نصيحة لمن يتعلّم الدين بواسطة كتب الأحباش
نصيحة لمن يتعلّم الدين بواسطة كتب الأحباش
نزار حمادي
٢٣ يونيو ·
نصيحة لمن يتعلّم الدين بواسطة كتب الأحباش:
نصيحتي هنا موجَّهةٌ للتونسيين بشكل خاص، فينبغي عليهم أن يعرفوا أن البلاد التونسية عريقة في دراسة وتدريس العلوم الشرعية، وأن لأهلها من العلماء اختياراتٍ وأقوالًا معتمدةً في الأصول والفروع، لكن لتغييبها منذ توقّف التعليم الزيتوني صارتْ مجهولةً لدى المعاصرين الذين بسبب تعطّشهم لتعلم العلوم الدينية وقعوا في دراسة مناهج تخالف المناهج السنية المشهورة المعروفة لأهل السنة في البلاد التونسية الموروثة جيلا عن جيلٍ.
لن أخوض كثيرًا في التفاصيل ولكن سأنبّه هنا مثلا على أن من الكتب المعتمدةِ في علم التوحيد في البلاد التونسية كتاب بغية المريد لجوهرة التوحيد للشيخ العلامة إبراهيم المارغني (ت1349هـ) رحمه الله، وهو اختصار على كتاب كان يدرّس قبله في جامع الزيتونة وهو اختصار وتهذيب لتحفة المريد للعلامة البيجوري (ت1277) الذي كان يدرّس أيضًا في جامع الزيتونة، وقبله أيضا كان يدرّس كتاب إتحاف المريد لجوهرة التوحيد للعلامة عبد السلام اللقاني (ت1078هـ) ومعلوم أن جميع هذه الكتب مستمد من شروح العلامة إبراهيم اللقاني (ت1041هـ) على جوهرته.
هذه الكتب تضمّنت الأقوال المشهورة المعتمدة في علم التوحيد التي لخّص زبدها العلامة الشيخ إبراهيم المارغني، وهي المعوَّل عليها في التعليم، فإدخال الأحباش لكتبهم الخاصة وتدريسها في تونس للتونسيين من شأنه أن يحدث فرقةً وتمزيقًا حادّا جدا بين أهل السنة في تونس، ذلك أنها تضمنت أقوالًا عقدية تخالف المشهور المعتمَد الصحيح عند علماء تونس، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن الذي كان يدرسه طالب العلم الزيتوني في مبحث عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلامُ ما لخصه العلامة المارغني بقوله: "أفعالُهم عليهم الصلاة والسلامُ دائرةٌ بين الواجبِ والمندوبِ فقطْ، بل في الأولياء الذين هم أتباعُهم من يصلُ إلى مقامٍ تصيرُ حركاتهم وسكناتهم طاعةً بالنياتِ". (بغية المريد، ص152)
وأما ما يدرّسه الأحباش في تونس هو أن الأنبياء تصدر منهم المعاصي الصغيرة بعدَ نبوّتهم ولكن لا يقرّون عليها، ثم يصّرحون بالإنكار على ما يطلقون عليهم متأخرو المالكية كالإمام السنوسي وابن عاشر في إثباتهم عصمة الأنبياء من الحرام والمكروه مُطلقا. (انظر مثلا كتابهم الشرح القويم في حل الصراط المستقيم، ص338)
بعض الناس لا يرى في هذه الخلافات بأسًا بل يرى أن القول بوقوع الأنبياء في المعاصي بعد النبوة قد قال به بعض علماء أهل السنة، وطالما كانت المسألة خلافية فلا بأس، وهذه غفلة كبيرةٌ منهم لأنه بهذا الاعتبار لن يكون لأهل السنة اي قول مشهور صحيح معتمدٍ؛ إذ لو ساغ لكل خلاف أن يذكر وأن يعتبر قولا معتبرًا وأن يزاحم المشهور المعتمَدَ لأدى ذلك إلى انقسام أهل السنة والجماعة إلى فرق بعدد المقالات، كما أن تلك الطريقة تخالف المناهج المعتمدة في الفقه من الاقتصار على المشهور وعدم إشغال الناس بباقي الأقوال فكيف بالعقائد بعد أن حقّق المتأخرون الحقَّ ونصوا عليه في كتب التدريس المعتمَدة، فالقدح فيها وتضعيفها وإحياء ما مات من الأقاويل الضعيفة منشأ لكل فتنة ووبال على أهل السنة.
والحاصل أن البلاد التونسية عريقة في منهج أهل السنة والجماعة ومكتفية بما صنّفه علماؤها في أصول الدين مبينين بالتفصيل ما عليه المعوَّل، وهذا سرّ رفض الوهابية وأدعياء السلفية، وهو سبب رفض ما يروّجه الأحباش من عقائد تعتبر شاذّة بالمقارنة بالمعتمَد المشهور، فلا يمكن بحال من الأحوال قبولها.
لكن طالما بقيت الحركة العلمية في تونس ضعيفة وبقيت كتب أهل السنة المعتمدة مجهولة لا يوجد من يتقن تدريسها ولا تدرّس في المساجد المركزية في جميع الولايات على الأقل ستستمر تلك الفتنة، وهذه التنبيهات التي نقوم بها من حين لآخر لن تغير كثيرا من الواقع.
٢٣ يونيو ·
نصيحة لمن يتعلّم الدين بواسطة كتب الأحباش:
نصيحتي هنا موجَّهةٌ للتونسيين بشكل خاص، فينبغي عليهم أن يعرفوا أن البلاد التونسية عريقة في دراسة وتدريس العلوم الشرعية، وأن لأهلها من العلماء اختياراتٍ وأقوالًا معتمدةً في الأصول والفروع، لكن لتغييبها منذ توقّف التعليم الزيتوني صارتْ مجهولةً لدى المعاصرين الذين بسبب تعطّشهم لتعلم العلوم الدينية وقعوا في دراسة مناهج تخالف المناهج السنية المشهورة المعروفة لأهل السنة في البلاد التونسية الموروثة جيلا عن جيلٍ.
لن أخوض كثيرًا في التفاصيل ولكن سأنبّه هنا مثلا على أن من الكتب المعتمدةِ في علم التوحيد في البلاد التونسية كتاب بغية المريد لجوهرة التوحيد للشيخ العلامة إبراهيم المارغني (ت1349هـ) رحمه الله، وهو اختصار على كتاب كان يدرّس قبله في جامع الزيتونة وهو اختصار وتهذيب لتحفة المريد للعلامة البيجوري (ت1277) الذي كان يدرّس أيضًا في جامع الزيتونة، وقبله أيضا كان يدرّس كتاب إتحاف المريد لجوهرة التوحيد للعلامة عبد السلام اللقاني (ت1078هـ) ومعلوم أن جميع هذه الكتب مستمد من شروح العلامة إبراهيم اللقاني (ت1041هـ) على جوهرته.
هذه الكتب تضمّنت الأقوال المشهورة المعتمدة في علم التوحيد التي لخّص زبدها العلامة الشيخ إبراهيم المارغني، وهي المعوَّل عليها في التعليم، فإدخال الأحباش لكتبهم الخاصة وتدريسها في تونس للتونسيين من شأنه أن يحدث فرقةً وتمزيقًا حادّا جدا بين أهل السنة في تونس، ذلك أنها تضمنت أقوالًا عقدية تخالف المشهور المعتمَد الصحيح عند علماء تونس، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر أن الذي كان يدرسه طالب العلم الزيتوني في مبحث عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلامُ ما لخصه العلامة المارغني بقوله: "أفعالُهم عليهم الصلاة والسلامُ دائرةٌ بين الواجبِ والمندوبِ فقطْ، بل في الأولياء الذين هم أتباعُهم من يصلُ إلى مقامٍ تصيرُ حركاتهم وسكناتهم طاعةً بالنياتِ". (بغية المريد، ص152)
وأما ما يدرّسه الأحباش في تونس هو أن الأنبياء تصدر منهم المعاصي الصغيرة بعدَ نبوّتهم ولكن لا يقرّون عليها، ثم يصّرحون بالإنكار على ما يطلقون عليهم متأخرو المالكية كالإمام السنوسي وابن عاشر في إثباتهم عصمة الأنبياء من الحرام والمكروه مُطلقا. (انظر مثلا كتابهم الشرح القويم في حل الصراط المستقيم، ص338)
بعض الناس لا يرى في هذه الخلافات بأسًا بل يرى أن القول بوقوع الأنبياء في المعاصي بعد النبوة قد قال به بعض علماء أهل السنة، وطالما كانت المسألة خلافية فلا بأس، وهذه غفلة كبيرةٌ منهم لأنه بهذا الاعتبار لن يكون لأهل السنة اي قول مشهور صحيح معتمدٍ؛ إذ لو ساغ لكل خلاف أن يذكر وأن يعتبر قولا معتبرًا وأن يزاحم المشهور المعتمَدَ لأدى ذلك إلى انقسام أهل السنة والجماعة إلى فرق بعدد المقالات، كما أن تلك الطريقة تخالف المناهج المعتمدة في الفقه من الاقتصار على المشهور وعدم إشغال الناس بباقي الأقوال فكيف بالعقائد بعد أن حقّق المتأخرون الحقَّ ونصوا عليه في كتب التدريس المعتمَدة، فالقدح فيها وتضعيفها وإحياء ما مات من الأقاويل الضعيفة منشأ لكل فتنة ووبال على أهل السنة.
والحاصل أن البلاد التونسية عريقة في منهج أهل السنة والجماعة ومكتفية بما صنّفه علماؤها في أصول الدين مبينين بالتفصيل ما عليه المعوَّل، وهذا سرّ رفض الوهابية وأدعياء السلفية، وهو سبب رفض ما يروّجه الأحباش من عقائد تعتبر شاذّة بالمقارنة بالمعتمَد المشهور، فلا يمكن بحال من الأحوال قبولها.
لكن طالما بقيت الحركة العلمية في تونس ضعيفة وبقيت كتب أهل السنة المعتمدة مجهولة لا يوجد من يتقن تدريسها ولا تدرّس في المساجد المركزية في جميع الولايات على الأقل ستستمر تلك الفتنة، وهذه التنبيهات التي نقوم بها من حين لآخر لن تغير كثيرا من الواقع.
مواضيع مماثلة
» يحرم أخذ العلم عن الأحباش
» الخدمة الكبيرة التي يقدّمها الأحباش للوهابية
» الشيخ محمد خير الدين
» ترجمة الشيخ محي الدين بن عربي
» عقيدة صلاح الدين الأيوبي
» الخدمة الكبيرة التي يقدّمها الأحباش للوهابية
» الشيخ محمد خير الدين
» ترجمة الشيخ محي الدين بن عربي
» عقيدة صلاح الدين الأيوبي
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى