَمَا جَاءَ فِي كَلَامِ هَذَا الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي، عَلَى هَذَا الْتَّأْصِيلِ مِنَ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس الَّذِي يَنْسِفُ أَصْل الْعَقِيدَةِ (الْتَّيْمِيَّة!)؟!...
نَسْأَلُ الله الْسَّلَامَة وَالْعَافِيَة مِنْ هَكَذَا أُسْلُوبٍ فِي الْحَشْوِ وَالْتَّعْمِيَةِ؟!...
سَادِسًا: لِـمَن يُرِيد الاِطِّلَاع عَلَى عَقِيدَة الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّة:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2057367294497896
وَخَاصَّةً مِنْهَا:
https://archive.org/download/Yacine_05_201803/05.pdf
وَاللهُ الْـمُوَفِّق
_____________
(1) مَوْقع فَرْكُوس: https://ferkous.com/home/?q=art-mois-125
(2) رِسَالَة الْشِّرْكِ وَمَظَاهِرُهُ لِلْشَّيْخِ مُبَارَك بْن مُحَمَّد الْـمِيلِي (ص:417)، تَحْقِيق وَتعْلِيق (الْتَّيْمِي!): أَبِي عَبْد الْرَّحْمَن مَحْمُود الْجَزَائِرِي، دَارُ الْرَّايَةِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ-الْسُّعُودِيَّة، الْطَّبْعَةُ الأُوْلَى: 1422هـ-2001م
(3) تقْرِيرُ جَمِعِيَّة الْعُلَمَاء لِرِسَالَة "الْشِّرْك وَمَظَاهِره" كَمَا تَجْدْهُ فِي الْمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:27)
(4) الْمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:29)
(5) الْمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:262)، وَلِأَمْرٍ مَا؟ !لَـمْ يَنْبس الْـمُعَلِّق الْتَّيْمِي عَلَى الْرِّسَالَةِ هُنَاكَ بِبِنْتِ شَفَةٍ وَلَـمْ يُسَارِع بِالِانْتِهَاضِ لِلاِعْتِرَاضِ عَلَى هَذَا (الْتَّعطيل!)؟ !
(6) مَقَال: "رِسَالَة الْشِّرْك وَمَظَاهِره، بِقَلَم: مُؤَرِّخ الْجَزَائِر وَفَيْلَسُوفهَا الاِجْتِمَاعِي الْأُسْتَاذ مُبْارَك الْـمِيلِي" عَلَى جَرِيدَةِ الْبَصَائِر لِسَان حَالِ جَمْعِيَّة الْـعُلَمَاء الْـمُسْلِمِين الْـجَزَائِرِيِّينَ: 1356ه-1937م اْلعَدَد:(83)، نَقْلًا عَن: [مَقَالَات وَآرَاء عُلَمَاء جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْـمُسْلِمِينَ: الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي (2/418-419)، جَمْع وَإِعْدَاد: الْدُّكْتُور أَحْمَد الْرِّفَاعِي شُرْفِي، دَارُ الْهُدَى لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: الْجزَائِر، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى:2011م]
(7) مَقَال: "لاَ تَصِحُّ الـخِلاَفَة لِغَيْرِ قُرْشِيٍّ شَرْعًا" على جريدة البلاغ الـجزائري: 1350هـ-1931م العدد: 240: نقلاً عَنْ: [الشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (3/154-155)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة: 2013م]
( كِتَاب: "جَمَاعَة الـمُسْلِمِينَ" لِلْشَّيْخ الْسَّعِيد الزَّوَاوِي ضِمْنَ: [الشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (4/32)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة: 2013م]
(9) كتاب: "تَارِيخُ الزَّوَاوَة" لِلْشَّيْخ السَّعِيد الزَّوَاوِي ضِمْنَ: [الشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (4/116)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة: 2013م]
(10) مِنْ تَقْدِيم الشَّيْخ الزَّوَاوِي لِكِتَابِ "الْـجَزَائِر" مِنْ تَأْلِيف أَحْمَد تَوْفِيق الْـمَدَنِي الأَمِين العَام لِجَمْعِيَّةِ الْعُلَمَاءِ الـمُسْلِمِينَ الجَزَائِرِيِّينَ، نَقْلاً عَنْ: [الشَّيخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (3/323)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة: 2013م]
(11) مَقَال: "حَوْل الْقَصِيدَة الْعَاشُورِيَّة" عَلَى جَرِيدَةِ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس "الْشِّهَاب"، الْسَّنَة: (1) الْعَدَدَ: (2) ص:(7)، الْخَمِيس 2 رَبِيع الْأَوَّل 1344هـ- 19 نُوفَمْبَر 1925م، نَقْلاً عَن: [مَقَالَات وَآرَاء عُلَمَاء جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْـمُسْلِمِينَ: الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي (2/63)]
(12) مَقَال: "حَوْل مُبَاهَلَة الْعَلَّامَة الْأُسْتَاذ الْعُقْبِي لِلْطُّرقيِّينَ، هَلْ أَجَابُوا؟.." عَلَى الْشَّيْخ ابْن بَادِيس "الْشِّهَاب"، الْسَّنَة: (3) الْعَدَد: (101) ص:(5)، الْخَمِيس 16 ذِي الْحِجَّة 1345هـ-16 جْوَان 1927م، نَقْلاً عَن: [مَقَالَات وَآرَاء عُلَمَاء جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْـمُسْلِمِينَ: الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي (2/150)]
(13) مَقَال عَلَى جَرِيدَةِ الْشِّهَاب: 1353هـ-1934م الْجُزْء:(6) الْـمُجَلَّد: (10)، نَقْلاً عَن: [الشَّيخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (3/453)]
(14) كِتَابُ: "الْـخُطَب الْـمِنْبَرِيَّة" ضِمْن: [الْشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (4/72-73)]
(15) جَرِيدَةُ الْبَلاَغِ الْـجَزَائِرِيِّ: 1346هـ-1928م الْعَدَد: (66)، نَقْلًا عَن: [الْشَّيْخِ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (1/413)]
(16) مَوْقِع فَرْكُوس: https://ferkous.com/home/?q=fatwa-617
(17) شَرْحُ ابْن الْعُثَيْمِين عَلَى الْعَقِيدَةِ الْوَاسِطِيَّةِ لِابْنِ تَيْمِيَّةِ (1/110)، تَحْقِيقُ: سَعْد بْن فَواز الْصُّميْل، دَارُ ابْنُ الْجُوزِي: الْسُّعُودِيَّة، الْطَّبْعَة الْسَّادِسَة: 1421هـ
(18) إِمْتاعُ الْجَلِيسِ شَرْح عَقَائِدِ الْإِيْمَان لاِبْن بَادِيس لِلْدُّكْتُور فَرْكُوس (ص:129)، دَارُ الْعَوَاصِمِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: الْجَزَائِر، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَةِ: 1435هـ-2014م
طَالَعْتُ مَا كَتَبَهُ هَذَا الْوَهَّابِي فِي مَقَالِهِ الَّذَي يَعُجُّ بِالاِفْتِرَاءِ وَالْطَّعْنِ فِي عَقِيدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاء أَهْل الْحَدِيثِ، فَلَـمْ أَجِد فِيمَا قَرَّرهُ مِنْ أَكَاذِيب وَهَرْطَقَاتٍ مَا يَسْتَحِقُّ الاِلْتِفَات وَالْتَّعْلِيق أَصْلًا غَيْر الْتَّنْبِيه عَلَى طَرِيقَته الْخَسِيسَة وَمُحَاوَلَته الْبَئِيسَة لِبَثِّ سُمُومِ (الْتَّجِسِيمِ!) وَ(الْتَّكْفِيرِ!) مُتَسَتِّرًا تَحَتَ عَبَاءَة جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَزَائِرِيِّينَ الْبَادِيْسِيَّة؟!، فَأَحْبَبْتُ بَيَان مَا يَلِي:
أَوَّلًا: ادَّعَى الْوَهَّابِي فِي مَقَالهِ(1) قَائِلًا: ((فمَنْ صدَّ عن مذهبِهم وأَعرضَ عن منهجهم)) أَيْ: الْتَّيْمِيَّة وَالْوَهَّابِيَّة ((وزَعَم أنَّه يَسَعُ أهلَ الكلام والأهواءِ والافتراقِ الانتسابُ إلى مذهبِ أهل السنَّة))؟! يَقْصِد بِدَرَجَةٍ أُوْلَى سَادَتهُ الْـمُتَكَلِّمَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيدِيَّة وَفُضَلَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَتَطَفَّلُ هَذَا الْنَّاكِر لِلْجَمِيلِ عَلَى تَحْقِيقَاتِهِم فِي كُلِّ الْعُلُومِ كَمَا تَجِدْهُ فِيمَا يُسَوِّدهُ فِي مَكْتُوبَاتِهِ الْهَزِيلَةِ فَـ: "يَأكُل الْغَلَّة لِيَسُبَّ الْـمِلَّة" كَمَا يُقَالُ عِنْدَنَا فِي الْجَزَائِر، لِيَقُول: ((فهو ـ كما قِيلَ: "أَضلُّ مِنْ حمارِ أهله"، يتقلَّب في غفلةٍ عن الهدى، ويتخبَّط في ظُلُمات الجهل والضلال))؟!
فَكُل مَنْ نَسَبَ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّة إِلَى أَهْلِ الْسُّنَّةِ فَهُوَ: "أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أهْلِهِ؟!" هَكَذَا يَزْعُم هَذَا الْوَهَّابِي كَمَا تَرَى؟!، وَطَبْعًا يَقْصِد بِأَهْلِ الْسُّنَّةِ شَجَرَةَ زَقُّوم (الْتَّيْمِيَّة!) (الْـمُجَسِّمَة!) وَمَا يَنْدَرج تَحْتَهَا مِن طُفَيْلِيَّات تَكْفِيرِيَّة؟!...
وَاسْتَمِع إِلَيْهِ يَقُول فِي الْهَامِش رَقَم "8": ((فلا تضرُّ هذه التسمياتُ المُختلِفة لأهل السنَّة والجماعة، فضلًا عن التي يطعن فيهم بها أهلُ الأهواء والبِدَع، مثل لمزِهم بالحشوية والناصبة والتيمية والوهَّابية والباديسية والجامية والمدخلية وغيرها))؟!
إِذًا فَهَذَا الْوَهَّابِي يَحْشُر الْبَادِيسِيَّة فِي زُمْرَةِ حِزْبِ سَلَفهِ (الْتَّيْمِيَّة!) (الْـمُجَسِّمَة!)؟! وَكَأنَّ مَشَايِخ جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَزَائِرِيِّينَ كَانُوا عَلَى مَشْرَبِ مَشَايِخه فِي (الْتَّجْسِيمِ!) وَ(الْتَّشْبِيه!) يَقُولُون بِعَقِيدَةِ الْجُلُوس وَالاِسْتِقْرَارِ وَالْقُعُودِ وَإِثْبَاتِ الْحَرَكَةِ وَالاِنْتِقَالِ وَالْصُّعُودِ وَالْهُبُوطِ وَالْقَوْلِ بِالْتَّبْعِيضِ وَالْتَّجَزِّي وَالْأَعْضَاءِ وَالْأَدَوَاتِ وَنِسْبَة الْتَّغَيُّرِ وَالْتَّحَوُّلِ وَ...غَيْرهَا مِن عَقَائِد الْوَثَنِيَّة الَّتِي يَتَفَانَى فِي إِثْبَاتِهَا لله جَلَّ وعَزَّ (الْتَّيْمِيَّة!) وَ(الْوَهَّابِيَّة!) سَلَف هَذَا الْوَهَّابِي الْـمُتَخَبِّط فِي غَيَابَاتِ الْتَّنَاقُضِ وَ(الْتَّجِسِيمِ!)؟! وَهَذِهِ الْـمُنَاوَرَة الْمَكْشُوفَة الْعَوَار هِيَ مِنْ جُمْلَة (الْتَّكْتِيكَات!) الْـمَعْرُوفَة عِنْدَ الْوَهَّابِيَّة؟!، فَالْرَّجُل يُرِيد أَنْ يُصَوِّر لِلْمَفْتُونِينَ بِهِ وَكَأَنَّ عَقِيدَة (الْتَّيْمِيَّة!) فِي (الْتَّجِسِيم!) كَانَتْ مُتَجَذِّرَة فِي أَرْضِ هَذَا الْوَطَن "الْجَزائِر" وَمُتَأَصِّلَة فِيه، وَلَهَا مَرْجَعِيَّة حَمَلَت لِوَاءهَا جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَزَائِرِيِّينَ الْبَادِيْسِيَّة؟!...
وَالْحَقِيقَة أَنَّ تَارِيخ هَذَا الْبَلَد لَـم يَشْهَد قَطُّ قَائِمَةً لِهَؤْلَاءِ (الْمُجَسِّمَةِ!) بَلْ كُلّ مَعَالِم الْتَّعْلِيمِ فِيهِ كَانَتْ وَلَا تَزَال عَلَى وفقِ مَا ذَكَر سَيِّدِي ابْن عَاشِر: "فِي عَقْدِ الْأَشْعَرِي و فِقْهِ مَالِك***وفِي طَرِيقَةِ الْجُنَيْدِ الْسَّالِك"...
ثَانِيًا: صَحِيحٌ أَنَّ جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْمُسْلِمِينَ الْجَزَائِرِيِّينَ الْبَادِيْسِيَّة وَفِي كُلِّ مَا يَمُتُّ بِصِلَةٍ إِلَى مَسَائِلِ الْقُبُور وَدَعَاوي الْتَّمَجْهُدِ كَانَتْ -بِدَرَجَاتٍ مِنَ الْتَّفَاوُتِ عِنْدَ مَشَايِخِهَا- عَلَى أُصُولِ الْبِدْعَةِ (الْتَّيْمِيَّةِ!) وَ(الْوَهَّابِيَّةِ!)، وَلَكِن فِي الْعَقِيدَة أَعْنِي: تَوْحِيد الله فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ فَقَدْ كَانُوا عَن بَكْرَةِ أَبِيهِم عَلَى عَقِيدَة هَذَا الْبَلَد أَشَاعِرَة بَيْنَ الْتَّفْوِيضِ وَالْتَّأْوِيل: يَنْفُونَ مُطْلَقَ الْتَّشْبِيهِ عَنْ رَبِّهِم وَيُنَزِّهُونَهُ تَعَالَى عَنِ الْجِهَةِ وَالْمَكَانِ وَيَنْفُونَ عَن كَلَامِهِ الْحُرُوف وَالْأَصْوَات وغَيْرهَا مِنْ سِمَاتِ (الْجِسْمِيَّةِ!)؟!، كَمَا يُثْبِتُونَ الاِسْتِوَاء وَالْنُّزُول بِلَا كَيْفٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا حَمْلٍ لَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا اللُّغَوِي الْمَعْرُوف فِي حَقِّ الْـمَخْلُوقِ وَهَذَا تَفْوِيضٌ مَحْضٌ، وَيَتَأَوَّلُونَ فِي صِفَةِ الْرَّحْمَةِ وَالاِسْتِحْيَاءِ وَالْـمَحَبَّةِ وَالاِعْرَاضِ وَ...الخ
فَزَعْم هَذَا الْوَهَّابِي بِأَنَّ الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّة كَانَتْ عَلَى مَشْرَب (الْتَّجْسِيمِ!) بِنَاءً عَلَى بَعْض مُتَشَابه الْأَقْوَال الْحَمَّالَة أَوْجُه وَالَّتِي صَدَرَت عَنْ بَعْض مَشَايِخ الْجَمْعيَّة، مِنْ دُونِ الْرُّجُوعِ إِلَى مُحْكَمِ مَوَاقِف الْقَوْم الْصَّرِيحَةِ فِي هَذَا الْشَّأْنِ لَا يُعَدُّ إِلَّا مَحْض تَلْبِيسٍ عَهِدنَاهُ مِن سَلَفهِ (الْمُجَسِّمَة!) لِذَاتِ الْسَّبَب الـمَذْكُور آنِفًا وَالْـمُتَعَلَّق بِمُحَاوَلَة الْوَهَّابِيَّةِ اخْتِلَاق مَرْجَعِيَّة لَهُم فِي هَذَا الْبَلَد؟!...
ثَالِثًا: نَذْكُر لِلْقَارِئ الْكَرِيم بَعْض نُصُوص مَشَايِخ الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسْيَّة وَكِبَار تَلَامِذةِ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس الْصَّرِيحَة فِي هَذَا الْشَّأْنِ وَالَّتِي تُبَيِّنُ بِمَكَانٍ مَدَى افْتِرَاء هَذَا الْوَهَّابِي عَلَى الْأُمَّةِ الْجَزَائِرِيَّةِ:
قَالَ أمِينُ مَالِ جَمْعِيَّة العُلَمَاء الـمُسْلِمِين الْـجَزَائِرِيِّين الشَّيْخ مُبَارَك الـمِيلِي (1896م-1945م): ((وَدَبَّ فِي الأَوْسَاطِ الْإِسْلاَمِيَّة مَبْدَأ الْتَّصَوُّفِ عَلَى قَدَمَيْ: الْإِفْرَاطِ فِي الْعِبَادَةِ وَالْتَّفْرِيطِ فِي الْدُّنْيَا، وَاشْتَمَلَ كَسَائِر الْـمَبَادِئِ عَلَى: الْصِّدِّيقِ وَالْزِّنْدِيقِ، وَلَكِنْ كَانَ الْغَالِب عَلَى رِجَالِهِ: الْعِلْم بِالْدِّينِ وَالْصِّدْق فِي الْعَمَلِ وَمُوَالاَة الْسَّلَفِ، فَكَانُوا فِي الاِعْتِقَادَاتِ: مُحَدِّثِينَ سَلَفِيِّينَ، أَوْ مُتَكَلِّمِينَ أَشْعَرِيِّينَ وَمَاتُرِيدِيِّينَ، وَفِي الْعِبَادَاتِ: مَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ أَوْ شَافِعِيِّينَ أَوْ حَنْبَلِيِّينَ، وَاشْتَهَرَ مِنْهُمْ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْد، فَانْتَسَبَ إِلَيْهِ مَنْ بَعْدَهُ فِي آدَابِ الْسُّلُوكِ، وَبِهَذَا كَانَ الْتَّصَوُّفَ مَرضِيًّا عِنْدَ أَهْلِ الْسُّنَّةِ لاِنْتِسَابِ رِجَالِهِ إِلَى الْأَئِمَّةِ الـمَرْضِيِّينَ، كَمَا قَالَ صَاحِب "الْجَوْهَرَةِ": وَمَالِـكٌ وَسَـائِـرُ اْلأَئِـمَّـهْ *** كَـذَا أَبُـو الْقَاسِـمْ هُـدَاةُ اْلأُمَّـهْ))(2)؟!
فَالْشَّيْخ مُبَارَك الْمِيـِلي يُقَرِّر بِصَرِيحِ الْعِبَارَةِ بِأَنَّ أَهْل الْسُّنَّة وَالْجَمَاعَة الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ:
(أ) مِن الْمَذَاهِبِ الْمَرْضِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْسُّنَّةِ
(ب) رِجَال الْعِلْم بِالْدِّين
(ت) وَالْصِّدْق فِي الْعَمَلِ
(ث) وَمُوَالَاة الْسَّلَفِ عَقِيدَةً وَمَنْهَجًا
وَلَيْسَ هَذَا الْمَوْقِف مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ الْشَّيْخ مُبَارَك الْمِيـِلي بَلْ هُوَ أَيْضًا مَوْقِف كِبَار مَشَايِخ الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسيَّة وَبِالْأَحْرَى مَوْقِف الْـمَجْلِس الْإِدَارِي لِجَمْعِيَّة العُلَمَاء الـمُسْلِمِين الْـجَزَائِرِيِّين الْبَادِيسيَّة؟!...
نَعَمْ؛ فَقَد زَكَّى الـمَجْلس الْبَادِيسِي الْمَذْكُور الْرِّسَالَة الَّتِي زَبَرَ فِيهَا الْشَّيْخ مُبَارَك الْمِيـِلي تَزْكِيَته الآنِفَة الْذِّكْر لِأَهْلِ الْسُّنَةِ الْأَشَاعِرَةِ وَالْـمَاتُرِيدِيَّة، ثُـمَّ إِنَّ مَا جَاءَ فِي رِسَالَة "الْشِّرْك وَمَظَاهِره" يُعَدُّ دُسْتُورَ الْجَمْعِيَّةِ الْبَادِيسيَّة فِي مَوَاقِفهَا الْخِلَافِيَّةِ مَعَ الْزَّوَايَا الْطُّرُقِيَّةِ وَالْـمُحافِظَةِ؟!...
نَعَمْ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي تَقْرِير الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّةِ رَقَمَه كَاتِبهَا الْعَام الْشَّيْخ الْعَرْبِي الْتَّبَسِّي (ت:1957م) حَوْلَ الْرِّسَالَةِ الْمَذْكُورَة، مَا نَصُّهُ: ((الْـمَجْلِس الْإِدَارِي لِجَمْعِيَّةِ الْعُلَمَاء يُقَرِّرُ أَنَّ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ رِسَالَة: "الْشِّرْك وَمَظَاهِره" لِـمُؤَلِّفهَا الْأُسْتَاذ مُبَارَك الْـمِيلِي، هُوَ: عَيْنُ الْسُّنَّةِ، وَأَنَّ هَذِهِ الْرِّسَالَة تُعَدُّ مِنَ الْكُتُبِ الْـمُؤَلَّفَةِ فِي نَشْرِ الْسُّنَّةِ وَرَدِّ الْبِدَعِ))(3)؟!
ثُـمَّ أَكَّدَ الْشَّيْخ الْعَرْبِي الْتَّبَسِّي إِجْمَاع الْـمَجْلِس الْإِدَارِي لِلْجَمْعِيَّةِ الْبَادِيسِيَّةِ عَلَى كُلِّ مَا جَاءَ فِي هَذِهِ الْرِّسَالَةِ، وَهَذَا بَعْدَ أَنْ عَرَضَهَا مُؤَلِّفهَا فَتَصَفَّحهَا الْـمَجْلِس الْـمَذْكُور وَاسْتَقْصَى مَسَائِلهَا، فَقَالَ: ((...وعَرَضَ هَذهِ الْرِّسَالَة عَلَى مَجْلِس إِدَارَةِ الْـجَمْعِيَّةِ، فَتَصَفَّحَهَا، وَاسْتَقْصَى مَسَائِلَهَا، فَإِذَا هِيَ رِسَالَة تُعَدُّ فِي أَوَّلِيَّاتِ الْرَّسَائِلِ أَوْ الْكُتُبِ الْـمُؤَلَّفَةِ فِي نَصْرِ الْسُّنَنِ وَإِمَاتَةِ الْبِدَعِ، تَقَرُّ بِهَا عَيْن الْسُّنَّةِ وَالْسُّنِّيِّينَ، وَيَنْشَرِحُ لَهَا صُدُور الْـمُؤْمِنِينَ...وَإِنَّ الْـمَجْلِسَ الْإِدَارِي لِـجَمْعِيَّة الِعُلَمَاء يُقَرِّرُ بِإِجْمَاعِ أَعْضَائِهِ أَحَقِيَّة مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْرِّسَالَةِ الْعِلْمِيَّةِ الْـمُفِيدَةِ، وَيُوَافِقُ مُؤَلِّفهَا عَلَى مَا فِيهَا، وَيَدْعُو الْـمُسْلِمِينَ إِلَى دِرَاسَتِهَا وَالْعَمَلِ بِمَا فِيهَا، فَإنَّهُ الْعَمَل بِالْدِّينِ))(4)؟!...
إذاً، فَأَهْل الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وِفْقَ تَقْرِيرِ وَإِقْرَارِ الْـمَجْلِس الْإِدَارِي لِلْجَمْعيَّةِ الْبَادِيسِيَّةِ، كَانُوا فِي الاِعْتِقَادَاتِ:
(أ) ((مُحَدِّثِينَ سَلَفِيِّينَ)): وَالْـمَقْصُود بِهِم فُضَلَاء أَهْل الْـحَدِيث مِمَّن غَلَبَ عَلَى طَرِيقَتِهِم: التَّفْوِيض...
(ب) ((أَوْ مُتَكَلِّمِينَ أَشْعَرِيِّينَ وَمَاتُرِيدِيِّينَ)): أَيْ مُتَكَلِّمَة أَهْل الْسُّنَّةِ الْذَّابِّينَ عَنْ حِيَاضِ الْعَقِيدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْاُصُولِ الْشَّرْعِيَّةِ: الْسَّادَةُ الْقَادَةُ الْأَشَاعِرَة والْـمَاتُرِيدِيَّة مِمَّن غَلَبَ عَلَى طَرِيقَتِهِم الْتَّأْوِيل.
وَلَا يَذْهَبَنَّ بِكَ الْوَهْم إِلَى أَنَّ طَرِيقَة الْـجَمْعِيَّة هِيَ الْتَّفْوِيض بِإِطْلَاقٍ أَوْ الْتَّأْوِيل أَيْضًا بِإِطْلَاقٍ؟! بَل اسْتِقْرَاء تُرَاث الْقَوْمِ يُؤَكِّدُ أَنَّ الْقَوْم يُؤَوِّلُونَ فِي مَوَاضِع ويُفَوِّضُونَ فِي أُخْرَى، وَلَا أَدَلَّ عَلَى هَذَا مِن الاِسْتِشْهَادِ بِمَا جَاءَ فِي رِسَالَةِ "الْشِّرْك وَمَظَاهِره" نَفْسهَا مِنْ تَأْوِيلِ الْـمَحَبَّة بِلَازِمِهَا فِي حَقِّهِ تَعَالَى، فَقَدْ قَالَ الْشَّيْخ مُبَارَك الْـمِيلِي هُنَاكَ تَحْتَ عُنْوَانِ "الْـمَحَبَّة فِي الْقُرْآنِ": ((قَوْلهُ تَعَالَى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾[الـمَائِدَة:54] فَمَحَبَّةُ اللَّه تَعَالَى لِلْعَبْدِ: إِنْعَامهُ عَلَيْهِ...وَقَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾ [البقرة:222] أَيْ: يُثِيبهُم و يُنْعِم عَلَيْهِم))(5)؟! فَمَحَبَّةُ الله عِنْد مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ لَيْسَت عَلَى ظَاهِرِهَا اللُّغَوِي كَمَا يُدَنْدِنُ (الْتَّيْمِيَّة!) (الْمُجَسِّمَةُ!)، بَلْ هِيَ عِنْدَ الْبَادِيسِيَّة مُؤَوَّلَة بِلَازِمِهَا؟!...
وَقَالَ الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي (ت:1960م) فِي تَقْدِيمِهِ وَتَزْكِيته لِلْرِّسَالَةِ الْـمَذْكُورَةِ: ((تَـمَّ طَبْع هَذَهِ الْرِّسَالَة، بَلْ هَذَا الْكِتَاب الْقَيِّم الْوَحِيد فِي بَابِهِ، وَالَّذِي لَمْ يَسْبَق لِعَالِمٍ جَزَائِرِيٍّ أَنْ أَلَّفَ فِي مَوْضُوعِهِ، فَجَاءَ بُرْهَانًا عَلَى مَا فِي الْجَزَائِر الْيَوْمِ مِنْ نَهْضَةٍ عِلْمِيَّةٍ إِصْلاَحِيَّةٍ ودَعْوَةٍ إِلَى عَقِيدَةِ الْحَقِّ الْسَّلَفِيَّةِ...وَبِالجُمْلَةِ فَهُوَ الْعَقِيدَة الْإِسْلاَمِيَّة الْـخَالِصَةِ وَالْدَّعْوَة الْإِصْلاَحِيَّة الْوَاضِحَة، وَلِهَذَا قَرَّرَت جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء نَشْرهُ بِاسْمِهَا بَعْدَ الْـمُوَافَقَةِ عَلَى كُلِّ فِيهِ، لِيَكُونَ سَبَبًا فِي بَيَانِ دَعْوَتهَا وحُجَّة ضِدَّ كُلِّ مَنْ وَقَفَ فِي طَرِيقِهَا. يَشْتَمِلُ الكِتَاب عَلَى أَكْثَرَ مِنْ 321 صفحة بالقطَع الـمُتَوَسِّط، مَطْبُوعٌ طَبْعًا مُتْقَنًا ومُصَحَّحٌ بِغَايَة الاِعْتِنَاءِ فِي الْـمَطْبَعَةِ الْجَزَائِرِيَّة بِقَسَنْطِينَة، ويَكْفِي فِي وَصْفِهِ والْتَّنْوِيهِ بِقَدْرِهِ أنَّ مُؤلِّفهُ هُوَ الأُستَاذ الـمِيلِي، وأنَّ جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء اِرْتَضَتْ نَشْرَهُ وإِذَاعَتَهُ بَيْنَ الْعُمُومِ عَلَى عُهْدَتِهَا وبِاسْمِهَا...))(6)؟! وَتَأَمَّل تَأْكِيد الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي: ((وَلِهَذَا قَرَّرَت جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء نَشْرهُ بِاسْمِهَا بَعْدَ الْـمُوَافَقَةِ عَلَى كُلِّ فِيهِ)) فَكَلَام الْشَّيْخ مُبَارَك الْمِيلِي فِي الْأَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيديَّةِ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَجْمَعَ الْمَجْلِس الْإِدَارِي لِلْجَمْعِيَّةِ -كِبَار مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ الْبَادِيسِيَّةِ- عَلَى أَحَقِّيَّتِهِ وَنَشْرِهِ وَتَبَنِّيهِ...
وَنَقُولُ لِهَذَا الْوَهَّابِي مَا رَأْيُكَ أَيْضًا فِيمَا كَتَبَهُ مُفْتِي الْجَمْعِيَّةِ الِبَادِيسِيَّةِ الْشَّيْخ الْسَّعِيد الْزَّوَاوِي (1952م) حِينَ يَعْتَزُّ بِحِفْظِ مُتُونِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة مِنَ الْسَّنُوسِيَّةِ وَالْـجَوْهَرَةِ الْتَّوْحِيدِيَّةِ كَمَا يُسَمِّيهَا، وَكَذَلِكَ الْعَقِيدَة الْنَّسَفِيَّة الْمُعْتَبَرَة عِنْدَ الْسَّادَة الْمَاتُرِيدِيَّةِ فَهِيَ عِنْدَ هَذَا الْمُفْتِي مِنَ الْعَقَائِدِ الْـمَرْضِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْسُّنَّةِ قَاطِبَةً مِنْ دُونِ اسْتِثْنَاءٍ، وَاسْتَمِع إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: ((...فِي شَرْحِ الْعَقَائِدِ الْنَّسَفِيَّةِ الْشَّهِيرَةِ...وَكُنْتُ حَفِظْتُهَا كَمَا حَفِظْتُ الْسَّنُوسِيَّةَ وَالْـجَوْهَرَةَ الْتَّوْحِيدِيَّةَ...وَنَصُّ الْـمَقْصُودِ فِي الْـخِلاَفَةِ فِي الْعَقَائِدِ الْنَّسَفِيَّةِ الْشَّهِيرَةِ الْـمَرْضِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِ الْسُّنَّةِ قَاطِبَةً هُوَ...))(7)؟! وَقَالَ أَيْضًا: ((وَبِهَذَا أَخَذَ الإِمَامُ الْنَّسَفِي فِي عَقِيدَتِهِ الْـمُعْتَبَرَة))(؟!...
وعِنْدَ تَطَرُّقِهِ لِطَرَائِقِ التَّعْلِيمِ فِي مَنْطِقَةِ "زَوَاوَة"، حَثَّ الْشَّيْخ الْزَّوَاوِي عَلَى تَقْسِيمِ الْطَّلَبَةِ الْصِّغَارِ إِلَى طَبَقَاتٍ حَسْبَ أَعْمَارِهِم ثُـمَّ عَلَى وفْقِ مَلَكَةِ الاِسْتِعْدَادِ وَالْإِدْرَاكِ، مَعَ الْعِنَايَةِ بِتَطْوِيرِ مَلَكَةِ الْحِفْظِ وَالْتَّمَادِي فِي هَذَا الْـسَّبِيل إِلَى حَدِّ البُلُوغِ مَعَ الْقَوَاعِدِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْتَّوْحِيدِ وَغَيْرهَا مِنَ الْفُنُونِ الَّتِي تُدَرَّس مِنْ الْكُتُبِ الـمُتَاحَةِ فِي بِلاَدِ نَشْأَتِهِ "زَوَاوَة"، فَقَالَ مَا نَصُّهُ: ((وَأَمَّا الْتَّوْحِيدُ: فَيُكْتَفَى فِيهِ بِكِتَابِ الإِرْشَادِ لِإِمَامِ الْـحَرَمَيْنِ، ثُـمَّ الْسَّنُوسِيَّة الْـمَرْضِيَّة، وَلَكِنْ بِاعْتِدَالٍ وَعَدَمِ تَشْدِيدِ النَّكِيرِ وَلَعْنِ الـمُخَالِفِ، وَالأَوْلَى السُّكُوت عَنْهُ، وَمَنْ يَشْتُم النَّاسَ يُشْتَم، وَلَعَلَّ لِذَلِكَ سُمِّيَ التَّوْحِيدُ: عِلْمَ الكَلاَمِ))(9)؟!...
وقَالَ أَيْضًا فِي تَزْكِيَةِ كِتَابِ "الْـمَوَاقِفِ" الـمَعْرُوفِ فِي تَقْرِيرِ عَقَائِد الْسَّادَة الأَشَاعِرَة لِلْعَلاَّمَةِ عَضُد الْدِّين الْإِيْجِي، مَا نَصُّهُ: ((الْمَوَاقِف أَكْبَرُ كِتَابٍ وَمُنْتَهَى فِي عِلْمِ الْعَقَائِدِ))(10)؟!..الخ
وَالْآن، هَلْ يَنْطَبِقُ كَلَام الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كُلِّ مَنْ يَعُدُّ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْمَاتُرِيديَّة مِنْ خُلِّصِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ، بِوَصْفِهِ بِأَنَّهُ: (("أَضلُّ مِنْ حمارِ أهله"))؟! عَلَى كِبَارِ مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ الِبَادِيسِيَّةِ الَّتِي يَتَمَسَّح بِهَا هُوَ نَفْسهُ، وَيُرِيدُ حَشْو هَذَا الْبَلَد "الْجَزَائِر" بِبِدْعَةِ (الْتَّجْسِيمِ!) وَ(الْتَّكْفِيرِ!) (الْوَهَّابِيَّةِ!) مُخْتَفِيًا تَحْتَ عَبَاءَةِ هَذِهِ الْجَمْعِيَّة الْـمَذْكُورَةِ بِالْذَّاتِ، أمْ لَا يَنْطَبِق؟!...
رَابِعًا: نَقُولُ لِهَذَا الْوَهَّابِي: إِذَا كُنْت حَقًّا تُقِرُّ بِالْأُصُول الْمَنْهَجِيَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى الْأَصْل الْأَصِيلِ: "الْعِبْرَة بِالْمَعَانِي لَا بِالْمَبَانِي"، فَيَلْزمُك أَنْ تَنْفَذَ إِلَى رُوحِ الْكَلِمَاتِ وَالْعِبَارَاتِ وَمِنْ ثَـمَّ رَدِّ الْمُتَشَابِهَاتِ إِلَى الْمُحْكَمَاتِ عِنْدَ اسْتِقْرَاءِ تُرَاثِ الْجَمْعِيَّةِ الْبَادِيسِيَّةِ، فَمِنَ الْعَبَثِ بِمَكَانٍ مُحَاوَلَة الْتَّشَبُّث بِحَمْلِ هَذِهِ الْجَمْعِيَّة شِعَار "الْسَّلَفِيَّة" لِإِلْحَاقِهَا رَأْسًا بِعَقِيدَةِ سَلَفِكَ (الْتَّيْمِيَّة!) (الْمُجَسِّمَةِ!)؟! فَالاِشْتِرَاك فِي دَعَاوى الاِنْتِمَاء لَا يُوجِبُ الاِشْتِرَاك فِي نَفْسِ الْأُصُول؟!، فَالْبَاحِث الْحَقِيقِي يَبْنِي بَحْثه عَلَى الْحَقَائِق الْمُحْكَمَةِ وَلَا يَلْعَب عَلَى وَتَرِ الْمُتَشَابِهِ، وَعَلَى إِثْرِ هَذَا نَقُولُ لِهَذَا الْوَهَّابِي مَا قَوْلُكَ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَقَائِقِ الْثَّابِتَةِ:
قَالَ الْعُضْو الْـمُؤسِّس لِلْجَمِعِيَّةِ وَخَطِيبهَا الْبَارِز الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي مُنَزِّهًا الله عَنِ الْجِهَةِ وَالْمَكَانِ وَالْمَحَلِّ، مَا نَصُّهُ: ((هُوَ اللهِ جَلَّ وعَلاَ وتَقَدَّسَ وتَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْ أَنْ يَـحْتَاجَ إِلىَ مَـحَلٍّ وَمَكَانٍ. ويَعْلَمُ كُلُّ مَنْ لَهُ إِلْـمَامٌ بِالْدِّيَانَةِ أَنَّ هَذِهِ الْعَقِيدَة عَقِيدَة الْحُلُولِ وَالاِتِّحَادِ...قَدْ تَجَاوَزَ فِيهَا مُعْتقِدُهَا والْدَّاعِي إِلَيْهَا كُلَّ مَا قِيلَ عَنْ غُلَاةِ رِجَال الْكَنِيسَةِ مِنَ الأُرْثُودُكْسِيِّينَ ومُتَعَصِّبَةِ الْـمَجُوسِ الْبُوذِيَّة أَوْ الْـمُجَسِّمَة وَالْـمُشَبِّهَة))(11)؟! وَقَالَ مُعْلِنًا عَنْ عَقِيدَةِ حِزْبه "حِزْب الْإِصْلَاح" فِي مَعْرِضِ كَلَامِهِ عَنْ مُبَاهَلَةِ الْطُّرقِيَّةِ، مَا نَصُّهُ: ((وَنَحْنُ نَحْمَدُ الله وَنَقُولُ: ﴿إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [النِّساء:171]، وَنَعْبُدُهُ وَحْدَهُ، وَنْدْعُوهُ وَحْدَهُ، وَلَا نَدْعُو مَعَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ كَيْفَمَا كَانَ، وَلَا نُشْرِك بِهِ شَيْئاً، وَنَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، ولاَ يـَحِلُّ في مَـحَلٍّ، وَلاَ يَـحْوِيهِ مِنْ خَلْقِه شَيْءٌ، وَلاَ يَتَّحِدُ بِشَيْءٍ، وَنَعْتَقِدُ أَنَّ الوُجُودَ: خَلْقٌ وخَالِقٌ وَمُوجِدٌ قَدِيـمٌ))(12)؟!...
فَهَذِهِ نُصُوصٌ صَرِيحَةٌ مِن أَوَّائِل مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ الِبَادِيسِيَّة يُعْلِنُ فِيهَا صَاحِبهَا الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي عَقِيدَة "حِزْب الْإِصِلَاح" البَادِيسِي وَعَلَى جَرِيدَةِ الْشِّهَابِ الَّتِي يُشْرِفُ عَلَيْهَا الْشَّيْخ ابْن بَادِيس نَفْسهُ، وَكَمَا تَرَى فَهَذِهِ الْعَقِيدَة تَقُومُ عَلَى تَنْزِيهِ اللهِ عَنِ الْمَكَان وَالْـمَحَلِّ وَالْجِهَةِ، بَلْ إِنَّ نِسْبَة هَذِهِ الْنَّقَائِص عِنْدَ الْقَوْم تُضَاهِي عَقِيدَة: ((غُلَاةِ رِجَال الْكَنِيسَةِ مِنَ الأُرْثُودُكْسِيِّينَ ومُتَعَصِّبَةِ الْـمَجُوسِ الْبُوذِيَّة أَوْ الْـمُجَسِّمَة وَالْـمُشَبِّهَة)) عَلَى حَدِّ تَعْبِير الْرَّجُل؟! وَهَذَا فِيهِ مَا فِيهِ مِنْ نَاحِيَةِ حُكْم الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي عَلَى الْجِهَوِيَّةِ (الْـمُجَسِّمَةِ!)؟!...
وَتَأَمَّل أَيْضًا نِسْبَة الْرَّجُل عَقِيدَة الْجِهَة وَالْمَكَان إِلَى (الْـمُجَسِّمَةِ!) وَ(الْـمُشَبِّهَةِ!)؟!، فَهُوَ يَقْصِدُ قَطْعًا غُلَاة (الْمُجَسِّمَة!) فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ مِمَّن اشْتُهِرُوا بِإثْبَاتِ الْجُلُوس وَالْقُعُود وَالاِسْتِقْرَارِ عَلَى مَكَانِ الْعَرْشِ فِي حَقِّ رَبِّهِم؟!...
وَكَتَبَ مُفْتِي الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّة الْشَّيْخ الْسَّعِيد الْزَّوَاوِي كِتَابًا وَسَمَهُ: "الْخُطَب الْـمِنْبَرِيَّة"، وَقَالَ فِي مَقَالٍ عَلَى "جَرِيدَةِ الْشِّهَابِ" بِأَنَّهُ رَقَمَ الْكِتَابَ الـمَذْكُور عَلَى الْطَّرِيقَةِ الْسَّلَفِيَّةِ، فَقَال هُنَاكَ: ((إِنَّ قَصْدِي مِنْ تَأْلِيفِ الكِتَابِ أَمْرَانِ: أَحَدُهَمَا: تَجْدِيدُ طَرْيقَةِ السَّلَفِ فِي إِلْقَاءِ الـخُطَبِ وَالرُّجُوعِ إِلَى الأَصْلِ فِي ذَلِكَ))(13)، وَبِالْرُّجُوعِ إِلَى بَعْضِ الْتَّقَارِيرِ الْعَقَدِيَّةِ الْوَاضِحَةِ فِي ثَنَايَا هَذَا الْـمَرْقُومِ نَجِدُ الْـمُؤَلِّف الْشَّيْخ الْسَّعِيد الْزَّوَاوِي يَقُولُ مَثَلاً: ((الْـحَمْدُ للهِ الْـمُتَّصِفِ بِالْـكَمَالِ الْدَّائِمِ بِلاَ زَوَالٍ، الْـمُسْتَحِيلِ عَنْهُ الْتَّحَوُّل وَالاِنْتِقَال ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الْشُّورَى:11]، وَهُوَ الْوَلِـيُّ الْكَبِيرُ الْـمُتَعَال، ذُو الْإِحْسَانِ وَالْإِفْضَالِ...وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي صِفَاتِ الْذَّاتِ وَالأَفْعَالِ، وَلاَ مُـمَاثِلَ لَهُ بـِمَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ، وَلاَ ضِدَّ وَلاَ نِدَّ وَلاَ وَزِيرَ))(14)، فَتَنْزِيهُ اللهِ عَنِ الْـحَرَكَةِ وَالاِنْتِقَالِ وَالْتَّغَّيُّرِ وَقِيَامِ الْحَوَادِثِ بِالْذَّاتِ الْعَلِيَّةِ هُوَ مُرَادُ الْشَّيْخ الْزَّوَاوِي بِالْعَقِيدَةِ الْسَّلَفِيَّةِ، وَهَذِهِ الْعَقِيدَةُ الْـمَذْكُورَةُ هِيَ ذَاتهَا عَقِيدَةِ أَهْل الْسُّنَّةِ وَالـجَمَاعَةِ: الْسَّادَة الْأَشَاعِرَةِ وَالـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلاَءِ أَهْلِ الـحَدِيثِ. وَهِيَ عَيْنُ عَقِيدَةِ (الْنُّفَاةِ!) وَ(الْجَهْمِيَّةِ!) عِنْدَ (الْتَّيْمِيَّةِ!) وَ(الْوَهَّابِيَّةِ!)؟! فَتَأَمَّل!
وَمِنَ العَقِيدَةِ السَّلَفِيَّةِ عِنْدَ الشَّيْخِ السَّعِيد الزَّوَاوِي أَيْضًا مَا قَرَّرَهُ فِي مَعْرضِ كَلاَمِهِ عَلَى مَسْأَلَةِ رُؤْيَة اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْم الْقِيَامَة وَكَذَلِكَ صِفَة الْكَلاَمِ فِي حَقِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، حَيْثُ قَالَ: ((...كَمَا فِي مَسْأَلَتَيْ خَلْقِ القُرْآنِ والرُّؤْيَةِ الإلَهِيَّة فِي الـجَنَّةِ، فَقَدْ قَالَ بَعْضُ الـحُذَّاقِ الـمُصْلِحِينَ مِنَ العُلَمَاءِ الـمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الـمَرْحُومُ الشَّيخُ مُحَمَّد عَبْدُه مُفْتِي الدِّيَّارِ الـمِصْرِيَّةِ والكَاتِبُ الشَّهِيرُ فِي الـمَسَائِلِ الإِصْلاَحِيَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ مَا مُلَخَّصهُ: "حَصَلَ الاِتِّفَاقُ بِأَنْ يُرَى الله تَعَالَى فِي الآخِرَةِ لَكِنْ لَيْسَ بِهَذَا الْبَصَرِ وَلاَ بِهَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ الْدُّنْيَوِيَّةِ أَيْ بِأَنْ يَنْعَكِسَ الْبَصَرُ إِلَى البَصِيرَةِ، وَهِيَ مَعْنَى قَوْلِ الـمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ لاَ يُرَى، والْثَّانِيَةُ أَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ الله الْأَزَلِيُّ وَأَنَّ الْـحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ مَخْلُوقَةٌ، ذَلِكَ بِأَنَّا أَهْل الْسُّنَّةِ نَقُولُ أَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ الله لَيْسَ بِحَرْفٍ وَلاَ صَوْتٍ خِلاَفًا لِطَائِفَةٍ مِنَ الـحَنَابِلَةِ يَقُولُونَ أَنَّ كَلاَمَ الله بِحُرُوفٍ وَأَصْوَاتٍ ولَكِنْ لَيْسَتْ كَحُرُوفِنَا وَأَصْوَاتِنَا، وَالْـمُعْتَزِلَة يَقُولُونَ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ يَعْنُونَ الـحُرُوفَ والأَصْوَاتَ الَّتِي وَافَقْنَاهُم عَلَيْهَا...الخ لخ"))(15)؟!...
فَالْحَاصِلُ أَنَّ مُفْتِي الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّة الْشَّيْخ الزَّوَاوِي يَسْلُبُ مِنَ الْرُّؤْيَةِ مُطْلَق الْكَيْفِيَّاتِ الَّتِي يَدَّعِي (الْـمُجَسِّمَة!) (الْتَّيْمِيَّة!) بِأَنَّ مَنْ نَفَاهَا مِنَ الْسَّادَة الأَشَاعِرَةِ وَالـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلاَءِ أَهْلِ الـحَدِيثِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُرَاجِعَ عَقْلَهُ؟! كَمَا يُرَدِّدُ شَيْخهُم الأَكْبَر ابْن تَيْمِيَّة الْحَرَّانِي وَابْن أَبِي العِزِّ الْـمَحْسُوب عَلَى الْسَّادَةِ الْحَنَفِيَّة فِي شَرْحِهِ الْـمُحَرِّف عَلَى الْعَقِيدَة الطَّحَاوِيَّة؟!...
ثًمَّ إِنَّ صِفَةَ الْكَلاَمِ عِنْدَ الشَّيْخِ السَّعِيد الزَّوَاوِي كَمَا تَرَى صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ وَلَيْسَت حَادِثَةً، كَمَا أَنَّ كَلاَمهُ تَعَالَى لَيْسَ إِلاَّ الْكَّلاَم الْنَّفْسِي فَهُوَ بِلَا حَرْفٍ وَلَا صَوْتٍ، بِخِلاَفِ (الْتَّيْمِيَّة!) (الْـمُجَسِّمَة!)، فَالكَلاَمُ عِنْدَهُم حَرْفٌ وَصَوْتٌ، يُحْدِثُهُ تَعَالَى فِي ذَاتِهِ وَيُفْنِيهِ وِفْقَ مَشْيئَتِهِ سُبْحَانَهُ؟! فَاللهُ عِنْدَهُم يَخْلُقُ فِي نَفْسِهِ كَمَالاَتِهِ ثُمَّ يُفْنِيهَا شَيْئًا فَشَيْئًا؟!...
وَهُنَاكَ مِنَ الْنُّصُوصِ الأُخْرَى لِمَشَايِخِ الْجَمْعِيَّة مَا يَزِيدُ فِي هَذَا النَّحْوِ مِنَ الْبَيَان، وَيُؤَكِّدُ بِمَكَانٍ أَنَّ عَقِيدَة مَشَايِخ الْجَمْعِيَّةِ فِي الْأَسْمَاءِ وَالْصِّفَاتِ عِنْدَ الْتَّحْقِيقِ وَالْتَّدْقِيقِ لَيْسَتْ إِلاَّ عَقِيدَة أَهْل الْسُّنَّةِ وَالْـجَمَاعَةِ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَةِ وَالْـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلاَءِ أَهْلِ الـحَدِيثِ، وَلاَ عَلاَقَة لَهَا الْبَتَّة بِعَقِيدَة (الْتَّجْسِيمِ!) (الْتَّيْمِيَّةِ!)...
خَامِسًا: نُنَبِّه الْقَارِئ الْكَرِيم إِلَى وَاحِدةٍ مِنْ تَلْبِيسَاتِ هَذَا الْرَّجُل الَّتِي لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى:
قَالَ هَذَا الْوَهَّابِي كَمَا تَجِدْهُ فِي مَقَالِهِ الْمُشَار إِلَيْهِ: ((فلا يَقبل ـ في حِيَاضه ـ [يَقْصِد مَذْهَب سَلَفه] طاعنًا في ذات الله المقدَّسة وأسمائه وصِفَاتِه، ولا محرِّفًا ولا مُؤوِّلًا ولا مُعطِّلًا ولا مُشبِّهًا))؟!، فَمَنْ قَرَأَ قَوْلهُ: ((ولا مُشبِّهًا)) يَحْسَب أَنَّ عَقِيدَة هَذَا الْرَّجُل تَقُومُ عَلَى نَفْيِ مُطْلَقِ (الْـتَّشْبِيهِ!)؟!، وَالْحَقِيقَة هِيَ أَنَّ مَذْهَبهُ يَقُومُ عَلَى إِثْبَاتِ نَوْع (مُشَابَهَةٍ!) بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ؟! وَأَنَّ الْقَوْل بِنَفْيِ مُطْلَقَ (الْتَّشْبِيهِ!) بَيْنَ ذَاتِ الْوَاجِبِ وَذَاتِ الْمُمْكِن يَقْضِي بِنَفِيِ وُجُود الْبَارِي؟!...
نَعَمْ؛ فَقَد قَالَ هَذَا الْوَهَّابِي فِي فَتْوَى رَقَم: "617" عَلَى مَوْقِعِهِ الاِلِكْتْرُونِي الْرَّسْمِي مَا نَصُّهُ: ((والصفات الخبرية هذه مما تُسمَّى بالأبعاض أو الأجزاء هي ملازمة للذات غير منفكَّة عنها فلم يزل سبحانه بها ولم يحدث له شيء من ذلك بعد أن لم يكن بل هو موصوف بها أزلاً وأبدًا))(16)؟!
فَالْرَّجُل يُرَدِّدُ كَلَام شَيْخِهِ ابْن الْعُثَيْمِين وَحَاصِلُهُ:
(أ) مُسَمَّى "عَيْن الله" مَثَلًا هُوَ نَظِير مُسَمَّى "عَيْن الْإِنْسَانِ"، أَيْ: عَيْن اللهِ (عُضْوٌ!) وَ(أَدَاةٌ!) يُبْصِرُ بِهَا جَلَّ وَعَزَّ، فَهِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْـمَعْنَى: (جُزْءٌ!) وَ(بَعْضٌ!) مِن ذَاتِ الْرَّبِّ، نَظِير (أَدَاة!) الْعَيْن فِي الْـمَخْلُوقِ؟!
(ب) وَكَوْن عَيْن الْرَّبِّ كَذَلِكَ أَيْ: (أَدَاةٌ!) وَ(جَارِحَةٌ!) وَ(عُضْوٌ!) وَ(بَعْضٌ!) لَا يَعْنِي أَنَّهَا تَقْبَلُ الاِنْفِصَالَ (الْفِعْلِي!) عَن ذَاتِ الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ الْحَال فِي أَعْيُنِ الْـمَخْلُوقَات؟!
فَالْرَّجُل يَعْتَقِدُ أَنَّ (أَدَوَاتَ!) وَ(جَوَارِحَ!) وَ(أَبْعَاضَ!) وَ(أَجْزَاءَ!) رَبِّهِ: (أَجْسَامٌ!) لَا تَقْبَلُ الاِنْفِكَاك عَنِ الْذَّاتِ لَا أَزَلًا وَلَا أَبَداً؟!...
فَكَيْفَ يُلَبِّسُ إِذًا هَذَا الْوَهَّابِي بِدَعْوَى الاِطِلَاقِ فِي نَفْيِ (الْتَّشْبِيهِ!) عَنْ رَبِّهِ كَمَا مَرَّ مَعَكَ فِي كَلَامِهِ، إِذَا كَانَ هُوَ نَفْسهُ يَعْتَقِدُ بِأَنَّ رَبَّهُ يَشْتَرِكُ مَعَ الْمَخْلُوقَاتِ فِي جِسْمِيَّة (الْحَجْمِ!) وَ(الْكَمِّ!) وَ(الْحُدُودِ!) وَ(الْأَبْعَادِ!) مِنْ (طُولٍ!) وَ(عَرْضٍ!) وَ(عُمْقٍ!)؟!...
وَلِكَيْ تُدْرِكَ أَنَّ هَذِهِ الْحَقِيقَة هِيَ ذَاتهَا مَذْهَب الْقَوْم، أَكْتَفِي هَا هُنَا بِذِكْر مَا قَرّرَهُ شَيْخهُم ابْن الْعُثَيْمِين فِي هَذَا الْصَّدَد، حَيْثُ يَقُول: ((فَإِذَا قُلْتَ: مَا هِيَ الْصُّورَة الَّتِي تَكُونُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَكُون آدَم عَلَيْهَا؟ قُلْنَا: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَجْهٌ وَلَهُ عَيْنٌ وَلَهُ يَدٌ ولَهُ رِجْلٌ عَزَّ وَجَلَّ، لَكِنْ لاَ يَلْزَم مِن أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاء مـُمَاثلَة لِلْإِنْسَانِ؛ فَهُنَاكَ شَيْءٌ مِنَ الْشَّبَهِ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الْـمُمَاثَلَةِ))(18)؟! فَإِثْبَاتُ الْصُّورَة للهِ يَقْضِي عِنْدَ (الْتَّيْمِيَّة!) وَ(الْوَهَّابِيَّة!) بِوُجُوبِ إِثْبَاتِ قَدْرٍ مِنَ (الْشَّبَهِ!) بَيْنَ مَا يُسَمُّونَهُ بِـ: "الْصِّفَات" فِي حَقِّ خَالِقِهِم، وَبَيْنَ (أَدَوَاتِ!) الْـمَخْلُوقِ؟!، وَهَذَا عَيْن (الْتَّشْبِيه!) وَ(الْتَّجْسيم!) كَمَا لَا يَخْفَى...
إِذَا تَبَيَّنَ لَكَ هَذَا، فَاقْرَأ مَا كَتَبَهُ هَذَا الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس نَفْسهُ عِنْدَ شَرْحِهِ عَلَى عَقِيدَةِ ابْن بَادِيس: ((وَبِغَضِّ الْنَّظَرِ عَمَّا ذَكَرَهُ الْـمُصَنِّفُ رَحِمَهُ الله [الْشَّيْخ ابْن بَادِيس] مِنْ نَفْيِ الْـمِثْلِ وَالْنِّدِّ وَالْكُفْءِ وَالْنَّظِيرِ وَالْشَّبِيهِ للهِ تَعَالَى مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ))(18)؟! فَهَذَا اعْتِرَافٌ مِنَ هَذَا الْوَهَّابِي بِأَنَّ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس يَنْفِي مُطْلَقَ (الْمُشَابَهَةِ!) بَيْن الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوق، وَهَذَا الْتَّنْزِيه يَهْدِمُ أَصْل الْعَقِيدَةِ (الْتَّيْمِيَّةِ!): فَنَفْيُ (الْـمُشَابَهَةِ!) بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ يَقْضِي عِنْدَ الْقَوْمِ بِنَفْيِ (الْحَجْمِيَّةِ!) عَنْهُ تَعَالَى، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ نَفْي وُجُودِ الْرَّبِّ؟!...
فَالْعَاقِل إِذًا: يَتَسَاءَلُ هَا هُنَا مَا مَحَلُّ "غَضّ الْنَّظَرِ؟!" مِنَ الْإِعْرَابِ كَمَا جَاءَ فِي كَلَامِ هَذَا الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي، عَلَى هَذَا الْتَّأْصِيلِ مِنَ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس الَّذِي يَنْسِفُ أَصْل الْعَقِيدَةِ (الْتَّيْمِيَّة!)؟!...
نَسْأَلُ الله الْسَّلَامَة وَالْعَافِيَة مِنْ هَكَذَا أُسْلُوبٍ فِي الْحَشْوِ وَالْتَّعْمِيَةِ؟!...
سَادِسًا: لِـمَن يُرِيد الاِطِّلَاع عَلَى عَقِيدَة الْجَمْعِيَّة الْبَادِيسِيَّة:
https://www.facebook.com/yacine.ben.rabie/posts/2057367294497896
وَخَاصَّةً مِنْهَا:
https://archive.org/download/Yacine_05_201803/05.pdf
وَاللهُ الْـمُوَفِّق
_____________
(1) مَوْقع فَرْكُوس: https://ferkous.com/home/?q=art-mois-125
(2) رِسَالَة الْشِّرْكِ وَمَظَاهِرُهُ لِلْشَّيْخِ مُبَارَك بْن مُحَمَّد الْـمِيلِي (ص:417)، تَحْقِيق وَتعْلِيق (الْتَّيْمِي!): أَبِي عَبْد الْرَّحْمَن مَحْمُود الْجَزَائِرِي، دَارُ الْرَّايَةِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ-الْسُّعُودِيَّة، الْطَّبْعَةُ الأُوْلَى: 1422هـ-2001م
(3) تقْرِيرُ جَمِعِيَّة الْعُلَمَاء لِرِسَالَة "الْشِّرْك وَمَظَاهِره" كَمَا تَجْدْهُ فِي الْمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:27)
(4) الْمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:29)
(5) الْمَصْدَر الْسَّابِق: (ص:262)، وَلِأَمْرٍ مَا؟ !لَـمْ يَنْبس الْـمُعَلِّق الْتَّيْمِي عَلَى الْرِّسَالَةِ هُنَاكَ بِبِنْتِ شَفَةٍ وَلَـمْ يُسَارِع بِالِانْتِهَاضِ لِلاِعْتِرَاضِ عَلَى هَذَا (الْتَّعطيل!)؟ !
(6) مَقَال: "رِسَالَة الْشِّرْك وَمَظَاهِره، بِقَلَم: مُؤَرِّخ الْجَزَائِر وَفَيْلَسُوفهَا الاِجْتِمَاعِي الْأُسْتَاذ مُبْارَك الْـمِيلِي" عَلَى جَرِيدَةِ الْبَصَائِر لِسَان حَالِ جَمْعِيَّة الْـعُلَمَاء الْـمُسْلِمِين الْـجَزَائِرِيِّينَ: 1356ه-1937م اْلعَدَد:(83)، نَقْلًا عَن: [مَقَالَات وَآرَاء عُلَمَاء جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْـمُسْلِمِينَ: الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي (2/418-419)، جَمْع وَإِعْدَاد: الْدُّكْتُور أَحْمَد الْرِّفَاعِي شُرْفِي، دَارُ الْهُدَى لِلْطِّبَاعَةِ وَالْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: الْجزَائِر، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى:2011م]
(7) مَقَال: "لاَ تَصِحُّ الـخِلاَفَة لِغَيْرِ قُرْشِيٍّ شَرْعًا" على جريدة البلاغ الـجزائري: 1350هـ-1931م العدد: 240: نقلاً عَنْ: [الشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (3/154-155)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة: 2013م]
( كِتَاب: "جَمَاعَة الـمُسْلِمِينَ" لِلْشَّيْخ الْسَّعِيد الزَّوَاوِي ضِمْنَ: [الشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (4/32)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة: 2013م]
(9) كتاب: "تَارِيخُ الزَّوَاوَة" لِلْشَّيْخ السَّعِيد الزَّوَاوِي ضِمْنَ: [الشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (4/116)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة: 2013م]
(10) مِنْ تَقْدِيم الشَّيْخ الزَّوَاوِي لِكِتَابِ "الْـجَزَائِر" مِنْ تَأْلِيف أَحْمَد تَوْفِيق الْـمَدَنِي الأَمِين العَام لِجَمْعِيَّةِ الْعُلَمَاءِ الـمُسْلِمِينَ الجَزَائِرِيِّينَ، نَقْلاً عَنْ: [الشَّيخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (3/323)، دَارُ زَمُّورَة لِلْنَّشْر وَالتَّوْزِيع-الجَزَائِر، طَبْعَة خَاصَّة: 2013م]
(11) مَقَال: "حَوْل الْقَصِيدَة الْعَاشُورِيَّة" عَلَى جَرِيدَةِ الْشَّيْخ ابْن بَادِيس "الْشِّهَاب"، الْسَّنَة: (1) الْعَدَدَ: (2) ص:(7)، الْخَمِيس 2 رَبِيع الْأَوَّل 1344هـ- 19 نُوفَمْبَر 1925م، نَقْلاً عَن: [مَقَالَات وَآرَاء عُلَمَاء جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْـمُسْلِمِينَ: الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي (2/63)]
(12) مَقَال: "حَوْل مُبَاهَلَة الْعَلَّامَة الْأُسْتَاذ الْعُقْبِي لِلْطُّرقيِّينَ، هَلْ أَجَابُوا؟.." عَلَى الْشَّيْخ ابْن بَادِيس "الْشِّهَاب"، الْسَّنَة: (3) الْعَدَد: (101) ص:(5)، الْخَمِيس 16 ذِي الْحِجَّة 1345هـ-16 جْوَان 1927م، نَقْلاً عَن: [مَقَالَات وَآرَاء عُلَمَاء جَمْعِيَّة الْعُلَمَاء الْـمُسْلِمِينَ: الْشَّيْخ الْطَّيِّب الْعُقْبِي (2/150)]
(13) مَقَال عَلَى جَرِيدَةِ الْشِّهَاب: 1353هـ-1934م الْجُزْء:(6) الْـمُجَلَّد: (10)، نَقْلاً عَن: [الشَّيخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (3/453)]
(14) كِتَابُ: "الْـخُطَب الْـمِنْبَرِيَّة" ضِمْن: [الْشَّيْخ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (4/72-73)]
(15) جَرِيدَةُ الْبَلاَغِ الْـجَزَائِرِيِّ: 1346هـ-1928م الْعَدَد: (66)، نَقْلًا عَن: [الْشَّيْخِ أَبُو يَعْلَى الزَّوَاوِي حَيَاتُهُ وأَعْمَالُهُ (1/413)]
(16) مَوْقِع فَرْكُوس: https://ferkous.com/home/?q=fatwa-617
(17) شَرْحُ ابْن الْعُثَيْمِين عَلَى الْعَقِيدَةِ الْوَاسِطِيَّةِ لِابْنِ تَيْمِيَّةِ (1/110)، تَحْقِيقُ: سَعْد بْن فَواز الْصُّميْل، دَارُ ابْنُ الْجُوزِي: الْسُّعُودِيَّة، الْطَّبْعَة الْسَّادِسَة: 1421هـ
(18) إِمْتاعُ الْجَلِيسِ شَرْح عَقَائِدِ الْإِيْمَان لاِبْن بَادِيس لِلْدُّكْتُور فَرْكُوس (ص:129)، دَارُ الْعَوَاصِمِ لِلْنَّشْرِ وَالْتَّوْزِيعِ: الْجَزَائِر، الْطَّبْعَة الْثَّانِيَةِ: 1435هـ-2014م
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى