بنو إسرائيل والتيه
صفحة 1 من اصل 1
بنو إسرائيل والتيه
بنو إسرائيل والتيه
فائدة: اعلم أن بني إسرائيل لما دخلوا التيه، ورزقوا المن والسلوى، واختار الله تعالى لهم ذلك رزقا رزقهم إياه، يبرز من عين المنة من غير تعب منهم ولا نصب، فرجعت نفوسهم الكثيفة لوجود إلف العبادة والغيبة عن شهود تدبير الله تعالى إلى طلب ما كانوا يعتادونه، فقالوا:
{ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها، وقثائها وفومها وعدسها وبصلها، قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم، وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله}.
وذلك لأنهم تركوا ما اختار الله لهم مما يليق لما اختاروه لأنفسهم فقيل لهم على طريق التوبيخ لهم:
{أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ اهبطوا مصرا}. فظاهر التفسير: أتستبدلون الثوم والبصل والعدس بالمن والسلوى وليس النوعان سواء في اللذة ولا في سقوط المشقة؟ وسر الاعتبار: أتستبدلون مرادكم لأنفسكم بمراد الله لكم؟
أتستبدلون الذي هو أدنى، وهو ما أردتموه، بالذي هو خير، وهو ما أراد الله لكم؟
اهبطوا مصر فإن ما أنتم اشتهيتموه لا يليق أن يكون إلا في الأمصار.
وفي سر الاعتبار: اهبطوا عن سماء التفويض، وحسن الاختيار والتدبير منا لكم إلى أرض التدبير والاختيار منكم لأنفسكم موصوفين بالذلة والمسكنة لاختياركم مع الله وتدبيركم لأنفسكم مع تدبير الله.
ولو أن هذه الأمة هي الكائنة في التيه، لما قالت مقال بني إسرائيل لشفوف أنوارهم ونفوذ أسرارهم.
ألا ترى أن بني إسرائيل في ابتداء الأمر قالوا لموسى عليه السلام، وهو كان سبب التيه لهم:
{اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون}.
وقالوا في آخره: {ادع لنا ربك}.
فأبوا في الأول عن امتثال أمر الله، وفي الآخرة، اختاروا لأنفسهم غير ما اختار الله بهم، وكثيرا ما تكرر منهم ما يدل على بعدهم عن مصدر الحقيقة.
وسواء الطريقة في قولهم: {أرنا الله جهرة} وفي قولهم لموسى عليه السلام بعد، ولم ينشف بلل البحر عن أقدامهم حين فرق لهم لما عبروا على قوم يعكفون على أصنام لهم فقالوا: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}.
فكانوا كما قال موسى عليه السلام: {قال إنكم قوم تجهلون}.
وكذلك قوله تعالى: {وإذ نتفنا الجبل فوقهم كأنه ظلة، وظنوا أنه وقع بهم، خذوا ما أتيناكم بقوة}.
وهذه الأمة نتق فوق قلوبها جبال الهيبة والعظمة، فأخذوا الكتاب بقوة الإيمان، فثبتوا لذلك وأيدوا لما هنالك، وحفظوا من عبادة العجل وغير ذلك، لأن الله تعالى اختار هذه الأمة واختار لها وأثنى عليها بقول:
{كنتم خير أمة أخرجت للناس}. وقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}. أي عدولا خيارا.
فائدة: اعلم أن بني إسرائيل لما دخلوا التيه، ورزقوا المن والسلوى، واختار الله تعالى لهم ذلك رزقا رزقهم إياه، يبرز من عين المنة من غير تعب منهم ولا نصب، فرجعت نفوسهم الكثيفة لوجود إلف العبادة والغيبة عن شهود تدبير الله تعالى إلى طلب ما كانوا يعتادونه، فقالوا:
{ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها، وقثائها وفومها وعدسها وبصلها، قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم، وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله}.
وذلك لأنهم تركوا ما اختار الله لهم مما يليق لما اختاروه لأنفسهم فقيل لهم على طريق التوبيخ لهم:
{أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ اهبطوا مصرا}. فظاهر التفسير: أتستبدلون الثوم والبصل والعدس بالمن والسلوى وليس النوعان سواء في اللذة ولا في سقوط المشقة؟ وسر الاعتبار: أتستبدلون مرادكم لأنفسكم بمراد الله لكم؟
أتستبدلون الذي هو أدنى، وهو ما أردتموه، بالذي هو خير، وهو ما أراد الله لكم؟
اهبطوا مصر فإن ما أنتم اشتهيتموه لا يليق أن يكون إلا في الأمصار.
وفي سر الاعتبار: اهبطوا عن سماء التفويض، وحسن الاختيار والتدبير منا لكم إلى أرض التدبير والاختيار منكم لأنفسكم موصوفين بالذلة والمسكنة لاختياركم مع الله وتدبيركم لأنفسكم مع تدبير الله.
ولو أن هذه الأمة هي الكائنة في التيه، لما قالت مقال بني إسرائيل لشفوف أنوارهم ونفوذ أسرارهم.
ألا ترى أن بني إسرائيل في ابتداء الأمر قالوا لموسى عليه السلام، وهو كان سبب التيه لهم:
{اذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ها هنا قاعدون}.
وقالوا في آخره: {ادع لنا ربك}.
فأبوا في الأول عن امتثال أمر الله، وفي الآخرة، اختاروا لأنفسهم غير ما اختار الله بهم، وكثيرا ما تكرر منهم ما يدل على بعدهم عن مصدر الحقيقة.
وسواء الطريقة في قولهم: {أرنا الله جهرة} وفي قولهم لموسى عليه السلام بعد، ولم ينشف بلل البحر عن أقدامهم حين فرق لهم لما عبروا على قوم يعكفون على أصنام لهم فقالوا: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}.
فكانوا كما قال موسى عليه السلام: {قال إنكم قوم تجهلون}.
وكذلك قوله تعالى: {وإذ نتفنا الجبل فوقهم كأنه ظلة، وظنوا أنه وقع بهم، خذوا ما أتيناكم بقوة}.
وهذه الأمة نتق فوق قلوبها جبال الهيبة والعظمة، فأخذوا الكتاب بقوة الإيمان، فثبتوا لذلك وأيدوا لما هنالك، وحفظوا من عبادة العجل وغير ذلك، لأن الله تعالى اختار هذه الأمة واختار لها وأثنى عليها بقول:
{كنتم خير أمة أخرجت للناس}. وقوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا}. أي عدولا خيارا.
_________________
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى