التصوف (الاحسان)
2 مشترك
التصوف (الاحسان)
الصوفية أو التصوف وفق الرؤية الإسلامية ليست مذهبًا، وإنما هو أحد أركان الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان[1] (وهو أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)[2]، وهو منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به[3]، وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من الأخلاق السيئة، وتحليته بالأخلاق الحسنة. وهذا المنهج يقولون أنه يستمد أصوله وفروعه من القرآن والسنة النبوية واجتهاد العلماء فيما لم يرد فيه نص، فهو علم كعلم الفقه له مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده - كغيره من العلوم - جيلاً بعد جيل حتى جعلوه علما سموه بـ علم التصوف، أو علم التزكية، أو علم الأخلاق، فألفوا فيه الكتب الكثيرة بينوا فيها أصوله وفروعه وقواعده، ومن أشهر هذه الكتب: الحِكَم العطائية للإمام ابن عطاء الله السكندري قواعد التصوف، للشيخ أحمد زروق، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، والرسالة القشيرية للإمام القشيري و من جوامع الكلم للإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم وغيرها.
انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية. والتاريخ الإسلامي زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل النووي والغزالي والعز بن عبد السلام كما القادة مثل صلاح الدين الأيوبي ومحمد الفاتح والأمير عبد القادر وعمر المختار وعز الدين القسام.
نتج عن كثرة دخول غير المتعلمين والجهلة في طرق التصوف وما نتج عن ذلك من [محل شك] ممارسات خاطئة عرّضها في بداية القرن الماضي لهجوم المتعلمين في الغرب باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات، ثم بدأ مع منتصف القرن الماضي الهجوم من قبل المدرسة السلفية باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام
تعريف التصوف
من حيث اللغة
كثرت الأقوال في اشتقاق التصوف عند المسلمين على عدة أقوال، أشهرها[4]:
أنه من الصوفة، لأن الصوفي مع الله كالصوفة المطروحة، لاستسلامه لله تعالى.
أنه من الصِّفة، إذ أن التصوف هو اتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات، وترك المذموم منها.
أنه من الصُفَّة، لأن صاحبه تابعٌ لأهل الصُفَّة الذين هم الرعيل الأول من رجال التصوف (وهم مجموعة من المساكين الفقراء كانوا يقيمون في المسجد النبوي الشريف ويعطيهم رسول الله من الصدقات والزكاة طعامهم ولباسهم).
أنه من الصف، فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث حضورهم مع الله؛ وتسابقهم في سائر الطاعات.
أنه من الصوف، لأنهم كانوا يؤثرون لبس الصوف الخشن للتقشف والاخشيشان[5].
أنه من الصفاء، فلفظة "صوفي" على وزن "عوفي"، أي: عافاه الله فعوفي، وقال أبو الفتح البستي:
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا وظنه البعض مشتقاً من الصوف
ولست أمنح هذا الاسم غيرَ فتىً صفا فصوفي حتى سُمي الصوفي
وقال شيخ ابن تيمية أنهم ينسبون في رواية إلى صوفة بن أدبن طابخة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك[5]. وكرأي آخر، يقول الشيخ ابن الجوزي في محاولته التي اعتبرها علماء آخرون تقليلاً من شأن التصوف الإسلامي، ذكر في كتابه تلبيس ابليس: يُنسب الصوفيين إلى (صوفة بن مرة) والذي نذرت له والدته أن تعلقه بأستار الكعبة فأطلق اسم (صوفي) على كل من ينقطع عن الدنيا وينصرف إلى العبادة فقط.
وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي أنّ الصوفيّة منْ أصل صافى وصوفِيَ إليه : أي بادله الإخاء والمودّة ، وتكونُ بتقرّب العبْد لربّه بالحُب والطّاعة ويُصافيه الله بقرْبه وكرامته ، فنقول:الذي صوفِي مِن الله ، جلّ جلاله .
وقد أرجع بعض الباحثين والمؤرخين المختصين بعلوم الديانات القديمة من غير المتصوفة، الكلمة إلى أصل يوناني، هو كلمة: (سوفيا)، ومعناها الحكمة. وأول من عرف بهذا الرأي: البيروني [6] ووافقه الدكتور محمد جميل غازي، الذي قال: "الصوفية كما نعلم اسم يوناني قديم مأخوذ من الحكمة (صوفيا) وليس كما يقولون إنه مأخوذ من الصوف"[7][8].
من حيث الاصطلاح
كثرت الأقوال أيضا في تعريف التصوف تعريفا اصطلاحيا على آراء متقاربة، كل منها يشير إلى جانب رئيسي في التصوف، والتي منها:
قول زكريا الأنصاري: التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية[9].
قول الشيخ أحمد زروق: التصوف علم قصد لإصلاح القلوب وإفرادها لله تعالى عما سواه. والفقه لإصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالأحكام. والأصول "علم التوحيد" لتحقيق المقدمات بالبراهين وتحلية الإيمان بالإيقان.[10].وقال أيضا: وقد حُدَّ التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ نحو الألفين مرجع، كلها لصدق التوجه إلى الله، وإنما هي وجوه فيه[11].
قول الجنيد: التصوف استعمال كل خلق سني، وترك كل خلق دني[12].
قول أبو الحسن الشاذلي: التصوف تدريب النفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية[13].
قول ابن عجيبة: التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، وأوله علم، ووسطه عمل، وآخره موهبة[14].
أصل التصوف
يُرجع الصوفية أصل التصوف كسلوك وتعبد وزهد في الدنيا وإقبال على العبادات واجتناب المنهيات ومجاهدة للنفس وكثرة لذكر الله إلى عهد رسول الإسلام محمد وعهد الصحابة، وأنه يستمد أصوله وفروعه من تعاليم الدين الإسلامي المستمدة من القرآن والسنة النبوية. وكوجهة نظر أخرى، يرى بعض الناس أن أصل التصوف هو الرهبنة البوذية، والكهانة النصرانية، والشعوذة الهندية فقالوا: هناك تصوف بوذي وهندي ونصراني وفارسي. بينما يرفض الصوفية المسلمون تلك النسبة ويقولون بأن التصوف ما هو إلا التطبيق العملي للإسلام، وأنه ليس هناك إلا التصوف الإسلامي فحسب[15].
بداية ظهور اسم الصوفية
يقول القشيري: «اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يَتَسمَّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا أفضلية فوقها، فقيل لهم "الصحابة"، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين "الزهاد" و"العُبَّاد"، ثم ظهرت البدعة، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا أن فيهم زهادًا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم "التصوف"، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة»[16].
ويقول محمد صديق الغماري: «ويعضد ما ذكره ابن خلدون في تاريخ ظهور اسم التصوف ما ذكره الكِنْدي ـ وكان من أهل القرن الرابع ـ في كتاب "ولاة مصر" في حوادث سنة المائتين: "إنه ظهر بالإسكندرية طائفة يسمَّوْن بالصوفية يأمرون بالمعروف". وكذلك ما ذكره المسعودي في "مروج الذهب" حاكيًا عن يحيى بن أكثم فقال: "إن المأمون يومًا لجالس، إذ دخل عليه علي بن صالح الحاجب، فقال: يا أمير المؤمنين! رجل واقفٌ بالباب، عليه ثياب بيض غلاظ، يطلب الدخول للمناظرة، فعلمت أنه بعض الصوفية". فهاتان الحكايتان تشهدان لكلام ابن خلدون في تاريخ نشأة التصوف. وذُكر في "كشف الظنون" أن أول من سمي بالصوفي "أبو هاشم الصوفي" المتوفى سنة خمسين ومئة»[17].
ظهور التصوف كعلم
بعد عهد الصحابة والتابعين، دخل في دين الإسلام أُمم شتى وأجناس عديدة، واتسعت دائرة العلوم، وتقسمت وتوزعت بين أرباب الاختصاص؛ فقام كل فريق بتدوين الفن والعلم الذي يُجيده أكثر من غيره، فنشأ ـ بعد تدوين النحو في الصدر الأول ـ علم الفقه، وعلم التوحيد، وعلوم الحديث، وأصول الدين، والتفسير، والمنطق، ومصطلح الحديث، وعلم الأصول، والفرائض "الميراث" وغيرها. وبعد هذه الفترة أن أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئاً فشيئاً، وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله بالعبودية، وبالقلب والهمة، مما دعا أرباب الرياضة والزهد إلى أن يعملوا هُم من ناحيتهم أيضاً على تدوين علم التصوف، وإثبات شرفه وجلاله وفضله على سائر العلوم، من باب سد النقص، واستكمال حاجات الدين في جميع نواحي النشاط[18].
وكان من أوائل من كتب في التصوف من العلماء:
الحارث المحاسبي، المتوفى سنة 243 هـ، ومن كتبه: بدء من أناب إلى الله، وآداب النفوس، ورسالة التوهم.
أبو سعيد الخراز، المتوفى سنة 277 هـ، ومن كتبه: الطريق إلى الله.
أبو عبد الرحمن السلمي، المتوفى سنة 325 هـ، ومن كتبه: آداب الصوفية.
أبو نصر عبد الله بن علي السراج الطوسي، المتوفي سنة 378 هـ، وله كتاب: اللمع في التصوف.
أبو بكر الكلاباذي، المتوفي سنة 380 هـ، وله كتاب: التعرف على مذهب أهل التصوف.
أبو طالب المكي، المتوفى سنة 386 هـ، وله كتاب: قوت القلوب في معاملة المحبوب.
أبو قاسم القشيري، المتوفى سنة 465 هـ، وله الرسالة القشيرية، وهي من أهم الكتب في التصوف.
أبو حامد الغزالي، المتوفى سنة 505 هـ، ومن كتبه: إحياء علوم الدين، الأربعين في أصول الدين، منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين، بداية الهداية، وغيرها الكثير. ويعد كتاب إحياء علوم الدين من أشهر -إن لم يكن الأشهر- كتب التصوف ومن أجمعها.
وشهدت الصوفية بعد جيل الجنيد قفزة جديدة مع الإمام الغزالي خاصة كتابه إحياء علوم الدين محاولة لتأسيس العلوم الشرعية بصياغة تربوبة، تلاه اعتماد الكثير من الفقهاء أبرزهم عبد القادر الجيلاني للصوفية كطريقة للتربية الإيمانية، ويبدو أن الجيلاني وتلاميذه الذين انتشروا في كافة بقاع المشرق العربي حافظوا على الجذور الإسلامية للتصوف بالتركيز على تعليم القرآن والحديث مقتدين بأشخاص مثل الحارث المحاسبي، والدليل على ذلك أن حتى ابن تيمية رغم الهجوم الضاري الذي يشنه على الصوفية في عصره، لا يرى بأساً في بعض أفكار التصوف ويمتدح أشخاصا مثل الجيلاني وأحمد الرفاعي. وينسب المؤرخين لهذه المدارس الصوفية المنتشرة دورا كبيرا في تأسيس الجيش المؤمن الذي ساند صلاح الدين في حربه ضد الصليبيين.
ظهور التصوف كطرق ومدارس
يرجع أصل الطرق الصوفية إلى عهد رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما كان يخصّ كل من الصحابة بورد يتفق مع درجته وأحواله:
أما الصحابي أبو بكر، فقد أخذ عنه الذكر بالاسم المفرد (الله).
وأما الصحابي علي بن أبي طالب، فقد أخذ من النبى الذكر بالنفي والإثبات وهو (لا إله إلا الله)، حيث تذكر المصادر التاريخية أن علي جاء إلى النبي يومًا فقال له النبي: يا علي عليك بمداومة ذكر الله في الخلوات. فقال علي: هذه فضيلة الذكر، وكل الناس يذكرون. فقال الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول (الله). فقال علي: كيف أذكر يا رسول الله؟ قال: أغمض عينيك واسمع مني ثلاث مرات، ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع. فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا إله إلا الله، ثلاث مرات مغمضاً عينيه رافعاً صوته وعلي يسمع، ثم قال علي لا إله إلا الله ثلاث مرات مغمضاً عينيه رافعاً صوته والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يسمع».[19]
ثم أخذ عنهما من التابعين هذه الأذكار وسميت الطريقتين: بالبكرية والعلوية. ثم نقلت الطريقتين حتى إلتقتا عند الإمام أبوالقاسم الجنيد. ثم تفرعتا إلى الخلوتية، والنقشبندية. واستمر الحال كذلك حتى جاء الأقطاب الأربعة السيد أحمد الرفاعي والسيد عبد القادر الجيلاني والسيد أحمد البدوي والسيد إبراهيم الدسوقي وشيّدوا طرقهم الرئيسية الأربعة وأضافوا إليها أورادهم وأدعيتهم. وتوجد اليوم طرق عديدة جدًا في أنحاء العالم ولكنها كلها مستمدة من هذه الطرق الأربعة. إضافة إلى أوراد السيد أبو الحسن الشاذلي صاحب الطريقة الشاذلية والتي تعتبر أوراده جزءًا من أوراد أي طريقة موجودة اليوم.
الطرق الصوفية
سند الطريقة الشاذلية المتصل إلى نبي الله محمد
الطريق لغة: هي "السيرة"، وطريقة الرجل: مذهبه، يقال: هو على طريقة حسنة وطريقة سيئة. واصطلاحاً: اسم لمنهج أحد العارفين في التزكية والتربية والأذكار والأوراد أخذ بها نفسه حتى وصل إلى معرفة الله، فينسب هذا المنهج إليه ويعرف باسمه، فيقال الطريقة الشاذلية والقادرية والرفاعية نسبة لرجالاتها. وقد أخذ اسم الطريقة من القرآن: {وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً}.
تختلف الطرق التي يتبعها مشايخ الطرق في تربية طلابهم ومريديهم باختلاف مشاربهم وأذواقهم الروحية، وباختلاف البيئة الاجتماعية التي يظهرون فيها. فقد يسلك بعض المشايخ طريق الشدة في تربية المريدين فيأخذونهم بالمجاهدات العنيفة ومنها كثرة الصيام والسهر وكثرة الخلوة والاعتزال عن الناس وكثرة الذكر والفكر. وقد يسلك بعض المشايخ طريقة اللين في تربية المريدين فيأمرونهم بممارسة شيء من الصيام وقيام مقدار من الليل وكثرة الذكر، ولكن لا يلزمونهم بالخلوة والابتعاد عن الناس إلا قليلاً. ومن المشايخ من يتخذ طريقة وسطى بين الشدة واللين في تربية المريدين. وكل هذه الأساليب لا تخرج عن كتاب الله وسنة رسوله، كما يقولون، بل هي من باب الاجتهاد. ولذلك يقولون: لله طرائق بعدد أنفاس الخلائق.
وللطرق الصوفية شارات وبيارق وألوان يتميزون بها: فيتميز الرفاعية باللون الأسود. ويتميز القادرية باللون الأخضر. ويتميز الأحمدية باللون الأحمر. أما البرهانية فإنها لا تتميز بلون واحد كسائر الطرق بل تتميز بثلاث ألوان: الأبيض الذي تميز به إبراهيم الدسوقي، والأصفر الذي تميز به أبو الحسن الشاذلي ومنحه لابن أخته إبراهيم الدسوقي، والأخضر وهو كناية عن شرف الانتساب لأهل بيت رسول الإسلام محمد.
ومن أهم الطرق الصوفية المنتشرة في العالم الإسلامي:
اسم الطريقة نسبتها تاريخ الوفاة أماكن الانتشار
الطريقة القادرية الشيخ عبد القادر الجيلاني 561هـ سورياوالعراقومصر وشرق أفريقياو الهند و باكستان و المغرب العربي
الطريقة السعدية الشيخ سعد الدين الجباوي 575هـ بلاد الشام
الطريقة الرفاعية الشيخ أحمد بن علي الرفاعي 578هـ { سوريا} و العراق ومصر وغرب آسياو المغرب العربي و الهند و باكستان
الطريقة الأحمدية أو البدوية الشيخ أحمد البدوي 627هـ مصرو سوريا و المغرب العربي و الهند وباكستان و العراق
الطريقة الأكبرية الشيخ محيي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر 638هـ مصرو سوريا و المغرب العربي
طريقة السادة آل باعلوي الشيخ محمد بن علي باعلوي 653هـ اليمن وأندونيسيا وشرق آسيا والحجاز
الطريقة الشاذلية الشيخ أبي الحسن الشاذلي 656هـ مصر والسودان والمغرب العربي واليمن وسوريا والأردن و الهند و باكستان
الطريقة البرهانية الدسوقية الشيخ إبراهيم الدسوقي 676هـ مصر والسودان و ليبيا و تونس و الجزائر والمغرب وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا ودانمارك ولوكسمبرج وهولندا و روسيا والسويد وسويسرا والمملكة العربية السعودية والأردن وسوريا واليمن والإمارات العربية المتحدة والكويت وباكستان و لبنان والولايات المتحدة الأمريكية وكندا....
الطريقة القزلباشية الشيخ صفي الدين إسحاق الأردبيلي 730هـ العراق وأفغانستان وإيران وتركيا
الطريقة البكتاشية الشيخ محمد بن إبراهيم بكتاش 738هـ العراق ومصر وسوريا والبانيا وتركيا
الطريقة النقشبندية الشيخ محمد بهاء الدين شاه نقشبند 791هـ آسيا الوسطى وسوريا
الطريقة العروسية الشيخ أحمد بن عروس 869هـ ليبيا وتونس
الطريقة العيساوية الشيخ محمد بن عيسى 933هـ المغرب وتونس
الطريقة الخلوتية الشيخ محمد بن أحمد بن محمد كريم الدين الخلوتي 986هـ مصر وتركيا وفلسطين والأردن
الطريقة السمانية الشيخ محمد بن عبد الكريم السمان 1189هـ السودان
الطريقة التيجانية الشيخ أبو العباس أحمد التيجاني 1230هـ المغرب وتونس والسنغال وغرب أفريقيا
الطريقة الإدريسية الشيخ أحمد بن إدريس الفاسي 1253هـ السودان والصومال
الطريقة المولوية الشيخ جلال الدين الرومي 1272هـ تركيا وحلب
الطريقة الختمية الشيخ محمد عثمان الميرغني الختم 1267هـ السودان وأريتريا وأثيوبيا
الطريقة السنوسية الشيخ محمد بن علي السنوسي 1276هـ ليبيا وشمالي أفريقيا والسودان والصومال
الطريقة الكسنزانية الشيخ عبد الكريم شاه الكسنزان 1317هـ العراق
الطريقة العلاوية الشيخ أحمد مصطفى العلاوي 1353هـ الجزائر
الطريقة المحمدية الفوزوية الكركرية الشيخ محمد فوزي الكركري 1396هـ المغرب وفرنسا واندونيسيا وباكستان
الطريقة الجعفرية الشيخ صالح الجعفري الحسيني إمام الأزهر 1399هـ المغرب والسنغال وغرب أفريقيا
الطريقة القادرية البودشيشية سيدي علي بن محمد الملقب بسيدي علي بودشيش المغرب
الطريقة النونية الرفاعية الشافعية الشيخ الحبيب نور الدين علي محمد حسن السليماني الهاشمي الأمير السعودية ومصر والولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا
الطريقة الفاضلية الشيخ محمد فاضل بن مامين 1211هـ موريتانيا والمغرب والسنيغال وأفريقيا
اتباعهم للقرآن والسنة
يرى أئمة التصوف أنهم متبعين للكتاب والسنة، وأن علمهم هذا كباقي العلوم الإسلامية من الفقه والعقيدة مستمد من الكتاب والسنة، دل على اعتقادهم بذلك أقوالهم، والتي منها:
قول الجنيد: «الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام». وقال أيضا: «من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يقتدي به في هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة».
قول سهل التستري: «أصولنا سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسوله، وأكل الحلال، وكفِ الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق»[20].
قول أبو الحسن الشاذلي: «إِذا عارض كشفُك الصحيح الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إِن الله ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإِلهام»[21].
قول أبو الحسين الوراق: «لا يصل العبد إِلى الله إِلا بالله، وبموافقة حبيبه في شرائعه، ومَنْ جعل الطريق إِلى الوصول في غير الاقتداء يضل من حيث يظن أنه مهتد»[22].
قول عبد الوهاب الشعراني: «إن طريق القوم - أي الصوفية - محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهب والجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في كل حركة وسكون»[23].
قول أبي يزيد البسطامي حيث سئل عن الصوفي فقال: «هو الذي يأخذ كتاب الله بيمينه وسنة رسوله بشماله، وينظر بإِحدى عينيه إِلى الجنة، وبالأخرى إِلى النار، ويأتزر بالدنيا، ويرتدي بالآخرة، ويلبي من بينهما للمولى: لبيك اللهم لبيك»[24].
ويستدلون أيضا على صحة توجههم بمواقف أئمة المذاهب السنية الأربعة الداعية إلى التصوف بمعناه الصحيح. أما معارضيها فيعتبرونها ممارسة تعبدية لم تذكر لا في القرآن ولا في السنة ولا يصح أي سند لإثباتها وعليه فهي تدخل في نطاق البدعة المحرمة التي نهى عنها رسول الإسلام محمد.
مصطلحات الصوفية
متصوفون أتراك مولويون يؤدون حركاتهم التقليدية أمام ضريح المولى جلال الدين الرومي في قونية
إِن لكل علم من العلوم كالفقه والحديث والمنطق والنحو والهندسة والفلسفة اصطلاحات خاصة به، لا يعلمها إِلا أصحاب ذلك العلم، ومن قرأ كتب علم من العلوم دون أن يعرف اصطلاحاته، أو يطلع على رموزه وإِشاراته، فإِنه يؤول الكلام تأويلات شتى مغايرة لما يقصده العلماء، ومناقضة لما يريده الكاتبون فيتيه ويضل.
وللصوفية اصطلاحاتهم التي قامت بعض الشيء مقام العبارة في تصوير مدركاتهم ومواجيدهم، حين عجزت اللغة عن ذلك. فبسبب ذلك دعى الصوفية من يريد الفهم عنهم إلى صحبتهم حتى تتضح لهم عباراتهم، ويتعرفوا على إِشاراتهم ومصطلحاتهم. قال بعض الصوفية: «نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم يكن من أهل طريقنا»[25]. وقال عبد الوهاب الشعراني: سمعت سيدي عليًا الخواص يقول: «إِياك أن تعتقد يا أخي إِذا طالعت كتب القوم، وعرفت مصطلحهم في ألفاظهم أنك صرت صوفيًا، إِنما التصوف التخلق بأخلاقهم، ومعرفة طرق استنباطهم لجميع الآداب والأخلاق التي تحلَّوْا بها من الكتاب والسنة»[26].
وإِن كلام الصوفية في تحذير من لا يفهم كلامهم ولا يعرف اصطلاحاتهم من قراءة كتبهم ليس من قبيل كتم العلم، ولكن خوفاً من أن يفهم الناس من كتبهم غير ما يقصدون، وخشية أن يؤولوا كلامهم على غير حقيقته، فيقعوا في الإِنكار والاعتراض، شأن من يجهل علماً من العلوم. لأن المطلوب من المؤمن أن يخاطب الناس بما يناسبهم من الكلام وما يتفق مع مستواهم في العلم والفهم والاستعداد[27]. فمن هذه المصطلحات[28].:
الأنس:
قال الجنيد: هو ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة.
الاتصال: وهو أن ينفصل العبد بسره عما سوى الله، فلا يَرَى بسره - بمعنى التعظيم - غيرَه، ولا يسمع إلا منه.
التجريد: وهو أن يتجرد العبد بظاهره عن الأعراض، وبباطنه عن الأعواض.
الوجد: هو ما صادف القلب من فزع، أو غم، أو رؤية معنى من أحوال الآخرة، أو كشف حالة بين العبد والله.
التواجد: هو ظهور ما يجد في باطنه على ظاهره، ومن قوي حاله تمكن فسكن.
الغيبة: أن يغيب عن حظوظ نفسه فلا يراها، وهي قائمة معه، موجودة فيه، غير أنه غائب عنها بشهود ما للحق.
الجمع: جمع الهمة: وهو أن تكون الهموم كلها هما واحدا وهو الله.
المنهج العملي في التصوف
يرى الصوفية أنهم لا يكتفون بأن يوضحوا للناس أحكام الشرع وآدابه بمجرد الكلام النظري، ولكنهم بالإضافة إلى ذلك يأخذون بيد تلميذهم ويسيرون به في مدارج الترقي، ويرافقونه في جميع مراحل سيره إلى الله، يحيطونه برعايتهم وعنايتهم، ويوجهونه بحالهم وقولهم، يذكرونه إذا نسي، ويقوِّمونه إذا انحرف، ويتفقدونه إذا غاب، وينشطونه إذا فتر. وهكذا يرسمون له المنهج العملي الذي يمكنه به أن يتحقق بأركان الدين الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان. ومن أهم الطرق العملية التي يطبقها رجال التصوف للوصول إلى رضا الله ومعرفته:
العلم
يعتقد الصوفية أن العلم والعمل توأمان لا ينفكان عن بعضهما، والسالك في طريق الإيمان والتعرف على الله والوصول إلى رضاه لا يستغني عن العلم في أية مرحلة من مراحل سلوكه. ففي ابتداء سيره لا بد له من علم العقائد وتصحيح العبادات واستقامة المعاملات، وفي أثناء سلوكه لا يستغني عن علم أحوال القلب وحسن الأخلاق وتزكية النفس. ولهذا اعتُبِرَ اكتساب العلم الضروري من أهم النقاط الأساسية في المنهج العملي للتصوف، إذ يرى الصوفية أن التصوف ليس إلا التطبيق العملي للإسلام كاملاً غير منقوص في جميع جوانبه الظاهرة والباطنة[29].
الصحبة
يعتقد الصوفية أن للصحبة أثراً عميقاً في شخصية المرء وأخلاقه وسلوكه، وأن الصاحب يكتسب صفات صاحبه بالتأثر الروحي والاقتداء العملي. وأن الصحابة ما نالوا هذا المقام السامي والدرجة الرفيعة إلا بمصاحبتهم لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ومجالستهم له. وأن التابعون أحرزوا هذا الشرف باجتماعهم بالصحابة.
وبما أن الصوفية وباقي المسلمين يؤمنون بأن رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عامة خالدة إلى قيام الساعة، فإن الصوفية يرون أن لرسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) ورّاثاً من العلماء العارفين بالله، ورثوا عن نبيهم العلم والخُلق والإيمان والتقوى، فكانوا خلفاء عنه في الهداية والإرشاد والدعوة إلى الله، فمَنْ جالسهم سرى إليه من حالهم الذي اقتبسوه من رسول الإسلام محمد(صلى الله عليه وسلم)، ومَنْ نصرهم فقد نصر الدين، ومن ربط حبله بحبالهم فقد اتصل بالرسول محمد(صلى الله عليه وسلم) حسب اعتقادهم. ويرون أن هؤلاء الوراث هم الذين ينقلون للناس الدين، مُمَثَّلاً في سلوكهم، حيَّاً في أحوالهم، واضحاً في حركاتهم وسكناتهم، هم من الذين عناهم الرسول محمد(صلى الله عليه وسلم) بقوله: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».[30]. ويعتقدون أن أمثال هؤلاء الوراث لا ينقطع أثرهم على مر الزمان، ولا يخلو منهم بلد، وأن صحبتهم دواء مجرب، والبعد عنهم سم قاتل، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم؛ مرافقتهم هي العلاج العملي الفعَّال لإصلاح النفوس، وتهذيب الأخلاق، وغرس العقيدة، ورسوخ الإيمان.
ويستدلون على أهمية الصحبة بآيات من القرآن، منها:
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللهَ وكُونوا معَ الصادقين}[31].
{واصبر نفسك مع الذينَ يدعون ربَّهم بالغداةِ والعشيِّ يُريدونَ وجهَهُ ولا تَعْدُ عيناك عنهُم تُريد زينةَ الحياةِ الدنيا ولا تُطِعْ مَنْ أغفلنا قلبَه عن ذكرنا واتَّبَعَ هواهُ وكان أمرُه فُرُطاً}[32].
{واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ}[33].
{الرحمنُ فاسألْ به خبيراً}[34].
{من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً}[35].
ويقول أئمة التصوف في أهمية صحبة الشيوخ المرشدين:
قال أبو حامد الغزالي : «مما يجب في حق سالكِ طريق الحق أن يكون له مرشدٌ ومربٌّ ليدله على الطريق، ويرفع عنه الأخلاق المذمومة، ويضع مكانها الأخلاق المحمودة»[36].
قال ابن عطاء الله السكندري : «وينبغي لمن عزم على الاسترشاد، وسلوك طريق الرشاد، أن يبحث عن شيخ من أهل التحقيق، سالك للطريق، تارك لهواه، راسخ القدم في خدمة مولاه فإذا وجده فليمتثل ما أمر، ولينْتهِ عما نهى عنه وزجر»[37].
قال أحمد زروق : «أخذ العلم والعمل عن المشايخ أتم من أخذه دونهم (بل هو آياتٌ بيِّناتٌ في صُدور الذينَ أوتوا العلمَ)، (واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ)، فلزمت المشيخة»[38].
مجاهدة النفس
يعرّف الصوفية مجاهدة النفس على أنها: «بذل الوسع في حمل النفس على خلاف هواها ومرادها المذموم، وإلزامها تطبيق شرع الله أمراً ونهياً». ويقولون أنه ليس المراد من مجاهدة النفس استئصال صفاتها؛ بل المراد تصعيدها من سيء إلى حسن، وتسييرها على مراد الله وابتغاء مرضاته.
ويستدل الصوفية على المجاهدة بآيات من القرآن وأحاديث من السنة، منها:
في القرآن: {والذينَ جاهَدوا فينا لنَهديَنَّهم سُبُلَنا}[39].
في السنة النبوية: «المجاهدُ مَنْ جاهد نفسَهُ في الله»[40].
ومن أقوال أئمتهم في الحث على مجاهدة النفس:
قال أبو عثمان المغربي: «من ظن أنه يُفتح له بهده الطريقة أو يكشف له عن شيء منها لا بلزوم المجاهدة فهو في غلط»[41].
قال شييخ الاسلام زكريا الأنصاري : «إنَّ نجاة النفس أنْ يخالف العبدُ هواها، ويحملَها على ما طلب منها ربُّها»[42].
قال أحمد بن عجيبة: «لا بد للمريد في أول دخوله الطريق من مجاهدة ومكابدة وصدق وتصديق، وهي مُظهِر ومجلاة للنهايات، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فمن رأيناه جادَّاً في طلب الحق باذلاً نفسه وفلسه وروحه وعزه وجاهه ابتغاء الوصول إلى التحقق بالعبودية والقيام بوظائف الربوبية ؛ علمنا إشراق نهايته بالوصول إلى محبوبه، وإذا رأيناه مقصِّراً علمنا قصوره عما هنالك»[43].
واعترض أقوام على رجال التصوف واتهموهم بأنهم يُحَرِّمون ما أحل الله من أنواع اللذائذ والمتع، وقد قال الله: (قٌلْ مَنْ حرَّمَ زينة الله التي أخرجَ لعبادِهِ والطيبات من الرزق...) [الأعراف: 32]. ولكن رجال التصوف ردوا عليهم بقولهم أنهم لم يجعلوا الحلالَ حراماً، إذْ أسمى مقاصدهم هو التقيد بشرع الله، ولكنهم حين عرفوا أن تزكية النفس فرضُ عين، وأن للنفس أخلاقاً سيئة وتعلقات شهوانية، توصِل صاحبها إلى الردى، وتعيقه عن الترقي في مدراج الكمال، وجدوا لزاماً عليهم أن يهذبوا نفوسهم ويحرروها من سجن الهوى.
وبهذا المعنى يقول الصوفي الحكيم الترمذي رداً على هذه النقطة، وجواباً لمن احتج بالآية القرآنية: (قُلْ مَنْ حرَّمَ زينة الله) : "فهذا الاحتجاج تعنيف، ومن القول تحريف لأنَّا لم نُرِدْ بهذا، التحريمَ، ولكنا أردنا تأديب النفس حتى تأخذ الأدب وتعلم كيف ينبغي أن تعمل في ذلك، ألا ترى إلى قوله جل وعلا: {إنّما حرّم ربيَ الفواحشَ ما ظهر منها وما بطنَ والإثمَ والبَغيَ بغيرِ الحقِّ} [الأعراف: 33]. فالبغيُ في الشيء الحلال حرامٌ، والفخرُ حرام، والمباهاةُ حرام، والرياء حرام، والسرف حرام، فإنما أُوتِيَتِ النفسُ هذا المنعَ من أجل أنها مالت إلى هذه الأشياء بقلبها، حتى فسد القلب. فلما رأيتُ النفس تتناول زينة الله والطيبات من الرزق تريد بذلك تغنياً أو مباهاة أو رياء علمتُ أنها خلطت حراماً بحلال فضيَّعَتِ الشكرَ، وإنما رُزِقَتْ لتشكُرَ لا لِتكْفرَ، فلما رأيتُ سوء أدبها منعتُها، حتى إذا ذلَّت وانقمعت، ورآني ربي مجاهداً في ذاته حق جهاده، هداني سبيله كما وعد الله: {والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سُبُلَنا وإنَّ اللهَ لَمَعَ المحسنين} [العنكبوت: 69] فصرتُ عنده بالمجاهدة محسناً فكان الله معي، ومن كان مع الله فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل، وقذفَ في القلب من النور نوراً عاجلاً في دار الدنيا حتى يوصله إلى ثواب الآجل"[44].
ذكر الله
مسبحة، يستعملها الصوفيون لأورادهم وأذكارهم
يعرّف الإمام ابن عطاء الله السكندري الذكر على أنه: هو التخلص من الغفلة والنسيان بدوام حضور القلب مع الحق، وقيل: ترديد اسم الله بالقلب واللسان، أو ترديد صفة من صفاته، أو حكم من أحكامه، أو فعل من أفعاله، أو غير ذلك مما يُتقرَّبُ به إلى الله[45].
ويعتقد الصوفية أن الذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد، ويثمر المعارف والأحوال التي شمَّر إليها السالكون، فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر، وكلما عظمت تلك الشجرة ورسخ أصلها، كان أعظم لثمرتها وفائدتها. وهو أصل كل مقام وقاعدته التي يبني عليها، كما يُبنى الحائط على أساسه، وكما يقوم السقف على جداره.
حث أئمة التصوف على الذكر كثيرا، فقال الإمام أبو القاسم القشيري : الذكر منشور الولاية، ومنار الوصلة، وتحقيق الإرادة، وعلامة صحة البداية، ودلالة النهاية، فليس وراء الذكر شيء؛ وجميع الخصال المحمودة راجعة إلى الذكر ومنشؤها عن الذكر. وقال أيضاً: الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هو العمدة في هذا الطريق، ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر[46].
ويجعل الصوفية للذكر أنواع، ولكل منها أدلة عندهم من الكتاب والسنة يجيزونها بها، ولكل منها فوائد تعود على السالك إلى الله بما يناسب حاله، فيذكرون:
ذكر السرّ، وذكر الجهر.
الذكر الفردي، والذكر الجماعي.
الذكر باللسان، والذكر بالقلب.
الخلوة
يعرف الصوفية الخلوة على أنها: انقطاع عن البشر لفترة محدودة، وترك للأعمال الدنيوية لمدة يسيرة، كي يتفرغ القلب من هموم الحياة التي لا تنتهي، ويستريح الفكر من المشاغل اليومية التي لا تنقطع، ثم ذكرٌ لله بقلب حاضر خاشع، وتفكرٌ في آلائه آناء الليل وأطراف النهار، وذلك بإرشاد شيخ عارف بالله، يُعلِّمه إذا جهل، ويذكِّره إذا غفل، وينشطه إذا فتر، ويساعده على دفع الوساوس وهواجس النفس[47].
أما عن دليلها الذي يستدلون به من الكتاب والسنة، عديدة، منها:
إلىية القرآنية: (واذكرِ اسم ربِّكَ وتَبَتَّلْ إليه تبتيلاً) [المزمل: 8]. وقد قال العلامة أبو السعود مفسراً لهذه الآية: ودُم على ذكره تعالى ليلاً ونهاراً على أي وجه كان؛ من التسبيح والتهليل والتحميد... إلى أن قال: وانقطعَ إليه بمجامع الهمة واستغراق العزيمة في مراقبته، وحيث لم يكن ذلك إلا بتجريد نفسه عليه الصلاة والسلام عن العوائق الصادرة المانعة عن مراقبة الله، وقطع العلائق عما سواه[48].
حديث عن عائشة أنها قالت: "أولُ ما بُدِئَ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاءُ، وكان يخلو بغار حِراءَ؛ فيتَحَنَّثُ فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، ويتزود لمثلها، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء"[49]. وقد قال ابن أبي جمرة في شرحه لهذا الحديث: "في الحديث دليل على أن الخلوة عون للإنسان على تعبده وصلاح دينه، لأن النبي لما اعتزل عن الناس وخلا بنفسه، أتاه هذا الخير العظيم، وكل أحد امتثل ذلك أتاه الخير بحسب ما قسم له من مقامات الولاية. وفيه دليل على أن الأوْلى بأهل البداية الخلوة والاعتزال، لأن النبي كان في أول أمره يخلو بنفسه"[50]. وقال القسطلاني في شرحه لحديث عائشة المذكور: "وفيه تنبيه على فضل العزلة لأنها تريح القلب من أشغال الدنيا، وتفرغه لله تعالى، فتنفجر منه ينابيع الحكمة. والخلوة أن يخلو عن غيره، بل وعن نفسه بربه، وعند ذلك يصير خليقاً بأن يكون قالبه ممراً لواردات علوم الغيب، وقلبه مقراً لها"[51].
ويذكر الإمام الغزالي طريقة الخلوة ومراحلها ومقاماتها، فيقول: "أن الشيخ يُلزِم المريد زاوية ينفرد بها، ويوكل به من يقوم له بقدر يسير من القوت الحلال - فإنَّ أصل الدين القوت الحلال - وعند ذلك يلقنه ذكراً من الأذكار، حتى يشغل به لسانه وقلبه، فيجلس ويقول مثلاً: الله، الله، أو سبحان الله، سبحان الله، أو ما يراه الشيخ من الكلمات، فلا يزال يواظب عليه، حتى يسقط الأثر عن اللسان، وتبقى صورة اللفظ في القلب، ثم لا يزال كذلك حتى تُمحى من القلب حروف اللفظ وصورته، وتبقى حقيقة معناه لازمة للقلب، حاضرة معه، غالبة عليه، قد فرغ عن كل ما سواه، لأن القلب إذا اشتغل بشيء خلا عن غيره - أيَّ شيء كان - فإذا اشتغل بذكر الله وهو المقصود، خلا لا محالة من غيره. وعند ذلك يلزمه أن يراقب وساوس القلب، والخواطر التي تتعلق بالدنيا، وما يتذكر فيه مما قد مضى من أحواله وأحوال غيره، فإنه مهما اشتغل بشيء منه - ولو في لحظة - خلا قلبه عن الذكر في تلك اللحظة، وكان أيضاً نقصاناً. فليجتهد في دفع ذلك، ومهما دفع الوساوس كلها، وردَّ النفس إلى هذه الكلمة، جاءته الوساوس من هذه الكلمة، وإنها ما هي؟ وما معنى قولنا: الله؟ ولأي معنى كان إلهاً، وكان معبوداً؟ ويعتريه عند ذلك خواطر تفتح عليه باب الفكر، وربما يَرِدُ عليه من وساوس الشيطان ما هو كفر وبدعة، ومهما كان كارهاً لذلك، ومُتَشمِّراً لإماطته عن القلب لم يضره ذلك"[52].
ويجعل الصوفية للخلوة نوعين، هما:
خلوة عامة: ينفرد بها المؤمن ليتفرغ لذكر الله بأية صيغة كانت، أو لتلاوة القرآن، أو محاسبة نفسه، أو ليتفكر في خلق السموت والأرض.
خلوة خاصة: يقصد منها الوصول إلى مراتب الإحسان والتحقق بمدارج المعرفة، وهذه لا تكون إلا بإشراف مرشدٍ مأذون، يُلَقِّنُ المريدَ ذكراً معيناً، ويكون على صلة دائمة به ليزيل عنه الشكوك ويدفعه إلى آفاق المعرفة، ويرفع عنه الحجب والأوهام والوساوس، وينقله من الكون إلى المُكَوِّن.
العقيدة التي يتبنّاها الصوفية
يعلن المتصوفة حاليا بمعظمهم اعتقادهم حسب مبادئ عقيدة أهل السنة الأشاعرة التي انتشرت وسادت كمذهب عقيدي رسمي لأهل السنة والجماعة، بل وتبناها جمهور علماء أهل السنة والجماعة من الإمام النووي، والإمام ابن حجر العسقلاني، والإمام السيوطي، وغيرهم الكثير. فبالتالي فإن كتب المتصوفة الحديثين لا تخرج عن عقيدة أهل السنة سواءً أكانت أشعرية أوماتريدية. وذلك بالرغم أنهم يتبنون كتب ابن عربي والسهروردي التي تتهم من قبل الحركات السلفية وبعض الباحثين المعاصرين بأنها تتضمن ما يفيد بعقائد الحلول ووحدة الوجود، لكن المتصوفة يقولون أن هذه الكتب ليست في متناول العوام (والعوام في نظر المتصوفة هو كل من لم يتمرس بالصوفية وممارساتها) ،وأنه بالإمكان حمل كلام ابن عربي والسهروردي على محامل نابعة من الإسلام، فالعوام غير قادرين على تذوق المعاني التي لا تتجلى إلا لمن حصل على الكشف الإلهي، بالتالي فهم وحدهم من يمتلك حق التأويل لهذه الكتب والمقولات للشيوخ الكبار مثل ابن عربي والسهروردي. ويرى الشيخ المسافر أن ابن عربي والسهروردي وابن سبعين، فضلا عن جلال مسيرتهم في التصوف، ينتمون إلى ميدان الحكمة الفلسفية، وان كثيرا من كتبهم فلسفية بامتياز، وإن لم تسم بذلك. ويشهد على ذلك إنتاج ذلك العدد الكبير من فلاسفة الغرب الذين اسسوا اطروحاتهم الفلسفية أو ضمنوها أجزاء من إنتاج المشائخ الأولياء الثلاثة، أو كما يطلق عليهم البعض "الفلاسفة العظام الثلاثة".
عقيدة الصوفية في الأولياء
الولي عندهم هو: عبد لله، اختصه الله بعنايته وتوفيقه واصطفاه من بين عبيده، وهو عبد لا يضر ولا ينفع بذاته كباقي البشر، هو دون الأنبياء في المرتبة والمنزلة، إذ لا أحد يصل إلى رتبة الأنبياء مهما ارتقى في مراتب الولاية، لذلك فالولي ليس بمعصوم عن الخطأ، إلا من عصمه الله. ويستشهدون بالآية القرآنية: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين ءامنوا وكانوا يتقون) فالمتقون هم أولياء الله. وقد ورد تحذير في أحاديث النبي محمد، وذلك كما في الحديث القدسي: من عادى لي ولياً فقد ءاذنته بالحرب[53].
مراتب الأولياء
جعل الصوفيةُ الأولياءَ على مراتب، وذلك بحسب اجتهادهم في دقائق التقوى -وبحسب ما يعتبرونه توفيقًا من الله لهم-، وبذلك تفاوتت مراتبهم في مقامات الولاية، فليس كل المتقين على درجة واحدة. أما من حيث الدرجات، فيجعلون المراتب من الأفضل إلى الأدنى كالتالي[54]:
القطب الغوث، الذي به يغاث عباد الله وبواسطته تنزل الرحمة، اشتهر منهم أربعة: الإمام عبد القادر الجيلاني، والإمام أحمد الرفاعي والإمام أحمد البدوي والإمام إبراهيم الدسوقي[55].
ثم الإمامان، وهما كالوزيرين له.
ثم الأربعة الأوتاد الحافظون لجهات الأرض.
ثم السبعة النجباء والحافظون للأقاليم السبعة.-
ثم الأربعون الأبدال الساعون في قضاء حوائج المسلمين، وهم في الشام. وقد ورد فيهم أحاديث مختلف في صحتها منها قول النبي محمد: «الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً، يُسقَى بهم الغيث، ويُنتصر بهم على الأعداء، ويُصرف عن أهل الشام بهم العذاب» [56]
ثم التسعة والتسعون الذين هو مظاهر أسماء الله.
ثم الثلاثمائة والتسعون الأولياء الصالحون من المؤمنين.
وأهل المراتب لا بد من وجودهم في زمان إلى نزول عيسى بن مريم.
كرامات الأولياء
الكرامة هي أمر خارق للعادة غير مقرونة بدعوى النبوة، يظهرها الله على أوليائه الصالحين من أتباع الرسل كرامة لهم. وقد أجمع أهل التصوف على إثبات كرامات الأولياء،وكلام البهائم، وطي الأرض, وظهور الشيء في غير موضعه ووقته[57].
ويستدلون على صحتها ووجودها بآيات من القرآن، منها:
قصة الذي عنده علم من الكتاب في الآية القرآنية: (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك).
قصة مريم بنت عمران حين قال لها النبي زكريا: (أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله).
ومن أحاديث النبي محمد: "أن رجلين خرجا من عند النبي في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما".[53]
ومن قصص وقعت للصحابة: قصة الصحابي عمر بن الخطاب: عن ابن عمر قال: وجه عمر جيشا وولى عليهم رجلا يدعى سارية، فبينما عمر في المدينة يخطب على المنبر جعل ينادي: يا سارية الجبل!! ثلاثا. ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر، فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينما نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي يا سارية الجبل ثلاثا، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله. قال: فقيل لعمر إنك كنت تصيح هكذا وهكذا.[58].
الصوفية يعتبرون أن أعظم الكرامات هي الاستقامة على شرع الله. قال أبو القاسم القشيري : واعلم أن من أجلِّ الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعات، والحفظ من المعاصي والمخالفات[59].
والصوفية يمنعون إِظهار الكرامة إِلا لغرض صحيح ؛ كنصرة شريعة الله أمام الكافرين والمعاندين، أما إِظهارها بدون سبب مشروع فهو مذموم، لما فيه من حظ النفس والمفاخرة والعجب. قال الشيخ محي الدين بن عربي : ولا يخفى أن الكرامة عند أكابر الرجال معدودة من جملة رعونات النفس، إِلا إِنْ كانت لنصر دين أو جلب مصلحة، لأن الله هو الفاعل عندهم، لا هُمْ، هذا مشهدهم، وليس وجه الخصوصية إِلا وقوع ذلك الفعل الخارق على يدهم دون غيرهم ؛ فإِذا أحيا كبشاً مثلاً أو دجاجة فإِنما ذلك بقدرة الله لا بقدرتهم، وإِذا رجع الأمر إِلى القدرة فلا تعجب[60].
كما أن الصوفية لا يعتبرون ظهور الكرامات على يد الولي الصالح دليلاً على أفضليته على غيره. قال الإِمام اليافعي : لا يلزم أن يكون كلُّ مَنْ له كرامة من الأولياء أفضلَ من كل من ليس له كرامة منهم، بل قد يكون بعض مَنْ ليس له كرامة منهم أفضل من بعض مَنْ له كرامة، لأن الكرامة قد تكون لتقوية يقين صاحبها، ودليلاً على صدقه وعلى فضله لا على أفضليته، وإِنما الأفضلية تكون بقوة اليقين، وكمال المعرفة بالله[61].
ويعتبر الصوفية أن عدم ظهور الكرامة على يد الولي الصالح ليس دليلاً على عدم ولايته. قال الإِمام القشيري : لو لم يكن للولي كرامة ظاهرة عليه في الدنيا، لم يقدح عدمها في كونه ولياً[62].
هل يجوز للولي أن يعرف أنه ولي
اختلف الصوفية في الولي: هل يجوز أن يعرف أنه ولي أم لا؟ على قولين[57]. :
فقال بعضهم: لا يجوز ذلك؛ لأن معرفة ذلك تزيل عنه خوف العاقبة، وزوال خوف العاقبة يوجب الأمن، وفي وجوب الأمن زوال العبودية؛ لأن العبد بين الخوف والرجاء.
وقال الأجلة منهم والكبار: يجوز أن يعرف الولي ولايته؛ لأنها كرامة من الله للعبد، والكرامات والنعم يجوز أن يعلم ذلك فيقتضي زيادة الشكر. ويستدل هؤلاء بأن النبي محمد قد أخبر أصحابه بأنهم من أهل الجنة، وشهد للعشرة بالجنة، وشهادة النبي توجب سكونا إليها، وطمأنينة بها، وتصديقا لها. ومع ذلك فقد أخبرهم النبي بذلك.
الشريعة والطريقة والحقيقة
يقسّم الصوفية الدين إلى ثلاثة أركان رئيسية: هي الشريعة، والطريقة، والحقيقة - حيث يعتبره السلفيون أنه تقسيم بدعة في دين الإسلام، ولم يرد في صحته أي أدلة -. ويستدل الصوفية على صحة هذا التقسيم ما ورد بحديث نبي الإسلام محمد الذي اشتهر باسم حديث جبريل وهو مروي عن الصحابي عمر بن الخطاب، يقول:
بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام. قال : الإسلام أن تشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان قال :أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.قال: فأخبرني عن الساعة قال: مالمسؤول عنها بأعلم من السائل قال: فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاه يتطاولون في البنيان. ثم انطلق. فلبث مليا ثم قال: ياعمر أتدري من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل آتاكم يعلمكم دينكم[63].
فالحديث يذكر اركان الدين كما يقولون، وهي:الاسلام الايمان الاحسان
انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية. والتاريخ الإسلامي زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل النووي والغزالي والعز بن عبد السلام كما القادة مثل صلاح الدين الأيوبي ومحمد الفاتح والأمير عبد القادر وعمر المختار وعز الدين القسام.
نتج عن كثرة دخول غير المتعلمين والجهلة في طرق التصوف وما نتج عن ذلك من [محل شك] ممارسات خاطئة عرّضها في بداية القرن الماضي لهجوم المتعلمين في الغرب باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات، ثم بدأ مع منتصف القرن الماضي الهجوم من قبل المدرسة السلفية باعتبارها بدعة دخيلة على الإسلام
تعريف التصوف
من حيث اللغة
كثرت الأقوال في اشتقاق التصوف عند المسلمين على عدة أقوال، أشهرها[4]:
أنه من الصوفة، لأن الصوفي مع الله كالصوفة المطروحة، لاستسلامه لله تعالى.
أنه من الصِّفة، إذ أن التصوف هو اتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات، وترك المذموم منها.
أنه من الصُفَّة، لأن صاحبه تابعٌ لأهل الصُفَّة الذين هم الرعيل الأول من رجال التصوف (وهم مجموعة من المساكين الفقراء كانوا يقيمون في المسجد النبوي الشريف ويعطيهم رسول الله من الصدقات والزكاة طعامهم ولباسهم).
أنه من الصف، فكأنهم في الصف الأول بقلوبهم من حيث حضورهم مع الله؛ وتسابقهم في سائر الطاعات.
أنه من الصوف، لأنهم كانوا يؤثرون لبس الصوف الخشن للتقشف والاخشيشان[5].
أنه من الصفاء، فلفظة "صوفي" على وزن "عوفي"، أي: عافاه الله فعوفي، وقال أبو الفتح البستي:
تنازع الناس في الصوفي واختلفوا وظنه البعض مشتقاً من الصوف
ولست أمنح هذا الاسم غيرَ فتىً صفا فصوفي حتى سُمي الصوفي
وقال شيخ ابن تيمية أنهم ينسبون في رواية إلى صوفة بن أدبن طابخة قبيلة من العرب كانوا يعرفون بالنسك[5]. وكرأي آخر، يقول الشيخ ابن الجوزي في محاولته التي اعتبرها علماء آخرون تقليلاً من شأن التصوف الإسلامي، ذكر في كتابه تلبيس ابليس: يُنسب الصوفيين إلى (صوفة بن مرة) والذي نذرت له والدته أن تعلقه بأستار الكعبة فأطلق اسم (صوفي) على كل من ينقطع عن الدنيا وينصرف إلى العبادة فقط.
وقال الشيخ محمد متولي الشعراوي أنّ الصوفيّة منْ أصل صافى وصوفِيَ إليه : أي بادله الإخاء والمودّة ، وتكونُ بتقرّب العبْد لربّه بالحُب والطّاعة ويُصافيه الله بقرْبه وكرامته ، فنقول:الذي صوفِي مِن الله ، جلّ جلاله .
وقد أرجع بعض الباحثين والمؤرخين المختصين بعلوم الديانات القديمة من غير المتصوفة، الكلمة إلى أصل يوناني، هو كلمة: (سوفيا)، ومعناها الحكمة. وأول من عرف بهذا الرأي: البيروني [6] ووافقه الدكتور محمد جميل غازي، الذي قال: "الصوفية كما نعلم اسم يوناني قديم مأخوذ من الحكمة (صوفيا) وليس كما يقولون إنه مأخوذ من الصوف"[7][8].
من حيث الاصطلاح
كثرت الأقوال أيضا في تعريف التصوف تعريفا اصطلاحيا على آراء متقاربة، كل منها يشير إلى جانب رئيسي في التصوف، والتي منها:
قول زكريا الأنصاري: التصوف علم تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية[9].
قول الشيخ أحمد زروق: التصوف علم قصد لإصلاح القلوب وإفرادها لله تعالى عما سواه. والفقه لإصلاح العمل وحفظ النظام وظهور الحكمة بالأحكام. والأصول "علم التوحيد" لتحقيق المقدمات بالبراهين وتحلية الإيمان بالإيقان.[10].وقال أيضا: وقد حُدَّ التصوف ورسم وفسر بوجوه تبلغ نحو الألفين مرجع، كلها لصدق التوجه إلى الله، وإنما هي وجوه فيه[11].
قول الجنيد: التصوف استعمال كل خلق سني، وترك كل خلق دني[12].
قول أبو الحسن الشاذلي: التصوف تدريب النفس على العبودية، وردها لأحكام الربوبية[13].
قول ابن عجيبة: التصوف هو علم يعرف به كيفية السلوك إلى حضرة ملك الملوك، وتصفية البواطن من الرذائل، وتحليتها بأنواع الفضائل، وأوله علم، ووسطه عمل، وآخره موهبة[14].
أصل التصوف
يُرجع الصوفية أصل التصوف كسلوك وتعبد وزهد في الدنيا وإقبال على العبادات واجتناب المنهيات ومجاهدة للنفس وكثرة لذكر الله إلى عهد رسول الإسلام محمد وعهد الصحابة، وأنه يستمد أصوله وفروعه من تعاليم الدين الإسلامي المستمدة من القرآن والسنة النبوية. وكوجهة نظر أخرى، يرى بعض الناس أن أصل التصوف هو الرهبنة البوذية، والكهانة النصرانية، والشعوذة الهندية فقالوا: هناك تصوف بوذي وهندي ونصراني وفارسي. بينما يرفض الصوفية المسلمون تلك النسبة ويقولون بأن التصوف ما هو إلا التطبيق العملي للإسلام، وأنه ليس هناك إلا التصوف الإسلامي فحسب[15].
بداية ظهور اسم الصوفية
يقول القشيري: «اعلموا أن المسلمين بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يَتَسمَّ أفاضلهم في عصرهم بتسمية علم سوى صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ لا أفضلية فوقها، فقيل لهم "الصحابة"، ثم اختلف الناس وتباينت المراتب، فقيل لخواص الناس ممن لهم شدة عناية بأمر الدين "الزهاد" و"العُبَّاد"، ثم ظهرت البدعة، وحصل التداعي بين الفرق، فكل فريق ادعوا أن فيهم زهادًا، فانفرد خواص أهل السنة المراعون أنفسهم مع الله سبحانه وتعالى، الحافظون قلوبهم عن طوارق الغفلة باسم "التصوف"، واشتهر هذا الاسم لهؤلاء الأكابر قبل المائتين من الهجرة»[16].
ويقول محمد صديق الغماري: «ويعضد ما ذكره ابن خلدون في تاريخ ظهور اسم التصوف ما ذكره الكِنْدي ـ وكان من أهل القرن الرابع ـ في كتاب "ولاة مصر" في حوادث سنة المائتين: "إنه ظهر بالإسكندرية طائفة يسمَّوْن بالصوفية يأمرون بالمعروف". وكذلك ما ذكره المسعودي في "مروج الذهب" حاكيًا عن يحيى بن أكثم فقال: "إن المأمون يومًا لجالس، إذ دخل عليه علي بن صالح الحاجب، فقال: يا أمير المؤمنين! رجل واقفٌ بالباب، عليه ثياب بيض غلاظ، يطلب الدخول للمناظرة، فعلمت أنه بعض الصوفية". فهاتان الحكايتان تشهدان لكلام ابن خلدون في تاريخ نشأة التصوف. وذُكر في "كشف الظنون" أن أول من سمي بالصوفي "أبو هاشم الصوفي" المتوفى سنة خمسين ومئة»[17].
ظهور التصوف كعلم
بعد عهد الصحابة والتابعين، دخل في دين الإسلام أُمم شتى وأجناس عديدة، واتسعت دائرة العلوم، وتقسمت وتوزعت بين أرباب الاختصاص؛ فقام كل فريق بتدوين الفن والعلم الذي يُجيده أكثر من غيره، فنشأ ـ بعد تدوين النحو في الصدر الأول ـ علم الفقه، وعلم التوحيد، وعلوم الحديث، وأصول الدين، والتفسير، والمنطق، ومصطلح الحديث، وعلم الأصول، والفرائض "الميراث" وغيرها. وبعد هذه الفترة أن أخذ التأثير الروحي يتضاءل شيئاً فشيئاً، وأخذ الناس يتناسون ضرورة الإقبال على الله بالعبودية، وبالقلب والهمة، مما دعا أرباب الرياضة والزهد إلى أن يعملوا هُم من ناحيتهم أيضاً على تدوين علم التصوف، وإثبات شرفه وجلاله وفضله على سائر العلوم، من باب سد النقص، واستكمال حاجات الدين في جميع نواحي النشاط[18].
وكان من أوائل من كتب في التصوف من العلماء:
الحارث المحاسبي، المتوفى سنة 243 هـ، ومن كتبه: بدء من أناب إلى الله، وآداب النفوس، ورسالة التوهم.
أبو سعيد الخراز، المتوفى سنة 277 هـ، ومن كتبه: الطريق إلى الله.
أبو عبد الرحمن السلمي، المتوفى سنة 325 هـ، ومن كتبه: آداب الصوفية.
أبو نصر عبد الله بن علي السراج الطوسي، المتوفي سنة 378 هـ، وله كتاب: اللمع في التصوف.
أبو بكر الكلاباذي، المتوفي سنة 380 هـ، وله كتاب: التعرف على مذهب أهل التصوف.
أبو طالب المكي، المتوفى سنة 386 هـ، وله كتاب: قوت القلوب في معاملة المحبوب.
أبو قاسم القشيري، المتوفى سنة 465 هـ، وله الرسالة القشيرية، وهي من أهم الكتب في التصوف.
أبو حامد الغزالي، المتوفى سنة 505 هـ، ومن كتبه: إحياء علوم الدين، الأربعين في أصول الدين، منهاج العابدين إلى جنة رب العالمين، بداية الهداية، وغيرها الكثير. ويعد كتاب إحياء علوم الدين من أشهر -إن لم يكن الأشهر- كتب التصوف ومن أجمعها.
وشهدت الصوفية بعد جيل الجنيد قفزة جديدة مع الإمام الغزالي خاصة كتابه إحياء علوم الدين محاولة لتأسيس العلوم الشرعية بصياغة تربوبة، تلاه اعتماد الكثير من الفقهاء أبرزهم عبد القادر الجيلاني للصوفية كطريقة للتربية الإيمانية، ويبدو أن الجيلاني وتلاميذه الذين انتشروا في كافة بقاع المشرق العربي حافظوا على الجذور الإسلامية للتصوف بالتركيز على تعليم القرآن والحديث مقتدين بأشخاص مثل الحارث المحاسبي، والدليل على ذلك أن حتى ابن تيمية رغم الهجوم الضاري الذي يشنه على الصوفية في عصره، لا يرى بأساً في بعض أفكار التصوف ويمتدح أشخاصا مثل الجيلاني وأحمد الرفاعي. وينسب المؤرخين لهذه المدارس الصوفية المنتشرة دورا كبيرا في تأسيس الجيش المؤمن الذي ساند صلاح الدين في حربه ضد الصليبيين.
ظهور التصوف كطرق ومدارس
يرجع أصل الطرق الصوفية إلى عهد رسول الإسلام محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما كان يخصّ كل من الصحابة بورد يتفق مع درجته وأحواله:
أما الصحابي أبو بكر، فقد أخذ عنه الذكر بالاسم المفرد (الله).
وأما الصحابي علي بن أبي طالب، فقد أخذ من النبى الذكر بالنفي والإثبات وهو (لا إله إلا الله)، حيث تذكر المصادر التاريخية أن علي جاء إلى النبي يومًا فقال له النبي: يا علي عليك بمداومة ذكر الله في الخلوات. فقال علي: هذه فضيلة الذكر، وكل الناس يذكرون. فقال الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول (الله). فقال علي: كيف أذكر يا رسول الله؟ قال: أغمض عينيك واسمع مني ثلاث مرات، ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع. فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا إله إلا الله، ثلاث مرات مغمضاً عينيه رافعاً صوته وعلي يسمع، ثم قال علي لا إله إلا الله ثلاث مرات مغمضاً عينيه رافعاً صوته والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يسمع».[19]
ثم أخذ عنهما من التابعين هذه الأذكار وسميت الطريقتين: بالبكرية والعلوية. ثم نقلت الطريقتين حتى إلتقتا عند الإمام أبوالقاسم الجنيد. ثم تفرعتا إلى الخلوتية، والنقشبندية. واستمر الحال كذلك حتى جاء الأقطاب الأربعة السيد أحمد الرفاعي والسيد عبد القادر الجيلاني والسيد أحمد البدوي والسيد إبراهيم الدسوقي وشيّدوا طرقهم الرئيسية الأربعة وأضافوا إليها أورادهم وأدعيتهم. وتوجد اليوم طرق عديدة جدًا في أنحاء العالم ولكنها كلها مستمدة من هذه الطرق الأربعة. إضافة إلى أوراد السيد أبو الحسن الشاذلي صاحب الطريقة الشاذلية والتي تعتبر أوراده جزءًا من أوراد أي طريقة موجودة اليوم.
الطرق الصوفية
سند الطريقة الشاذلية المتصل إلى نبي الله محمد
الطريق لغة: هي "السيرة"، وطريقة الرجل: مذهبه، يقال: هو على طريقة حسنة وطريقة سيئة. واصطلاحاً: اسم لمنهج أحد العارفين في التزكية والتربية والأذكار والأوراد أخذ بها نفسه حتى وصل إلى معرفة الله، فينسب هذا المنهج إليه ويعرف باسمه، فيقال الطريقة الشاذلية والقادرية والرفاعية نسبة لرجالاتها. وقد أخذ اسم الطريقة من القرآن: {وألّو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً}.
تختلف الطرق التي يتبعها مشايخ الطرق في تربية طلابهم ومريديهم باختلاف مشاربهم وأذواقهم الروحية، وباختلاف البيئة الاجتماعية التي يظهرون فيها. فقد يسلك بعض المشايخ طريق الشدة في تربية المريدين فيأخذونهم بالمجاهدات العنيفة ومنها كثرة الصيام والسهر وكثرة الخلوة والاعتزال عن الناس وكثرة الذكر والفكر. وقد يسلك بعض المشايخ طريقة اللين في تربية المريدين فيأمرونهم بممارسة شيء من الصيام وقيام مقدار من الليل وكثرة الذكر، ولكن لا يلزمونهم بالخلوة والابتعاد عن الناس إلا قليلاً. ومن المشايخ من يتخذ طريقة وسطى بين الشدة واللين في تربية المريدين. وكل هذه الأساليب لا تخرج عن كتاب الله وسنة رسوله، كما يقولون، بل هي من باب الاجتهاد. ولذلك يقولون: لله طرائق بعدد أنفاس الخلائق.
وللطرق الصوفية شارات وبيارق وألوان يتميزون بها: فيتميز الرفاعية باللون الأسود. ويتميز القادرية باللون الأخضر. ويتميز الأحمدية باللون الأحمر. أما البرهانية فإنها لا تتميز بلون واحد كسائر الطرق بل تتميز بثلاث ألوان: الأبيض الذي تميز به إبراهيم الدسوقي، والأصفر الذي تميز به أبو الحسن الشاذلي ومنحه لابن أخته إبراهيم الدسوقي، والأخضر وهو كناية عن شرف الانتساب لأهل بيت رسول الإسلام محمد.
ومن أهم الطرق الصوفية المنتشرة في العالم الإسلامي:
اسم الطريقة نسبتها تاريخ الوفاة أماكن الانتشار
الطريقة القادرية الشيخ عبد القادر الجيلاني 561هـ سورياوالعراقومصر وشرق أفريقياو الهند و باكستان و المغرب العربي
الطريقة السعدية الشيخ سعد الدين الجباوي 575هـ بلاد الشام
الطريقة الرفاعية الشيخ أحمد بن علي الرفاعي 578هـ { سوريا} و العراق ومصر وغرب آسياو المغرب العربي و الهند و باكستان
الطريقة الأحمدية أو البدوية الشيخ أحمد البدوي 627هـ مصرو سوريا و المغرب العربي و الهند وباكستان و العراق
الطريقة الأكبرية الشيخ محيي الدين بن عربي الملقب بالشيخ الأكبر 638هـ مصرو سوريا و المغرب العربي
طريقة السادة آل باعلوي الشيخ محمد بن علي باعلوي 653هـ اليمن وأندونيسيا وشرق آسيا والحجاز
الطريقة الشاذلية الشيخ أبي الحسن الشاذلي 656هـ مصر والسودان والمغرب العربي واليمن وسوريا والأردن و الهند و باكستان
الطريقة البرهانية الدسوقية الشيخ إبراهيم الدسوقي 676هـ مصر والسودان و ليبيا و تونس و الجزائر والمغرب وألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وفرنسا ودانمارك ولوكسمبرج وهولندا و روسيا والسويد وسويسرا والمملكة العربية السعودية والأردن وسوريا واليمن والإمارات العربية المتحدة والكويت وباكستان و لبنان والولايات المتحدة الأمريكية وكندا....
الطريقة القزلباشية الشيخ صفي الدين إسحاق الأردبيلي 730هـ العراق وأفغانستان وإيران وتركيا
الطريقة البكتاشية الشيخ محمد بن إبراهيم بكتاش 738هـ العراق ومصر وسوريا والبانيا وتركيا
الطريقة النقشبندية الشيخ محمد بهاء الدين شاه نقشبند 791هـ آسيا الوسطى وسوريا
الطريقة العروسية الشيخ أحمد بن عروس 869هـ ليبيا وتونس
الطريقة العيساوية الشيخ محمد بن عيسى 933هـ المغرب وتونس
الطريقة الخلوتية الشيخ محمد بن أحمد بن محمد كريم الدين الخلوتي 986هـ مصر وتركيا وفلسطين والأردن
الطريقة السمانية الشيخ محمد بن عبد الكريم السمان 1189هـ السودان
الطريقة التيجانية الشيخ أبو العباس أحمد التيجاني 1230هـ المغرب وتونس والسنغال وغرب أفريقيا
الطريقة الإدريسية الشيخ أحمد بن إدريس الفاسي 1253هـ السودان والصومال
الطريقة المولوية الشيخ جلال الدين الرومي 1272هـ تركيا وحلب
الطريقة الختمية الشيخ محمد عثمان الميرغني الختم 1267هـ السودان وأريتريا وأثيوبيا
الطريقة السنوسية الشيخ محمد بن علي السنوسي 1276هـ ليبيا وشمالي أفريقيا والسودان والصومال
الطريقة الكسنزانية الشيخ عبد الكريم شاه الكسنزان 1317هـ العراق
الطريقة العلاوية الشيخ أحمد مصطفى العلاوي 1353هـ الجزائر
الطريقة المحمدية الفوزوية الكركرية الشيخ محمد فوزي الكركري 1396هـ المغرب وفرنسا واندونيسيا وباكستان
الطريقة الجعفرية الشيخ صالح الجعفري الحسيني إمام الأزهر 1399هـ المغرب والسنغال وغرب أفريقيا
الطريقة القادرية البودشيشية سيدي علي بن محمد الملقب بسيدي علي بودشيش المغرب
الطريقة النونية الرفاعية الشافعية الشيخ الحبيب نور الدين علي محمد حسن السليماني الهاشمي الأمير السعودية ومصر والولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا
الطريقة الفاضلية الشيخ محمد فاضل بن مامين 1211هـ موريتانيا والمغرب والسنيغال وأفريقيا
اتباعهم للقرآن والسنة
يرى أئمة التصوف أنهم متبعين للكتاب والسنة، وأن علمهم هذا كباقي العلوم الإسلامية من الفقه والعقيدة مستمد من الكتاب والسنة، دل على اعتقادهم بذلك أقوالهم، والتي منها:
قول الجنيد: «الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا على من اقتفى أثر الرسول عليه الصلاة والسلام». وقال أيضا: «من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث، لا يقتدي به في هذا الأمر لأن علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة».
قول سهل التستري: «أصولنا سبعة أشياء: التمسك بكتاب الله، والاقتداء بسنة رسوله، وأكل الحلال، وكفِ الأذى، واجتناب الآثام، والتوبة، وأداء الحقوق»[20].
قول أبو الحسن الشاذلي: «إِذا عارض كشفُك الصحيح الكتابَ والسنة فاعمل بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إِن الله ضمن لي العصمة في الكتاب والسنة، ولم يضمنها لي في جانب الكشف والإِلهام»[21].
قول أبو الحسين الوراق: «لا يصل العبد إِلى الله إِلا بالله، وبموافقة حبيبه في شرائعه، ومَنْ جعل الطريق إِلى الوصول في غير الاقتداء يضل من حيث يظن أنه مهتد»[22].
قول عبد الوهاب الشعراني: «إن طريق القوم - أي الصوفية - محررة على الكتاب والسنة كتحرير الذهب والجوهر، فيحتاج سالكها إِلى ميزان شرعي في كل حركة وسكون»[23].
قول أبي يزيد البسطامي حيث سئل عن الصوفي فقال: «هو الذي يأخذ كتاب الله بيمينه وسنة رسوله بشماله، وينظر بإِحدى عينيه إِلى الجنة، وبالأخرى إِلى النار، ويأتزر بالدنيا، ويرتدي بالآخرة، ويلبي من بينهما للمولى: لبيك اللهم لبيك»[24].
ويستدلون أيضا على صحة توجههم بمواقف أئمة المذاهب السنية الأربعة الداعية إلى التصوف بمعناه الصحيح. أما معارضيها فيعتبرونها ممارسة تعبدية لم تذكر لا في القرآن ولا في السنة ولا يصح أي سند لإثباتها وعليه فهي تدخل في نطاق البدعة المحرمة التي نهى عنها رسول الإسلام محمد.
مصطلحات الصوفية
متصوفون أتراك مولويون يؤدون حركاتهم التقليدية أمام ضريح المولى جلال الدين الرومي في قونية
إِن لكل علم من العلوم كالفقه والحديث والمنطق والنحو والهندسة والفلسفة اصطلاحات خاصة به، لا يعلمها إِلا أصحاب ذلك العلم، ومن قرأ كتب علم من العلوم دون أن يعرف اصطلاحاته، أو يطلع على رموزه وإِشاراته، فإِنه يؤول الكلام تأويلات شتى مغايرة لما يقصده العلماء، ومناقضة لما يريده الكاتبون فيتيه ويضل.
وللصوفية اصطلاحاتهم التي قامت بعض الشيء مقام العبارة في تصوير مدركاتهم ومواجيدهم، حين عجزت اللغة عن ذلك. فبسبب ذلك دعى الصوفية من يريد الفهم عنهم إلى صحبتهم حتى تتضح لهم عباراتهم، ويتعرفوا على إِشاراتهم ومصطلحاتهم. قال بعض الصوفية: «نحن قوم يحرم النظر في كتبنا على من لم يكن من أهل طريقنا»[25]. وقال عبد الوهاب الشعراني: سمعت سيدي عليًا الخواص يقول: «إِياك أن تعتقد يا أخي إِذا طالعت كتب القوم، وعرفت مصطلحهم في ألفاظهم أنك صرت صوفيًا، إِنما التصوف التخلق بأخلاقهم، ومعرفة طرق استنباطهم لجميع الآداب والأخلاق التي تحلَّوْا بها من الكتاب والسنة»[26].
وإِن كلام الصوفية في تحذير من لا يفهم كلامهم ولا يعرف اصطلاحاتهم من قراءة كتبهم ليس من قبيل كتم العلم، ولكن خوفاً من أن يفهم الناس من كتبهم غير ما يقصدون، وخشية أن يؤولوا كلامهم على غير حقيقته، فيقعوا في الإِنكار والاعتراض، شأن من يجهل علماً من العلوم. لأن المطلوب من المؤمن أن يخاطب الناس بما يناسبهم من الكلام وما يتفق مع مستواهم في العلم والفهم والاستعداد[27]. فمن هذه المصطلحات[28].:
الأنس:
قال الجنيد: هو ارتفاع الحشمة مع وجود الهيبة.
الاتصال: وهو أن ينفصل العبد بسره عما سوى الله، فلا يَرَى بسره - بمعنى التعظيم - غيرَه، ولا يسمع إلا منه.
التجريد: وهو أن يتجرد العبد بظاهره عن الأعراض، وبباطنه عن الأعواض.
الوجد: هو ما صادف القلب من فزع، أو غم، أو رؤية معنى من أحوال الآخرة، أو كشف حالة بين العبد والله.
التواجد: هو ظهور ما يجد في باطنه على ظاهره، ومن قوي حاله تمكن فسكن.
الغيبة: أن يغيب عن حظوظ نفسه فلا يراها، وهي قائمة معه، موجودة فيه، غير أنه غائب عنها بشهود ما للحق.
الجمع: جمع الهمة: وهو أن تكون الهموم كلها هما واحدا وهو الله.
المنهج العملي في التصوف
يرى الصوفية أنهم لا يكتفون بأن يوضحوا للناس أحكام الشرع وآدابه بمجرد الكلام النظري، ولكنهم بالإضافة إلى ذلك يأخذون بيد تلميذهم ويسيرون به في مدارج الترقي، ويرافقونه في جميع مراحل سيره إلى الله، يحيطونه برعايتهم وعنايتهم، ويوجهونه بحالهم وقولهم، يذكرونه إذا نسي، ويقوِّمونه إذا انحرف، ويتفقدونه إذا غاب، وينشطونه إذا فتر. وهكذا يرسمون له المنهج العملي الذي يمكنه به أن يتحقق بأركان الدين الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان. ومن أهم الطرق العملية التي يطبقها رجال التصوف للوصول إلى رضا الله ومعرفته:
العلم
يعتقد الصوفية أن العلم والعمل توأمان لا ينفكان عن بعضهما، والسالك في طريق الإيمان والتعرف على الله والوصول إلى رضاه لا يستغني عن العلم في أية مرحلة من مراحل سلوكه. ففي ابتداء سيره لا بد له من علم العقائد وتصحيح العبادات واستقامة المعاملات، وفي أثناء سلوكه لا يستغني عن علم أحوال القلب وحسن الأخلاق وتزكية النفس. ولهذا اعتُبِرَ اكتساب العلم الضروري من أهم النقاط الأساسية في المنهج العملي للتصوف، إذ يرى الصوفية أن التصوف ليس إلا التطبيق العملي للإسلام كاملاً غير منقوص في جميع جوانبه الظاهرة والباطنة[29].
الصحبة
يعتقد الصوفية أن للصحبة أثراً عميقاً في شخصية المرء وأخلاقه وسلوكه، وأن الصاحب يكتسب صفات صاحبه بالتأثر الروحي والاقتداء العملي. وأن الصحابة ما نالوا هذا المقام السامي والدرجة الرفيعة إلا بمصاحبتهم لرسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ومجالستهم له. وأن التابعون أحرزوا هذا الشرف باجتماعهم بالصحابة.
وبما أن الصوفية وباقي المسلمين يؤمنون بأن رسالة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) عامة خالدة إلى قيام الساعة، فإن الصوفية يرون أن لرسول الإسلام (صلى الله عليه وسلم) ورّاثاً من العلماء العارفين بالله، ورثوا عن نبيهم العلم والخُلق والإيمان والتقوى، فكانوا خلفاء عنه في الهداية والإرشاد والدعوة إلى الله، فمَنْ جالسهم سرى إليه من حالهم الذي اقتبسوه من رسول الإسلام محمد(صلى الله عليه وسلم)، ومَنْ نصرهم فقد نصر الدين، ومن ربط حبله بحبالهم فقد اتصل بالرسول محمد(صلى الله عليه وسلم) حسب اعتقادهم. ويرون أن هؤلاء الوراث هم الذين ينقلون للناس الدين، مُمَثَّلاً في سلوكهم، حيَّاً في أحوالهم، واضحاً في حركاتهم وسكناتهم، هم من الذين عناهم الرسول محمد(صلى الله عليه وسلم) بقوله: «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك».[30]. ويعتقدون أن أمثال هؤلاء الوراث لا ينقطع أثرهم على مر الزمان، ولا يخلو منهم بلد، وأن صحبتهم دواء مجرب، والبعد عنهم سم قاتل، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم؛ مرافقتهم هي العلاج العملي الفعَّال لإصلاح النفوس، وتهذيب الأخلاق، وغرس العقيدة، ورسوخ الإيمان.
ويستدلون على أهمية الصحبة بآيات من القرآن، منها:
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللهَ وكُونوا معَ الصادقين}[31].
{واصبر نفسك مع الذينَ يدعون ربَّهم بالغداةِ والعشيِّ يُريدونَ وجهَهُ ولا تَعْدُ عيناك عنهُم تُريد زينةَ الحياةِ الدنيا ولا تُطِعْ مَنْ أغفلنا قلبَه عن ذكرنا واتَّبَعَ هواهُ وكان أمرُه فُرُطاً}[32].
{واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ}[33].
{الرحمنُ فاسألْ به خبيراً}[34].
{من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً}[35].
ويقول أئمة التصوف في أهمية صحبة الشيوخ المرشدين:
قال أبو حامد الغزالي : «مما يجب في حق سالكِ طريق الحق أن يكون له مرشدٌ ومربٌّ ليدله على الطريق، ويرفع عنه الأخلاق المذمومة، ويضع مكانها الأخلاق المحمودة»[36].
قال ابن عطاء الله السكندري : «وينبغي لمن عزم على الاسترشاد، وسلوك طريق الرشاد، أن يبحث عن شيخ من أهل التحقيق، سالك للطريق، تارك لهواه، راسخ القدم في خدمة مولاه فإذا وجده فليمتثل ما أمر، ولينْتهِ عما نهى عنه وزجر»[37].
قال أحمد زروق : «أخذ العلم والعمل عن المشايخ أتم من أخذه دونهم (بل هو آياتٌ بيِّناتٌ في صُدور الذينَ أوتوا العلمَ)، (واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ)، فلزمت المشيخة»[38].
مجاهدة النفس
يعرّف الصوفية مجاهدة النفس على أنها: «بذل الوسع في حمل النفس على خلاف هواها ومرادها المذموم، وإلزامها تطبيق شرع الله أمراً ونهياً». ويقولون أنه ليس المراد من مجاهدة النفس استئصال صفاتها؛ بل المراد تصعيدها من سيء إلى حسن، وتسييرها على مراد الله وابتغاء مرضاته.
ويستدل الصوفية على المجاهدة بآيات من القرآن وأحاديث من السنة، منها:
في القرآن: {والذينَ جاهَدوا فينا لنَهديَنَّهم سُبُلَنا}[39].
في السنة النبوية: «المجاهدُ مَنْ جاهد نفسَهُ في الله»[40].
ومن أقوال أئمتهم في الحث على مجاهدة النفس:
قال أبو عثمان المغربي: «من ظن أنه يُفتح له بهده الطريقة أو يكشف له عن شيء منها لا بلزوم المجاهدة فهو في غلط»[41].
قال شييخ الاسلام زكريا الأنصاري : «إنَّ نجاة النفس أنْ يخالف العبدُ هواها، ويحملَها على ما طلب منها ربُّها»[42].
قال أحمد بن عجيبة: «لا بد للمريد في أول دخوله الطريق من مجاهدة ومكابدة وصدق وتصديق، وهي مُظهِر ومجلاة للنهايات، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فمن رأيناه جادَّاً في طلب الحق باذلاً نفسه وفلسه وروحه وعزه وجاهه ابتغاء الوصول إلى التحقق بالعبودية والقيام بوظائف الربوبية ؛ علمنا إشراق نهايته بالوصول إلى محبوبه، وإذا رأيناه مقصِّراً علمنا قصوره عما هنالك»[43].
واعترض أقوام على رجال التصوف واتهموهم بأنهم يُحَرِّمون ما أحل الله من أنواع اللذائذ والمتع، وقد قال الله: (قٌلْ مَنْ حرَّمَ زينة الله التي أخرجَ لعبادِهِ والطيبات من الرزق...) [الأعراف: 32]. ولكن رجال التصوف ردوا عليهم بقولهم أنهم لم يجعلوا الحلالَ حراماً، إذْ أسمى مقاصدهم هو التقيد بشرع الله، ولكنهم حين عرفوا أن تزكية النفس فرضُ عين، وأن للنفس أخلاقاً سيئة وتعلقات شهوانية، توصِل صاحبها إلى الردى، وتعيقه عن الترقي في مدراج الكمال، وجدوا لزاماً عليهم أن يهذبوا نفوسهم ويحرروها من سجن الهوى.
وبهذا المعنى يقول الصوفي الحكيم الترمذي رداً على هذه النقطة، وجواباً لمن احتج بالآية القرآنية: (قُلْ مَنْ حرَّمَ زينة الله) : "فهذا الاحتجاج تعنيف، ومن القول تحريف لأنَّا لم نُرِدْ بهذا، التحريمَ، ولكنا أردنا تأديب النفس حتى تأخذ الأدب وتعلم كيف ينبغي أن تعمل في ذلك، ألا ترى إلى قوله جل وعلا: {إنّما حرّم ربيَ الفواحشَ ما ظهر منها وما بطنَ والإثمَ والبَغيَ بغيرِ الحقِّ} [الأعراف: 33]. فالبغيُ في الشيء الحلال حرامٌ، والفخرُ حرام، والمباهاةُ حرام، والرياء حرام، والسرف حرام، فإنما أُوتِيَتِ النفسُ هذا المنعَ من أجل أنها مالت إلى هذه الأشياء بقلبها، حتى فسد القلب. فلما رأيتُ النفس تتناول زينة الله والطيبات من الرزق تريد بذلك تغنياً أو مباهاة أو رياء علمتُ أنها خلطت حراماً بحلال فضيَّعَتِ الشكرَ، وإنما رُزِقَتْ لتشكُرَ لا لِتكْفرَ، فلما رأيتُ سوء أدبها منعتُها، حتى إذا ذلَّت وانقمعت، ورآني ربي مجاهداً في ذاته حق جهاده، هداني سبيله كما وعد الله: {والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سُبُلَنا وإنَّ اللهَ لَمَعَ المحسنين} [العنكبوت: 69] فصرتُ عنده بالمجاهدة محسناً فكان الله معي، ومن كان مع الله فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام، والهادي الذي لا يضل، وقذفَ في القلب من النور نوراً عاجلاً في دار الدنيا حتى يوصله إلى ثواب الآجل"[44].
ذكر الله
مسبحة، يستعملها الصوفيون لأورادهم وأذكارهم
يعرّف الإمام ابن عطاء الله السكندري الذكر على أنه: هو التخلص من الغفلة والنسيان بدوام حضور القلب مع الحق، وقيل: ترديد اسم الله بالقلب واللسان، أو ترديد صفة من صفاته، أو حكم من أحكامه، أو فعل من أفعاله، أو غير ذلك مما يُتقرَّبُ به إلى الله[45].
ويعتقد الصوفية أن الذكر يثمر المقامات كلها من اليقظة إلى التوحيد، ويثمر المعارف والأحوال التي شمَّر إليها السالكون، فلا سبيل إلى نيل ثمارها إلا من شجرة الذكر، وكلما عظمت تلك الشجرة ورسخ أصلها، كان أعظم لثمرتها وفائدتها. وهو أصل كل مقام وقاعدته التي يبني عليها، كما يُبنى الحائط على أساسه، وكما يقوم السقف على جداره.
حث أئمة التصوف على الذكر كثيرا، فقال الإمام أبو القاسم القشيري : الذكر منشور الولاية، ومنار الوصلة، وتحقيق الإرادة، وعلامة صحة البداية، ودلالة النهاية، فليس وراء الذكر شيء؛ وجميع الخصال المحمودة راجعة إلى الذكر ومنشؤها عن الذكر. وقال أيضاً: الذكر ركن قوي في طريق الحق سبحانه وتعالى، بل هو العمدة في هذا الطريق، ولا يصل أحد إلى الله إلا بدوام الذكر[46].
ويجعل الصوفية للذكر أنواع، ولكل منها أدلة عندهم من الكتاب والسنة يجيزونها بها، ولكل منها فوائد تعود على السالك إلى الله بما يناسب حاله، فيذكرون:
ذكر السرّ، وذكر الجهر.
الذكر الفردي، والذكر الجماعي.
الذكر باللسان، والذكر بالقلب.
الخلوة
يعرف الصوفية الخلوة على أنها: انقطاع عن البشر لفترة محدودة، وترك للأعمال الدنيوية لمدة يسيرة، كي يتفرغ القلب من هموم الحياة التي لا تنتهي، ويستريح الفكر من المشاغل اليومية التي لا تنقطع، ثم ذكرٌ لله بقلب حاضر خاشع، وتفكرٌ في آلائه آناء الليل وأطراف النهار، وذلك بإرشاد شيخ عارف بالله، يُعلِّمه إذا جهل، ويذكِّره إذا غفل، وينشطه إذا فتر، ويساعده على دفع الوساوس وهواجس النفس[47].
أما عن دليلها الذي يستدلون به من الكتاب والسنة، عديدة، منها:
إلىية القرآنية: (واذكرِ اسم ربِّكَ وتَبَتَّلْ إليه تبتيلاً) [المزمل: 8]. وقد قال العلامة أبو السعود مفسراً لهذه الآية: ودُم على ذكره تعالى ليلاً ونهاراً على أي وجه كان؛ من التسبيح والتهليل والتحميد... إلى أن قال: وانقطعَ إليه بمجامع الهمة واستغراق العزيمة في مراقبته، وحيث لم يكن ذلك إلا بتجريد نفسه عليه الصلاة والسلام عن العوائق الصادرة المانعة عن مراقبة الله، وقطع العلائق عما سواه[48].
حديث عن عائشة أنها قالت: "أولُ ما بُدِئَ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِّبَ إليه الخلاءُ، وكان يخلو بغار حِراءَ؛ فيتَحَنَّثُ فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد، قبل أن ينزع إلى أهله، ويتزود لذلك، ثم يرجع إلى خديجة، ويتزود لمثلها، حتى جاءه الحق، وهو في غار حراء"[49]. وقد قال ابن أبي جمرة في شرحه لهذا الحديث: "في الحديث دليل على أن الخلوة عون للإنسان على تعبده وصلاح دينه، لأن النبي لما اعتزل عن الناس وخلا بنفسه، أتاه هذا الخير العظيم، وكل أحد امتثل ذلك أتاه الخير بحسب ما قسم له من مقامات الولاية. وفيه دليل على أن الأوْلى بأهل البداية الخلوة والاعتزال، لأن النبي كان في أول أمره يخلو بنفسه"[50]. وقال القسطلاني في شرحه لحديث عائشة المذكور: "وفيه تنبيه على فضل العزلة لأنها تريح القلب من أشغال الدنيا، وتفرغه لله تعالى، فتنفجر منه ينابيع الحكمة. والخلوة أن يخلو عن غيره، بل وعن نفسه بربه، وعند ذلك يصير خليقاً بأن يكون قالبه ممراً لواردات علوم الغيب، وقلبه مقراً لها"[51].
ويذكر الإمام الغزالي طريقة الخلوة ومراحلها ومقاماتها، فيقول: "أن الشيخ يُلزِم المريد زاوية ينفرد بها، ويوكل به من يقوم له بقدر يسير من القوت الحلال - فإنَّ أصل الدين القوت الحلال - وعند ذلك يلقنه ذكراً من الأذكار، حتى يشغل به لسانه وقلبه، فيجلس ويقول مثلاً: الله، الله، أو سبحان الله، سبحان الله، أو ما يراه الشيخ من الكلمات، فلا يزال يواظب عليه، حتى يسقط الأثر عن اللسان، وتبقى صورة اللفظ في القلب، ثم لا يزال كذلك حتى تُمحى من القلب حروف اللفظ وصورته، وتبقى حقيقة معناه لازمة للقلب، حاضرة معه، غالبة عليه، قد فرغ عن كل ما سواه، لأن القلب إذا اشتغل بشيء خلا عن غيره - أيَّ شيء كان - فإذا اشتغل بذكر الله وهو المقصود، خلا لا محالة من غيره. وعند ذلك يلزمه أن يراقب وساوس القلب، والخواطر التي تتعلق بالدنيا، وما يتذكر فيه مما قد مضى من أحواله وأحوال غيره، فإنه مهما اشتغل بشيء منه - ولو في لحظة - خلا قلبه عن الذكر في تلك اللحظة، وكان أيضاً نقصاناً. فليجتهد في دفع ذلك، ومهما دفع الوساوس كلها، وردَّ النفس إلى هذه الكلمة، جاءته الوساوس من هذه الكلمة، وإنها ما هي؟ وما معنى قولنا: الله؟ ولأي معنى كان إلهاً، وكان معبوداً؟ ويعتريه عند ذلك خواطر تفتح عليه باب الفكر، وربما يَرِدُ عليه من وساوس الشيطان ما هو كفر وبدعة، ومهما كان كارهاً لذلك، ومُتَشمِّراً لإماطته عن القلب لم يضره ذلك"[52].
ويجعل الصوفية للخلوة نوعين، هما:
خلوة عامة: ينفرد بها المؤمن ليتفرغ لذكر الله بأية صيغة كانت، أو لتلاوة القرآن، أو محاسبة نفسه، أو ليتفكر في خلق السموت والأرض.
خلوة خاصة: يقصد منها الوصول إلى مراتب الإحسان والتحقق بمدارج المعرفة، وهذه لا تكون إلا بإشراف مرشدٍ مأذون، يُلَقِّنُ المريدَ ذكراً معيناً، ويكون على صلة دائمة به ليزيل عنه الشكوك ويدفعه إلى آفاق المعرفة، ويرفع عنه الحجب والأوهام والوساوس، وينقله من الكون إلى المُكَوِّن.
العقيدة التي يتبنّاها الصوفية
يعلن المتصوفة حاليا بمعظمهم اعتقادهم حسب مبادئ عقيدة أهل السنة الأشاعرة التي انتشرت وسادت كمذهب عقيدي رسمي لأهل السنة والجماعة، بل وتبناها جمهور علماء أهل السنة والجماعة من الإمام النووي، والإمام ابن حجر العسقلاني، والإمام السيوطي، وغيرهم الكثير. فبالتالي فإن كتب المتصوفة الحديثين لا تخرج عن عقيدة أهل السنة سواءً أكانت أشعرية أوماتريدية. وذلك بالرغم أنهم يتبنون كتب ابن عربي والسهروردي التي تتهم من قبل الحركات السلفية وبعض الباحثين المعاصرين بأنها تتضمن ما يفيد بعقائد الحلول ووحدة الوجود، لكن المتصوفة يقولون أن هذه الكتب ليست في متناول العوام (والعوام في نظر المتصوفة هو كل من لم يتمرس بالصوفية وممارساتها) ،وأنه بالإمكان حمل كلام ابن عربي والسهروردي على محامل نابعة من الإسلام، فالعوام غير قادرين على تذوق المعاني التي لا تتجلى إلا لمن حصل على الكشف الإلهي، بالتالي فهم وحدهم من يمتلك حق التأويل لهذه الكتب والمقولات للشيوخ الكبار مثل ابن عربي والسهروردي. ويرى الشيخ المسافر أن ابن عربي والسهروردي وابن سبعين، فضلا عن جلال مسيرتهم في التصوف، ينتمون إلى ميدان الحكمة الفلسفية، وان كثيرا من كتبهم فلسفية بامتياز، وإن لم تسم بذلك. ويشهد على ذلك إنتاج ذلك العدد الكبير من فلاسفة الغرب الذين اسسوا اطروحاتهم الفلسفية أو ضمنوها أجزاء من إنتاج المشائخ الأولياء الثلاثة، أو كما يطلق عليهم البعض "الفلاسفة العظام الثلاثة".
عقيدة الصوفية في الأولياء
الولي عندهم هو: عبد لله، اختصه الله بعنايته وتوفيقه واصطفاه من بين عبيده، وهو عبد لا يضر ولا ينفع بذاته كباقي البشر، هو دون الأنبياء في المرتبة والمنزلة، إذ لا أحد يصل إلى رتبة الأنبياء مهما ارتقى في مراتب الولاية، لذلك فالولي ليس بمعصوم عن الخطأ، إلا من عصمه الله. ويستشهدون بالآية القرآنية: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين ءامنوا وكانوا يتقون) فالمتقون هم أولياء الله. وقد ورد تحذير في أحاديث النبي محمد، وذلك كما في الحديث القدسي: من عادى لي ولياً فقد ءاذنته بالحرب[53].
مراتب الأولياء
جعل الصوفيةُ الأولياءَ على مراتب، وذلك بحسب اجتهادهم في دقائق التقوى -وبحسب ما يعتبرونه توفيقًا من الله لهم-، وبذلك تفاوتت مراتبهم في مقامات الولاية، فليس كل المتقين على درجة واحدة. أما من حيث الدرجات، فيجعلون المراتب من الأفضل إلى الأدنى كالتالي[54]:
القطب الغوث، الذي به يغاث عباد الله وبواسطته تنزل الرحمة، اشتهر منهم أربعة: الإمام عبد القادر الجيلاني، والإمام أحمد الرفاعي والإمام أحمد البدوي والإمام إبراهيم الدسوقي[55].
ثم الإمامان، وهما كالوزيرين له.
ثم الأربعة الأوتاد الحافظون لجهات الأرض.
ثم السبعة النجباء والحافظون للأقاليم السبعة.-
ثم الأربعون الأبدال الساعون في قضاء حوائج المسلمين، وهم في الشام. وقد ورد فيهم أحاديث مختلف في صحتها منها قول النبي محمد: «الأبدال بالشام وهم أربعون رجلاً كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً، يُسقَى بهم الغيث، ويُنتصر بهم على الأعداء، ويُصرف عن أهل الشام بهم العذاب» [56]
ثم التسعة والتسعون الذين هو مظاهر أسماء الله.
ثم الثلاثمائة والتسعون الأولياء الصالحون من المؤمنين.
وأهل المراتب لا بد من وجودهم في زمان إلى نزول عيسى بن مريم.
كرامات الأولياء
الكرامة هي أمر خارق للعادة غير مقرونة بدعوى النبوة، يظهرها الله على أوليائه الصالحين من أتباع الرسل كرامة لهم. وقد أجمع أهل التصوف على إثبات كرامات الأولياء،وكلام البهائم، وطي الأرض, وظهور الشيء في غير موضعه ووقته[57].
ويستدلون على صحتها ووجودها بآيات من القرآن، منها:
قصة الذي عنده علم من الكتاب في الآية القرآنية: (أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك).
قصة مريم بنت عمران حين قال لها النبي زكريا: (أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله).
ومن أحاديث النبي محمد: "أن رجلين خرجا من عند النبي في ليلة مظلمة، وإذا نور بين أيديهما حتى تفرقا، فتفرق النور معهما".[53]
ومن قصص وقعت للصحابة: قصة الصحابي عمر بن الخطاب: عن ابن عمر قال: وجه عمر جيشا وولى عليهم رجلا يدعى سارية، فبينما عمر في المدينة يخطب على المنبر جعل ينادي: يا سارية الجبل!! ثلاثا. ثم قدم رسول الجيش فسأله عمر، فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا فبينما نحن كذلك إذ سمعنا صوتا ينادي يا سارية الجبل ثلاثا، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل فهزمهم الله. قال: فقيل لعمر إنك كنت تصيح هكذا وهكذا.[58].
الصوفية يعتبرون أن أعظم الكرامات هي الاستقامة على شرع الله. قال أبو القاسم القشيري : واعلم أن من أجلِّ الكرامات التي تكون للأولياء دوام التوفيق للطاعات، والحفظ من المعاصي والمخالفات[59].
والصوفية يمنعون إِظهار الكرامة إِلا لغرض صحيح ؛ كنصرة شريعة الله أمام الكافرين والمعاندين، أما إِظهارها بدون سبب مشروع فهو مذموم، لما فيه من حظ النفس والمفاخرة والعجب. قال الشيخ محي الدين بن عربي : ولا يخفى أن الكرامة عند أكابر الرجال معدودة من جملة رعونات النفس، إِلا إِنْ كانت لنصر دين أو جلب مصلحة، لأن الله هو الفاعل عندهم، لا هُمْ، هذا مشهدهم، وليس وجه الخصوصية إِلا وقوع ذلك الفعل الخارق على يدهم دون غيرهم ؛ فإِذا أحيا كبشاً مثلاً أو دجاجة فإِنما ذلك بقدرة الله لا بقدرتهم، وإِذا رجع الأمر إِلى القدرة فلا تعجب[60].
كما أن الصوفية لا يعتبرون ظهور الكرامات على يد الولي الصالح دليلاً على أفضليته على غيره. قال الإِمام اليافعي : لا يلزم أن يكون كلُّ مَنْ له كرامة من الأولياء أفضلَ من كل من ليس له كرامة منهم، بل قد يكون بعض مَنْ ليس له كرامة منهم أفضل من بعض مَنْ له كرامة، لأن الكرامة قد تكون لتقوية يقين صاحبها، ودليلاً على صدقه وعلى فضله لا على أفضليته، وإِنما الأفضلية تكون بقوة اليقين، وكمال المعرفة بالله[61].
ويعتبر الصوفية أن عدم ظهور الكرامة على يد الولي الصالح ليس دليلاً على عدم ولايته. قال الإِمام القشيري : لو لم يكن للولي كرامة ظاهرة عليه في الدنيا، لم يقدح عدمها في كونه ولياً[62].
هل يجوز للولي أن يعرف أنه ولي
اختلف الصوفية في الولي: هل يجوز أن يعرف أنه ولي أم لا؟ على قولين[57]. :
فقال بعضهم: لا يجوز ذلك؛ لأن معرفة ذلك تزيل عنه خوف العاقبة، وزوال خوف العاقبة يوجب الأمن، وفي وجوب الأمن زوال العبودية؛ لأن العبد بين الخوف والرجاء.
وقال الأجلة منهم والكبار: يجوز أن يعرف الولي ولايته؛ لأنها كرامة من الله للعبد، والكرامات والنعم يجوز أن يعلم ذلك فيقتضي زيادة الشكر. ويستدل هؤلاء بأن النبي محمد قد أخبر أصحابه بأنهم من أهل الجنة، وشهد للعشرة بالجنة، وشهادة النبي توجب سكونا إليها، وطمأنينة بها، وتصديقا لها. ومع ذلك فقد أخبرهم النبي بذلك.
الشريعة والطريقة والحقيقة
يقسّم الصوفية الدين إلى ثلاثة أركان رئيسية: هي الشريعة، والطريقة، والحقيقة - حيث يعتبره السلفيون أنه تقسيم بدعة في دين الإسلام، ولم يرد في صحته أي أدلة -. ويستدل الصوفية على صحة هذا التقسيم ما ورد بحديث نبي الإسلام محمد الذي اشتهر باسم حديث جبريل وهو مروي عن الصحابي عمر بن الخطاب، يقول:
بينما نحن جلوس عند رسول الله إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لايرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام. قال : الإسلام أن تشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان قال :أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.قال: فأخبرني عن الساعة قال: مالمسؤول عنها بأعلم من السائل قال: فأخبرني عن أماراتها قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاة الشاه يتطاولون في البنيان. ثم انطلق. فلبث مليا ثم قال: ياعمر أتدري من السائل قلت الله ورسوله أعلم قال: فإنه جبريل آتاكم يعلمكم دينكم[63].
فالحديث يذكر اركان الدين كما يقولون، وهي:الاسلام الايمان الاحسان
الشيخ عبد القادر الشاري- مبتدأ
- عدد المساهمات : 5
نقاط : 17
السٌّمعَة : 2
تاريخ التسجيل : 17/02/2014
رد: التصوف (الاحسان)
السلام عليكم
ياإماما لقد اسديت لي عُرفا *** من نفيس الجمان للقلب شغفا
عبق زده من الوضع نور *** من نسيج يديك للناسي عَرفا
هذه شمس للحقيقة اضحت *** للواء الصفاء
ياإماما لقد اسديت لي عُرفا *** من نفيس الجمان للقلب شغفا
عبق زده من الوضع نور *** من نسيج يديك للناسي عَرفا
هذه شمس للحقيقة اضحت *** للواء الصفاء
الشيخ محمد بوغـــــــفالة- مبتدأ
- عدد المساهمات : 1
نقاط : 1
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 15/03/2014
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى