نماذج من كلام الشيخ سيدي محمد بن عيسى
صفحة 1 من اصل 1
نماذج من كلام الشيخ سيدي محمد بن عيسى
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد قبلة أرواح المحبين وآله وصحبه أجمعين
وبعد: هذا نماذج من كلام الشيخ الكامل سيدي محمد بن عيسى
النموذج الأول
ورد في بعض التقييد القديمة ولعله للزبادي مع العلم أن كل ما نقل من كلام الشيخ كان بواسطة تلامذيه الذين كانوا يكتبون عنه كلما طلب منهم ذلك :
يقول التقييد المذكور: هذا مختصر من كلام سيدي محمد بن عيسى رضي الله عنه قال: إذا رأيتم من أتاكم بالجدل والجحود فادخلوا معه في هذه المعرفة,
ما هو العلم؟ وما هو العمل؟ وايهما يكون صفة للآخر؟ وكيف انقسمت العلوم عن الأعمال والأعمال عن الجوارح؟ وما أول العلوم وما وسطها وما آخرها؟ وما أول الأعمال وما وسطها وما آخرها؟ وما سيد العلوم وما سيد العمل؟ وما أفضل الأعمال وما أفضل العلوم؟
أما العلم فهو نور وبرهان وأما العمل فهو تضرع وإنقاذ وأما أيهما صفة للآخر فالعلم صفة للعمل وهو زينة له فيه إخلاص وسنده, وأما كيف انقسمت العلوم على الأعمال والأعمال على الجوارح فعلى ثلاثة أقسام: الأول علم الظاهر فهو ما يستفاد بالدراسة والتعلم والثاني علم الباطن وهو ما يستفاد بالهداية والتخصيص فاضله التطهير والتنوير والثالث باطن الباطن وهو ما يستفاد بالإفهام والإسماع وأما أول العلوم فهو علم التوحيد والمكالمة كما قال نبينا سيدنا محمد صل الله عليه وسلم إن من أمتي محدثين ومكلمين وأن عمر منهم, وأما الأعمال فهو التوبة النصوح وما وسط الأعمال فهو الهيبة والتعظيم وأما آخر الأعمال فهو الفناء والبقاء وأما أفضل العلوم فهو ما كان مقرونا بالخشية, وأما سيد العلوم فهو العلم بالله تعالى, وأما سيد لأعمال فهو الذي لا هوى فيه,
فإن قال لك قائل ما المجاهدة وما المراقبة؟ وما المشاهدة وما علم اليقين؟ وما عين اليقين؟ وأين الله في الأرض أو في السماء؟ فاعلموا رحمكم الله تعالى,
أما المجاهدة فمن مقام المبتدئين وأما المراقبة فمن مقام المتوسطين وأما المشاهدة فمن مقام المنتهين وأما قولكم أين الله في الأرض أو في السماء فإذا قلنا في السماء فإن السماء مشتق من العلو إشارة إلي علوه وجلاله وأنه متفرد بصفة الكمال والجمال التي لا تدرك بالعقل والقياس وإذا قلنا في الأرض فمعناه تعظيمه وذكره وهيبته ومحبته والسرور به في قلوب العارفين الذين لا يفترون عن ذكره جل الملك الحق عن الحلول والانتقال والاستقرار والتمكن في المكان,
وأما قولكم علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فاعلموا رحمكم الله أن علم اليقين بحر لا ساحل له وأعظم منه عين اليقين وحق اليقين, ولو اجتمعت الإنس والجن والملأكة على تفسير هذه العلوم لعجزوا عن تفسير حرف من حروفها, وباب التأويل مفتوح أبدا( ولو ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله) أي أسرار كلمات الله ومعانيها فإن قال لك قائل فسر لي علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين,
فاعلم أن علم اليقين هو النظر والاستدلال بعد الخروج من ظلمات التقليد التقليد في الإيمان شك, والنظر والاستدلال يقين,
وأما عين اليقين فهو الثبوت على التوحيد بالدليل والبرهان وأما حق اليقين فهو الاستدلال بالصانع على المصنوع, فالمقام الأول التوحيد والثاني التجريد والثالث التفريد, وأما المجاهدة فهي المخالفة للنفس وترك الراحة وكثرة البكاء والأخذ في الجد وكثرة الاجتهاد على موافقة الكتاب والسنة وأما المراقبة فهي جذب رباني روحاني وحقيقة الجذب لا يعلمها إلا المجذوب الروحاني وأما المشاهدة فليس للعبد فيها اكتساب والكلام على المشاهدة يطول ولا يجوز إفشاؤه والسلام,
فإن قال لك قائل أين ربك منك؟ فقل حيث أنا منه (وهو معكم أينما كنتم)
بعلمه فإن قال لك قائل الله عز وجل قريب أم بعيد؟ فقل له من غير اتصال بعيد من غير انفصال قال بعض الحكماء القرب والبعد يتضمن المسافة وهو في حقه محال والمحال لا يجوز في العقل وجوده فإن قال لك قائل الله داخل في العالم أم خارج عنه فالجواب أن نقول ليس داخلا فيه ولا خارجا عنه ولا فوقه ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن شماله ولا أمامه ولا خلفه: العجز عن إدراك الإدراك (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) صدر هذه الآية تنزيه فلو قال سبحانه وهو السمع البصير ولم يقل ليس كمثله شيئ لوقع التوهم والتشكك في العقل, فلما قال ليس كمثله شيئ تنزه وتقدس عما لا يليق به من الجسمية والعرضية والجوهرية كما تنزه أيضا عما لا يليق به من تشبيه وتغيير وغير ذالك تعالى عن ذلك علوا كبيرا فإن قال لك قائل ما هو العرض وما معنى كون الأعراض لا تبقى زمنين فإن ذلك من صفة نفس العرض لأنه لا يعقل إلا بتلك الصفة وأما حقيقة العرض فهو الذي لا يقوم بنفسه. وأما كم تنقسم الأعراض فهي ضربان مطلق ومقيد المطلق
كالألوان والطعوم والروائح والمقيد على قسمين متعلق وغير متعلق فالمتعلق كالعلم بالعلوم والجهل بالجهول والحب بالمحبوب والبغض بالمغضوب وغير ذلك ومولانا جل وعز منزه عن هذه الصفات تعالى عن ذلك علوا كبير,
والعرض من المعاني القائمة بالجسم والجوهر, ومن الأعراض أيضا الموت والعلم والجهل والسمع والبصر والكلام والحركة والسكون وجميع المعاني القائمة بالجسم والجوهر ومولانا جل وعز بخلاف ذلك منزه عن الكيفية والعرضية والجسمية والجوهرية تعالى أن يتصف بهذه الصفات علوا كبير فإن قال لك قائل ما معني الأجسام وما معني الجواهر؟ وما حقيقة الجواهر؟ فأما معني الأجسام فهي ما تركب من جواهر كبيرة أو صغيرة وحقيقتها أن توجد في قدر من الفراغ وأما معني الجوهر فهو الذي انفصل عن جوهر مثله وحقيقته أنه يستحيل انقسامه والأجسام على قسمين شفافة وكثيفة فأما الشفافة وكثيفة فأما الشفافة فالهواء والرياح والسحاب والدخان والضباب والماء والنار ونحو ذلك وأما الكثيفة فهي الحجر والمدر والأشجار ونحو ذلك.
ويدل إلقاء مثل هذه الدروس على أنه كان يوجد بين يدي الشيخ جماعة من المثقفين الذين يستطيعون هضم هذه الحقائق الفلسفية, كما يستفاد من ذلك أن هذا الأسلوب لا يكون إلا مع أهل الجدل والمراء.
المصدر من كتاب الشيخ الكامل سيدي محمد بن عيسى
طريقة وزاوية واستمرارية
تأليف الأستاذ علال العيساوي آل الشيخ الكامل
والصلاة والسلام على سيدنا محمد قبلة أرواح المحبين وآله وصحبه أجمعين
وبعد: هذا نماذج من كلام الشيخ الكامل سيدي محمد بن عيسى
النموذج الأول
ورد في بعض التقييد القديمة ولعله للزبادي مع العلم أن كل ما نقل من كلام الشيخ كان بواسطة تلامذيه الذين كانوا يكتبون عنه كلما طلب منهم ذلك :
يقول التقييد المذكور: هذا مختصر من كلام سيدي محمد بن عيسى رضي الله عنه قال: إذا رأيتم من أتاكم بالجدل والجحود فادخلوا معه في هذه المعرفة,
ما هو العلم؟ وما هو العمل؟ وايهما يكون صفة للآخر؟ وكيف انقسمت العلوم عن الأعمال والأعمال عن الجوارح؟ وما أول العلوم وما وسطها وما آخرها؟ وما أول الأعمال وما وسطها وما آخرها؟ وما سيد العلوم وما سيد العمل؟ وما أفضل الأعمال وما أفضل العلوم؟
أما العلم فهو نور وبرهان وأما العمل فهو تضرع وإنقاذ وأما أيهما صفة للآخر فالعلم صفة للعمل وهو زينة له فيه إخلاص وسنده, وأما كيف انقسمت العلوم على الأعمال والأعمال على الجوارح فعلى ثلاثة أقسام: الأول علم الظاهر فهو ما يستفاد بالدراسة والتعلم والثاني علم الباطن وهو ما يستفاد بالهداية والتخصيص فاضله التطهير والتنوير والثالث باطن الباطن وهو ما يستفاد بالإفهام والإسماع وأما أول العلوم فهو علم التوحيد والمكالمة كما قال نبينا سيدنا محمد صل الله عليه وسلم إن من أمتي محدثين ومكلمين وأن عمر منهم, وأما الأعمال فهو التوبة النصوح وما وسط الأعمال فهو الهيبة والتعظيم وأما آخر الأعمال فهو الفناء والبقاء وأما أفضل العلوم فهو ما كان مقرونا بالخشية, وأما سيد العلوم فهو العلم بالله تعالى, وأما سيد لأعمال فهو الذي لا هوى فيه,
فإن قال لك قائل ما المجاهدة وما المراقبة؟ وما المشاهدة وما علم اليقين؟ وما عين اليقين؟ وأين الله في الأرض أو في السماء؟ فاعلموا رحمكم الله تعالى,
أما المجاهدة فمن مقام المبتدئين وأما المراقبة فمن مقام المتوسطين وأما المشاهدة فمن مقام المنتهين وأما قولكم أين الله في الأرض أو في السماء فإذا قلنا في السماء فإن السماء مشتق من العلو إشارة إلي علوه وجلاله وأنه متفرد بصفة الكمال والجمال التي لا تدرك بالعقل والقياس وإذا قلنا في الأرض فمعناه تعظيمه وذكره وهيبته ومحبته والسرور به في قلوب العارفين الذين لا يفترون عن ذكره جل الملك الحق عن الحلول والانتقال والاستقرار والتمكن في المكان,
وأما قولكم علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فاعلموا رحمكم الله أن علم اليقين بحر لا ساحل له وأعظم منه عين اليقين وحق اليقين, ولو اجتمعت الإنس والجن والملأكة على تفسير هذه العلوم لعجزوا عن تفسير حرف من حروفها, وباب التأويل مفتوح أبدا( ولو ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفذت كلمات الله) أي أسرار كلمات الله ومعانيها فإن قال لك قائل فسر لي علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين,
فاعلم أن علم اليقين هو النظر والاستدلال بعد الخروج من ظلمات التقليد التقليد في الإيمان شك, والنظر والاستدلال يقين,
وأما عين اليقين فهو الثبوت على التوحيد بالدليل والبرهان وأما حق اليقين فهو الاستدلال بالصانع على المصنوع, فالمقام الأول التوحيد والثاني التجريد والثالث التفريد, وأما المجاهدة فهي المخالفة للنفس وترك الراحة وكثرة البكاء والأخذ في الجد وكثرة الاجتهاد على موافقة الكتاب والسنة وأما المراقبة فهي جذب رباني روحاني وحقيقة الجذب لا يعلمها إلا المجذوب الروحاني وأما المشاهدة فليس للعبد فيها اكتساب والكلام على المشاهدة يطول ولا يجوز إفشاؤه والسلام,
فإن قال لك قائل أين ربك منك؟ فقل حيث أنا منه (وهو معكم أينما كنتم)
بعلمه فإن قال لك قائل الله عز وجل قريب أم بعيد؟ فقل له من غير اتصال بعيد من غير انفصال قال بعض الحكماء القرب والبعد يتضمن المسافة وهو في حقه محال والمحال لا يجوز في العقل وجوده فإن قال لك قائل الله داخل في العالم أم خارج عنه فالجواب أن نقول ليس داخلا فيه ولا خارجا عنه ولا فوقه ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن شماله ولا أمامه ولا خلفه: العجز عن إدراك الإدراك (ليس كمثله شيئ وهو السميع البصير) صدر هذه الآية تنزيه فلو قال سبحانه وهو السمع البصير ولم يقل ليس كمثله شيئ لوقع التوهم والتشكك في العقل, فلما قال ليس كمثله شيئ تنزه وتقدس عما لا يليق به من الجسمية والعرضية والجوهرية كما تنزه أيضا عما لا يليق به من تشبيه وتغيير وغير ذالك تعالى عن ذلك علوا كبيرا فإن قال لك قائل ما هو العرض وما معنى كون الأعراض لا تبقى زمنين فإن ذلك من صفة نفس العرض لأنه لا يعقل إلا بتلك الصفة وأما حقيقة العرض فهو الذي لا يقوم بنفسه. وأما كم تنقسم الأعراض فهي ضربان مطلق ومقيد المطلق
كالألوان والطعوم والروائح والمقيد على قسمين متعلق وغير متعلق فالمتعلق كالعلم بالعلوم والجهل بالجهول والحب بالمحبوب والبغض بالمغضوب وغير ذلك ومولانا جل وعز منزه عن هذه الصفات تعالى عن ذلك علوا كبير,
والعرض من المعاني القائمة بالجسم والجوهر, ومن الأعراض أيضا الموت والعلم والجهل والسمع والبصر والكلام والحركة والسكون وجميع المعاني القائمة بالجسم والجوهر ومولانا جل وعز بخلاف ذلك منزه عن الكيفية والعرضية والجسمية والجوهرية تعالى أن يتصف بهذه الصفات علوا كبير فإن قال لك قائل ما معني الأجسام وما معني الجواهر؟ وما حقيقة الجواهر؟ فأما معني الأجسام فهي ما تركب من جواهر كبيرة أو صغيرة وحقيقتها أن توجد في قدر من الفراغ وأما معني الجوهر فهو الذي انفصل عن جوهر مثله وحقيقته أنه يستحيل انقسامه والأجسام على قسمين شفافة وكثيفة فأما الشفافة وكثيفة فأما الشفافة فالهواء والرياح والسحاب والدخان والضباب والماء والنار ونحو ذلك وأما الكثيفة فهي الحجر والمدر والأشجار ونحو ذلك.
ويدل إلقاء مثل هذه الدروس على أنه كان يوجد بين يدي الشيخ جماعة من المثقفين الذين يستطيعون هضم هذه الحقائق الفلسفية, كما يستفاد من ذلك أن هذا الأسلوب لا يكون إلا مع أهل الجدل والمراء.
المصدر من كتاب الشيخ الكامل سيدي محمد بن عيسى
طريقة وزاوية واستمرارية
تأليف الأستاذ علال العيساوي آل الشيخ الكامل
مواضيع مماثلة
» الشيخ سيدي محمد بن عيسى السباعي
» نسب الشيخ الكامل سيدي محمد بن عيسى رضي الله تعالى عنه
» من جوامع كلام الشيخ الهادي بن عيسى قدس الله سره
» حزب الفتح للشيخ سيدي محمد بن عيسى
» الشيخ الهادي بن عيسى
» نسب الشيخ الكامل سيدي محمد بن عيسى رضي الله تعالى عنه
» من جوامع كلام الشيخ الهادي بن عيسى قدس الله سره
» حزب الفتح للشيخ سيدي محمد بن عيسى
» الشيخ الهادي بن عيسى
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى