التدبير في شأن الرزق
صفحة 1 من اصل 1
التدبير في شأن الرزق
التدبير في شأن الرزق
كنت قد وعدنا بأنا نفرد للتدبير في شأن الرزق بابا، وذلك: أن أكثر دخول التدبير على القلوب من جهته.
فاعلم أن سلامة القلوب من التدبير في شأن الرزق، منة عظمى لا يسلم منها إلا الموفقون الذين صدقوا الله في حسن الثقة، فاطمأنت قلوبهم إليه، وتحققوا بالتوكل عليه، حتى لقد بعض المشايخ: (احكموا إلى أمر الرزق ولا عليك من سائر المقامات).
وقال بعض المشايخ: (اشد الهموم هموم الاقتضاء).
وتبين ما قال هذا الشيخ: أن الله تعالى خلق هذا الآدمي محتاجا إلى مدد يمسك بنيته، ويمد قوته، لما كنت الحرارة الغريزية التي هي فيه تحلل أجزاء بدنه، كان هذا الغذاء تطبخه المعدة، فتأخذ خلاصته، فيعود جزء بدنه خلفا لما حللته الحرارة الغريزية منه، ولو شاء الحق تعالى لأغنى وجود الآدمي عن المدد الحسي، وتناول الأغذية، ولكن أراد سبحانه وتعالى أن يظهر حاجة الحيوان إلى وجود التغذية، واضطراره إلى ذلك وغناه سبحانه وتعالى عما هو الحيوان محتاج إليه فلذلك قال سبحانه وتعالى: {قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم}.
فتمدح سبحانه وتعالى بوصفين:
أحدهما: انه يطعم غيره لأن كل العباد آخذ من إحسانه، وآكل من رزقه وامتنانه.
والآخرة: أنه لا يطعم لأنه المقدس عن الاحتياج إلى التغذية بل هو الصمد، والصمد هو الذي لا يطعم.
وإنما خص الحق تعالى الحيوان بالافتقار إلى التغذية دون غره من الموجودات، لأنه سبحانه وتعالى وهب الحيوان من صفاته ما لو تركه من غير فاقة لادعى أو ادعى فيه، فأراد الحق سبحانه وتعالى ـ وهو الحكيم الخبير ـ أن يحوجه إلى مأكل، ومشرب وملبس، وغير ذلك، ليكون تكرار الحاجة منه سببا لخمود الدعوى عنه أو فيه.
فائدة: اعلم أن الحق تعالى أراد أن يجعل الحاجة لهذا النوع، وهو الحيوان، من الآدمي وغيره، إما ليعرفه، أو ليعرف به، إلا ترى أن الحاجة باب إلى الله، وسبب يوصلك إليه، ألم تسمع قوله تعالى: {يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد}.
فجعل الفقر إلى الله، سببا يؤدي إلى الوصول إليه، والدوام بين يديه.
ولعلك تفهم ها هنا قوله صلى الله عليه وسلم: (من عرف نفسه عرف ربه).
أي من عرف نفسه بحاجتها وافتقارها وذلتها وفاقتها ومسكنتها عرف ربه بعزه وسلطانه، ووجوده وإحسانه إلى غير ذلك من أوصاف الكمال، لا سيما هذا النوع من الآدمي، فإن الحق سبحانه وتعالى كرر فيه أسباب الحاجة وعدد فيه أنواع الفاقة لأنه محتاج إلى صلاح معاشه ومعاده، وافهم ها هنا قوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.
أي من أمر دنياه وأخراه، فلكرامته عند الله كرر أسباب الحاجة فيه:
ألم تر أن لأصناف الحيوان غنية بأصوافها وأوبارها وأشعارها، عن لباس دثارها؟ وغنية بمرابضها وأوكارها عن أن تتخذ بيتا لقرارها.
كنت قد وعدنا بأنا نفرد للتدبير في شأن الرزق بابا، وذلك: أن أكثر دخول التدبير على القلوب من جهته.
فاعلم أن سلامة القلوب من التدبير في شأن الرزق، منة عظمى لا يسلم منها إلا الموفقون الذين صدقوا الله في حسن الثقة، فاطمأنت قلوبهم إليه، وتحققوا بالتوكل عليه، حتى لقد بعض المشايخ: (احكموا إلى أمر الرزق ولا عليك من سائر المقامات).
وقال بعض المشايخ: (اشد الهموم هموم الاقتضاء).
وتبين ما قال هذا الشيخ: أن الله تعالى خلق هذا الآدمي محتاجا إلى مدد يمسك بنيته، ويمد قوته، لما كنت الحرارة الغريزية التي هي فيه تحلل أجزاء بدنه، كان هذا الغذاء تطبخه المعدة، فتأخذ خلاصته، فيعود جزء بدنه خلفا لما حللته الحرارة الغريزية منه، ولو شاء الحق تعالى لأغنى وجود الآدمي عن المدد الحسي، وتناول الأغذية، ولكن أراد سبحانه وتعالى أن يظهر حاجة الحيوان إلى وجود التغذية، واضطراره إلى ذلك وغناه سبحانه وتعالى عما هو الحيوان محتاج إليه فلذلك قال سبحانه وتعالى: {قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم}.
فتمدح سبحانه وتعالى بوصفين:
أحدهما: انه يطعم غيره لأن كل العباد آخذ من إحسانه، وآكل من رزقه وامتنانه.
والآخرة: أنه لا يطعم لأنه المقدس عن الاحتياج إلى التغذية بل هو الصمد، والصمد هو الذي لا يطعم.
وإنما خص الحق تعالى الحيوان بالافتقار إلى التغذية دون غره من الموجودات، لأنه سبحانه وتعالى وهب الحيوان من صفاته ما لو تركه من غير فاقة لادعى أو ادعى فيه، فأراد الحق سبحانه وتعالى ـ وهو الحكيم الخبير ـ أن يحوجه إلى مأكل، ومشرب وملبس، وغير ذلك، ليكون تكرار الحاجة منه سببا لخمود الدعوى عنه أو فيه.
فائدة: اعلم أن الحق تعالى أراد أن يجعل الحاجة لهذا النوع، وهو الحيوان، من الآدمي وغيره، إما ليعرفه، أو ليعرف به، إلا ترى أن الحاجة باب إلى الله، وسبب يوصلك إليه، ألم تسمع قوله تعالى: {يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله، والله هو الغني الحميد}.
فجعل الفقر إلى الله، سببا يؤدي إلى الوصول إليه، والدوام بين يديه.
ولعلك تفهم ها هنا قوله صلى الله عليه وسلم: (من عرف نفسه عرف ربه).
أي من عرف نفسه بحاجتها وافتقارها وذلتها وفاقتها ومسكنتها عرف ربه بعزه وسلطانه، ووجوده وإحسانه إلى غير ذلك من أوصاف الكمال، لا سيما هذا النوع من الآدمي، فإن الحق سبحانه وتعالى كرر فيه أسباب الحاجة وعدد فيه أنواع الفاقة لأنه محتاج إلى صلاح معاشه ومعاده، وافهم ها هنا قوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في كبد}.
أي من أمر دنياه وأخراه، فلكرامته عند الله كرر أسباب الحاجة فيه:
ألم تر أن لأصناف الحيوان غنية بأصوافها وأوبارها وأشعارها، عن لباس دثارها؟ وغنية بمرابضها وأوكارها عن أن تتخذ بيتا لقرارها.
_________________
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى