دَلِيلُ وُجُودِ الله تَعَالَى
الصالحين :: الفقه :: الفقه المالكي
صفحة 1 من اصل 1
دَلِيلُ وُجُودِ الله تَعَالَى
دَلِيلُ وُجُودِهِ تَعَالَى
قوله:
(21) وُجُودُهُ لَهُ دَلِيلٌ قَاطِعْ حَاجَةُ كُل محَدَثٍ لِلصَّانِعُ
(22)لَوْ حَدَثت لِنفْسهَا الْأَكْوَانُ لَاجْتَمَعَ التساو وَالرُّجْحَانُ
(21) وَذَا محال وَحُدُوتُ الْعَالَم مِنْ حَدَثِ الْأَعْرَاضِ مَعْ تلازم ـ
لَمَّا فَرَغَ مِنْ تَعْدَادِ الصَّفَاتِ الْوَاجِبَةِ لَهُ تَعَالَى، وَالْمُسْتَحِيلَةِ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَالْجائِرَةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى، أَخَذَ يَذْكُرُ بَرَاهِينَهَا وَدَلَائِلَهَا لِيَخْرُجَ الْمُكَلَّفُ بِمَعْرِفَتِهَا عَنْ رِبْقَةِ التَّقْلِيدِ الْمُخْتَلَفِ فِي إِيمَانِ صَاحِبِهِ؛ وَبَدَأَ بِالْوُجُودِ:
● فَأَخْبَرَ: أَنَّ لِوُجُودِهِ تَعَالَى دَلِيلًا قَاطِعَا أَي لِكُلِّ شُبْهَةٍ وَهُوَ افْتِقَارُ كُلِّ حَدَثٍ بِفَتْحِ الدَّالِ: اِسْمُ مَفْعُولٍ، إِلَى صَانِعِ يَصْنَعُهُ وَهُوَ الْمُحْدِثُ لَهُ بِكَسْرِهَا ؛ وَبَيَانُ افْتِقَارِهِ إِلَيْهِ: أَنَّ الْحَادِثَ إِذَا حَدَثَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، فَالْعَقْلُ: لَا يَمْنَعُ استمرار عدمِهِ، وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ
(أ) تَقَدُّمِهِ عَلَى الْوَقْتِ الذِي وُجِدَ فِيهِ بِأَوْقَاتٍ،
(ب) أَوْ تَأخُرِهِ عَنْهُ بِسَاعَاتٍ فَاخْتِصَاصُهُ بِالْوُجُودِ بَدَلًا عَنِ الْعَدَمِ الْمُجَوَّزِ عَلَيْهِ، وَبِكَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ يَفْتَقِرُ قطَعًا إِلَى مُحْدِث يُخصِّصُهُ بِمَا ذُكِرَ بَدَلًا عَنْ مُقَابِلِهِ. ثُمَّ بَينَ اللَّازِمَ عَلَى تَقْدِيرِ حُدُوثِ الْعَالَمَ مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ بِقَوْلِهِ: (لَوْ حَدَثَتْ لِنَفْسِهَا الأكوان ....) إِلَى آخِرِهِ، أَي لَوْ حَدَثَ الْعَالَم لِنَفْسِهِ لَاجْتَمَعَ التساوِي وَالرُّجْحَانُ وَاجْتِمَاعُهُمَا محَالُ، لِأَنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ
وَبَيانُهُ:
أَنَّ الْعَالَم يَصِحُ وُجُودُهُ وَيَصِحُ عَدَمُهُ عَلَى السَّوَاءِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ حَدَثَ لِنَفْسِهِ ولم يفتقر إلى محدثٍ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ الذِي فُرِضَ مُسَاوَاتُهُ لِعَدَمِهِ رَاجِحًا بِلَا سَبَبٍ عَلَى عَدَمِهِ الذِي فُرِضَ أَيْضًا مُسَاوَاتُهُ لِوُجُودِهِ، وَهُوَ محالٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَجُحَ لِوُجُودِهِ عَلَى عَدَمِهِ، وَلِكَوْنِ وُجُودِهِ فِي وَقْتِ دُونَ آخَرَ هُوَ غَيْرَهُ، وَلَيْسَ هُوَإِلَّا اللَّهَ تَعَالَى، بِدَلِيلِ بُرْهَانِ الْوَحْدَانِيَّةِ الْآتِي.
والأكوان أعراض مخصوصة وهي: الحركة والسكون، والاجتماع والافتراق ولعل مراد الناظم ما هُوَ اعَمُ مِنَ الْأَعْرَاضِ وَالجَوَاهِر.
قوله ا(لتساو) بِخَذَفِ الْيَاءِ لِلْوَزْنِ
والإشارة في قوله: (وهذا محال) رَاجِعَةٌ إِلَى اجْتِمَاعِ الْمُسَاوَاةِ وَالرُّجُحَان
(وحدوث العالم.....) إلى آخِرِهِ: لَمَّا قَرَّرَ فِي بُرْهَانِ الْوُجُودِ حُدُوثَ الْعَالَمِ وَسَلَّمَة تسليمًا جدليا، اسْتَدركَ هُنا بُرْهَانَ ذَلِكَ وَهُوَ مُلَازَمَتُهُ لِلْأَعْرَاضِ الْحَادِثَةِ، فَإِنْ أَجْرام الْعَالَم يَسْتَجِيلُ انفكاكها عَنِ الْأَعْرَاضِ كَالحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَهَذِهِ الْأَعْرَاضُ حادثة بِدَلِيلِ مُشَاهَدَةِ تَغَيَّرُهَا مِنْ عَدَمِ إِلَى وُجُودٍ وَمِنْ وُجُودِ إِلَى عَدَمٍ، فَلَوْ كَانَتْ قَدِيمَةً لزم أن لا تنعدم - لأن: مَا ثبَتَ قِدَمُهُ اسْتَحَالَ عَدَمُهُ - وَإِذَا ثَبَتَ حُدُوثُ الْأَعْرَاض وَاسْتِحَالَةُ وُجُودِهَا فِي الْأَزْلِ، لَزِمَ: حُدُوتُ الْأَجْرَامِ، وَاسْتِحَالَةُ وُجُودِهَا فِي الْأَرْلِ قطعا، لِاسْتِحَالَةِ انْفَكَاكِ الْأَجْرَامِ عَنِ الْأَعْرَاضِ ، إِذْ حُدُوثُ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ يَسْتَلْزِم حُدُوثَ الْآخَرِ ضَرُورَةً؛
وَأَسْقَطَ النَّاظِمُ دَلِيلَ حُدُوثِ الْأَعْرَاضِ لِوُضُوحِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قولُهُ: (وَحُدُوتُ الْعَالَمَ) مُبْتَدَأ وَمُضَافٌ إِلَيْهِ، وَ(مِنْ حَدَثِ الْأَعْرَاضِ) خبره اي مستفاد وَ مَأْخوذُ مِنْ حَدَثِ الْأَعْرَاضِ؛
وَ(مَعْ تَلَازُمٍ ) يَتَعَلَّقُ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْخَبَرُ، أَيْ حُدُوثُ الْعَالَمِ مُسْتَفَادٌ مِنْ أَمْرَيْنِ
(1) حُدُوتُ الْعَرَضِ،
(2) وَمُلَازَمَتُهُ لِأَجْرَامِ الْعَالَم.
وَتَقْرِيرُ هَذِهِ الْبَرَاهِينِ عَلَى الإِصْطِلاح هُوَ أَنْ تَقُولَ فِي دَلِيلِ وُجُودِهِ تَعَالَى: الْعَالَمُ حَادِث، وَكُلُّ حَادِثٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ محْدِثٍ، يَنتُجُ : الْعَالَم لَا بُدَّ لَهُ مِنْ محدث ليس هُوَ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى، بِدَلِيلِ الْوَحْدَانِيَّةِ.
وَتَقُولُ فِي دَلِيلِ حُدُوثِ الْعَالَمِ: أَجْرَامُ الْعَالَمِ مُلَازِمَةٌ لِلْأَعْرَاضِ الْحَادِثَةِ، وَكُلُّ ملازمِ لِلْأَعْرَاضِ الْحَادِثَةِ حَادِتْ يَنتُجُ : أَجْرَامُ الْعَالَمَ حَادِثَةٌ.
وَتَقُولُ فِي دَلِيلِ حُدُوثِ الْأَعْرَاضِ
الْأَعْرَاضُ شُوهِدَ تَغَيَّرُهَا مِنْ عَدَم إِلى وُجُودِ وَمِن وُجُودِ إِلَى عَدَمٍ، وَكُلِّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَادِثُ، يَنتجُ الْأَعْرَاضُ حَادِثَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ بُرْهَانَ حُدُوثِ الْعَالَمِ يَنبَنِي عِنْدَهُمْ عَلَى إِثْبَاتِ أَرْبَعَةِ مَطَالِبٌ:
الأول: إِثْبَاتُ زَائِدِ تَتَّصِفُ بِهِ الْأَخِرَامُ.
الثَّانِي: إِثْبَاتُ حُدُوثِ ذَلِكَ الزَّائِدِ
الثَّالِثُ إِثْبَاتُ كَوْنِ الْأَجْرَامِ لَا تَنْفَثُ عَنْ ذَلِكَ الزَّائِدِ.
الرَّابِعُ : إِثْبَاتُ اسْتِحَالَةِ : حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا.
ثُمَّ الْمَطْلَبُ الثَّانِي مِنْهَا حُدُوتُ الزَّائِدِ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَصُولٍ: الْأَوَّلُ: إِبْطَالُ قِيَامِ ذَلِكَ الزَّائِدِ بِنَفْسِهِ
الثَّانِي: إِبْطَالُ انْتِقَالِهِ.
الثَّالِثُ : إِبْطَالُ كُمُونِهِ وَظُهُورِهِ.
الرَّابِعُ : إِثْبَاتُ اسْتِحَالَةِ عُدْمِ الْقَدِيمِ.
فَمَجْمُوع الأصول التي ينبني عَلَيْهَا حُدُوتُ الْعَالَمِ سَبْعَةٌ كَمَا مر
وَالْحَاصِلُ أَنَّ:
1) دَلِيلٌ وُجُودِهِ تَعَالَى: حُدُوثُ الْعَالَمِ.
2) وَدَليل حُدُوثِ الْعَالَمِ: مُلَازَمَتُهُ لِلْأَعْرَاضِ الْحَادِثَةِ؛
فَهُوَ أَيْ دَلِيلُ حُدُوثِ الْعَالَمِ مِنْ بَابِ الاِسْتِدْلَالِ بِحُدُوثِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ -
وَهُوَ الْأَعْرَاضُ - عَلَى حُدُوثِ الْآخَرِ وَهُوَ الْأَجْرَامُ .
وَيَتَوَقَّفُ حُدُوثُ الْعَالَمِ عَلَى سَبْعَةِ مَطَالِبٌ: كَمَا تَقَدَّمَ، أَنْظُرُ شَرْحَ الْحفْصِيُّ الْمُرَّاكُشِيِّ عَلَى صُغْرَى الشَّيْخِ السَّنُوسِيِّ" فَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَبَسَطَ فِيهِ الْقَوْلَ بِقَدْرِ الْمَقَامِ
قُلْتُ: وَقَدْ كُنتُ لَفَقْتُ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا لِتُحْفَظَ هَذِهِ الْمَطَالِبُ - وَإِنْ كُنْتُ لَا
أَحْسِنُ ذَلِكَ . وَهِيَ هَذِهِ:
وجُودُ مَوْلَانَالَهُ دَلِيلُ حُدُوتُ هَذَا العالم الحفيل
ثُمَّ حُدُوتُ عَالَم دَلِيلة تَلَازُمُ الْعَرَضُ وَذَا تفصيله
وَهُوَ آيَلٌ لِلإِسْتِدْلَالِ بِالْمُتلازمين لا تبادل
فَوَقَّفُ حُدُوتُ الْعَالَمَ علَى نُبُوتِ عَرضِ مُلزم
ثُمَّ حُدُوتُ الْعَرَضِ اعْلَمَنْهُ، وَعَدَمُ الْفِكَاكِ جِرم عنه
ثُمَّ اسْتِحَالَةُ حَوَادِثَ فَقُل لَا أَوَّلَ لَهَا فَجِدْ لَا تَمل
وَالثَّانِ مِنْهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنَ الْأُصُولِ مسجلا
إِبْطَالُ كَوْنِ عَرَضِ يَقُومُ بِنَفْسِهِ حَقْفُهُ لا تَلُوم
ثُمَّ انْتِقَالًا، وَكُمُونَا: أَبْطِلًا، وَعُدُمَ الْقَدِيمِ: سَبْعٌ تجتل
وَ(الْحَفيل) في آخِرِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ بِالرَّفْعِ عَلَى الْقَطْعِ
وَقَوْلُنَا: (وَهُوَ) أَيْ دَلِيلُ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَقَوْلُنَا: (بِالْمُتَلَازِمَيْنِ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ وَمُتَعَلَّقِ، أَيْ بِحُدُوثِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ عَلَى حُدُوثِ الْآخَرِ
**************************
دليل وجود الله عند اهل العلم
دليل الإمام الشافعي على وجود الله تعالى:
جاء أحد الملاحدة إلى مجلس الإمام الشافعي - رضي الله عنه -فقال له: ما دليلك على وجود الله؟
فقال الإمام: ورقة التوت طعمها واحد, ولونها واحد, وريحها واحد, ولكن حين تأكلها دودة القز يخرج منها الحرير وحين تأكلها النحل يخرج منها العسل, وحين تأكلها الشاة ينمو فيها اللحم ويزداد فيها اللبن, وحين تأكلها الظباء تغذيها وينعقد في نوافجها المسك, فمن الذي جعل هذه الأشياء متعددة الإفرازات, مختلفة النتائج مع أن الغذاء واحدº إنه (الله).
{فتبارك الله أحسن الخالقين).
دليل الإمام جعفر الصادق على وجود الله - تعالى -:
وجاء زنديق إلى الإمام جعفر - رضي الله عنه - يجادله في وجود الحق - تبارك و تعالى - فقال له الإمام: هل ركبت البحر؟ قال: نعمº قال: هل رأيت أهواله؟
قال: لقد هاجت يوما رياحه الهائلة, فكسرت السفن وأغرقت الملاحينº فتعلقت ببعض ألواحها, ثم ذهب عني اللوح, فإذا أنا مدفوع بتلاطم الأمواج حتى دفعت بي إلى الساحل.
فقال الإمام جعفر: لقد كان اعتمادك قبل على السفينة والملاح, ثم على اللوح حتى ينجيك, فلما ذهبت عنك هذه الأدوات أسلمت نفسك للهلاك, ومع ذلك كله ترجو السلامة فيما بعد؟ قال: بل رجوت السلامة.
قال جعفر إن (الله) هو الذي كنت ترجوه في ذلك الوقت, وقد أقرّ به قلبك عند الشدّة, وان أنكره لسانك عند النجاة, وهو الذي أنجاك من الغرق. وصدق الله العظيم: {وإذا مسّكم الضرّ في البحر ضلّ من تدعون إلا إياه, فلما نجّاكم إلى البرّ أعرضتم, وكان الإنسان كفورا}. الإسراء 67.
الإمام أبو حنيفة يناقش الملحدين:
ويروى أن الإمام الفقيه أبا حنيفة - رضي الله عنه -الذي كان كالسيف المصلّت على طائفة الدهرية وهم الذين يؤلهون الدهر وينسبون الموت إلى الشيخوخة واستهلاك خلايا الجسم, فقد هجموا على الإمام ذات يوم في المسجد, وعلى حين غفلة ليفتكوا به ويستريحوا منه, فقال لهم في ثبات وإيمان: أجيبوني عن مسألة؟ ثم افعلوا بي ما شئتم, فقالوا: سل؟
فقال: ما تقولون في رجل يقول لكم: إني رأيت سفينة مشحونة بأحمال, مليئة بأثقال, تتقاذفها في لجة البحر أمواج متلاطمة, ورياح عاصفة, وهي مع ذلك تجري مستوية بلا ملاح يقودها ولا متعهد يدفعها, هل يجوز ذلك في العقل؟
فقالوا: هذا شيء لا يقبله العقل.
فقال أبو حنيفة: يا سبحان الله, إذا لم يجز في شرعة العقل, سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهد ولا ربان, فكيف يجوز قيام هذه الدنيا على اختلاف أحوالها وتغير أعمالها, وسعة أطرافها, وتباين أكنافها من غير صانع ولا حافظ. فبهتوا جميعا وقالوا: صدقت ثم أسلموا وانصرفوا تائبين.
انظر إلى ما حولك ثم فكّر وتدبّر!...
دليل وجود الله عند الامام احمد
أما الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - فشبّه كيفية الخلق بقلعة حصينة ملساء لا فرجة فيها, ظاهرها كالفضة المذابة وباطنها كالذهب الابريز, ثم انشقت الجدران وخرج من داخل القلعة حيوان سميع بصير.. قال الإمام أحمد: أفيحدث هذا بلا صانع؟ وعنى بالقلعة البيضة, وبالحيوان الفرخ, وبالفضة البياض وبالذهب الصفار.
انظر لتلك الشجرة ذات الغصون النضرة *** كيف نمت من حبة وكيف صارت شجرة
فابحث وقل من ذا الذي يخرج منها الثمرة *** وانظر إلى الشمس التي جذوتها مستعرة
فيها ضياء وبهاء حرارة منتشرة *** من ذا الذي أوجدها في الجو مثل الشررة
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة *** ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة
وانظر إلى الليل فمن أوجد فيه قمره ***وزانه بأنجم كالدرر المنتشرة
وانظر إلى الغيم فمن أنزل منه مطره *** وانظر إلى المرء وقلمن شق فيه بصره
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمره.
قوله:
(21) وُجُودُهُ لَهُ دَلِيلٌ قَاطِعْ حَاجَةُ كُل محَدَثٍ لِلصَّانِعُ
(22)لَوْ حَدَثت لِنفْسهَا الْأَكْوَانُ لَاجْتَمَعَ التساو وَالرُّجْحَانُ
(21) وَذَا محال وَحُدُوتُ الْعَالَم مِنْ حَدَثِ الْأَعْرَاضِ مَعْ تلازم ـ
لَمَّا فَرَغَ مِنْ تَعْدَادِ الصَّفَاتِ الْوَاجِبَةِ لَهُ تَعَالَى، وَالْمُسْتَحِيلَةِ عَلَيْهِ تَعَالَى، وَالْجائِرَةِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى، أَخَذَ يَذْكُرُ بَرَاهِينَهَا وَدَلَائِلَهَا لِيَخْرُجَ الْمُكَلَّفُ بِمَعْرِفَتِهَا عَنْ رِبْقَةِ التَّقْلِيدِ الْمُخْتَلَفِ فِي إِيمَانِ صَاحِبِهِ؛ وَبَدَأَ بِالْوُجُودِ:
● فَأَخْبَرَ: أَنَّ لِوُجُودِهِ تَعَالَى دَلِيلًا قَاطِعَا أَي لِكُلِّ شُبْهَةٍ وَهُوَ افْتِقَارُ كُلِّ حَدَثٍ بِفَتْحِ الدَّالِ: اِسْمُ مَفْعُولٍ، إِلَى صَانِعِ يَصْنَعُهُ وَهُوَ الْمُحْدِثُ لَهُ بِكَسْرِهَا ؛ وَبَيَانُ افْتِقَارِهِ إِلَيْهِ: أَنَّ الْحَادِثَ إِذَا حَدَثَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ، فَالْعَقْلُ: لَا يَمْنَعُ استمرار عدمِهِ، وَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ
(أ) تَقَدُّمِهِ عَلَى الْوَقْتِ الذِي وُجِدَ فِيهِ بِأَوْقَاتٍ،
(ب) أَوْ تَأخُرِهِ عَنْهُ بِسَاعَاتٍ فَاخْتِصَاصُهُ بِالْوُجُودِ بَدَلًا عَنِ الْعَدَمِ الْمُجَوَّزِ عَلَيْهِ، وَبِكَوْنِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ يَفْتَقِرُ قطَعًا إِلَى مُحْدِث يُخصِّصُهُ بِمَا ذُكِرَ بَدَلًا عَنْ مُقَابِلِهِ. ثُمَّ بَينَ اللَّازِمَ عَلَى تَقْدِيرِ حُدُوثِ الْعَالَمَ مِنْ غَيْرِ مُحْدِثٍ بِقَوْلِهِ: (لَوْ حَدَثَتْ لِنَفْسِهَا الأكوان ....) إِلَى آخِرِهِ، أَي لَوْ حَدَثَ الْعَالَم لِنَفْسِهِ لَاجْتَمَعَ التساوِي وَالرُّجْحَانُ وَاجْتِمَاعُهُمَا محَالُ، لِأَنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ
وَبَيانُهُ:
أَنَّ الْعَالَم يَصِحُ وُجُودُهُ وَيَصِحُ عَدَمُهُ عَلَى السَّوَاءِ كَمَا مَرَّ، فَلَوْ حَدَثَ لِنَفْسِهِ ولم يفتقر إلى محدثٍ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ الذِي فُرِضَ مُسَاوَاتُهُ لِعَدَمِهِ رَاجِحًا بِلَا سَبَبٍ عَلَى عَدَمِهِ الذِي فُرِضَ أَيْضًا مُسَاوَاتُهُ لِوُجُودِهِ، وَهُوَ محالٌ، فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَجُحَ لِوُجُودِهِ عَلَى عَدَمِهِ، وَلِكَوْنِ وُجُودِهِ فِي وَقْتِ دُونَ آخَرَ هُوَ غَيْرَهُ، وَلَيْسَ هُوَإِلَّا اللَّهَ تَعَالَى، بِدَلِيلِ بُرْهَانِ الْوَحْدَانِيَّةِ الْآتِي.
والأكوان أعراض مخصوصة وهي: الحركة والسكون، والاجتماع والافتراق ولعل مراد الناظم ما هُوَ اعَمُ مِنَ الْأَعْرَاضِ وَالجَوَاهِر.
قوله ا(لتساو) بِخَذَفِ الْيَاءِ لِلْوَزْنِ
والإشارة في قوله: (وهذا محال) رَاجِعَةٌ إِلَى اجْتِمَاعِ الْمُسَاوَاةِ وَالرُّجُحَان
(وحدوث العالم.....) إلى آخِرِهِ: لَمَّا قَرَّرَ فِي بُرْهَانِ الْوُجُودِ حُدُوثَ الْعَالَمِ وَسَلَّمَة تسليمًا جدليا، اسْتَدركَ هُنا بُرْهَانَ ذَلِكَ وَهُوَ مُلَازَمَتُهُ لِلْأَعْرَاضِ الْحَادِثَةِ، فَإِنْ أَجْرام الْعَالَم يَسْتَجِيلُ انفكاكها عَنِ الْأَعْرَاضِ كَالحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَهَذِهِ الْأَعْرَاضُ حادثة بِدَلِيلِ مُشَاهَدَةِ تَغَيَّرُهَا مِنْ عَدَمِ إِلَى وُجُودٍ وَمِنْ وُجُودِ إِلَى عَدَمٍ، فَلَوْ كَانَتْ قَدِيمَةً لزم أن لا تنعدم - لأن: مَا ثبَتَ قِدَمُهُ اسْتَحَالَ عَدَمُهُ - وَإِذَا ثَبَتَ حُدُوثُ الْأَعْرَاض وَاسْتِحَالَةُ وُجُودِهَا فِي الْأَزْلِ، لَزِمَ: حُدُوتُ الْأَجْرَامِ، وَاسْتِحَالَةُ وُجُودِهَا فِي الْأَرْلِ قطعا، لِاسْتِحَالَةِ انْفَكَاكِ الْأَجْرَامِ عَنِ الْأَعْرَاضِ ، إِذْ حُدُوثُ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ يَسْتَلْزِم حُدُوثَ الْآخَرِ ضَرُورَةً؛
وَأَسْقَطَ النَّاظِمُ دَلِيلَ حُدُوثِ الْأَعْرَاضِ لِوُضُوحِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قولُهُ: (وَحُدُوتُ الْعَالَمَ) مُبْتَدَأ وَمُضَافٌ إِلَيْهِ، وَ(مِنْ حَدَثِ الْأَعْرَاضِ) خبره اي مستفاد وَ مَأْخوذُ مِنْ حَدَثِ الْأَعْرَاضِ؛
وَ(مَعْ تَلَازُمٍ ) يَتَعَلَّقُ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْخَبَرُ، أَيْ حُدُوثُ الْعَالَمِ مُسْتَفَادٌ مِنْ أَمْرَيْنِ
(1) حُدُوتُ الْعَرَضِ،
(2) وَمُلَازَمَتُهُ لِأَجْرَامِ الْعَالَم.
وَتَقْرِيرُ هَذِهِ الْبَرَاهِينِ عَلَى الإِصْطِلاح هُوَ أَنْ تَقُولَ فِي دَلِيلِ وُجُودِهِ تَعَالَى: الْعَالَمُ حَادِث، وَكُلُّ حَادِثٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ محْدِثٍ، يَنتُجُ : الْعَالَم لَا بُدَّ لَهُ مِنْ محدث ليس هُوَ إِلَّا اللَّهَ تَعَالَى، بِدَلِيلِ الْوَحْدَانِيَّةِ.
وَتَقُولُ فِي دَلِيلِ حُدُوثِ الْعَالَمِ: أَجْرَامُ الْعَالَمِ مُلَازِمَةٌ لِلْأَعْرَاضِ الْحَادِثَةِ، وَكُلُّ ملازمِ لِلْأَعْرَاضِ الْحَادِثَةِ حَادِتْ يَنتُجُ : أَجْرَامُ الْعَالَمَ حَادِثَةٌ.
وَتَقُولُ فِي دَلِيلِ حُدُوثِ الْأَعْرَاضِ
الْأَعْرَاضُ شُوهِدَ تَغَيَّرُهَا مِنْ عَدَم إِلى وُجُودِ وَمِن وُجُودِ إِلَى عَدَمٍ، وَكُلِّ مَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ حَادِثُ، يَنتجُ الْأَعْرَاضُ حَادِثَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ بُرْهَانَ حُدُوثِ الْعَالَمِ يَنبَنِي عِنْدَهُمْ عَلَى إِثْبَاتِ أَرْبَعَةِ مَطَالِبٌ:
الأول: إِثْبَاتُ زَائِدِ تَتَّصِفُ بِهِ الْأَخِرَامُ.
الثَّانِي: إِثْبَاتُ حُدُوثِ ذَلِكَ الزَّائِدِ
الثَّالِثُ إِثْبَاتُ كَوْنِ الْأَجْرَامِ لَا تَنْفَثُ عَنْ ذَلِكَ الزَّائِدِ.
الرَّابِعُ : إِثْبَاتُ اسْتِحَالَةِ : حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا.
ثُمَّ الْمَطْلَبُ الثَّانِي مِنْهَا حُدُوتُ الزَّائِدِ يَتَوَقَّفُ أَيْضًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَصُولٍ: الْأَوَّلُ: إِبْطَالُ قِيَامِ ذَلِكَ الزَّائِدِ بِنَفْسِهِ
الثَّانِي: إِبْطَالُ انْتِقَالِهِ.
الثَّالِثُ : إِبْطَالُ كُمُونِهِ وَظُهُورِهِ.
الرَّابِعُ : إِثْبَاتُ اسْتِحَالَةِ عُدْمِ الْقَدِيمِ.
فَمَجْمُوع الأصول التي ينبني عَلَيْهَا حُدُوتُ الْعَالَمِ سَبْعَةٌ كَمَا مر
وَالْحَاصِلُ أَنَّ:
1) دَلِيلٌ وُجُودِهِ تَعَالَى: حُدُوثُ الْعَالَمِ.
2) وَدَليل حُدُوثِ الْعَالَمِ: مُلَازَمَتُهُ لِلْأَعْرَاضِ الْحَادِثَةِ؛
فَهُوَ أَيْ دَلِيلُ حُدُوثِ الْعَالَمِ مِنْ بَابِ الاِسْتِدْلَالِ بِحُدُوثِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ -
وَهُوَ الْأَعْرَاضُ - عَلَى حُدُوثِ الْآخَرِ وَهُوَ الْأَجْرَامُ .
وَيَتَوَقَّفُ حُدُوثُ الْعَالَمِ عَلَى سَبْعَةِ مَطَالِبٌ: كَمَا تَقَدَّمَ، أَنْظُرُ شَرْحَ الْحفْصِيُّ الْمُرَّاكُشِيِّ عَلَى صُغْرَى الشَّيْخِ السَّنُوسِيِّ" فَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ وَبَسَطَ فِيهِ الْقَوْلَ بِقَدْرِ الْمَقَامِ
قُلْتُ: وَقَدْ كُنتُ لَفَقْتُ فِي ذَلِكَ أَبْيَاتًا لِتُحْفَظَ هَذِهِ الْمَطَالِبُ - وَإِنْ كُنْتُ لَا
أَحْسِنُ ذَلِكَ . وَهِيَ هَذِهِ:
وجُودُ مَوْلَانَالَهُ دَلِيلُ حُدُوتُ هَذَا العالم الحفيل
ثُمَّ حُدُوتُ عَالَم دَلِيلة تَلَازُمُ الْعَرَضُ وَذَا تفصيله
وَهُوَ آيَلٌ لِلإِسْتِدْلَالِ بِالْمُتلازمين لا تبادل
فَوَقَّفُ حُدُوتُ الْعَالَمَ علَى نُبُوتِ عَرضِ مُلزم
ثُمَّ حُدُوتُ الْعَرَضِ اعْلَمَنْهُ، وَعَدَمُ الْفِكَاكِ جِرم عنه
ثُمَّ اسْتِحَالَةُ حَوَادِثَ فَقُل لَا أَوَّلَ لَهَا فَجِدْ لَا تَمل
وَالثَّانِ مِنْهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى أَرْبَعَةٍ مِنَ الْأُصُولِ مسجلا
إِبْطَالُ كَوْنِ عَرَضِ يَقُومُ بِنَفْسِهِ حَقْفُهُ لا تَلُوم
ثُمَّ انْتِقَالًا، وَكُمُونَا: أَبْطِلًا، وَعُدُمَ الْقَدِيمِ: سَبْعٌ تجتل
وَ(الْحَفيل) في آخِرِ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ بِالرَّفْعِ عَلَى الْقَطْعِ
وَقَوْلُنَا: (وَهُوَ) أَيْ دَلِيلُ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَقَوْلُنَا: (بِالْمُتَلَازِمَيْنِ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ وَمُتَعَلَّقِ، أَيْ بِحُدُوثِ أَحَدِ الْمُتَلَازِمَيْنِ عَلَى حُدُوثِ الْآخَرِ
**************************
دليل وجود الله عند اهل العلم
دليل الإمام الشافعي على وجود الله تعالى:
جاء أحد الملاحدة إلى مجلس الإمام الشافعي - رضي الله عنه -فقال له: ما دليلك على وجود الله؟
فقال الإمام: ورقة التوت طعمها واحد, ولونها واحد, وريحها واحد, ولكن حين تأكلها دودة القز يخرج منها الحرير وحين تأكلها النحل يخرج منها العسل, وحين تأكلها الشاة ينمو فيها اللحم ويزداد فيها اللبن, وحين تأكلها الظباء تغذيها وينعقد في نوافجها المسك, فمن الذي جعل هذه الأشياء متعددة الإفرازات, مختلفة النتائج مع أن الغذاء واحدº إنه (الله).
{فتبارك الله أحسن الخالقين).
دليل الإمام جعفر الصادق على وجود الله - تعالى -:
وجاء زنديق إلى الإمام جعفر - رضي الله عنه - يجادله في وجود الحق - تبارك و تعالى - فقال له الإمام: هل ركبت البحر؟ قال: نعمº قال: هل رأيت أهواله؟
قال: لقد هاجت يوما رياحه الهائلة, فكسرت السفن وأغرقت الملاحينº فتعلقت ببعض ألواحها, ثم ذهب عني اللوح, فإذا أنا مدفوع بتلاطم الأمواج حتى دفعت بي إلى الساحل.
فقال الإمام جعفر: لقد كان اعتمادك قبل على السفينة والملاح, ثم على اللوح حتى ينجيك, فلما ذهبت عنك هذه الأدوات أسلمت نفسك للهلاك, ومع ذلك كله ترجو السلامة فيما بعد؟ قال: بل رجوت السلامة.
قال جعفر إن (الله) هو الذي كنت ترجوه في ذلك الوقت, وقد أقرّ به قلبك عند الشدّة, وان أنكره لسانك عند النجاة, وهو الذي أنجاك من الغرق. وصدق الله العظيم: {وإذا مسّكم الضرّ في البحر ضلّ من تدعون إلا إياه, فلما نجّاكم إلى البرّ أعرضتم, وكان الإنسان كفورا}. الإسراء 67.
الإمام أبو حنيفة يناقش الملحدين:
ويروى أن الإمام الفقيه أبا حنيفة - رضي الله عنه -الذي كان كالسيف المصلّت على طائفة الدهرية وهم الذين يؤلهون الدهر وينسبون الموت إلى الشيخوخة واستهلاك خلايا الجسم, فقد هجموا على الإمام ذات يوم في المسجد, وعلى حين غفلة ليفتكوا به ويستريحوا منه, فقال لهم في ثبات وإيمان: أجيبوني عن مسألة؟ ثم افعلوا بي ما شئتم, فقالوا: سل؟
فقال: ما تقولون في رجل يقول لكم: إني رأيت سفينة مشحونة بأحمال, مليئة بأثقال, تتقاذفها في لجة البحر أمواج متلاطمة, ورياح عاصفة, وهي مع ذلك تجري مستوية بلا ملاح يقودها ولا متعهد يدفعها, هل يجوز ذلك في العقل؟
فقالوا: هذا شيء لا يقبله العقل.
فقال أبو حنيفة: يا سبحان الله, إذا لم يجز في شرعة العقل, سفينة تجري في البحر مستوية من غير متعهد ولا ربان, فكيف يجوز قيام هذه الدنيا على اختلاف أحوالها وتغير أعمالها, وسعة أطرافها, وتباين أكنافها من غير صانع ولا حافظ. فبهتوا جميعا وقالوا: صدقت ثم أسلموا وانصرفوا تائبين.
انظر إلى ما حولك ثم فكّر وتدبّر!...
دليل وجود الله عند الامام احمد
أما الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه - فشبّه كيفية الخلق بقلعة حصينة ملساء لا فرجة فيها, ظاهرها كالفضة المذابة وباطنها كالذهب الابريز, ثم انشقت الجدران وخرج من داخل القلعة حيوان سميع بصير.. قال الإمام أحمد: أفيحدث هذا بلا صانع؟ وعنى بالقلعة البيضة, وبالحيوان الفرخ, وبالفضة البياض وبالذهب الصفار.
انظر لتلك الشجرة ذات الغصون النضرة *** كيف نمت من حبة وكيف صارت شجرة
فابحث وقل من ذا الذي يخرج منها الثمرة *** وانظر إلى الشمس التي جذوتها مستعرة
فيها ضياء وبهاء حرارة منتشرة *** من ذا الذي أوجدها في الجو مثل الشررة
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة *** ذو حكمة بالغة وقدرة مقتدرة
وانظر إلى الليل فمن أوجد فيه قمره ***وزانه بأنجم كالدرر المنتشرة
وانظر إلى الغيم فمن أنزل منه مطره *** وانظر إلى المرء وقلمن شق فيه بصره
ذاك هو الله الذي أنعمه منهمره.
عدل سابقا من قبل خيرالدين في الأحد ديسمبر 10, 2023 12:29 pm عدل 2 مرات
بَرَاهِينُ بَقِيَّةِ الصَّفَاتِ
.
بَرَاهِينُ بَقِيَّةِ الصَّفَاتِ
قَوْلُهُ:
(24) لَوْ لَم يك الْقِدَمُ وَصْفَهُ لَزِمَ حُدُوثهُ دَور تسلل حتم
شرع النَّاظِمُ فِي ذِكْرِ بَرَاهِينِ بَقِيَّةِ الصَّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَائِلًا فِي بُرْهَانِ كُلِّ مِنْهَا لَولم يَكُن كَذا لزم كَذَا، وَلَوْ كَانَ كَذَا لَزِمَ كَذَا، وَعَنْ ذَلِكَ عَبْرَ بِالْقَضَايَا فِي الْبَيْتِ الخامس
وَالْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ كُلِّ قَضِيَّةٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ كَذَا، يُسَمَّى: مُقَدِّما وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ: لَزِمَ كَذَا وَنَحْوُهُ، يُسَمَّى : تالِيَا بِاللَّامِ؛
* فَذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ دَلِيلَ اتَّصَافِهِ تَعَالَى بِالْقِدَمِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ لَمْ يَكُنْ موصوفا
بالْقِدَمَ لَزِمَ حُدُوثه، وَإِذَا كَانَ حَادِثًا افْتَقَرَ قَطَعَا إِلَى مُحَدِثٍ، لِمَا عَرَفْتَ قَبْلُ فِي حُدُوثِ العالم، ثم مدثه يَفْتَفِرُ أَيْضًا إِلَى مُحْدِثٍ، وَهَكَذَا ....
أ) فإنِ انتَهَى الْعَدَد وَانْحَصَرَ لَزِمَ الدَّوْرُ، فَيَلْرَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ الذِي انْتَهَى إِلَيْهِ العَدَدُ إِنَّمَا أَوْجَدَهُ بَعْضُ بَعْدَهُ ممنْ تَأَخَّرَ وُجُودُهُ عَنْهُ، فَيَكُونُ سَابِقَا عَلَيْهِ فِي الوجودِ مُتَأَخْرًا عَنْهُ، وَذَلِكَ لَا يُعْقَلُ.
ب) وَإِنْ لَمْ يَنتهِ الْعَدَدُ بَلْ تَسَلْسَلَ إِلَى غَيْر أَول لَزِمَ وُجُودُ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ عَدَدًا، وَالْفَرَاعُ مِنْ ذَلِكَ فِيهَا مَضَى، وَذَلِكَ لَا يُعْقَلُ، إِذْ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ مِنَ الْأَعْدَادِ: كَأَنْفَاسِ أَهْلِ الجنَّةِ، وَأَزمنتهمْ، وَنَعِيمِهِمْ، لَا يَسَعُهُ إِلَّا الْمُسْتَقْبَلُ بِأَنْ يُوجَدَ فِيهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَبَدًا، وَأَمَّا أَنْ يُوجَدَ فِي الْحَالِ وَالْمُضِي فَلَا يُعْقَلُ؛
فَلَوْ لَمْ يَكُن تَعَالَى قَدِيمًا لَكَانَ حَادِثًا وَيَلْزَمُ عَلَى حُدُونِهِ تَعَالَى الدَّوْرُ أَوِ المُسلسل
وَهُمَا مُحالَانِ، وَمَا أَدَّى إِلَى الْمُحَالِ مُحالٌ.
فَقَوْلُهُ : (دَور) مُبْتَدَأَ نَكِرَةٌ، سَوَّغ الإِبْتِدَاءَ بِهِ : التَّقْسِيمُ
وَ(تَسَلْسُلٌ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ وَهُوَ أَوْ، وَحَذْفُها قَلِيلٌ
وَجُملة (حتم) خَبَرُ ( دَوْرٌ) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ؛
وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُتَعَلَّقِ، إِذْ بِهِ تَرْتَبِطُ الجُمْلَةُ بِمَا قَبْلَهَا، وَالتَّقْدِيرُ: دَوْرٌ أَوْ تسلسل تَحتمَ عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى الْحُدُوثِ؛
فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ لَمْ يَكُ الْقِدَمُ وَصفَهُ لَزِمَ حُدُوتُهُ، وَيَتَرَتَبُ عَلَى الْحُدُوثِ الدَّوْرُ او التسلسل
ه (تنبيه): وَكَمَا يَجِبُ وَصْفُ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ بِالْقِدَمِ، فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ السَّنيِّةُ؛
أَنظُرْ بُرهَانَهُ فِي الْكَبِيرِ"
بَرَاهِينُ بَقِيَّةِ الصَّفَاتِ
قَوْلُهُ:
(24) لَوْ لَم يك الْقِدَمُ وَصْفَهُ لَزِمَ حُدُوثهُ دَور تسلل حتم
شرع النَّاظِمُ فِي ذِكْرِ بَرَاهِينِ بَقِيَّةِ الصَّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَائِلًا فِي بُرْهَانِ كُلِّ مِنْهَا لَولم يَكُن كَذا لزم كَذَا، وَلَوْ كَانَ كَذَا لَزِمَ كَذَا، وَعَنْ ذَلِكَ عَبْرَ بِالْقَضَايَا فِي الْبَيْتِ الخامس
وَالْجُزْءُ الْأَوَّلُ مِنْ كُلِّ قَضِيَّةٍ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَوْ كَانَ كَذَا، يُسَمَّى: مُقَدِّما وَالثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ: لَزِمَ كَذَا وَنَحْوُهُ، يُسَمَّى : تالِيَا بِاللَّامِ؛
* فَذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ دَلِيلَ اتَّصَافِهِ تَعَالَى بِالْقِدَمِ، وَأَنَّهُ تَعَالَى لَوْ لَمْ يَكُنْ موصوفا
بالْقِدَمَ لَزِمَ حُدُوثه، وَإِذَا كَانَ حَادِثًا افْتَقَرَ قَطَعَا إِلَى مُحَدِثٍ، لِمَا عَرَفْتَ قَبْلُ فِي حُدُوثِ العالم، ثم مدثه يَفْتَفِرُ أَيْضًا إِلَى مُحْدِثٍ، وَهَكَذَا ....
أ) فإنِ انتَهَى الْعَدَد وَانْحَصَرَ لَزِمَ الدَّوْرُ، فَيَلْرَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ الذِي انْتَهَى إِلَيْهِ العَدَدُ إِنَّمَا أَوْجَدَهُ بَعْضُ بَعْدَهُ ممنْ تَأَخَّرَ وُجُودُهُ عَنْهُ، فَيَكُونُ سَابِقَا عَلَيْهِ فِي الوجودِ مُتَأَخْرًا عَنْهُ، وَذَلِكَ لَا يُعْقَلُ.
ب) وَإِنْ لَمْ يَنتهِ الْعَدَدُ بَلْ تَسَلْسَلَ إِلَى غَيْر أَول لَزِمَ وُجُودُ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ عَدَدًا، وَالْفَرَاعُ مِنْ ذَلِكَ فِيهَا مَضَى، وَذَلِكَ لَا يُعْقَلُ، إِذْ مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ مِنَ الْأَعْدَادِ: كَأَنْفَاسِ أَهْلِ الجنَّةِ، وَأَزمنتهمْ، وَنَعِيمِهِمْ، لَا يَسَعُهُ إِلَّا الْمُسْتَقْبَلُ بِأَنْ يُوجَدَ فِيهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَبَدًا، وَأَمَّا أَنْ يُوجَدَ فِي الْحَالِ وَالْمُضِي فَلَا يُعْقَلُ؛
فَلَوْ لَمْ يَكُن تَعَالَى قَدِيمًا لَكَانَ حَادِثًا وَيَلْزَمُ عَلَى حُدُونِهِ تَعَالَى الدَّوْرُ أَوِ المُسلسل
وَهُمَا مُحالَانِ، وَمَا أَدَّى إِلَى الْمُحَالِ مُحالٌ.
فَقَوْلُهُ : (دَور) مُبْتَدَأَ نَكِرَةٌ، سَوَّغ الإِبْتِدَاءَ بِهِ : التَّقْسِيمُ
وَ(تَسَلْسُلٌ) مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ وَهُوَ أَوْ، وَحَذْفُها قَلِيلٌ
وَجُملة (حتم) خَبَرُ ( دَوْرٌ) وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ؛
وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُتَعَلَّقِ، إِذْ بِهِ تَرْتَبِطُ الجُمْلَةُ بِمَا قَبْلَهَا، وَالتَّقْدِيرُ: دَوْرٌ أَوْ تسلسل تَحتمَ عَلَيْهِ، أَيْ عَلَى الْحُدُوثِ؛
فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ لَمْ يَكُ الْقِدَمُ وَصفَهُ لَزِمَ حُدُوتُهُ، وَيَتَرَتَبُ عَلَى الْحُدُوثِ الدَّوْرُ او التسلسل
ه (تنبيه): وَكَمَا يَجِبُ وَصْفُ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ بِالْقِدَمِ، فَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ السَّنيِّةُ؛
أَنظُرْ بُرهَانَهُ فِي الْكَبِيرِ"
عدل سابقا من قبل خيرالدين في السبت ديسمبر 10, 2022 9:27 am عدل 1 مرات
رد: دَلِيلُ وُجُودِ الله تَعَالَى
قوله
(25)
لو أَمكَنَ الْفَناء لأنتفى القدم لَوْ مَاثَلَ الْخَلْقَ حُدُوتُهُ انحَتمُ
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ دَلِيلَ وُجُوبِ انْصَافِهِ تَعَالَى بِالْبَقَاءِ، وَالْمُخَالَفَةِ لِلحوادث وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ أنْ يَلْحَقَهُ الْفَناء الذي هُوَ ضِدَّ الْبَقَاءِ لا نتفى عَنْهُ القِدم، لكون وُجُودِهِ تَعَالَى عَلَى هَذَا التَّقْدِير يَكُونُ جَائِرًا لَا وَاجِبًا، لِصِدْقِ حَقِيقَةِ الجائر حينئذ على ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ - وَهُوَ مَا يَصِحُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ - فَتَكُونُ الذَّاتُ الْعَلِية على هذا التَّقْدِيرِ الْفَاسِدِ يَصِحُ وُجُودُهَا وَيَصِحْ عَدَمُهَا فَيَكُونُ وُجُودُهَا جَائِرًا لَا وَاجِبَا، وإذا كَانَ وُجُودُهَا جَائِرًا كَعَدَمِهَا افْتَقَرَتْ إِلَى مُحْدِثٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِن اسْتِحَالَةِ حُدوث الْأَكْوَانِ لِنَفْسِهَا فَيَنتفي عَنْهَا وَصْفُ الْقِدَم؛ ثُمَّ نَنْقُلُ الْكَلَامَ إِلَى ذَلِكَ الْمُحْدَثِ فيفتقر أَيْضًا إِلَى مُحْدِثٍ، وَيَلْزَمُ الدَّوْرُ أَوِ التَّسَلْسُلُ كَمَا مَرَّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتَّصِفُ تَعَالَى بِالْمُخَالَفَةِ لِلْحَوَادِثِ بِأَنْ مَاثَلَ شَيْئًا مِنْهَا، لَوَجَبَ لَهُ تَعَالَى مِنَ الْحدُوثِ مَا وَجَبَ لِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ لِمَا عَرَفْتَ بِالْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ مِنْ وُجُوبِ قِدَمِهِ تَعَالَى وَبَقَائِهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ: لَوْ مَاثَلَ تَعَالَى شَيْئًا مِنَ الْحَوَادِثِ لَوَجَبَ لَهُ:
(1) الْقِدَمُ لِألوهيه
2) وَالحدُوتُ لِفَرْضِ مُمَاثَلَتِهِ لِلْحَوَادِثِ؛ وَذَلِكَ جَمْعَ بَيْنَ مُتَنَافِيَيْنِ ضَرُورَةٌ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ النَّاظِمُ عَلَى وُجُوبِ الْبَقَاءِ وَالْمُخَالَفَةِ لِلْحَوَادِثِ لَهُ تَعَالَى، بِبطْلَانِ نَقِيضِهِمَا وَهُوَ الحدُوتُ، وَإِذَا بَطَلَ نَقِيضُهُمَا تَعَيَّنَا.
قوله
(26)
لَوْ لَمْ يَجِبْ وَصْفُ الْغِنَى لَهُ افْتَقَرُ*** لَوْ لَمْ يَكُنْ بِوَاحِدٍ لَمَا قَدَرُ
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ دَلَيلَ وُجُوبِ اتَّصَافِهِ تَعَالَى بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَيُعَبرُونَ عَنْهُ بِالْقِيَامِ بِالنَّفْسِ، وَدَلِيلِ الْوَحْدَانِيةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقِيَامَ بِالنَّفْسِ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِغْنَاتِهِ تَعَالَى عَنِ:
(1) الْمَحَل
(2) وَالْمُخَصّص
* وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ وَصْفُهُ تَعَالَى بِالْغِنَى أَيْ عَنِ المَحَلِّ وَالْمُخَصْصِ، لزم
افتقارُهُ أَي لَهُمَا، وَافْتِقَارُهُ تَعَالَى لَهُمَا محالَ، فَعَدَمُ وجوب استغنانِهِ عَنْهُما محال ايضا، وَوَصْفُهُ بِالْغِنَى عَنْهُمَا وَاجِبٌ
وَيَبَانُ اسْتِحَالَةِ افْتِقَارِهِ تَعَالَى إِلَى:
أ ) محَلُّ أَيْ ذَاتِ،
ب) أَوْ مُخَصْصٍ أَي فَاعِلٍ، أَنَّهُ:
(1) لَوِ افْتَقَرَ إِلَى ذَاتٍ يَقُومُ بِهَا: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ تَعَالَى صِفَةٌ، إِذْ لَا يَقُومُ بِالدَّوَاتِ إِلَّا الصفاتُ، وَلَوْ كَانَ صِفَةٌ مَا اتَّصَفَ بِصِفَاتِ المَعَانِي وَلَا الْمَعْنَوِيَّةِ، وَمَوْلانَا تَعَالَى يجبُ اتصَافُهُ بِهِمَا فَلَيْسَ بِصِفَةٍ
2) وَلَوِ افْتَقَرَ إِلَى مُخصص: أي فَاعِلِ يخْصُصُهُ بِبَعْضٍ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، لَكَانَ حَادِثًا، فيفتقرُ إِلَى المحدِثٍ، فَيَلْزَمُ : الدَّوْرُ، أَوِ التَّسَلْسُلُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بُرْهَانِ الْقِدَمِ.
وَ(آل) في (الْغنَى) لِلْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ الْغِنَى الْمُطلَقُ الْمُتَقَدِّمُ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ تَعَالَى( لَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا) في: ذَاتِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَأَفْعَالِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ، (لَمَا قَدَرَ) أَيْ عَلَى إِيجَادِ شَيْءٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَعَالَى الْمُوجِدُ لِكُلِّ الْعَوَالِمِ، فَهُوَ إِذًا وَاحِدٌ.
وَيَبَانُ ذَلِكَ : أَنَّهُ لَوْ قَدَّرْنَا وُجُودَ إِلَهِ آخَرَ فَأَكْثَرَ ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا إِيجَادَ ذَاتٍ وَأَرَادَ الْآخَرُ اسْتِمْرَار عَدَمِهَا، فَلَا جَائِزَ أَنْ تَنْفُذَ إِرَادَتُهُمَا مَعًا، وَلَا بُدَّ مِنْ نُفُوذِ إِحْدَى الْإِرَادَتَيْنِ
(1) فَمَنْ لَمْ تَنْفُذُ إِرَادَتُهُ لَيْسَ بِإِلَهِ، لِأَنَّهُ عَاجِزٌ
(2) وَمَنْ نَفَذَتْ إِرَادَتُهُ:
(أ) إِنْ كَانَ مُمَائِلًا لِلْآخَرِ فَلَيْسَ بِإِلَهِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا جَازَ عَلَى مُمَائِلِهِ مِنَ الْعَجْزِ؛
ب) وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَائِلٍ لَهُ فَهُوَ الْإِلَهُ الْحَقِيقِيُّ؛
*ا) هَذَا إِذَا اخْتَلَفَا
*ب) وَكَذَا يَلْزَمُ الْعَجْزُ إِذَا اتَّفَقَا أَيْضًا، لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ أَثْرٍ وَاحِدٍ مِنْ مُؤَثْرَيْنِ، لِأَنَّ الْإِرَادَتَيْنِ إِذَا تَوَجَّهتا إِلَى مَا لَا يَقْبَلُ الانْقِسَامَ مِنْ عَرَضَ أَوْ جَوْهَرٍ فَرْدٍ فَلَا يُمْكِنُ أن تنقذ فِيهِ إِلَّا إِرَادَةٌ وَاحِدَةً وَيَأْتِي مَا سَبَقَ؛ وَأَيْضًا فَاتَّفَاقُهُمَا لَيْسَ وَاحِبًا بَلْ هُوَ جَائِرٌ، فَيَجُوزُ اخْتِلَافُهُمَا وَيَأْتي مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الشَّرْحِ الْكَبِير" أَنَّ قَوْلَ النَّاظِمِ (لْمَا قَدَرُ) دَلِيلٌ لِأَوْجُهِ الْوَحْدَانِ الخمْسَةِ وَهِيَ
(1) نَفْيُّ الْكُمُ الْمُتَّصِلِ
(2) وَالْمُنفصل: في الذَّاتِ،
(3) نَفْيُّ الْكُمُ الْمُتَّصِلِ
(4) وَالْمُنفصل: في الصفَاتِ
(5) وَنَفْيُ الشَّرِيكِ فِي الْأَفْعَالِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْوَحْدَانِية.
قوله
(27)
لَوْ لَمْ يَكُنْ حَيَّا مُرِيدًا عَالِمًا ***وَقَادِرًا لَمَّا رَأَيْتَ عَالَمَا
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ وُجُوبَ اتَّصَافِهِ تَعَالَى: بِالْقُدْرَةِ، وَالْإِرَادَةِ، وَالْعِلْمِ، وَالْحَيَادِ فَأَخْبَرَ : أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَجِبْ لَهُ تَعَالَى هَذِهِ الصِّفَاتُ، لَكَانَ تَعَالَى عَاجِزًا فَلَا يُوجِدُ شَيْئًا مِنْ الْعَوَالِمِ، وَالْعَوَالِمُ مَوْجُودَةٌ، فَهُوَ تَعَالَى غَيْرُ عَاجِز.
وَدَلِيلُ ذَلِكَ : أَنَّهُ تَقَرَّرَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ تَأثِيرَ الْقُدْرَةِ الْأَزلِيَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِرَادَتِهِ تَعَالَى لِذَلِكَ الْأَثَرِ، فَلَا يُوجِدُ تَعَالَى بِقُدْرَتِهِ أَوْ بعدم بِهَا إِلَّا مَا أَرَادَ وُجُودَهُ أَوْ إِعْدَامَهُ، وَإِرَادَتُهُ تَعَالَى لِذَلِكَ الْأَثَرِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، لِاسْتِحَالَةِ الْقَصْدِ إِلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ وَالإِتصَافُ بِالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْعِلْمِ مَوْقُوفٌ عَلَى الأَتصَافِ بِالْحَيَاةِ، إِذْ هِيَ شَرْطُ فِيهَا، وَوُجُودُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ شَرْطِهِ مُسْتَحِيلٌ ؛
فَإِذَا وُجُودُ حَادِثِ - أَي حَادِثٍ كَانَ - مَوْقُوفٌ عَلَى اتصَافِ مُحْدِيْهِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْأَرْبَعِ، فَلَوِ انْتَقَى شَيْءٌ مِنْهَا لَمَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنَ الْحَوَادِثِ.
وَ(عَالِمًا) الْأَوَّلُ: بِكَسْرِ اللَّامِ، وَصْفٌ لَهُ تَعَالَى، وَالثَّانِي: بِفَتْحِهَا، وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى
قَوْلُهُ:
(28)
وَالتالِ فِي السُّتُ الْقَضَايَا بَاطِلُ*** قطْعَا مُقَدَّمْ إِذا مُمَائِلُ
جَرَى فِي عِبَارَةِ النَّاظِمِ فِي هَذِهِ الْبَرَاهِينِ أَنْ يَقُولَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا لَكَانَ كَذا، وَعَنْ ذَلِكَ عَبْرَ : (بالْقَضَايَا) جَمْعُ قَضِيَّةٍ:
(25)
لو أَمكَنَ الْفَناء لأنتفى القدم لَوْ مَاثَلَ الْخَلْقَ حُدُوتُهُ انحَتمُ
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ دَلِيلَ وُجُوبِ انْصَافِهِ تَعَالَى بِالْبَقَاءِ، وَالْمُخَالَفَةِ لِلحوادث وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ أنْ يَلْحَقَهُ الْفَناء الذي هُوَ ضِدَّ الْبَقَاءِ لا نتفى عَنْهُ القِدم، لكون وُجُودِهِ تَعَالَى عَلَى هَذَا التَّقْدِير يَكُونُ جَائِرًا لَا وَاجِبًا، لِصِدْقِ حَقِيقَةِ الجائر حينئذ على ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ - وَهُوَ مَا يَصِحُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ - فَتَكُونُ الذَّاتُ الْعَلِية على هذا التَّقْدِيرِ الْفَاسِدِ يَصِحُ وُجُودُهَا وَيَصِحْ عَدَمُهَا فَيَكُونُ وُجُودُهَا جَائِرًا لَا وَاجِبَا، وإذا كَانَ وُجُودُهَا جَائِرًا كَعَدَمِهَا افْتَقَرَتْ إِلَى مُحْدِثٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِن اسْتِحَالَةِ حُدوث الْأَكْوَانِ لِنَفْسِهَا فَيَنتفي عَنْهَا وَصْفُ الْقِدَم؛ ثُمَّ نَنْقُلُ الْكَلَامَ إِلَى ذَلِكَ الْمُحْدَثِ فيفتقر أَيْضًا إِلَى مُحْدِثٍ، وَيَلْزَمُ الدَّوْرُ أَوِ التَّسَلْسُلُ كَمَا مَرَّ.
وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَتَّصِفُ تَعَالَى بِالْمُخَالَفَةِ لِلْحَوَادِثِ بِأَنْ مَاثَلَ شَيْئًا مِنْهَا، لَوَجَبَ لَهُ تَعَالَى مِنَ الْحدُوثِ مَا وَجَبَ لِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ لِمَا عَرَفْتَ بِالْبُرْهَانِ الْقَاطِعِ مِنْ وُجُوبِ قِدَمِهِ تَعَالَى وَبَقَائِهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ: لَوْ مَاثَلَ تَعَالَى شَيْئًا مِنَ الْحَوَادِثِ لَوَجَبَ لَهُ:
(1) الْقِدَمُ لِألوهيه
2) وَالحدُوتُ لِفَرْضِ مُمَاثَلَتِهِ لِلْحَوَادِثِ؛ وَذَلِكَ جَمْعَ بَيْنَ مُتَنَافِيَيْنِ ضَرُورَةٌ.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ النَّاظِمُ عَلَى وُجُوبِ الْبَقَاءِ وَالْمُخَالَفَةِ لِلْحَوَادِثِ لَهُ تَعَالَى، بِبطْلَانِ نَقِيضِهِمَا وَهُوَ الحدُوتُ، وَإِذَا بَطَلَ نَقِيضُهُمَا تَعَيَّنَا.
قوله
(26)
لَوْ لَمْ يَجِبْ وَصْفُ الْغِنَى لَهُ افْتَقَرُ*** لَوْ لَمْ يَكُنْ بِوَاحِدٍ لَمَا قَدَرُ
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ دَلَيلَ وُجُوبِ اتَّصَافِهِ تَعَالَى بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَيُعَبرُونَ عَنْهُ بِالْقِيَامِ بِالنَّفْسِ، وَدَلِيلِ الْوَحْدَانِيةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقِيَامَ بِالنَّفْسِ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِغْنَاتِهِ تَعَالَى عَنِ:
(1) الْمَحَل
(2) وَالْمُخَصّص
* وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَجِبْ وَصْفُهُ تَعَالَى بِالْغِنَى أَيْ عَنِ المَحَلِّ وَالْمُخَصْصِ، لزم
افتقارُهُ أَي لَهُمَا، وَافْتِقَارُهُ تَعَالَى لَهُمَا محالَ، فَعَدَمُ وجوب استغنانِهِ عَنْهُما محال ايضا، وَوَصْفُهُ بِالْغِنَى عَنْهُمَا وَاجِبٌ
وَيَبَانُ اسْتِحَالَةِ افْتِقَارِهِ تَعَالَى إِلَى:
أ ) محَلُّ أَيْ ذَاتِ،
ب) أَوْ مُخَصْصٍ أَي فَاعِلٍ، أَنَّهُ:
(1) لَوِ افْتَقَرَ إِلَى ذَاتٍ يَقُومُ بِهَا: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ تَعَالَى صِفَةٌ، إِذْ لَا يَقُومُ بِالدَّوَاتِ إِلَّا الصفاتُ، وَلَوْ كَانَ صِفَةٌ مَا اتَّصَفَ بِصِفَاتِ المَعَانِي وَلَا الْمَعْنَوِيَّةِ، وَمَوْلانَا تَعَالَى يجبُ اتصَافُهُ بِهِمَا فَلَيْسَ بِصِفَةٍ
2) وَلَوِ افْتَقَرَ إِلَى مُخصص: أي فَاعِلِ يخْصُصُهُ بِبَعْضٍ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، لَكَانَ حَادِثًا، فيفتقرُ إِلَى المحدِثٍ، فَيَلْزَمُ : الدَّوْرُ، أَوِ التَّسَلْسُلُ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بُرْهَانِ الْقِدَمِ.
وَ(آل) في (الْغنَى) لِلْعَهْدِ، وَالْمَعْهُودُ الْغِنَى الْمُطلَقُ الْمُتَقَدِّمُ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ تَعَالَى( لَوْ لَمْ يَكُنْ وَاحِدًا) في: ذَاتِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَأَفْعَالِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ، (لَمَا قَدَرَ) أَيْ عَلَى إِيجَادِ شَيْءٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَعَالَى الْمُوجِدُ لِكُلِّ الْعَوَالِمِ، فَهُوَ إِذًا وَاحِدٌ.
وَيَبَانُ ذَلِكَ : أَنَّهُ لَوْ قَدَّرْنَا وُجُودَ إِلَهِ آخَرَ فَأَكْثَرَ ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا إِيجَادَ ذَاتٍ وَأَرَادَ الْآخَرُ اسْتِمْرَار عَدَمِهَا، فَلَا جَائِزَ أَنْ تَنْفُذَ إِرَادَتُهُمَا مَعًا، وَلَا بُدَّ مِنْ نُفُوذِ إِحْدَى الْإِرَادَتَيْنِ
(1) فَمَنْ لَمْ تَنْفُذُ إِرَادَتُهُ لَيْسَ بِإِلَهِ، لِأَنَّهُ عَاجِزٌ
(2) وَمَنْ نَفَذَتْ إِرَادَتُهُ:
(أ) إِنْ كَانَ مُمَائِلًا لِلْآخَرِ فَلَيْسَ بِإِلَهِ أَيْضًا، لِأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ مَا جَازَ عَلَى مُمَائِلِهِ مِنَ الْعَجْزِ؛
ب) وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَائِلٍ لَهُ فَهُوَ الْإِلَهُ الْحَقِيقِيُّ؛
*ا) هَذَا إِذَا اخْتَلَفَا
*ب) وَكَذَا يَلْزَمُ الْعَجْزُ إِذَا اتَّفَقَا أَيْضًا، لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ أَثْرٍ وَاحِدٍ مِنْ مُؤَثْرَيْنِ، لِأَنَّ الْإِرَادَتَيْنِ إِذَا تَوَجَّهتا إِلَى مَا لَا يَقْبَلُ الانْقِسَامَ مِنْ عَرَضَ أَوْ جَوْهَرٍ فَرْدٍ فَلَا يُمْكِنُ أن تنقذ فِيهِ إِلَّا إِرَادَةٌ وَاحِدَةً وَيَأْتِي مَا سَبَقَ؛ وَأَيْضًا فَاتَّفَاقُهُمَا لَيْسَ وَاحِبًا بَلْ هُوَ جَائِرٌ، فَيَجُوزُ اخْتِلَافُهُمَا وَيَأْتي مَا تَقَدَّمَ أَيْضًا
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الشَّرْحِ الْكَبِير" أَنَّ قَوْلَ النَّاظِمِ (لْمَا قَدَرُ) دَلِيلٌ لِأَوْجُهِ الْوَحْدَانِ الخمْسَةِ وَهِيَ
(1) نَفْيُّ الْكُمُ الْمُتَّصِلِ
(2) وَالْمُنفصل: في الذَّاتِ،
(3) نَفْيُّ الْكُمُ الْمُتَّصِلِ
(4) وَالْمُنفصل: في الصفَاتِ
(5) وَنَفْيُ الشَّرِيكِ فِي الْأَفْعَالِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الْوَحْدَانِية.
قوله
(27)
لَوْ لَمْ يَكُنْ حَيَّا مُرِيدًا عَالِمًا ***وَقَادِرًا لَمَّا رَأَيْتَ عَالَمَا
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَيْتِ وُجُوبَ اتَّصَافِهِ تَعَالَى: بِالْقُدْرَةِ، وَالْإِرَادَةِ، وَالْعِلْمِ، وَالْحَيَادِ فَأَخْبَرَ : أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَجِبْ لَهُ تَعَالَى هَذِهِ الصِّفَاتُ، لَكَانَ تَعَالَى عَاجِزًا فَلَا يُوجِدُ شَيْئًا مِنْ الْعَوَالِمِ، وَالْعَوَالِمُ مَوْجُودَةٌ، فَهُوَ تَعَالَى غَيْرُ عَاجِز.
وَدَلِيلُ ذَلِكَ : أَنَّهُ تَقَرَّرَ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ تَأثِيرَ الْقُدْرَةِ الْأَزلِيَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى إِرَادَتِهِ تَعَالَى لِذَلِكَ الْأَثَرِ، فَلَا يُوجِدُ تَعَالَى بِقُدْرَتِهِ أَوْ بعدم بِهَا إِلَّا مَا أَرَادَ وُجُودَهُ أَوْ إِعْدَامَهُ، وَإِرَادَتُهُ تَعَالَى لِذَلِكَ الْأَثَرِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، لِاسْتِحَالَةِ الْقَصْدِ إِلَى غَيْرِ مَعْلُومٍ وَالإِتصَافُ بِالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ وَالْعِلْمِ مَوْقُوفٌ عَلَى الأَتصَافِ بِالْحَيَاةِ، إِذْ هِيَ شَرْطُ فِيهَا، وَوُجُودُ الْمَشْرُوطِ بِدُونِ شَرْطِهِ مُسْتَحِيلٌ ؛
فَإِذَا وُجُودُ حَادِثِ - أَي حَادِثٍ كَانَ - مَوْقُوفٌ عَلَى اتصَافِ مُحْدِيْهِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْأَرْبَعِ، فَلَوِ انْتَقَى شَيْءٌ مِنْهَا لَمَا وُجِدَ شَيْءٌ مِنَ الْحَوَادِثِ.
وَ(عَالِمًا) الْأَوَّلُ: بِكَسْرِ اللَّامِ، وَصْفٌ لَهُ تَعَالَى، وَالثَّانِي: بِفَتْحِهَا، وَهُوَ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى
قَوْلُهُ:
(28)
وَالتالِ فِي السُّتُ الْقَضَايَا بَاطِلُ*** قطْعَا مُقَدَّمْ إِذا مُمَائِلُ
جَرَى فِي عِبَارَةِ النَّاظِمِ فِي هَذِهِ الْبَرَاهِينِ أَنْ يَقُولَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا لَكَانَ كَذا، وَعَنْ ذَلِكَ عَبْرَ : (بالْقَضَايَا) جَمْعُ قَضِيَّةٍ:
أولاد بله محمد السباعي يعجبه هذا الموضوع
مواضيع مماثلة
» عمر رضي الله عنه يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه و سلم
» كِتَابُ أُمِّ الْقَوَاعِدِ وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ
» موقف الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله من الخلافات التي حصلت بين الصحابة رضي الله عنهم
» محمد بن عبد الله بن الكبير المكنى بأبي عبد الله
» حديث توسل الاعمى برسول الله صل الله علي و سلم
» كِتَابُ أُمِّ الْقَوَاعِدِ وَمَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَقَائِدِ
» موقف الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور رحمه الله من الخلافات التي حصلت بين الصحابة رضي الله عنهم
» محمد بن عبد الله بن الكبير المكنى بأبي عبد الله
» حديث توسل الاعمى برسول الله صل الله علي و سلم
الصالحين :: الفقه :: الفقه المالكي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى