قم بخدمتنا ونحن نقوم لك بقسمتنا
صفحة 1 من اصل 1
قم بخدمتنا ونحن نقوم لك بقسمتنا
قم بخدمتنا ونحن نقوم لك بقسمتنا
الفائدة الرابعة: قوله تعالى {لا نسألك رزقا نحن نرزقك} أي لا نسألك أن ترزق نفسك، ولا اهلك.
وكيف نأمرك بذلك، ونكلفك أن ترزق نفسك، وأنت لا تستطيع ذلك؟
وكيف يحمد بنا أن نأمرك بالخدمة، ولا نقوم لك بالقسمة؟
فكأنه سبحانه لما علم أن العباد ربما يشوش عليهم طلب الرزق في دوام الطاعة، وحجبهم ذلك عن التفرغ للموافقة، فخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم ليسمعوا فقال:
{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، لا نسألك رزقا، نحن نرزقك} أي قم بخدمتنا ونحن نقوم لك بقسمتنا وهما شيئان: شيء ضمنه الله لك فلا تتبعه، وشيء طلب منك فلا تهمله.
فمن اشتغل بما ضمن له عما طلب منه، فقدم عظم جهله واتسعت غفلته وقل ما يتنبه لمن يوقظه، بل حقيق على العبد أن يشتغل بما طلب منه، عما ضمن له.
إذا كان سبحانه قد رزق أهل الجحود، فكيف لا يزرق أهل الشهود؟
وإذا كان قد أجرى رزقه على أهل الكفران، فكيف لا يجري رزقه على أهل الإيمان؟
فقد علمت أيها العبد، أن الدنيا مضمونة لك، مضمون لك، منها ما يقام بأودك والآخرة، مطلوبة منك، أي العمل لها بقوله تعالى: {وتزودوا فان خير الزاد التقوى}.
فكيف يثبت لك عقل، أو بصيرة، واهتمامك فيما ضمن لك اقتطعك عن اهتمام بما طلب منك، حتى قال بعضهم:
(إ الله ضمن لنا الدنيا، وطلب منا الآخرة فليته ضمن لنا الآخرة، وطلب منا الدنيا).
وأنى قوله تعالى: {ونحن نرزق} على هذه الصيغة، ليدل ذلك على الاستقرار والدوام لأن قولك: أنا أكرمك، ليس كقولك أنا أكرمتك، لأن قولك أنا أكرمك يدل على إكرام بعد إكرام.
وقولك أنا أكرمتك، لا يدل إلا على أن ثم إكراما كان وقوعه فيما مضى من غير أن يدل على التكرار والدوام.
فقوله تعالى: {نحن نرزقك} أي رزقا بعد رزق، لا نعطل عنك منتنا، ولا نقطع عنك نعمتنا.
ولما تفضلنا على العباد بالإيجاد، فكذلك أيضا قمنا لهم بدوام الإمداد، ثم قال تعالى: {والعاقبة للتقوى}.
كأنه تعالى يقول: نحن نعلم إذا تبتلت لخدمتنا، وتوجهت لطاعتنا، معرضا عن أسباب الدنيا، تاركا للدخول فيها، والاشتغال بها، لا يكون رزقك فيها رزق المترفين، ولا عيشك عيش المتوسعين، ولك اصطبر على ذلك فان العاقبة للتقوى، كما قال تعالى في أول الآية الأخرى:
{ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم، زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى}.
فان قلت: لماذا خص التقوى بالعاقبة، وأهل التقوى لهم مع العاقبة العيشة الطيبة في الدنيا، لقوله تعالى:
{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.
فاعلم انه تعالى يخاطب العباد على حسب عقولهم، فكأنه يقول: أيها العباد إن نظرتم أن لأهل الغفلة والعدوان بداية فلأهل التقوى والإيمان نهاية، والعاقبة للتقوى.
فخاطب العباد على حسب ما تصل إليه عقولهم وتدركه إفهامهم، كما جاء: الله اكبر، وإن كان غيره لم يشاركه على الكبرياء، لكن لما كانت النفوس قد تشهد كبرياء الآثار كما قال تعالى:
{لخلق السماوات والأرض اكبر من خلق الناس}.
فكأنه يقال لها: أن كان ولا بد وشهدت لشيء كبرياء، فالله عز وجل اكبر منه واكبر من كل كبير، كما جاء: الصلاة خير من النوم.
فلو قيل: ليس في النوم خير، قالت النفوس: قد أدركت لذاذاته وراحته، فسلم لها ما أدركت، ثم قيل لها: ما دعوناك إليه، خير مما هو خير عندك، الصلاة خير من النوم.
لأن ما ملت إليه من المنام عرض يفنى، وما دعوناك إليه معاملة يبقى جزاؤها ما يفنى، وما عند الله خير وأبقى.
الفائدة الرابعة: قوله تعالى {لا نسألك رزقا نحن نرزقك} أي لا نسألك أن ترزق نفسك، ولا اهلك.
وكيف نأمرك بذلك، ونكلفك أن ترزق نفسك، وأنت لا تستطيع ذلك؟
وكيف يحمد بنا أن نأمرك بالخدمة، ولا نقوم لك بالقسمة؟
فكأنه سبحانه لما علم أن العباد ربما يشوش عليهم طلب الرزق في دوام الطاعة، وحجبهم ذلك عن التفرغ للموافقة، فخاطب رسوله صلى الله عليه وسلم ليسمعوا فقال:
{وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، لا نسألك رزقا، نحن نرزقك} أي قم بخدمتنا ونحن نقوم لك بقسمتنا وهما شيئان: شيء ضمنه الله لك فلا تتبعه، وشيء طلب منك فلا تهمله.
فمن اشتغل بما ضمن له عما طلب منه، فقدم عظم جهله واتسعت غفلته وقل ما يتنبه لمن يوقظه، بل حقيق على العبد أن يشتغل بما طلب منه، عما ضمن له.
إذا كان سبحانه قد رزق أهل الجحود، فكيف لا يزرق أهل الشهود؟
وإذا كان قد أجرى رزقه على أهل الكفران، فكيف لا يجري رزقه على أهل الإيمان؟
فقد علمت أيها العبد، أن الدنيا مضمونة لك، مضمون لك، منها ما يقام بأودك والآخرة، مطلوبة منك، أي العمل لها بقوله تعالى: {وتزودوا فان خير الزاد التقوى}.
فكيف يثبت لك عقل، أو بصيرة، واهتمامك فيما ضمن لك اقتطعك عن اهتمام بما طلب منك، حتى قال بعضهم:
(إ الله ضمن لنا الدنيا، وطلب منا الآخرة فليته ضمن لنا الآخرة، وطلب منا الدنيا).
وأنى قوله تعالى: {ونحن نرزق} على هذه الصيغة، ليدل ذلك على الاستقرار والدوام لأن قولك: أنا أكرمك، ليس كقولك أنا أكرمتك، لأن قولك أنا أكرمك يدل على إكرام بعد إكرام.
وقولك أنا أكرمتك، لا يدل إلا على أن ثم إكراما كان وقوعه فيما مضى من غير أن يدل على التكرار والدوام.
فقوله تعالى: {نحن نرزقك} أي رزقا بعد رزق، لا نعطل عنك منتنا، ولا نقطع عنك نعمتنا.
ولما تفضلنا على العباد بالإيجاد، فكذلك أيضا قمنا لهم بدوام الإمداد، ثم قال تعالى: {والعاقبة للتقوى}.
كأنه تعالى يقول: نحن نعلم إذا تبتلت لخدمتنا، وتوجهت لطاعتنا، معرضا عن أسباب الدنيا، تاركا للدخول فيها، والاشتغال بها، لا يكون رزقك فيها رزق المترفين، ولا عيشك عيش المتوسعين، ولك اصطبر على ذلك فان العاقبة للتقوى، كما قال تعالى في أول الآية الأخرى:
{ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم، زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى}.
فان قلت: لماذا خص التقوى بالعاقبة، وأهل التقوى لهم مع العاقبة العيشة الطيبة في الدنيا، لقوله تعالى:
{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}.
فاعلم انه تعالى يخاطب العباد على حسب عقولهم، فكأنه يقول: أيها العباد إن نظرتم أن لأهل الغفلة والعدوان بداية فلأهل التقوى والإيمان نهاية، والعاقبة للتقوى.
فخاطب العباد على حسب ما تصل إليه عقولهم وتدركه إفهامهم، كما جاء: الله اكبر، وإن كان غيره لم يشاركه على الكبرياء، لكن لما كانت النفوس قد تشهد كبرياء الآثار كما قال تعالى:
{لخلق السماوات والأرض اكبر من خلق الناس}.
فكأنه يقال لها: أن كان ولا بد وشهدت لشيء كبرياء، فالله عز وجل اكبر منه واكبر من كل كبير، كما جاء: الصلاة خير من النوم.
فلو قيل: ليس في النوم خير، قالت النفوس: قد أدركت لذاذاته وراحته، فسلم لها ما أدركت، ثم قيل لها: ما دعوناك إليه، خير مما هو خير عندك، الصلاة خير من النوم.
لأن ما ملت إليه من المنام عرض يفنى، وما دعوناك إليه معاملة يبقى جزاؤها ما يفنى، وما عند الله خير وأبقى.
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى