البدعة الحسنة و البدعة السيئة
البدعة الحسنة و البدعة السيئة
فالبدعة بدعتان : بدعة حسنة وبدعة سيئة ( بدعة مستحسنة وبدعة مستقبحة ) ( بدعة هدى وبدعة ضلالة ) ( بدعة مذمومة وبدعة غير مذمومة)
السلفية والبدعة الحسنة عداء لفظى لا غير
قال الشيخ أبو بكر الجزائرى معرفا المصالح المرسلة فى (الإنصاف فيما قيل فى المولد من غلو وإجحاف) ص 26 ، 27 : إن المصالح المرسلة جمع مصلحة ، وهي ما جلبت خيرا أو دفعت ضيرا ولم يوجد في الشريعة ما يدل على ثبوتها أو نفيها ، وهذا معنى " مرسلة " أي لم تقيد في الشريعة باعتبار أو إلغاء ولذا عَرَّفَهَا بعضهم بقوله : المصالح المرسلة كل منفعة داخلة في مقاصد الشرع دون أن يكون لها شاهد بالاعتبار أو الإلغاء ومعنى قوله : داخلة في مقاصد الشرع . يريد أن يقول : إن الشريعة قائمة على أساس جلب المنافع ودرء المفاسد فما حقق للمسلم خيرا أو دفع عنه شرا جاز للمسلم استعماله بشرط أن لا يكون قد ألغاه الشارع .
وقال فى نفس المرجع ص 25 : إذ البدعة هي ما لم يدل عليه دليل الشرع من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس ، فإن دل عليها الدليل الشرعي أصبحت دينا وسنة ..............لان من حقيقة البدعه ان لا يدل عليها دليل شرعى لا من نصوص الشرع ولا من قواعده .
إذن فلا فرق بين المصالح المرسلة وبين البدعه الحسنة .
والخلاف بين من يقسم البدعة إلى حسنة، وغيرها، وبين من يرى أن البدعة لا تكون حسنة هو خلاف لفظى فى الحقيقة، فإن الأول أراد البدعة اللغوية، والثانى أراد البدعة الشرعية بل قول النبي صلي الله عليه وسلم : ( من سن سنة سيئة ) يوافق هذا التقسيم.
تعريفات كبار الأئمة للبدعة :
قال الله تعالى : (( لو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم )) . قال الحسن : هم أهل العلم .
- يقول أبو شامة : البدعة الحدث وهو ما لم يكن في عصر النبي صلي الله عليه وسلم مما فعله أو أقر عليه... والحوادث منقسمة إلي بدعة مستحبة وبدعة مستقبحة.
- يقول سلطان العلم العز بن عبد السلام : البدعة فعل ما لم يكن علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهي منقسمة إلي بدعة واجبة وبدعة محرمة وبدعة مندوبة وبدعة مكروهة وبدعة مُباحة، والطريقة في معرفة ذلك أن تعرض البدعة علي قواعد الشريعة.
- يقول ابن تيمية: وما خالف النصوص فهو بدعة وما لم يُعلم أنه خالفها فلا يُسمى بدعة.
- يقول ابن رجب : المراد من البدعة ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه وأما ما كان له أصل يدل عليه فليس بدعة شرعاً بل بدعة لغة. وهناك كثير من الأمور أنتشر في مجتمعاتنا أنها بدعة مثل إستخدام السبحة وإرتداء الدبلة والتصديق بعد قراءة القرآن والإحتفال بالمولد...فكل هذا ليس ببدعة... بل البدعة هي ما ابتدعه المبتدعين من كلام وأقاويل دون الرجوع إلي السلف أو الأئمة..
ولنذكر بعض الأعمال التي قام بها الصحابة في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم ينهاهم الحبيب عنها صلي الله عليه وسلم:
- كان سيدنا أبو هريرة يسبح كل يوم 12 ألف تسبيحة وقد ورد هذا في كتاب (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر العسقلاني وفي كتاب (البداية والنهاية) لابن كثير .
- ألف سيدنا رفاعة بن رافع ذكر في الصلاة "ربنا لك الحمد حمداً طيبا مباركاً ملء السموات والأرض"... فقال النبي أنه رأى بضعة وثلاثين ملكاً يتسابقون أيهم يكتبها...
فإن كان كل ذلك بدعة أو مستحدثات في الأمر لنهاهم رسول الله صلي الله عليه و سلم عنها... قال الحافظ فى الفتح : واستدل به على :
1- جواز إحداث ذكر في الصلاة غير ماثور إذا كان غير مخالف للمأثور
2- وعلى جواز رفع الصوت بالذكر ما لم يشوش على من معه
3- وعلى أن العاطس في الصلاة يحمد الله بغير كراهة
4- وأن المتلبس بالصلاة لا يتعين عليه تشميت العاطس
5- وعلى تطويل الاعتدال بالذكر كما سيأتي البحث فيه في الباب الذي بعده
6- واستنبط منه ابن بطال جواز رفع الصوت بالتبليغ خلف الإمام .
الكلام على مفهوم البدعة والدليل على وجود البدعة الحسنة من كلام الأئمة الأعلام من أصحاب المذاهب الأربعة
البدعة لغة هي كل ما أحدث واخترع على غير مثال. ولكن في الشرع كل بدعة لا توصف بالضلالة فإن البدعة هو ما ابتدع وأحدث من الأمر حسنا كان أو قبيحا بلا خلاف عند الجمهور.
اعلم أنه لما قال صلى الله عليه وسلم: ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) أفاد أن المحدث نوعان : ما ليس من الدين بأن كان مخالفا لقواعده ودلائله فهو مردود وهو البدعة الضلالة، وما هو من الدين هو الصحيح المقبول.
وقد قال تعالى : (( ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها )) استنبط أبو أمامة رضى الله عنه أن الآية لم تعب أولئك الناس على ابتداع الرهبانية لأنهم قصدوا بها رضوان الله، بل عاتبهم على أنهم لم يرعوها حق رعايتها، وهذا يفيد مشروعية البدعة الحسنة .
ولنذكر الآن بعض من نصّ على تقسيم البدعة إلى حسنة وسيئة من علماء المذاهب الأربعة :
المذهب الحنفي:
قال الشيخ ابن عابدين الحنفي في (حاشيته) : فقد تكون البدعة واجبة كنصب الأدلة للرد على أهل الفرق الضالة، وتعلّم النحو المفهم للكتاب والسنة، ومندوبة كإحداث نحو رباط ومدرسة، وكل إحسان لم يكن في الصدر الأول، ومكروهة كزخرفة المساجد، ومباحة كالتوسع بلذيذ المآكل والمشارب والثياب .
المذهب المالكي:
الشيخ أحمد بن يحيى الونشريسي المالكي وقد نقل إجماع المالكية على تقسيم البدعة هذا التقسيم فقال في كتاب (المعيار المعرب) ما نصه : وأصحابنا وإن اتفقوا على إنكار البدع في الجملة فالتحقيق الحق عندهم أنها خمسة أقسام ، ثم ذكر الأقسام الخمسة وأمثلة على كل قسم ثم قال : فالحق في البدعة إذا عُرضت أن تعرض على قواعد الشرع فأي القواعد اقتضتها ألحقت بها.
المذهب الشافعي:
1- الإمام الشافعى :
]أ[ أخبرنا الشيخ أبو المعالي محمد بن اسماعيل بن محمد بن الحسين الفارسي بنيسابور انا أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي انا أبو سعد ابن أبي عمرو أبو العباس محمد بن يعقوب انا الربيع بن ميلمن قال : قال الشافعي رضي الله عنه : المحدثات من الأمور ضربان أحدهما ما أحدث يخالف كتابا أو سنة أو أثرا أو إجماعا فهذه البدعة الضلالة، والثاني ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، فهذه محدثة غير مذمومة. رواه البيهقي في (مناقب الشافعي)، وذكرها الحافظ ابن حجر في (فتح الباري) : ( 13 / 267 ).
]ب[ روى أبو نعيم فى (حلية الأولياء) : ( 9 / 113 ) عن إبراهيم بن الجنيد، قال سمعت الشافعي يقول : البدعة بدعتان : بدعة محمودة وبدعة مذمومة. فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم .
2- الإمام النووي :
]أ[ قال الإمام النووي في (تهذيب الأسماء واللغات) : البدعة بكسر الباء في الشرع هي إحداث ما لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة .
]ب[ قال الإمام النووى : قوله صلى الله عليه وسلم : ( وكل بدعة ضلالة ) هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع .
3- سلطان العلماء العز بن عبد السلام حيث قال في كتابه (قواعد الأحكام) : البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرّمة ومندوبة ومكروهة ومباحة، ثم قال : والطريق في ذلك أن تُعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فهي محرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة، أو المباح فمباحة .
4- الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني قال فى (الفتح) : والمحدثات بفتح الدال جمع محدثة، والمراد بها: ما أحدث وليس له أصل في الشرع، ويسمى فى عرف الشرع بدعة، وما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة .... بخلاف اللغة فإن كل شئ أحدث على غير مثال يسمى بدعة سواء كان محمودا أو مذموما .
المذهب الحنبلي:
الشيخ شمس الدين محمد بن أبي الفتح البعلي الحنبلي حيث قال في كتابه (المطلع على أبواب المقنع) من كتاب الطلاق : والبدعة مما عُمل على غير مثال سابق، والبدعة بدعتان: بدعة هدى وبدعة ضلالة، والبدعة منقسمة بانقسام أحكام التكليف الخمسة .
خدعوك فقالوا : أنه لايوجد في الشرع ما يعرف بالبدعة الحسنة
أولا: البدعة لغة:
ورد في "المصباح المنير" (ص/138 ) : أبدع الله تعالى الخلق إبداعا خلقهم لا على مثال وأبدعت وأبدعته , استخرجته وأحدثته ومنه قيل للحالة المخالفة بدعة وهى اسم من الابتداع كالرفعة من الارتفاع ثم غلب استعمالها فيما هو نقص في الدين أو زيادة لكن قد يكون بعضها غير مكروه فيسمى بدعة مباحة وهو ما شهد لجنسه أصل في الشرع أو اقتضته مصلحة يندفع بها مفسدة " اهـ .
وفى المعجم الوجيز (ج 1/ ص45 ) : "هي ما استحدث فى الدين وغيره تقول بدعه بدعا أي أنشأه على غير مثال سابق " اهـ
ثانيا:البدعة شرعا وأقوال أهل العلم فيها :
1-قال "ابن الأثير" فى "النهاية فى غريب الحديث"(1/106 ,107 ) : البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلال فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو فى حيز المدح وما لم يكن مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو فى الأفعال المحمودة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له فى ذلك ثوابا فقال"من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها " وقال فى ضده "ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها " وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به أو رسوله صلى الله عليه وسلم ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه" نعمت البدعة هذه " لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم وإنما صلاها ليا لى ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت فى زمن أبى بكر وإنما عمر جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سماها بدعة وهى على الحقيقة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى"وقوله "اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر "كل محدثة بدعة " إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة "اهـ.
2-قال الإمام النووي"فى شرحه على صحيح مسلم"(6/154 ,155 ) : ( ولا يمنع من كون الحديث عاما مخصوصا قوله "كل بدعة "مؤكدة "بكل "بل يدخله التخصيص مع ذلك كقوله تعالى (تدمر كل شيء) "الأحقاف :آية 25 ")اهـ
وقال الإمام النووي "فى شرحه على صحيح مسلم"(16/226 ,227) : عند شرحه لحديث "من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن فى الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" قال الإمام النووى:" فيه الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات والتحذير من الأباطيل والمستقبحات وفى هذا الحديث تخصيص قوله صلى الله عليه وسلم "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة" وأن المراد به المحدثات الباطلة والبدع المذمومة " اهـ.
ملحوظة :
قال الحافظ أبو الفضل عبد الله الصديق الغماري في كتابه : ( إتقان الصنعة ص 14) : يعلم مما سبق أن العلماء متفقون على انقسام البدعة إلى محمودة ومذمومة وأن عمر رضى الله عنه أول من نطق بذلك ومتفقون على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم "كل بدعة ضلالة "عام مخصوص ولم يشذ عن هذا الاتفاق إلا "الشاطبي" صاحب الاعتصام فإنه أنكر هذا الانقسام وزعم أن كل بدعة مذمومة لكنه اعترف بأن من البدع ما هو مطلوب وجوبا أو ندبا وجعله من قبيل المصلحة المرسلة فخلافه لفظي يرجع إلى التسمية أي أن البدعة المطلوبة لا تسمى بدعة حسنة بل تسمى مصلحة " اهـ.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى