مقامات اليقين
صفحة 1 من اصل 1
مقامات اليقين
مقامات اليقين
وإذ قد تبين هذا فاعلم أن مقامات اليقين تسعة وهي:
التوبة، والزهد، والصبر، والشكر، والخوف، والرضا، والرجاء، والتوكل، والمحبة.
ولا تصح كل واحدة، من هذه المقامات إلا بإسقاط التدبير مع الله، والاختيار، وذلك: أن التائب كما يجب عليه أن يتوب من ذنبه، كذا يجب عليه أن يتوب عن التدبير مع ربه.
لأن التدبير والاختيار من كبائر القلوب والأسرار والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى: (من كل ما لا يرضاه لك) لأنه شرك بالربوبية، وكفر لنعمة العقل، ولا يرضى لعباده الكفر. وكيف تصح توبة عبد مهموم بتدبير دنياه. غافل من حسن رعاياه؟
وكذلك لا يصح الزهد: إلا بالخروج عن التدبير، لأن مما أنت مخاطب بالخروج عنه، والزهد فيه: تدبيرك.
إذ الزهد زهدان: زهد ظاهر جلي، وزهد باطن خفي.
فالظاهر الجلي: الزهد في فضول الحلال، من المأكولات والملبوسات وغير ذلك.
والزهد الخفي: الزهد في الرياسة، وحب الظهور، ومنه الزهد في التدبير مع الله.
وكذلك لا يصح صبر ولا شكر، إلا بإسقاط التدبير، وذلك: لأن الصابر من صبر عما لا يحبه الله، ومما لا يحبه الله تعالى التدبير معه والاختيار لأن الصبر على أقسام:
صبر عن المحرمات.
وصبر عن الواجبات.
وصبر عن التدبيرات والاختيارات.
وان شئت قلت: صبر عن الحظوظ البشرية، وصبر على لوازم العبودية، ومن لوازم العبودية، إسقاط التدبير مع الله تعالى.
وكذلك لا يصح الشكر إلا لعبد ترك التدبير مع الله، لأن الشكر - فيما قال الجنيد رحمه الله تعالى:
"الشكر أن لا تعصي الله بنعمه."
ولولا العقل الذي ميزك الله به على أشكاله، وجعله سببا لكمالك لم تكن من المدبرين معه، إذ الجمادات والحيوانات لا تدبير لها مع الله، لفقدان العقل الذي من شأنه النظر إلى العواقب والاهتمام بها.
ويناقض أيضا مقام الخوف والرجاء: إذ الخوف إذا توجهت سطواته إلى القلوب منعها أن تستروح إلى وجود التدبير، والرجاء أيضا كذلك: إذ الراجي قد امتلأ قلبه فرحا بالله، ووقته مشغول بمعاملة الله تعالى، فأي وقت يسعه التدبير مع الله تعالى؟
ويناقض أيضا مقام التوكل: وذلك أن المتوكل على الله من ألقى قياده إليه، واعتمد في كل أموره عليه، فمن لازم ذلك: عدم التدبير والاستسلام لجريان المقادير.
وتعلق إسقاط التدبير بمقام التوكل والرضا، أبين من تعلقه بسائر المقامات.
ويناقض أيضا مقام المحبة: إذ المحب مستغرق في حب محبوبه، وترك الإرادة معه هي عين مطلوبه، وليس يتسع وقت المحب للتدبير مع الله أنه قد (شغله عن ذلك حبه لله) ولذلك قال بعضهم: (من ذاق شيئا من خالص محبة الله، ألهاه ذلك عما سواه).
ويناقض
أيضا مقام الرضا: وهو بين لا إشكال فيه، وذلك: أن الراضي قد اكتفى بسابق تدبير الله فيه، فكيف يكون مدبرا معه وهو قد رضي بتدبيره؟ ألم تعلم أن نور الرضا يغسل من القلوب غثاء التدبير.
فالراضي عن الله، بسطه نور الرضا لأحكامه، فليس له تدبير مع اللهو وكفى بالعبد حسن اختيار سيده له. فافهم.
وإذ قد تبين هذا فاعلم أن مقامات اليقين تسعة وهي:
التوبة، والزهد، والصبر، والشكر، والخوف، والرضا، والرجاء، والتوكل، والمحبة.
ولا تصح كل واحدة، من هذه المقامات إلا بإسقاط التدبير مع الله، والاختيار، وذلك: أن التائب كما يجب عليه أن يتوب من ذنبه، كذا يجب عليه أن يتوب عن التدبير مع ربه.
لأن التدبير والاختيار من كبائر القلوب والأسرار والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى: (من كل ما لا يرضاه لك) لأنه شرك بالربوبية، وكفر لنعمة العقل، ولا يرضى لعباده الكفر. وكيف تصح توبة عبد مهموم بتدبير دنياه. غافل من حسن رعاياه؟
وكذلك لا يصح الزهد: إلا بالخروج عن التدبير، لأن مما أنت مخاطب بالخروج عنه، والزهد فيه: تدبيرك.
إذ الزهد زهدان: زهد ظاهر جلي، وزهد باطن خفي.
فالظاهر الجلي: الزهد في فضول الحلال، من المأكولات والملبوسات وغير ذلك.
والزهد الخفي: الزهد في الرياسة، وحب الظهور، ومنه الزهد في التدبير مع الله.
وكذلك لا يصح صبر ولا شكر، إلا بإسقاط التدبير، وذلك: لأن الصابر من صبر عما لا يحبه الله، ومما لا يحبه الله تعالى التدبير معه والاختيار لأن الصبر على أقسام:
صبر عن المحرمات.
وصبر عن الواجبات.
وصبر عن التدبيرات والاختيارات.
وان شئت قلت: صبر عن الحظوظ البشرية، وصبر على لوازم العبودية، ومن لوازم العبودية، إسقاط التدبير مع الله تعالى.
وكذلك لا يصح الشكر إلا لعبد ترك التدبير مع الله، لأن الشكر - فيما قال الجنيد رحمه الله تعالى:
"الشكر أن لا تعصي الله بنعمه."
ولولا العقل الذي ميزك الله به على أشكاله، وجعله سببا لكمالك لم تكن من المدبرين معه، إذ الجمادات والحيوانات لا تدبير لها مع الله، لفقدان العقل الذي من شأنه النظر إلى العواقب والاهتمام بها.
ويناقض أيضا مقام الخوف والرجاء: إذ الخوف إذا توجهت سطواته إلى القلوب منعها أن تستروح إلى وجود التدبير، والرجاء أيضا كذلك: إذ الراجي قد امتلأ قلبه فرحا بالله، ووقته مشغول بمعاملة الله تعالى، فأي وقت يسعه التدبير مع الله تعالى؟
ويناقض أيضا مقام التوكل: وذلك أن المتوكل على الله من ألقى قياده إليه، واعتمد في كل أموره عليه، فمن لازم ذلك: عدم التدبير والاستسلام لجريان المقادير.
وتعلق إسقاط التدبير بمقام التوكل والرضا، أبين من تعلقه بسائر المقامات.
ويناقض أيضا مقام المحبة: إذ المحب مستغرق في حب محبوبه، وترك الإرادة معه هي عين مطلوبه، وليس يتسع وقت المحب للتدبير مع الله أنه قد (شغله عن ذلك حبه لله) ولذلك قال بعضهم: (من ذاق شيئا من خالص محبة الله، ألهاه ذلك عما سواه).
ويناقض
أيضا مقام الرضا: وهو بين لا إشكال فيه، وذلك: أن الراضي قد اكتفى بسابق تدبير الله فيه، فكيف يكون مدبرا معه وهو قد رضي بتدبيره؟ ألم تعلم أن نور الرضا يغسل من القلوب غثاء التدبير.
فالراضي عن الله، بسطه نور الرضا لأحكامه، فليس له تدبير مع اللهو وكفى بالعبد حسن اختيار سيده له. فافهم.
_________________
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى