وصول ثواب القرآن
وصول ثواب القرآن
وصول ثواب القرآن
الأدلة النقلية والعقلية (القياس)
عن سيدنا معقل بن يسار رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال«يس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له اقرؤوها على موتاكم»( [1]).
والمراد من (موتاكم) أي الميتين حقيقة وليس المحتضرين وقال الشوكاني والمحب الطبري في شرح موتاكم الواردة في الحديث اللفظ نص في الأموات وتناوله للمحتضرين مجاز فلا يصار إليه إلا لقرينة( [2]).
وحيث لا توجد قرينة تصرف ظاهر اللفظ عن حقيقته إلى المجاز فلا يصار إلى المجاز أي لتفسير كلمة (موتاكم) الواردة في الحديث بالمحتضرين لعدم القرينة الصارفة ويبقى معنى موتاكم الميتين حقيقة ومعلوم لدينا ان الأموات إنما هم أحياء في قبورهم يسمعون قراءتنا ودعاءنا وقد مر معنا التفصيل في هذا في باب التوسل والاستغاثة في بداية فصل التوسل بالأموات (المنتقلين ) فليراجع هناك.
عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال لي أبي اللجلاج : (يا بني إذا أنا مت فالحد لي لحدا فإن وضعتني في لحدي فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم سن التراب علي سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك)( [3]).
وقال البعض: إن هذا الحديث مرسل وإننا لو سلمنا أنه مرسل فجمهور الفقهاء والأصوليين نصوا على الاستدلال بالحديث المرسل.
قال ابن كثير في كتابه الباعث الحثيث: قال ابن الصلاح والاحتجاج بالمرسل مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما قلت: أي ابن كثير- وهو محكي عن الإمام أحمد بن حنبل في رواية «الباعث الحثيث مصطلح الحديث ص 48.
وقولهم مرسل: مردود لأن الحديث متصل وهذا سنده: قال الطبراني : حدثني الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن حجر ثنا مبشر بن إسماعيل حدثني عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أ بيه قال أبي اللجلاج أبو خالد ( يا بني إذا أنا مت... الحديث)( [4]).
واخرج الحافظ السيوطي وأبو القاسم في قواعده (من دخل المقبرة فقرأ الفاتحة وألهاكم التكاثر وقل هو الله أحد ثم قال: إني جعلت ثواب ما قرأته من كلامك لأهل القبور من المؤمنين والمؤمنات كانوا شفعاء له يوم القيامة).
وعن سيدنا ابن عمر رضي الله عنه (يستحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها)( [5]).
وعن سيدنا أبي الدرداء وأبي ذر رضي الله عنهما : ( ما من ميت يموت فتقرأ عنده يس إلا هون الله عليه)( [6]).
وعن أبي الشعثاء صاحب ابن عباس: أنه يستحب قراءة سورة الرعد وأن ذلك يخفف عن الميت وفيه عن الشعبي قال: كانت الأنصار يستحبون أن تقرأ عند الميت سورة البقرة( [7]).
وعن الإمام أحمد قال: حدثنا ابن المغيرة حدثنا صفوان قال: كانت المشيخة يقولون: إذا قرئت أي يس عن الميت خفف عنه بها( [8]).
مذهب السادة الشافعية:
قال الحافظ السيوطي في شرح الصدور ما نصه: باب قراءة القرآن للميت أو على القبر اختلف في وصول ثواب القرآن للميت فجمهور السلف والأئمة الثلاثة قالوا بالوصول وخالف ذلك إمامنا الشافعي مستدلا بقوله تعالى ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ ثم أقر ذلك لقوله رحمه الله تعالى ... وأما القراءة على القبر فجزم بمشروعيتها أصحابنا وغيرهم قال الزعفراني: سألت الشافعي رحمه الله تعالى عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا بأس بها قال الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين (باب الدعاء للميت بعد دفنه):
قال الشافعي رحمه الله: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن وإن ختموا القرآن عنده كان حسنا( [9]).
وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب: يستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن ويدعو لهم عقبها نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وزاد في موضع آخر: وإن ختموا القرآن على القبر كان أفضل.
وقال القرطبي: وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث: العسيب والرطب الذي شقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم باثنين ثم غرس على قبر نصفا وعلى قبر نصفا وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا( [10]) قال يستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور وإذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن.
وقال النووي : استحب العلماء قراءة القرآن عن القبر واستأنسوا لذلك بحديث الجريدتين وقالوا : إذا وصل النفع إلى الميت بتسبيحهما حال رطوبتهما فانتفاع الميت بقراءة القرآن عند قبره أولى فإن قراءة القرآن من إنسان أعظم وأنفع من التسبيح من عود وقد نفع القرآن بعض من حصل له ضرر في حال الحياة فالميت كذلك.
قال ابن الرفعة: الذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو فيه نفعه إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ نفعته وأقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بقوله (وما يدريك أنها رقية)( [11]) وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع الميت بها أولى( [12]) وتبعه السبكي في ذلك.
وقال في شرح الروض في كتاب الإجارة فرع الإجارة للقراءة على القبر مدة معلومة أو قدرا معلوما جائزة للانتفاع بنزول الرحمة حين يقرأ القرآن ويكون الميت كالحي الحاضر سواء أعقب القرآن بالدعاء أو جعل أجر قراءته له أم لا فتعود منفعة القرآن إلى الميت في ذلك ولأن الدعاء يلحقه وهو بعدها أقرب إجابة وأكثر بكرة ولأنه إذا جعل أجره الحاصل بقراءته للميت فهو دعاء بحصول الأجر له فينتفع به فقول الشافعي إن القراءة لا تصل إليه محمول على غير ذلك.
وقال الإمام النووي: عن القاضي حسين في الفتاوى أن الاستئجار لقراءة القرآن على رأس القبر مدة جائز كالاستئجار للأذان وتعليم القرآن واعلم أن عود المنفعة إلى المستأجر شرط فيجب عودها في هذه الإجارة إلى المستأجر أو الميت فالمستأجر لا ينتفع بقراءة غيره ومعلوم ان الميت لا يلحقه ثواب القراءة المجرد فالوجه تنزيل الاستئجار على صورة انتفاع الميت ذكر الشيخ عبدالكريم الشالوسي أنه إن نوى القارئ بقراءته أن يكون ثوابها للميت لم يلحقه وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الأجر له فهذاء دعاء بحصول ذلك الأجر للميت فينتفع الميت .
قال النووي ظاهر كلام القاضي حسين صحة الإجارة مطلقا وهو المختار فإن موضع القراءة موضع بركة وبه تنزل الرحمة وهذا مقصود ينفع الميت والله اعلم( [13]).
وفي الرملي على المنهاج في باب الوصايا: أن الدعاء بوصول ثواب القراءة للميت مقبول قطعا فإنه إذا كان مقبولا بما لاحق فيه للداعي فكيف بما لا حق فيه ولا عمل؟ أي فهو مقبول من باب أولى وقال ابن الصلاح وينبغي الجزم بنفع قوله اللهم أوصل ثواب ما قرأناه لأنه إذا نفعه الدعاء بما ليس للداعي فماله أولى ويجري هذا في سائر الأعمال وقال الشبرملسي على الرملي: إنه إن نوى ثواب قراءته أو دعا عقبها بحصول ثوابها للميت أو قرأ عند قبره حصل له ثواب القراءة وحصل للقارئ أيضا الثواب فإذا سقط ثواب القارئ لمسقط كأن غلب الباعث الدنيوي فينبغي أن لا يسقط مثله بالنسبة إلى الميت فيها إذا كانت القراءة بأجرة وينبغي أن تكفي نية القارئ الثواب للميت ولو لم يدع واختار السبكي وابن حجر والرملي وغيرهم جواز إهداء القراءة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قياسا على الصلاة عليه.
وفي شرح المنهاج لابن النحوي: والمختار الوصول إذا سأل الله إيصال ثواب قراءته وينبغي الجزم به لأنه دعا فإذا جاز الدعاء للميت بما ليس للداعي فلأن يجوز ما هو له أولى( [14]).
وفي باب الإجارة من فتاوى شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ما نصه: سئل عن إجارة من يقرأ لحي أو ميت بوصية أو نذر أو غيرهما ختمة هل يصح ذلك من غير تعيين زمان أو مكان أو لابد من التعيين حتى يمتنع ذلك فيمن أوصى بالقراءة ثم مات غريقا أو لا يعرف له قبر؟ وإذا قلتم بالأول فهل تصح الإجارة لقراءة قرآن بالتعيين المذكور أو لا؟ وإذا فرغ القارئ من القراءة فما صورة ما يدعو به؟ هل يقول: اللهم اجعل ثواب ما قرأته لفلان أو مثل ثوابه؟ وهل يهديه أولا للأنبياء والصالحين ثم للمستأجر له أو يهديه أولا له ثم لهم؟ فأجاب: بأن الإجارة تصح لقراءة ختمة من غير تقدير بزمن وتصح قراء قرآن بتقدير ذلك سواء عين مكانا أم لا وقد افتى القاضي حسين بصحتها بقراءة القرآن على رأس القبر مدة كالإجارة للأذان وتعليم القرآن قال الرافعي والوجه تنزيله على ما ينفع المستأجر له إما بالدعاء عقب القراءة وهو بعدها أقرب إجابة وأكثر بركة وإما بجعل ما حصل من الأجر له والمختار كما قاله النووي صحة الإجارة مطلقا كما هو ظاهر كلام القاضي لأن محل القراء محل بركة وتنزل الرحمة وهذا مقصود بنفع المستأجر له وبذلك علم انه لا فرق بين القراءة على القبر وغيره وصورة ما يدعو به: اللهم اجعل مثل ثواب ذلك .... الخ إذ المعنى على مثل ثواب ذلك كما لو أوصى لزيد بنصيب ابنه فإنه يصح على معنى مثل نصيب ابنه ، وإن كان المعنى على ذلك فله أن يهدي ثواب ذلك للأنبياء والصالحين ثم للمستأجر له بل هو أولى لما فيه من التبرك بتقديم من يطلب بركته وهو أحب للمستأجر غالبا.
وقال العسقلاني عندما سئل عن وصول ثواب القراءة للميت ما يلي: هي مسالة مشهورة والحاصل ان اكثر المتقدمين من العلماء نصوا على الوصول وان المختار الوقف عن الجزم على المسالة مع استحباب عمله والإكثار منه( [15]).
وقال العلامة الشربيني في تفسير قوله تعالى ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [16]).
ما يلي: وأن ليس للإنسان كائنا من كان إلا ما سعى فلابد أن يعلم الحق في أي جهة فيسعى فيه ودعاء المؤمنين للمؤمن من سعيه بموداته ولو بموفقته لهم في الدين فقط وكذا الحج عنه والصدقة ونحوها فكذلك وتضحية النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أمته أصل كبير في ذلك فإن من تبعه واده وهو أصل في التصدق عن الغير وإهداء ماله من الثواب في القراءة ونحوها إليه وقال ابن عباس رضي الله عنهما هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة أي وإنما هو في صحف موسى وإبراهيم عليهما السلام بقوله ﴿الحقنا بهم ذريتهم﴾( [17]) فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء وقال عكرمة إن ذلك لقوم موسى وإبراهيم عليهما السلام أما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم لما يروى أن امرأة رفعت صبيا فقالت: يا رسول الله ألهذا حج فقال : (نعم ولك أجر)( [18]) وقال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إن أمي افتلتت نفسها( [19]) وأراها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال نعم( [20]).
وقال السيد الآلوسي في تفسير الآية السابقة ما نصه: (وقال بعض أجلة المحققين إنه ورد في الكتاب والسنة ما هو قطعي في حصول الانتفاع بعمل الغير وهو ينافي ظاهر الآية فتقيد بما لا يهنه العامل).
وقال الشيخ محمد العربي معقبا على قول الآلوسي السابق: على أن المحققين من المفسرين قالوا: إن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه (وهو أن يكون مؤمنا) كان سعي غيره كأنه سعي نفسه لكونه تابعا له وقائما بقيامه ولأن سعي غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه ولكن إذا نواه به فهو به فهو بحكم الشرع كالنائب عنه والوكيل القائم مقامه.
وقد قال تعالى ﴿فما تنفعهم شفاعة الشافعين﴾( [21]) ولو آمنوا لانتفعوا بشفاعة إخوانهم المؤمنين وكذلك سعي المؤمن لأخيه المؤمن لو لم يكن مؤمنا لا انتفع به فإيمانه هو سبب قبول شفاعة أخيه وسعيه وحيث إن إيمانه من سعيه وعليه ترتب قبول سعي غيره له دخل ذلك تحت نطاق قوله تعالى ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [22]). حيث قد سعى بإيمانه في قبول سعي الغير له.
ويدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده( [23]): أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة وأن هشاما ابنه نحر عنه حصته خمسين وأن عمرا ابنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال له: (أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك)( [24]).
مذهب السادة الحنفية:
قال العلامة المرغيناني في كتابه (الهداية) في أول باب الحج عن الغير ما نصه: (الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها عند أهل السنة والجماعة لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله وشهد له بالبلاغ)( [25]).
وقال العلامة البدر العيني في شرحه على كنز الدقائق ما نصه: يصل إلى الميت جميع أنواع البر من صلاة أو صوم أو حج أو صدقة أو ذكر أو غير ذلك( [26]).
وقال العلامة الزيلعي في شرحه على الكنز أيضا في باب الحج عن الغير ما نصه: الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاة كان أو صوما أو حجا أو صدقة أو قراءة قرآن أو الأذكار إلى غير ذلك من جميع أنواع البر ويصل ذلك إلى الميت وينفعه... فقد ورد في الأثر إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما – أي الوالدين – مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صومك.
وورد أيضا: من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرهما للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات.
وورد: من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات.
وورد أنه: يصل ثواب من يهدي اليهم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه.؟
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اقرؤوا على موتاكم سورة يس( [27]).
وعنه عليه الصلاة والسلام أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته.( [28]) أي جعل ثوابه لأمته.وهذا تعليم منه عليه الصلاة والسلام ان الإنسان ينفعه عمل غيره والاقتداء به هو الاستمساك بالعروة الوثقى.
وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك»( [29]).
ولهذا قال تعالى ﴿واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات﴾( [30]) وما أمر الله به من الدعاء للمؤمنين والاستغفار لهم وما ذكره في كتابه العزيز من استغفار الأنبياء والملائكة لهم حجة لنا عليهم لأن كل ذلك عمل الغير وأما قوله تعالى: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [31]) فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما إنها منسوخة بقوله تعالى ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان﴾( [32]) وقيل هي خاصة بقوم موسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام لأنه وقع حكاية عما في صحفهما بقوله تعالى ﴿أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى﴾( [33]) وقيل : أريد بالإنسان الكافر وأما المؤمن فله ما سعى له أخوه.
وقال ابن عابدين رحمه الله تعالى : صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها واستدلوا بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «وإذا تصدق بصدقة تطوعا فيجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرها ولا ينقص من أجره شيئا»( [34]) بل قال بعضهم: إن الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل اليهم ولا ينتقص من أجره شيء وهو مذهب أهل السنة والجماعة وقال أيضا والذي حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إذا كانت بحضرته أو دُعي له عقيبها – ولو غائبا – لأن محل القراءة تنزل فيه الرحمة والبركة والدعاء عقبها أرجى للقبول ولهذا اختاروا في الدعاء : اللهم أوصل مثل ثواب ما قراءته إلى فلان وأما عند (الحنفية) فالواصل إليه الثواب نفسه.
وقال أيضا: وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره وروي عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي افتُلِتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم( [35]).
وعن سيدنا بريدة رضي الله عنه قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت قال: فقال «وجب أجرك ورجعت اليك في الميراث». قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال «صومي عنها» قالت : إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال« حجي عنها»( [36]) وقال أيضا وفي شرح اللباب للملا علي القاري ثم من آداب الزيارة (أي زيارة القبور) ما قالوا أنه يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفى لا من قبل رأسه لأنه أتعب لبصر الميت بخلاف الأول لأنه يكون مقابل بصره هذا إذا أمكنه وإلا فقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم (قرأ أول سورة البقرة عند رأس الميت وآخرها عن رجليه)( [37]).
ويقرأ يس لما ورد «من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها من حسنات»( [38]).
مذهب السادة المالكية:
قال القاضي عياض في شرحه على صحيح مسلم في حديث الجريدتين عند قوله صلى الله عليه وآله وسلم «لعله يخفف عنهما مادامتا رطبتين»( [39]) ما نصه: (أخذ العلماء من هذا الحديث استحباب قراءة القرآن على الميت لأنه إذا خفف عنه بتسبيح الجريدتين وهما جماد فقراءة القرآن أولى).
وقال ابن رشد في كتابه النوازل ما نصه : (وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذاك وحصل للميت أجره).
وقال العلامة ابن الحاج في كتابه (المدخل) ما نصه: (لو قرأ في بيته وأهدى إليه لوصلت وكيفية وصولها: أنه إذا فرغ من تلاوته وهب ثوابها له أو قال: اللهم اجعل ثوابها له فإن ذلك دعاء بالثواب لأن يصل إلى أخيه والدعاء يصل بلا خلاف).
وقال العلامة عبدالحق الإشبيلي في كتابه (العاقبة) ما نصه: (واعلم أن الميت كالحي فيما يعطاه ويهدى إليه بل الميت أكثر وأكثر لأن الحي قد يستقل ما يهدى إليه ويستحقر ما يتحف به والميت لا يستحقر شيئا من ذلك ولو كان مقدار جناح بعوضة أو وزن مثقال ذرة لأنه يعلم قيمته وقد كان يقدر عليه فضيعه وقد قال عليه الصلاة والسلام : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو ولد صالح يدو له أو علم ينتفع به»( [40]).
فهذا دعاء الولد يصل إلى والده وينتفع به وكذا أمره عليه الصلاة والسلام بالسلام على أهل القبور والدعاء لهم ما ذاك إلا لكون ذلك الدعاء لهم والسلام عليهم يصل اليهم ويأتيهم والله أعلم.
وورد في الأثر أن: الميت في قبره كالغريق ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديقه فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها.
وقال صاحب كتاب مواهب الجليل ما نصه: ونقل ابن الفرات عن القرافي انه قال: الذي يتجه أنه لهم (الأموات) بركة القراءة كما يحصل لهم بركة الرجل الصالح يدفن عندهم أو يدفنون عنده ثم قال في مسألة وصول القراءة للميت ما نصه: وإن حصل الخلاف فيها فلا ينبغي إهمالها فلعل الحق هو الوصول( [41]).
مذهب السادة الحنابلة:
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: الأمر الذي كان معروفا بين المسلمين في القرون المفضلة أنهم كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات المشروعة فرضها ونفلها من الصلاة والصيام والقراءة والذكر وغير ذلك وكانوا يدعون للمؤمنين والمؤمنات كما امر الله بذلك لأحيائهم وأمواتهم في صلاتهم على الجنازة وعند زيارة القبور وغير ذلك وروي عن طائفة من السلف: عند كل ختمة دعوة مجابة فإذا دعا الرجل عقيب الختم لنفسه ولوالديه ولمشايخه وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات كان هذا من الجنس المشروع وكذلك دعاؤه لهم في قيام الليل وغير ذلك من مواطن الإجابة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي فإذا أهدي لميت ثواب صيام او صلاة أو قراءة جاز ذلك.
وقال رحمه الله تعالى أيضا: من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع وذلك باطل من وجوه كثيرة:
أحدها: ان الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير.
ثانيها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها ثم لأهل الكبائر في الخروج من النار وهذا انتفاع بعمل الغير.
ثالثها: أن كل نبي وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير.
رابعها: أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض وذلك منفعة بعمل الغير.
خامسها: أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم.
سادسها: أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير.
سابعها: قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين (وكان أبوهما صالحا) فانتفعا بصلاح أبيهما وليس هو من سعيهما.
ثامنها: أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع وهو من عمل الغير.
تاسعها: أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير.
عاشرها: أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير.
حادي عشرها: أن المدين الذي امتنع صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة وقضى دين الآخر علي بن أبي طالب وانتفع بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبردت جلدته بقضاء دينه وهو من عمل الغير.
ثاني عشرها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمن صلى وحده (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه )( [42]) فقد حصل له فضل الجماعة بفعل الغير.
ثالث عشرها: أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الخلق إذا قضاها قاض عنه وذلك انتفاع بعمل الغير.
رابع عشرها: أن من عليه تبعات ومظالم إذا حلل منها سقطت عنه وهذا انتفاع بعمل الغير.
خامس عشرها: أن الجار الصالح ينفع في المحيا والممات كما جاء في الأثر وهذا انتفاع بعمل الغير.
سادس عشرها: أن جليس أهل الذكر يرحم بهم وهو لم يكن منهم ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له والأعمال بالنبيات فقد انتفع بعمل غيره.
سابع عشرها: الصلاة على الميت والدعاء له في الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه وهو عمل غيره.
ثامن عشرها: أن الجمعة تحصل باجتماع العدد وكذلك الجماعة بكثرة العدد وهو انتفاع للبعض بالبعض.
تاسع عشرها: أن الله قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم﴾( [43]) وقال تعالى ﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات﴾( [44]) ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض﴾( [45]) فقد دفع الله تعالى العذاب عن بعض الناس بسبب بعض وذلك انتفاع بعمل الغير.
عشرونها: أن صدقة الفطر تجب على الصغير وغيره ممن يمونه الرجل فينتفع بذلك من يخرج عنه ولا سعي له.
حادي عشرينها: أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون ويثاب على ذلك ولا سعي له ومن تأمل العلم وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى فكيف يجوز أن تتأول الآية على خلاف صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة والمراد بالإنسان العموم( [46]).
وقال الشيخ ابن القيم في كتاب الروح ما نصه: وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن قال عبدالحق: يروى أن عبدالله ابن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة وكان الإمام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع وقال الخلال في كتاب الجامع : القراءة عند القبور عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: قال أبي إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن علي التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت عبدالله بن عمر يقول ذلك قال عباس الدوري : سألت أحمد بن حنبل قلت تحفظ في القراءة عند القبر شيئا فقال : لا وسألت يحيى بن معين فحدثني بهذا الحديث قال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوارق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال: كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة فلما خرجا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل: يا أبا عبدالله ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة قال: كتبت عنه شيئا؟ قال نعم قال: فأخبرني مبشر عن عبدالرحمن بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك فقال له أحمد: فارجع وقل للرجل يقرأ (وورد مرفوعا في بداية الباب).
وذكر الخلال عن الشعبي قال: كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤون عنده القرآن.
وعزا رحمه الله وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام.
وقال رحمه الله وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام.
وقال رحمه الله أيضا في جواب عن قوله تعالى : ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [47]).
ما لفظه: وقالت طائفة أخرى : القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفى ملكه لغير سعيه وبين الأمرين من الفرق مالا يخفى( [48]) ، وأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه وأما سعي غيره فملك لساعيه فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أبقاه لنفسه وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى وكان ابن تيمية يختار هذه الطريقة ويرجحها.
وقال رحمه الله في الجواب على شبه المانعين ما نصه: فصل وأما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا مات العبد انقطع عمله)( [49]).
فالاستدلال ساقط لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل انقطع انتفاعه وإنما أخبر عن انقطاع عمله وأما عمل غيره فهو لعامله فإن وهبه له فقد وصل إليه ثواب عمل العامل لا ثواب عمله هو فالمنقطع شيء والواصل إليه شيء آخر .
وقال رحمه الله أيضا: وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج فإن قيل فهذا لم يكن معروفا في السلف ولا يمكن نقله عن واحد منهم مع شدة حرصهم على الخير ولا ارشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام فلو كان ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه:
فالجواب أن مورد هذا السؤال إن كان معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار قيل له: ما هذه الخاصية التي منعت وصول ثواب القرآن واقتضت وصول ثواب هذه الأعمال؟ وهل هذا الا تفريق بين المتماثلات؟ وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع (وقد مرت معنا الأدلة واضحة جلية).
ثم إنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم فهذا سأله عن الحج عن ميته فأذن له وهذا سأله عن الصيام عنه فأذن له وهذا سأله عن الصدقة فأذن له ولم يمنعهم مما سوى ذلك وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك وبين وصول ثواب القراءة والذكر؟ وقال رحمه الله ما نصه: وهذا عمل الناس حتى المنكرين في سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من العلماء أهـ.
وقال الشيخ الإمام أبو محمد بن قدامة المقدسي في آخر كتاب الجنائز من (مغنيه) ما نصه: لا بأس بالقراءة عند القبر وقد روى عن أحمد أنه قال: (إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد ثم قل : اللهم إن فضله لأهل المقابر).
وقال الخلال : حدثني أبو علي الحسن بن الهيثم البزار شيخنا الثقة المأمون قال: رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور وقد ورد في الأثر أنه من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يؤمئذ وكان له بعدد من فيها حسنات وورد أيضا أنه «من زار والديه فقرأ عنده أو عندهما يس غفر له» ثم قال: فصل: وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله تعالى .
أما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافا إذا كانت الواجبات مما تدخله النبيابة وقد قال تعالى ﴿والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾( [50]) وقال تعالى ﴿واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات﴾( [51]) ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي سلمة حين مات وللميت الذي صلى عليه في حديث عوف بن مالك ولكل ميت صلى عليه وسأل رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال «نعم»( [52]) وروي ذلك عن سعد بن عبادة رضي الله عنه وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم»( [53]).
وقال للذي سأله : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها ؟ قال «نعم»( [54]) وهذه أحاديث صحاح وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادة بدنية وقد أوصل نفعها إلى الميت وكذلك ما سواها مع ما ذكرنا من الحديث في ثواب من قرأ يس وتخفيف الله تعالى عن أهل المقابر بقراءته وروى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمرو بن العاص (لو كان أبوك مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك)( [55]) وهذا عام في حج التطوع وغيره ولأنه عمل بر وطاعة فوصل نفعه وثوابه كالصدقة والصيام والحج الواجب ثم قال: والدليل لنا ما ذكرناه وأنه إجماع المسلمين فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرؤون القرآن ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير ولأن الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه»( [56]) والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه ويحجب عنه الثواب. أهـ.
وقال صاحب الروض المربع شرح زاد المستنقع ما نصه: ولا تكره القراءة على القبر...
وصح عن ابن عمر (أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها) ثم قال : وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم أوحي نفعه، قال أحمد: (الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه) ، وذكره المجد وغيره حتى ولو أهداها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم جاز ووصل إليه ثوابها( [57]).
وقال الشيخ محمد المنبجي الحنبلي في كتابه (تسلية أهل المصائب) : أما احتجاج بعض من خالف من اصحاب الشافعي ومالك بهذه الآية: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [58]) على أن الميت لا ينتفع بثواب من سعي غيره لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»( [59]).
قالوا: لأن نفع العبادة لا يتعدى فاعلها. فيقال لهم: قد ثبت بالسنة المتواترة وإجماع الأمة أن الميت يصلى عليه ويدعى له ويستغفر له وهذا من سعي غيره.
والرد بالنسبة للآية: روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية منسوخة بقوله تعالى ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريهم ﴾( [60]) فأدخل الأبناء بصلاح الآباء.
ولا خلاف بين العلماء في مشروعية تلقين من حضره الموت لا إله إلا الله للحديث الصحيح «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» وأما تلقينه بعد الدفن على القبر فاستحبه الشافعية والأكثر من الحنابلة والمحققون من الحنفية والمالكية لحديث أبي أمامة.
وقال المحقق ابن الهمام: ولا مانع من حمل موتاكم في الحديث الصحيح على حقيقته فيشمل التلقين على القبر وهذا نص كيفية التلقين: عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم عليها التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم ليقل: يا فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ثم يقول: يا فلان بن فلانة فإنه يستوي قاعدا ثم يقول: يا فلان بن فلانة فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله ولكن لا تشعرون فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وانك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته فيكون الله حجيجه دونهما قال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمه؟ قال: (ينسبه إلى حواء – يا فلان بن حواء)( [61]) وقالوا: ويكون تلقينه بعد انصراف المشيعين بصوت بين الجهر والإسرار والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين
.........................................................................
( [1]) أخرجه أبو داود (3121) وابن ماجه (1448) والنسائي في عمل اليوم والليلة (1074) وأحمد (5/26) والحاكم (1/565) والبغوي (1464) وابن أبي شيبة (3/237) والطبراني في الكبير (20 برقم 510) والبيهقي (3/383) وذكره السيوطي في الجامع الصغير (1344) ورمز لحسنه والطيالسي (931) وابن حبان (3002) عن ابي هريرة وأبي ذر قالا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « ما من ميت يموت فيقرا عند يس إلا هون الله عز وجل عليه» أخرجه الديلمي (6099).
( [2]) نيل الأوطار (3/25) .
( [3]) أخرجه الطبراني في الكبير (13613) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2442) وقال رجاله موثوقون .
( [4]) الرد المحكم المتين للشيخ عبدالله الصديق ص 283 ونصب الراية للزيلعي (2/302).
( [5]) الأذكار للنووي ص 123.
( [6]) أخرجه الديلمي (6099).
( [7]) ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (3/25) وورد في سبل السلام (2/91).
( [8])تفسير ابن كثير (3/563) والتلخيص (2/104).
( [9]) المجموع للنووي (5/294) ورياض الصالحين (947).
( [10]) أخرجه البخاري (218) وملم (1675) وأبو داود (20) والترمذي (709 والنسائي (31) وابن ماجه (347) وأحمد (1/225) وابن أبي شيبة (3/375) والبيهقي في السنن (1/104) وابن خزيمة (56) والدارمي (739) وعبد بن حميد (620).
( [11]) أخرجه البخاري (2276) ومسلم (5697) وأبو داود (3418) والترمذي (2064) وابن ماجه (2156) وأحمد (3/2) والنسائي في عمل اليوم والليلة (1028) والداقطني (3/64) والبيهقي (6/124) والطحاوي (4/126 -127).
( [12]) المقالات السنية ص (170 -172) وإتحاف السادة المتقين (10/3699.
( [13]) روضة الطالبين للنووي (5/191).
( [14]) نيل الأوطار (4/105) سبل السلام (2/118 -119).
( [15]) الرسائل المنبرية (4/41).
( [16]) سورة النجم الآية (39).
( [17]) سورة الطور الآية (219.
( [18]) أخرجه مسلم (3241) وأبو داود (1736) والنسائي (2646) وأحمد (1/219) ومالك (1/422) والحميدي (504) وابن خزيمة (3049) والبيهقي (5/155) والطحاوي في مشكل الآثار (2/229) وفي شرح معاني الآثار (2/256) وابن الجارود في المنتقى (411) والبغوي (1852) والطبراني في الكبير (12176) والطيالسي(2707) والشافعي في مسنده (1/289) وابن حبان (144).
( [19]) افتلتت نفسها: ماتت وأراها بضم الهمزة أي أظنها.
( [20]) أخرجه البخاري (2760) ومسلم (2323) وأبو داود (2881) والنسائي (3651) وابن ماجه (2717) وأحمد (6/51) والحميدي (243) وابن خزيمة (2499) والبيهقي (6/277) والبغوي (169) وابن حبان (2353) ومالك (2/760).
( [21]) سورة المدثر الآية (48).
( [22]) سورة النجم الآية (39).
( [23]) وقد حقق ابن القيم في إعلام الموقعين صحة مسند عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
( [24]) أخرجه أحمد (2/182).
( [25]) أخرجه أبو داود (2795) وأحمد (3/362) وأبو يعلى (ج3/1792) وذكره الهيثمي في المجمع (4/برقم 5969).
( [26]) تقدم تخريجه ص (293).
( [27]) انظر نيل الأوطار للشوكاني (4/125).
( [28]) أخرجه مسلم (5064) وأبو داود (2792) وأحمد (6/78) وقد تقدم تخريجه بلفظ مقارب.
( [29]) أخرجه الإمام أحمد رقم (10202) وقال ابن كثير في تفسيره : إنساده صحيح.
( [30]) سورة محمد الآية (19).
( [31]) سورة النجم الآية (39).
( [32]) سورة الطور الآية (21).
( [33]) سورة النجم الآية (36 -37).
( [34]) مسند أحمد بشرح البنا (8/101).
( [35]) تقدم تخريجه ص (298).
( [36]) أخرجه مسلم (2692) وأبو داود (1656) مختصرا، والترمذي (667) مختصرا وابن ماجه (1759) مختصرا وأحمد (5/315) وانظر النووي في شرحه على مسلم (8/265 - 269).
( [37]) أخرجه الطبراني في الكبير (13613) وأورده الهيثمي في المجمع (4242).
( [38]) الحاشية (2/242).
( [39]) تقدم تخريجه ص (295).
( [40]) أخرجه مسلم (4199) وأبو داود (2880) والترمذي (1376) والنسائي (3653) والبخاري في الأدب لمفرد (38) وأحمد (2/372) وابن حبان (3016) والبغوي (139) والطحاوي (246) والبيهقي (6/278) وابو يعلى (6457) والدارمي (565) وابن خزيمة (2494).
( [41]) مواهب الجليل (2/238).
( [42]) أخرجه أحمد (3/5) والترمذي (220) وأبو داود (574) والدارمي (1341) وأبو يعلى (1057) والحاكم (1/109) وصححه ووافقه الذهبي.
( [43]) سورة الأنفال الآية (33).
( [44]) سورة الفتح الآية (25).
( [45]) سورة الحج الآية (40).
( [46]) إسعاف المسلمين والمسلمات ص (50 -53) وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين (6/28).
( [47]) سورة النجم الآية (39).
( [48]) فقد يسكنك صديقك في داره بلا أجر فقد انتفعت بما ليس لك فإن ادعيت ملكيتها وأنها لك فهذا كذب وخطأ وبهذا يتضح أن انتفاعك بما لا تملك قد يصح وبخلاف دعوى المالكية من غير سعيك فإنه لا يصح.
( [49]) تقدم تخريجه ص (303).
( [50]) سورة الحشر الآية (10).
( [51]) سورة محمد الآية (19).
( [52]) تقدم تخريجه ص (298).
( [53]) أخرجه البخاري (1513) ومسلم (2238) وأبو داود (1809) والنسائي (2633) وأحمد (1/219) ومالك (1/359) والحميدي (2507) والدارمي (1777) وابن خمزيمة (3031) والبيهقي (4/328) والطبراني في الكبير (18/ برقم 722) والبغوي (1854) وابن حبان (3989).
( [54]) أخرجه البخاري (1953) ومسلم (688) وأبو داود (3310) وأحمد (1/224) والبيهقي (4/255) والدارقطني (2/195) والبغوي (1774) والطيالسي (2630) والطبراني في الكبير (12329) وابن حبان (3570).
( [55]) تقدم تخريجه ص (299).
( [56]) أخرجه البخاري (1286) ومسلم (1446) والنسائي (1857) والبيهقي (4/73) والبغوي (1537) وعبدالرزاق (6675) والشافعي في المسند (1 برقم 558) وابن حبان (3136).
( [57]) الروض المربع (1/153).
( [58]) سورة النجم الآية (39).
( [59]) تقم تخريجه (303).
( [60]) سورة الطور الآية (21).
( [61]) أخرجه الطبراني في الكبير (7979) والهيثمي في المجمع (4248) وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/135) إسناده صالح وقد قواه الضياء في أحكامه ونقل الكلام الحافظ ابن حجر عن الإمام النووي في المجموع ج5 ص243.
الأدلة النقلية والعقلية (القياس)
عن سيدنا معقل بن يسار رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال«يس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر الله له اقرؤوها على موتاكم»( [1]).
والمراد من (موتاكم) أي الميتين حقيقة وليس المحتضرين وقال الشوكاني والمحب الطبري في شرح موتاكم الواردة في الحديث اللفظ نص في الأموات وتناوله للمحتضرين مجاز فلا يصار إليه إلا لقرينة( [2]).
وحيث لا توجد قرينة تصرف ظاهر اللفظ عن حقيقته إلى المجاز فلا يصار إلى المجاز أي لتفسير كلمة (موتاكم) الواردة في الحديث بالمحتضرين لعدم القرينة الصارفة ويبقى معنى موتاكم الميتين حقيقة ومعلوم لدينا ان الأموات إنما هم أحياء في قبورهم يسمعون قراءتنا ودعاءنا وقد مر معنا التفصيل في هذا في باب التوسل والاستغاثة في بداية فصل التوسل بالأموات (المنتقلين ) فليراجع هناك.
عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال لي أبي اللجلاج : (يا بني إذا أنا مت فالحد لي لحدا فإن وضعتني في لحدي فقل: بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم سن التراب علي سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ذلك)( [3]).
وقال البعض: إن هذا الحديث مرسل وإننا لو سلمنا أنه مرسل فجمهور الفقهاء والأصوليين نصوا على الاستدلال بالحديث المرسل.
قال ابن كثير في كتابه الباعث الحثيث: قال ابن الصلاح والاحتجاج بالمرسل مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما قلت: أي ابن كثير- وهو محكي عن الإمام أحمد بن حنبل في رواية «الباعث الحثيث مصطلح الحديث ص 48.
وقولهم مرسل: مردود لأن الحديث متصل وهذا سنده: قال الطبراني : حدثني الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن حجر ثنا مبشر بن إسماعيل حدثني عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أ بيه قال أبي اللجلاج أبو خالد ( يا بني إذا أنا مت... الحديث)( [4]).
واخرج الحافظ السيوطي وأبو القاسم في قواعده (من دخل المقبرة فقرأ الفاتحة وألهاكم التكاثر وقل هو الله أحد ثم قال: إني جعلت ثواب ما قرأته من كلامك لأهل القبور من المؤمنين والمؤمنات كانوا شفعاء له يوم القيامة).
وعن سيدنا ابن عمر رضي الله عنه (يستحب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول سورة البقرة وخاتمتها)( [5]).
وعن سيدنا أبي الدرداء وأبي ذر رضي الله عنهما : ( ما من ميت يموت فتقرأ عنده يس إلا هون الله عليه)( [6]).
وعن أبي الشعثاء صاحب ابن عباس: أنه يستحب قراءة سورة الرعد وأن ذلك يخفف عن الميت وفيه عن الشعبي قال: كانت الأنصار يستحبون أن تقرأ عند الميت سورة البقرة( [7]).
وعن الإمام أحمد قال: حدثنا ابن المغيرة حدثنا صفوان قال: كانت المشيخة يقولون: إذا قرئت أي يس عن الميت خفف عنه بها( [8]).
مذهب السادة الشافعية:
قال الحافظ السيوطي في شرح الصدور ما نصه: باب قراءة القرآن للميت أو على القبر اختلف في وصول ثواب القرآن للميت فجمهور السلف والأئمة الثلاثة قالوا بالوصول وخالف ذلك إمامنا الشافعي مستدلا بقوله تعالى ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾ ثم أقر ذلك لقوله رحمه الله تعالى ... وأما القراءة على القبر فجزم بمشروعيتها أصحابنا وغيرهم قال الزعفراني: سألت الشافعي رحمه الله تعالى عن القراءة عند القبر؟ فقال: لا بأس بها قال الإمام النووي في كتابه رياض الصالحين (باب الدعاء للميت بعد دفنه):
قال الشافعي رحمه الله: ويستحب أن يقرأ عنده شيء من القرآن وإن ختموا القرآن عنده كان حسنا( [9]).
وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب: يستحب لزائر القبور أن يقرأ ما تيسر من القرآن ويدعو لهم عقبها نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب وزاد في موضع آخر: وإن ختموا القرآن على القبر كان أفضل.
وقال القرطبي: وقد استدل بعض علمائنا على قراءة القرآن على القبر بحديث: العسيب والرطب الذي شقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم باثنين ثم غرس على قبر نصفا وعلى قبر نصفا وقال لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا( [10]) قال يستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور وإذا خفف عنهم بالأشجار فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن.
وقال النووي : استحب العلماء قراءة القرآن عن القبر واستأنسوا لذلك بحديث الجريدتين وقالوا : إذا وصل النفع إلى الميت بتسبيحهما حال رطوبتهما فانتفاع الميت بقراءة القرآن عند قبره أولى فإن قراءة القرآن من إنسان أعظم وأنفع من التسبيح من عود وقد نفع القرآن بعض من حصل له ضرر في حال الحياة فالميت كذلك.
قال ابن الرفعة: الذي دل عليه الخبر بالاستنباط أن بعض القرآن إذا قصد به نفع الميت وتخفيف ما هو فيه نفعه إذ ثبت أن الفاتحة لما قصد بها القارئ نفع الملدوغ نفعته وأقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك بقوله (وما يدريك أنها رقية)( [11]) وإذا نفعت الحي بالقصد كان نفع الميت بها أولى( [12]) وتبعه السبكي في ذلك.
وقال في شرح الروض في كتاب الإجارة فرع الإجارة للقراءة على القبر مدة معلومة أو قدرا معلوما جائزة للانتفاع بنزول الرحمة حين يقرأ القرآن ويكون الميت كالحي الحاضر سواء أعقب القرآن بالدعاء أو جعل أجر قراءته له أم لا فتعود منفعة القرآن إلى الميت في ذلك ولأن الدعاء يلحقه وهو بعدها أقرب إجابة وأكثر بكرة ولأنه إذا جعل أجره الحاصل بقراءته للميت فهو دعاء بحصول الأجر له فينتفع به فقول الشافعي إن القراءة لا تصل إليه محمول على غير ذلك.
وقال الإمام النووي: عن القاضي حسين في الفتاوى أن الاستئجار لقراءة القرآن على رأس القبر مدة جائز كالاستئجار للأذان وتعليم القرآن واعلم أن عود المنفعة إلى المستأجر شرط فيجب عودها في هذه الإجارة إلى المستأجر أو الميت فالمستأجر لا ينتفع بقراءة غيره ومعلوم ان الميت لا يلحقه ثواب القراءة المجرد فالوجه تنزيل الاستئجار على صورة انتفاع الميت ذكر الشيخ عبدالكريم الشالوسي أنه إن نوى القارئ بقراءته أن يكون ثوابها للميت لم يلحقه وإن قرأ ثم جعل ما حصل من الأجر له فهذاء دعاء بحصول ذلك الأجر للميت فينتفع الميت .
قال النووي ظاهر كلام القاضي حسين صحة الإجارة مطلقا وهو المختار فإن موضع القراءة موضع بركة وبه تنزل الرحمة وهذا مقصود ينفع الميت والله اعلم( [13]).
وفي الرملي على المنهاج في باب الوصايا: أن الدعاء بوصول ثواب القراءة للميت مقبول قطعا فإنه إذا كان مقبولا بما لاحق فيه للداعي فكيف بما لا حق فيه ولا عمل؟ أي فهو مقبول من باب أولى وقال ابن الصلاح وينبغي الجزم بنفع قوله اللهم أوصل ثواب ما قرأناه لأنه إذا نفعه الدعاء بما ليس للداعي فماله أولى ويجري هذا في سائر الأعمال وقال الشبرملسي على الرملي: إنه إن نوى ثواب قراءته أو دعا عقبها بحصول ثوابها للميت أو قرأ عند قبره حصل له ثواب القراءة وحصل للقارئ أيضا الثواب فإذا سقط ثواب القارئ لمسقط كأن غلب الباعث الدنيوي فينبغي أن لا يسقط مثله بالنسبة إلى الميت فيها إذا كانت القراءة بأجرة وينبغي أن تكفي نية القارئ الثواب للميت ولو لم يدع واختار السبكي وابن حجر والرملي وغيرهم جواز إهداء القراءة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قياسا على الصلاة عليه.
وفي شرح المنهاج لابن النحوي: والمختار الوصول إذا سأل الله إيصال ثواب قراءته وينبغي الجزم به لأنه دعا فإذا جاز الدعاء للميت بما ليس للداعي فلأن يجوز ما هو له أولى( [14]).
وفي باب الإجارة من فتاوى شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ما نصه: سئل عن إجارة من يقرأ لحي أو ميت بوصية أو نذر أو غيرهما ختمة هل يصح ذلك من غير تعيين زمان أو مكان أو لابد من التعيين حتى يمتنع ذلك فيمن أوصى بالقراءة ثم مات غريقا أو لا يعرف له قبر؟ وإذا قلتم بالأول فهل تصح الإجارة لقراءة قرآن بالتعيين المذكور أو لا؟ وإذا فرغ القارئ من القراءة فما صورة ما يدعو به؟ هل يقول: اللهم اجعل ثواب ما قرأته لفلان أو مثل ثوابه؟ وهل يهديه أولا للأنبياء والصالحين ثم للمستأجر له أو يهديه أولا له ثم لهم؟ فأجاب: بأن الإجارة تصح لقراءة ختمة من غير تقدير بزمن وتصح قراء قرآن بتقدير ذلك سواء عين مكانا أم لا وقد افتى القاضي حسين بصحتها بقراءة القرآن على رأس القبر مدة كالإجارة للأذان وتعليم القرآن قال الرافعي والوجه تنزيله على ما ينفع المستأجر له إما بالدعاء عقب القراءة وهو بعدها أقرب إجابة وأكثر بركة وإما بجعل ما حصل من الأجر له والمختار كما قاله النووي صحة الإجارة مطلقا كما هو ظاهر كلام القاضي لأن محل القراء محل بركة وتنزل الرحمة وهذا مقصود بنفع المستأجر له وبذلك علم انه لا فرق بين القراءة على القبر وغيره وصورة ما يدعو به: اللهم اجعل مثل ثواب ذلك .... الخ إذ المعنى على مثل ثواب ذلك كما لو أوصى لزيد بنصيب ابنه فإنه يصح على معنى مثل نصيب ابنه ، وإن كان المعنى على ذلك فله أن يهدي ثواب ذلك للأنبياء والصالحين ثم للمستأجر له بل هو أولى لما فيه من التبرك بتقديم من يطلب بركته وهو أحب للمستأجر غالبا.
وقال العسقلاني عندما سئل عن وصول ثواب القراءة للميت ما يلي: هي مسالة مشهورة والحاصل ان اكثر المتقدمين من العلماء نصوا على الوصول وان المختار الوقف عن الجزم على المسالة مع استحباب عمله والإكثار منه( [15]).
وقال العلامة الشربيني في تفسير قوله تعالى ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [16]).
ما يلي: وأن ليس للإنسان كائنا من كان إلا ما سعى فلابد أن يعلم الحق في أي جهة فيسعى فيه ودعاء المؤمنين للمؤمن من سعيه بموداته ولو بموفقته لهم في الدين فقط وكذا الحج عنه والصدقة ونحوها فكذلك وتضحية النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أمته أصل كبير في ذلك فإن من تبعه واده وهو أصل في التصدق عن الغير وإهداء ماله من الثواب في القراءة ونحوها إليه وقال ابن عباس رضي الله عنهما هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة أي وإنما هو في صحف موسى وإبراهيم عليهما السلام بقوله ﴿الحقنا بهم ذريتهم﴾( [17]) فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء وقال عكرمة إن ذلك لقوم موسى وإبراهيم عليهما السلام أما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم لما يروى أن امرأة رفعت صبيا فقالت: يا رسول الله ألهذا حج فقال : (نعم ولك أجر)( [18]) وقال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم إن أمي افتلتت نفسها( [19]) وأراها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال نعم( [20]).
وقال السيد الآلوسي في تفسير الآية السابقة ما نصه: (وقال بعض أجلة المحققين إنه ورد في الكتاب والسنة ما هو قطعي في حصول الانتفاع بعمل الغير وهو ينافي ظاهر الآية فتقيد بما لا يهنه العامل).
وقال الشيخ محمد العربي معقبا على قول الآلوسي السابق: على أن المحققين من المفسرين قالوا: إن سعي غيره لما لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه (وهو أن يكون مؤمنا) كان سعي غيره كأنه سعي نفسه لكونه تابعا له وقائما بقيامه ولأن سعي غيره لا ينفعه إذا عمله لنفسه ولكن إذا نواه به فهو به فهو بحكم الشرع كالنائب عنه والوكيل القائم مقامه.
وقد قال تعالى ﴿فما تنفعهم شفاعة الشافعين﴾( [21]) ولو آمنوا لانتفعوا بشفاعة إخوانهم المؤمنين وكذلك سعي المؤمن لأخيه المؤمن لو لم يكن مؤمنا لا انتفع به فإيمانه هو سبب قبول شفاعة أخيه وسعيه وحيث إن إيمانه من سعيه وعليه ترتب قبول سعي غيره له دخل ذلك تحت نطاق قوله تعالى ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [22]). حيث قد سعى بإيمانه في قبول سعي الغير له.
ويدل على ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده( [23]): أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة وأن هشاما ابنه نحر عنه حصته خمسين وأن عمرا ابنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك فقال له: (أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك)( [24]).
مذهب السادة الحنفية:
قال العلامة المرغيناني في كتابه (الهداية) في أول باب الحج عن الغير ما نصه: (الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها عند أهل السنة والجماعة لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله وشهد له بالبلاغ)( [25]).
وقال العلامة البدر العيني في شرحه على كنز الدقائق ما نصه: يصل إلى الميت جميع أنواع البر من صلاة أو صوم أو حج أو صدقة أو ذكر أو غير ذلك( [26]).
وقال العلامة الزيلعي في شرحه على الكنز أيضا في باب الحج عن الغير ما نصه: الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاة كان أو صوما أو حجا أو صدقة أو قراءة قرآن أو الأذكار إلى غير ذلك من جميع أنواع البر ويصل ذلك إلى الميت وينفعه... فقد ورد في الأثر إن من البر بعد الموت أن تصلي لهما – أي الوالدين – مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صومك.
وورد أيضا: من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ثم وهب أجرهما للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات.
وورد: من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها حسنات.
وورد أنه: يصل ثواب من يهدي اليهم ويفرحون به كما يفرح أحدكم بالطبق إذا أهدي إليه.؟
وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اقرؤوا على موتاكم سورة يس( [27]).
وعنه عليه الصلاة والسلام أنه ضحى بكبشين أملحين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته.( [28]) أي جعل ثوابه لأمته.وهذا تعليم منه عليه الصلاة والسلام ان الإنسان ينفعه عمل غيره والاقتداء به هو الاستمساك بالعروة الوثقى.
وعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك»( [29]).
ولهذا قال تعالى ﴿واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات﴾( [30]) وما أمر الله به من الدعاء للمؤمنين والاستغفار لهم وما ذكره في كتابه العزيز من استغفار الأنبياء والملائكة لهم حجة لنا عليهم لأن كل ذلك عمل الغير وأما قوله تعالى: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [31]) فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما إنها منسوخة بقوله تعالى ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان﴾( [32]) وقيل هي خاصة بقوم موسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام لأنه وقع حكاية عما في صحفهما بقوله تعالى ﴿أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى﴾( [33]) وقيل : أريد بالإنسان الكافر وأما المؤمن فله ما سعى له أخوه.
وقال ابن عابدين رحمه الله تعالى : صرح علماؤنا في باب الحج عن الغير بأن للإنسان أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة أو صوما أو صدقة أو غيرها واستدلوا بما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «وإذا تصدق بصدقة تطوعا فيجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرها ولا ينقص من أجره شيئا»( [34]) بل قال بعضهم: إن الأفضل لمن يتصدق نفلا أن ينوي لجميع المؤمنين والمؤمنات لأنها تصل اليهم ولا ينتقص من أجره شيء وهو مذهب أهل السنة والجماعة وقال أيضا والذي حرره المتأخرون من الشافعية وصول القراءة للميت إذا كانت بحضرته أو دُعي له عقيبها – ولو غائبا – لأن محل القراءة تنزل فيه الرحمة والبركة والدعاء عقبها أرجى للقبول ولهذا اختاروا في الدعاء : اللهم أوصل مثل ثواب ما قراءته إلى فلان وأما عند (الحنفية) فالواصل إليه الثواب نفسه.
وقال أيضا: وبهذا علم أنه لا فرق بين أن يكون المجعول له ميتا أو حيا والظاهر أنه لا فرق بين أن ينوي به عند الفعل للغير أو يفعله لنفسه ثم بعد ذلك يجعل ثوابه لغيره وروي عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي افتُلِتت نفسها وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم( [35]).
وعن سيدنا بريدة رضي الله عنه قال: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت قال: فقال «وجب أجرك ورجعت اليك في الميراث». قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال «صومي عنها» قالت : إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال« حجي عنها»( [36]) وقال أيضا وفي شرح اللباب للملا علي القاري ثم من آداب الزيارة (أي زيارة القبور) ما قالوا أنه يأتي الزائر من قبل رجلي المتوفى لا من قبل رأسه لأنه أتعب لبصر الميت بخلاف الأول لأنه يكون مقابل بصره هذا إذا أمكنه وإلا فقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم (قرأ أول سورة البقرة عند رأس الميت وآخرها عن رجليه)( [37]).
ويقرأ يس لما ورد «من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم يومئذ وكان له بعدد من فيها من حسنات»( [38]).
مذهب السادة المالكية:
قال القاضي عياض في شرحه على صحيح مسلم في حديث الجريدتين عند قوله صلى الله عليه وآله وسلم «لعله يخفف عنهما مادامتا رطبتين»( [39]) ما نصه: (أخذ العلماء من هذا الحديث استحباب قراءة القرآن على الميت لأنه إذا خفف عنه بتسبيح الجريدتين وهما جماد فقراءة القرآن أولى).
وقال ابن رشد في كتابه النوازل ما نصه : (وإن قرأ الرجل وأهدى ثواب قراءته للميت جاز ذاك وحصل للميت أجره).
وقال العلامة ابن الحاج في كتابه (المدخل) ما نصه: (لو قرأ في بيته وأهدى إليه لوصلت وكيفية وصولها: أنه إذا فرغ من تلاوته وهب ثوابها له أو قال: اللهم اجعل ثوابها له فإن ذلك دعاء بالثواب لأن يصل إلى أخيه والدعاء يصل بلا خلاف).
وقال العلامة عبدالحق الإشبيلي في كتابه (العاقبة) ما نصه: (واعلم أن الميت كالحي فيما يعطاه ويهدى إليه بل الميت أكثر وأكثر لأن الحي قد يستقل ما يهدى إليه ويستحقر ما يتحف به والميت لا يستحقر شيئا من ذلك ولو كان مقدار جناح بعوضة أو وزن مثقال ذرة لأنه يعلم قيمته وقد كان يقدر عليه فضيعه وقد قال عليه الصلاة والسلام : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو ولد صالح يدو له أو علم ينتفع به»( [40]).
فهذا دعاء الولد يصل إلى والده وينتفع به وكذا أمره عليه الصلاة والسلام بالسلام على أهل القبور والدعاء لهم ما ذاك إلا لكون ذلك الدعاء لهم والسلام عليهم يصل اليهم ويأتيهم والله أعلم.
وورد في الأثر أن: الميت في قبره كالغريق ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديقه فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها.
وقال صاحب كتاب مواهب الجليل ما نصه: ونقل ابن الفرات عن القرافي انه قال: الذي يتجه أنه لهم (الأموات) بركة القراءة كما يحصل لهم بركة الرجل الصالح يدفن عندهم أو يدفنون عنده ثم قال في مسألة وصول القراءة للميت ما نصه: وإن حصل الخلاف فيها فلا ينبغي إهمالها فلعل الحق هو الوصول( [41]).
مذهب السادة الحنابلة:
قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: الأمر الذي كان معروفا بين المسلمين في القرون المفضلة أنهم كانوا يعبدون الله بأنواع العبادات المشروعة فرضها ونفلها من الصلاة والصيام والقراءة والذكر وغير ذلك وكانوا يدعون للمؤمنين والمؤمنات كما امر الله بذلك لأحيائهم وأمواتهم في صلاتهم على الجنازة وعند زيارة القبور وغير ذلك وروي عن طائفة من السلف: عند كل ختمة دعوة مجابة فإذا دعا الرجل عقيب الختم لنفسه ولوالديه ولمشايخه وغيرهم من المؤمنين والمؤمنات كان هذا من الجنس المشروع وكذلك دعاؤه لهم في قيام الليل وغير ذلك من مواطن الإجابة وقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بالصدقة عن الموتى من الأعمال الصالحة وكذلك ما جاءت به السنة في الصوم عنهم وبهذا وغيره احتج من قال من العلماء إنه يجوز إهداء ثواب العبادات المالية والبدنية إلى موتى المسلمين كما هو مذهب أحمد وأبي حنيفة وطائفة من أصحاب مالك والشافعي فإذا أهدي لميت ثواب صيام او صلاة أو قراءة جاز ذلك.
وقال رحمه الله تعالى أيضا: من اعتقد أن الإنسان لا ينتفع إلا بعمله فقد خرق الإجماع وذلك باطل من وجوه كثيرة:
أحدها: ان الإنسان ينتفع بدعاء غيره وهو انتفاع بعمل الغير.
ثانيها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشفع لأهل الموقف في الحساب ثم لأهل الجنة في دخولها ثم لأهل الكبائر في الخروج من النار وهذا انتفاع بعمل الغير.
ثالثها: أن كل نبي وصالح له شفاعة وذلك انتفاع بعمل الغير.
رابعها: أن الملائكة يدعون ويستغفرون لمن في الأرض وذلك منفعة بعمل الغير.
خامسها: أن الله تعالى يخرج من النار من لم يعمل خيرا قط بمحض رحمته وهذا انتفاع بغير عملهم.
سادسها: أن أولاد المؤمنين يدخلون الجنة بعمل آبائهم وذلك انتفاع بمحض عمل الغير.
سابعها: قال تعالى في قصة الغلامين اليتيمين (وكان أبوهما صالحا) فانتفعا بصلاح أبيهما وليس هو من سعيهما.
ثامنها: أن الميت ينتفع بالصدقة عنه وبالعتق بنص السنة والإجماع وهو من عمل الغير.
تاسعها: أن الحج المفروض يسقط عن الميت بحج وليه بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير.
عاشرها: أن الحج المنذور أو الصوم المنذور يسقط عن الميت بعمل غيره بنص السنة وهو انتفاع بعمل الغير.
حادي عشرها: أن المدين الذي امتنع صلى الله عليه وآله وسلم من الصلاة عليه حتى قضى دينه أبو قتادة وقضى دين الآخر علي بن أبي طالب وانتفع بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبردت جلدته بقضاء دينه وهو من عمل الغير.
ثاني عشرها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لمن صلى وحده (ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه )( [42]) فقد حصل له فضل الجماعة بفعل الغير.
ثالث عشرها: أن الإنسان تبرأ ذمته من ديون الخلق إذا قضاها قاض عنه وذلك انتفاع بعمل الغير.
رابع عشرها: أن من عليه تبعات ومظالم إذا حلل منها سقطت عنه وهذا انتفاع بعمل الغير.
خامس عشرها: أن الجار الصالح ينفع في المحيا والممات كما جاء في الأثر وهذا انتفاع بعمل الغير.
سادس عشرها: أن جليس أهل الذكر يرحم بهم وهو لم يكن منهم ولم يجلس لذلك بل لحاجة عرضت له والأعمال بالنبيات فقد انتفع بعمل غيره.
سابع عشرها: الصلاة على الميت والدعاء له في الصلاة انتفاع للميت بصلاة الحي عليه وهو عمل غيره.
ثامن عشرها: أن الجمعة تحصل باجتماع العدد وكذلك الجماعة بكثرة العدد وهو انتفاع للبعض بالبعض.
تاسع عشرها: أن الله قال لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم﴾( [43]) وقال تعالى ﴿ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات﴾( [44]) ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض﴾( [45]) فقد دفع الله تعالى العذاب عن بعض الناس بسبب بعض وذلك انتفاع بعمل الغير.
عشرونها: أن صدقة الفطر تجب على الصغير وغيره ممن يمونه الرجل فينتفع بذلك من يخرج عنه ولا سعي له.
حادي عشرينها: أن الزكاة تجب في مال الصبي والمجنون ويثاب على ذلك ولا سعي له ومن تأمل العلم وجد من انتفاع الإنسان بما لم يعمله ما لا يكاد يحصى فكيف يجوز أن تتأول الآية على خلاف صريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة والمراد بالإنسان العموم( [46]).
وقال الشيخ ابن القيم في كتاب الروح ما نصه: وقد ذكر عن جماعة من السلف أنهم أوصوا أن يقرأ عند قبورهم وقت الدفن قال عبدالحق: يروى أن عبدالله ابن عمر أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة وكان الإمام أحمد ينكر ذلك أولا حيث لم يبلغه فيه أثر ثم رجع وقال الخلال في كتاب الجامع : القراءة عند القبور عن عبدالرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: قال أبي إذا أنا مت فضعني في اللحد وقل: بسم الله وعلى سنة رسول الله وسن علي التراب سنا واقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت عبدالله بن عمر يقول ذلك قال عباس الدوري : سألت أحمد بن حنبل قلت تحفظ في القراءة عند القبر شيئا فقال : لا وسألت يحيى بن معين فحدثني بهذا الحديث قال الخلال: وأخبرني الحسن بن أحمد الوارق حدثني علي بن موسى الحداد وكان صدوقا قال: كنت مع أحمد بن حنبل ومحمد بن قدامة الجوهري في جنازة فلما دفن الميت جلس رجل ضرير يقرأ عند القبر فقال له أحمد: يا هذا إن القراءة عند القبر بدعة فلما خرجا من المقابر قال محمد بن قدامة لأحمد بن حنبل: يا أبا عبدالله ما تقول في مبشر الحلبي؟ قال: ثقة قال: كتبت عنه شيئا؟ قال نعم قال: فأخبرني مبشر عن عبدالرحمن بن اللجلاج عن أبيه أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند رأسه بفاتحة البقرة وخاتمتها وقال سمعت ابن عمر يوصي بذلك فقال له أحمد: فارجع وقل للرجل يقرأ (وورد مرفوعا في بداية الباب).
وذكر الخلال عن الشعبي قال: كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤون عنده القرآن.
وعزا رحمه الله وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام.
وقال رحمه الله وصول ثواب العبادات البدنية للميت كالصلاة والصوم وقراءة القرآن والذكر للإمام أحمد وجمهور السلف وعدم الوصول إلى أهل البدع من علماء الكلام.
وقال رحمه الله أيضا في جواب عن قوله تعالى : ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [47]).
ما لفظه: وقالت طائفة أخرى : القرآن لم ينف انتفاع الرجل بسعي غيره وإنما نفى ملكه لغير سعيه وبين الأمرين من الفرق مالا يخفى( [48]) ، وأخبر تعالى أنه لا يملك إلا سعيه وأما سعي غيره فملك لساعيه فإن شاء أن يبذله لغيره وإن شاء أبقاه لنفسه وهو سبحانه لم يقل لا ينتفع إلا بما سعى وكان ابن تيمية يختار هذه الطريقة ويرجحها.
وقال رحمه الله في الجواب على شبه المانعين ما نصه: فصل وأما استدلالكم بقوله صلى الله عليه وآله وسلم (إذا مات العبد انقطع عمله)( [49]).
فالاستدلال ساقط لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل انقطع انتفاعه وإنما أخبر عن انقطاع عمله وأما عمل غيره فهو لعامله فإن وهبه له فقد وصل إليه ثواب عمل العامل لا ثواب عمله هو فالمنقطع شيء والواصل إليه شيء آخر .
وقال رحمه الله أيضا: وأما قراءة القرآن وإهداؤها له تطوعا بغير أجرة فهذا يصل إليه كما يصل ثواب الصوم والحج فإن قيل فهذا لم يكن معروفا في السلف ولا يمكن نقله عن واحد منهم مع شدة حرصهم على الخير ولا ارشدهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليه وقد أرشدهم إلى الدعاء والاستغفار والصدقة والحج والصيام فلو كان ثواب القراءة يصل لأرشدهم إليه ولكانوا يفعلونه:
فالجواب أن مورد هذا السؤال إن كان معترفا بوصول ثواب الحج والصيام والدعاء والاستغفار قيل له: ما هذه الخاصية التي منعت وصول ثواب القرآن واقتضت وصول ثواب هذه الأعمال؟ وهل هذا الا تفريق بين المتماثلات؟ وإن لم يعترف بوصول تلك الأشياء إلى الميت فهو محجوج بالكتاب والسنة والإجماع وقواعد الشرع (وقد مرت معنا الأدلة واضحة جلية).
ثم إنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يبتدئهم بذلك بل خرج ذلك منه مخرج الجواب لهم فهذا سأله عن الحج عن ميته فأذن له وهذا سأله عن الصيام عنه فأذن له وهذا سأله عن الصدقة فأذن له ولم يمنعهم مما سوى ذلك وأي فرق بين وصول ثواب الصوم الذي هو مجرد نية وإمساك وبين وصول ثواب القراءة والذكر؟ وقال رحمه الله ما نصه: وهذا عمل الناس حتى المنكرين في سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من العلماء أهـ.
وقال الشيخ الإمام أبو محمد بن قدامة المقدسي في آخر كتاب الجنائز من (مغنيه) ما نصه: لا بأس بالقراءة عند القبر وقد روى عن أحمد أنه قال: (إذا دخلتم المقابر فاقرؤوا آية الكرسي وثلاث مرات قل هو الله أحد ثم قل : اللهم إن فضله لأهل المقابر).
وقال الخلال : حدثني أبو علي الحسن بن الهيثم البزار شيخنا الثقة المأمون قال: رأيت أحمد بن حنبل يصلي خلف ضرير يقرأ على القبور وقد ورد في الأثر أنه من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف عنهم يؤمئذ وكان له بعدد من فيها حسنات وورد أيضا أنه «من زار والديه فقرأ عنده أو عندهما يس غفر له» ثم قال: فصل: وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك إن شاء الله تعالى .
أما الدعاء والاستغفار والصدقة وأداء الواجبات فلا أعلم فيه خلافا إذا كانت الواجبات مما تدخله النبيابة وقد قال تعالى ﴿والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان﴾( [50]) وقال تعالى ﴿واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات﴾( [51]) ودعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي سلمة حين مات وللميت الذي صلى عليه في حديث عوف بن مالك ولكل ميت صلى عليه وسأل رجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله إن أمي ماتت أفينفعها إن تصدقت عنها؟ قال «نعم»( [52]) وروي ذلك عن سعد بن عبادة رضي الله عنه وجاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم»( [53]).
وقال للذي سأله : إن أمي ماتت وعليها صوم شهر أفأصوم عنها ؟ قال «نعم»( [54]) وهذه أحاديث صحاح وفيها دلالة على انتفاع الميت بسائر القرب لأن الصوم والحج والدعاء والاستغفار عبادة بدنية وقد أوصل نفعها إلى الميت وكذلك ما سواها مع ما ذكرنا من الحديث في ثواب من قرأ يس وتخفيف الله تعالى عن أهل المقابر بقراءته وروى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لعمرو بن العاص (لو كان أبوك مسلما فأعتقتم أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك)( [55]) وهذا عام في حج التطوع وغيره ولأنه عمل بر وطاعة فوصل نفعه وثوابه كالصدقة والصيام والحج الواجب ثم قال: والدليل لنا ما ذكرناه وأنه إجماع المسلمين فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرؤون القرآن ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير ولأن الحديث صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم «إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه»( [56]) والله أكرم من أن يوصل عقوبة المعصية إليه ويحجب عنه الثواب. أهـ.
وقال صاحب الروض المربع شرح زاد المستنقع ما نصه: ولا تكره القراءة على القبر...
وصح عن ابن عمر (أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها) ثم قال : وأي قربة من دعاء واستغفار وصلاة وصوم وحج وقراءة وغير ذلك فعلها مسلم وجعل ثوابها لميت مسلم أوحي نفعه، قال أحمد: (الميت يصل إليه كل شيء من الخير للنصوص الواردة فيه) ، وذكره المجد وغيره حتى ولو أهداها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم جاز ووصل إليه ثوابها( [57]).
وقال الشيخ محمد المنبجي الحنبلي في كتابه (تسلية أهل المصائب) : أما احتجاج بعض من خالف من اصحاب الشافعي ومالك بهذه الآية: ﴿وأن ليس للإنسان إلا ما سعى﴾( [58]) على أن الميت لا ينتفع بثواب من سعي غيره لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»( [59]).
قالوا: لأن نفع العبادة لا يتعدى فاعلها. فيقال لهم: قد ثبت بالسنة المتواترة وإجماع الأمة أن الميت يصلى عليه ويدعى له ويستغفر له وهذا من سعي غيره.
والرد بالنسبة للآية: روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية منسوخة بقوله تعالى ﴿والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريهم ﴾( [60]) فأدخل الأبناء بصلاح الآباء.
ولا خلاف بين العلماء في مشروعية تلقين من حضره الموت لا إله إلا الله للحديث الصحيح «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» وأما تلقينه بعد الدفن على القبر فاستحبه الشافعية والأكثر من الحنابلة والمحققون من الحنفية والمالكية لحديث أبي أمامة.
وقال المحقق ابن الهمام: ولا مانع من حمل موتاكم في الحديث الصحيح على حقيقته فيشمل التلقين على القبر وهذا نص كيفية التلقين: عن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم عليها التراب فليقم أحدكم على رأس القبر ثم ليقل: يا فلان بن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ثم يقول: يا فلان بن فلانة فإنه يستوي قاعدا ثم يقول: يا فلان بن فلانة فإنه يقول: أرشدنا رحمك الله ولكن لا تشعرون فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وانك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما نقعد عند من لقن حجته فيكون الله حجيجه دونهما قال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمه؟ قال: (ينسبه إلى حواء – يا فلان بن حواء)( [61]) وقالوا: ويكون تلقينه بعد انصراف المشيعين بصوت بين الجهر والإسرار والله أعلم.
والحمد لله رب العالمين
.........................................................................
( [1]) أخرجه أبو داود (3121) وابن ماجه (1448) والنسائي في عمل اليوم والليلة (1074) وأحمد (5/26) والحاكم (1/565) والبغوي (1464) وابن أبي شيبة (3/237) والطبراني في الكبير (20 برقم 510) والبيهقي (3/383) وذكره السيوطي في الجامع الصغير (1344) ورمز لحسنه والطيالسي (931) وابن حبان (3002) عن ابي هريرة وأبي ذر قالا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم « ما من ميت يموت فيقرا عند يس إلا هون الله عز وجل عليه» أخرجه الديلمي (6099).
( [2]) نيل الأوطار (3/25) .
( [3]) أخرجه الطبراني في الكبير (13613) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (2442) وقال رجاله موثوقون .
( [4]) الرد المحكم المتين للشيخ عبدالله الصديق ص 283 ونصب الراية للزيلعي (2/302).
( [5]) الأذكار للنووي ص 123.
( [6]) أخرجه الديلمي (6099).
( [7]) ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (3/25) وورد في سبل السلام (2/91).
( [8])تفسير ابن كثير (3/563) والتلخيص (2/104).
( [9]) المجموع للنووي (5/294) ورياض الصالحين (947).
( [10]) أخرجه البخاري (218) وملم (1675) وأبو داود (20) والترمذي (709 والنسائي (31) وابن ماجه (347) وأحمد (1/225) وابن أبي شيبة (3/375) والبيهقي في السنن (1/104) وابن خزيمة (56) والدارمي (739) وعبد بن حميد (620).
( [11]) أخرجه البخاري (2276) ومسلم (5697) وأبو داود (3418) والترمذي (2064) وابن ماجه (2156) وأحمد (3/2) والنسائي في عمل اليوم والليلة (1028) والداقطني (3/64) والبيهقي (6/124) والطحاوي (4/126 -127).
( [12]) المقالات السنية ص (170 -172) وإتحاف السادة المتقين (10/3699.
( [13]) روضة الطالبين للنووي (5/191).
( [14]) نيل الأوطار (4/105) سبل السلام (2/118 -119).
( [15]) الرسائل المنبرية (4/41).
( [16]) سورة النجم الآية (39).
( [17]) سورة الطور الآية (219.
( [18]) أخرجه مسلم (3241) وأبو داود (1736) والنسائي (2646) وأحمد (1/219) ومالك (1/422) والحميدي (504) وابن خزيمة (3049) والبيهقي (5/155) والطحاوي في مشكل الآثار (2/229) وفي شرح معاني الآثار (2/256) وابن الجارود في المنتقى (411) والبغوي (1852) والطبراني في الكبير (12176) والطيالسي(2707) والشافعي في مسنده (1/289) وابن حبان (144).
( [19]) افتلتت نفسها: ماتت وأراها بضم الهمزة أي أظنها.
( [20]) أخرجه البخاري (2760) ومسلم (2323) وأبو داود (2881) والنسائي (3651) وابن ماجه (2717) وأحمد (6/51) والحميدي (243) وابن خزيمة (2499) والبيهقي (6/277) والبغوي (169) وابن حبان (2353) ومالك (2/760).
( [21]) سورة المدثر الآية (48).
( [22]) سورة النجم الآية (39).
( [23]) وقد حقق ابن القيم في إعلام الموقعين صحة مسند عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
( [24]) أخرجه أحمد (2/182).
( [25]) أخرجه أبو داود (2795) وأحمد (3/362) وأبو يعلى (ج3/1792) وذكره الهيثمي في المجمع (4/برقم 5969).
( [26]) تقدم تخريجه ص (293).
( [27]) انظر نيل الأوطار للشوكاني (4/125).
( [28]) أخرجه مسلم (5064) وأبو داود (2792) وأحمد (6/78) وقد تقدم تخريجه بلفظ مقارب.
( [29]) أخرجه الإمام أحمد رقم (10202) وقال ابن كثير في تفسيره : إنساده صحيح.
( [30]) سورة محمد الآية (19).
( [31]) سورة النجم الآية (39).
( [32]) سورة الطور الآية (21).
( [33]) سورة النجم الآية (36 -37).
( [34]) مسند أحمد بشرح البنا (8/101).
( [35]) تقدم تخريجه ص (298).
( [36]) أخرجه مسلم (2692) وأبو داود (1656) مختصرا، والترمذي (667) مختصرا وابن ماجه (1759) مختصرا وأحمد (5/315) وانظر النووي في شرحه على مسلم (8/265 - 269).
( [37]) أخرجه الطبراني في الكبير (13613) وأورده الهيثمي في المجمع (4242).
( [38]) الحاشية (2/242).
( [39]) تقدم تخريجه ص (295).
( [40]) أخرجه مسلم (4199) وأبو داود (2880) والترمذي (1376) والنسائي (3653) والبخاري في الأدب لمفرد (38) وأحمد (2/372) وابن حبان (3016) والبغوي (139) والطحاوي (246) والبيهقي (6/278) وابو يعلى (6457) والدارمي (565) وابن خزيمة (2494).
( [41]) مواهب الجليل (2/238).
( [42]) أخرجه أحمد (3/5) والترمذي (220) وأبو داود (574) والدارمي (1341) وأبو يعلى (1057) والحاكم (1/109) وصححه ووافقه الذهبي.
( [43]) سورة الأنفال الآية (33).
( [44]) سورة الفتح الآية (25).
( [45]) سورة الحج الآية (40).
( [46]) إسعاف المسلمين والمسلمات ص (50 -53) وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين (6/28).
( [47]) سورة النجم الآية (39).
( [48]) فقد يسكنك صديقك في داره بلا أجر فقد انتفعت بما ليس لك فإن ادعيت ملكيتها وأنها لك فهذا كذب وخطأ وبهذا يتضح أن انتفاعك بما لا تملك قد يصح وبخلاف دعوى المالكية من غير سعيك فإنه لا يصح.
( [49]) تقدم تخريجه ص (303).
( [50]) سورة الحشر الآية (10).
( [51]) سورة محمد الآية (19).
( [52]) تقدم تخريجه ص (298).
( [53]) أخرجه البخاري (1513) ومسلم (2238) وأبو داود (1809) والنسائي (2633) وأحمد (1/219) ومالك (1/359) والحميدي (2507) والدارمي (1777) وابن خمزيمة (3031) والبيهقي (4/328) والطبراني في الكبير (18/ برقم 722) والبغوي (1854) وابن حبان (3989).
( [54]) أخرجه البخاري (1953) ومسلم (688) وأبو داود (3310) وأحمد (1/224) والبيهقي (4/255) والدارقطني (2/195) والبغوي (1774) والطيالسي (2630) والطبراني في الكبير (12329) وابن حبان (3570).
( [55]) تقدم تخريجه ص (299).
( [56]) أخرجه البخاري (1286) ومسلم (1446) والنسائي (1857) والبيهقي (4/73) والبغوي (1537) وعبدالرزاق (6675) والشافعي في المسند (1 برقم 558) وابن حبان (3136).
( [57]) الروض المربع (1/153).
( [58]) سورة النجم الآية (39).
( [59]) تقم تخريجه (303).
( [60]) سورة الطور الآية (21).
( [61]) أخرجه الطبراني في الكبير (7979) والهيثمي في المجمع (4248) وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/135) إسناده صالح وقد قواه الضياء في أحكامه ونقل الكلام الحافظ ابن حجر عن الإمام النووي في المجموع ج5 ص243.
مواضيع مماثلة
» الجامع لاحكام القرآن
» حكم تعليق تمائم القرآن والذكر الدعاء
» المولد النبوي الشريف
» تفسير القرآن التحرير والتنوير محمد الطاهر ابن عاشور
» حكم تعليق تمائم القرآن والذكر الدعاء
» المولد النبوي الشريف
» تفسير القرآن التحرير والتنوير محمد الطاهر ابن عاشور
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى