حجاب المرأة المسلمة
حجاب المرأة المسلمة
حجاب المرأة المسلمة
أجمع الفقهاء قديما وحديثا على وجوب تغطية المرأة كامل جسدها حتى الوجه والكفين عند الخوف من الفتنة استنادا إلى القاعدة الأصولية التي تقول: ( ما أدى إلى حرام فهو حرام ) وبالتالي: ( ما أدى إلى واجب فهو واجب ) فالفتنة حرام ودرؤها واجب وهو المشهور عن جمهور الصحابة والتابعين حيث استدلوا بالأدلة التالية:
من القرآن الكريم:
1- قوله تعالى ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين﴾( [1]).
قال ابن عباس: أمر الله تعالى نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهم بالجلابيب، وقال ابن سيرين: سألت عبيدة السلماني عن قول الله تعالى ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن﴾ فغطى وجهه ورأسه.
2- وقوله تعالى ﴿ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ﴾( [2]) .
قالوا: ما ظهر بحكم الضرورة كأن كشفته الريح.
وقالوا أيضا: ما ظهر بحكم العادة وهو زينة ظاهر اللباس.
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( إلا ما ظهر منها ) أي كالرداء وظاهر الثياب، لأنه لا يمكن إخفاؤه ومثله قال ابن سيرين والنخعي وأبو الجوزاء والحسن.
وقال ذلك ايضا أحمد بن حنبل في تفسير زاد المسير لابن الجوزي: حتى الظفر يحرم أن يظهر منها.
3- وقوله تعالى ﴿ وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ﴾( [3]) .
فظاهر الآية خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكنها عامة الحكم بجميع النساء لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وذلك عن طريق القياس الأولى أو ما يسمى ( القياس الجلي).
من الأحاديث النبوية الشريفة والآثار:
1- عن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين»( [4]).
قال الشيخ ابن تيمية : ( وهذا يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن ، وذلك يقتضي ستر وجوههن ).
وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم « لا تلثم المراة ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران »( [5]) .
2- عن السيدة عائشة رضي الله عنها في حديث الإفك وفيه قولها : ( فسترت وجهي عنه بجلبابي ... )( [6]).
3- عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أردف الفضل بن العباس يوم النحر خلفه وفيه قصة الخثعمية التي وقفت تسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فطفق الفضل ينظر اليها، فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام بذقن الفضل فحول وجهه عنها( [7]).
فلو لم يكن عورة لما حول وجهه عنها مع أنها كانت محرمة بالحج لذلك كانت كاشفة وجهها.
4- واخرج ابن سعد عن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما اجتلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم صفية رأى عائشة متنقبة وسط النساء فعرفها.
5- وورد في مصنف عبدالرزاق عن سيدتنا أم سلمة رضي الله عنها قالت: ( لما نزلت آية الحجاب خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان لسترهن وجوههن بفضل أكسيتهن).
6- عن سيدنا عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: « إياكم والدخول على النساء: فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: (الحمو الموت)( [8]) فلو كان الوجه غير عورة لسهل على الأحماء للضرورة المدعاة لهم.
7- عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أن أم سليم صنعت حيسا ( نوع من الحلوى) وأرسلت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمناسبة زواجه من زينب بنت جحش فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه وجلسوا يأكلون ويتحدثون ورسول الله جالس وزوجته مولية وجهها إلى الحائط إلى أن خرجوا)( [9]).
8- قصة إجلاء بني قينقاع: ( أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها)( [10]). فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ بها فجلعوا يراودونها على كشف وجهها ، فأبت ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت تكشف بعض جسمها فضحكوا منها فصاحت ، فوثب رجل من المسلمين فقتله... )( [11]) .
فكونهم يريدون منها كشف وجهها فأبت هذا دليل على أنها كانت مغطية وجهها.
9- وأخرج البيهقي بإسناد صحيح عن عاصم بن الأحول قال: ( كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقبت به)، فنقول لها: رحمك الله ، قال الله تعالى ﴿ والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة﴾( [12]) هو الجلباب ؟ فتقول لنا: أي شي بعد ذلك ؟ فنقول: ﴿ وإن يستعففن خير لهن ﴾( [13]) فتقول إثبات الحجاب.
فإن كن النساء القواعد والفتنة فيهن أخف يسترن وجوههن فما هو حال غيرهن؟!!
10- عن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده ميمونة زوجته، فأقبل عبدالله بن أم مكتوم شيخ كبير أعمى فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «قوما واحتجبا منه فقلت يا رسول الله: أليس هو بأعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال عليه السلام: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟»( [14]).
فتأملوا رحمكم الله تعظيم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لهذا الأمر وتشديده فيه مع علمه بنزاهة وكمال عفتهن وسلامة صدورهن وصحبتهن لكمال النبوة كيف أمرهن بالاحتجاب لئلا ينظرن إلى ابن أم مكتوم مع كبر سنه وعمى بصره وفقد جماله وبعده عن الآفة في جميع أحواله حتى زجرهن عن النظر إليه تعظيما لأمر الله وحسما لمادة الآفة عن البواطن العفيفة أن يبقى خاطر لذكر غير محرم لم يؤذن في النظر إليه موافقا لقوله تعالى لأزواجه.
﴿وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾( [15]) وبهذا تأمن الفتنة( [16]).
وأقول: إذا أراد الخاطب أن يخطب فتاة لا يحق له أن يرى من خطيبته إلا الوجه والكفين، وهذا معروف مشهور يتناقله الخاصة والعامة على السواء إذن تبين أنه إن لم يرد خطبتها فلا يحق له أن يرى حتى وجهها وكفيها. ولكن لا يعني هذا الكلام أن المرأة تحتجب وتجلس في بيتها ولا يحق لها أن تعمل أو يخرج من بيتها فالإسلام سمح للمرأة بالغزو في سبيل الله لمداواة الجرحى وسمح لها بالعمل لكن ضمن حدود شرعية تخرج محتشمة مستورة عفيفة وبهذا يكون المجتمع مجتمعا إسلاميا حقيقيا يعيش في عفة وصفاء.
وذكر الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله تعالى في كتاب: ( إلى كل فتاة تؤمن بالله ) بشأن حجاب المرأة ما يلي:
قال: إن أئمة المسلمين كلهم قد أجمعوا على ما يلي:
1- لا يجوز أن تكشف المرأة أمام غير الذين استثناهم الله عز وجل شيئا أكثر من وجهها وكفيها.
2- لا يجوز لها أن تكشف الوجه والكفين أيضا إذا علمت أن حولها من قد ينظر اليها النظر المحرم الذي نهى الله تعالى عنه، بان يتبع النظرة النظرة ولا تستطيع أن تزيل هذا المنكر إلا بحجب وجهها عنه وعلى هذه الحالة يحمل ما نقله الخطيب الشربيني عن إمام الحرمين من اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجه)( [17]) وقد صرح بهذا القيد القرطبي فيما نقله عن ابن خويذ منداد من أئمة المالكية : أن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها الفتنة فعليها ستر ذلك( [18]).
وقال صاحب الدر المختار من الحنفية : وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال لا لأنه عورة بل لخوف الفتنة ولا يجوز النظر إليه بشهوة.
وهكذا فقد ثبت الإجماع عند جميع الأئمة ( سواء من يرى منهم أن وجه المرأة عورة كالحنابلة والشافعية، أو من يرى منهم أنه ليس بعورة كالحنفية والمالكية): أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عند خوف الفتنة بأن كان من حولها ينظر اليها بشهوة ومن ذا الذي يستطيع أن يزعم أن الفتنة مأمونة اليوم وأنه لا يوجد في الشوارع من ينظر إلى وجوه النساء بشهوة( [19])؟!.
3- واتفقوا على جواز كشف المرأة وجهها ترخصا لضرورة تعلم أو تطبب أو عند أداء شهادة أو تعامل من شأنه أن يستوجب الشهادة فهذه النقاط الثلاث محل إجماع لدى الأئمة وعامة الفقهاء.
ثم إنهم اختلفوا فيما وراء هذه الأحوال وهو أن تكون المرأة بادية الوجه في مجتمع عام وليس ثمة من يتعمد النظر اليها بريبة وهذا فرض وهمي اليوم فقد ذهب البعض كما رأينا إلى أنه لا حرج عليها في ذلك. وذهب آخرون إلى أنه يجب عليها أن تستر وجهها مطلقا.
هذا هو حكم الإسلام في لباس المرأة اتفقت عليه كلمة علماء المسلمين كلهم معتميدن في ذلك على نصوص واضحة صريحة في كتاب الله تعالى وأحاديث ثابتة من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا عثرنا بعد ذلك على وقائع وتصرفات فردية لبعض نساء الصحابة أو التابعين أو غيرهم تخالف هذا الذي أجمع عليه الأئمة مما دل عليه صريح الكتاب والسنة فإنها وقائع محجوجة بالحكم المبرم الذي دل عليه إجماع الأئمة وصريح الكتاب والسنة وحاشا أن يكون حكم الله هو المحجوج بها( [20]).
أجمع الفقهاء قديما وحديثا على وجوب تغطية المرأة كامل جسدها حتى الوجه والكفين عند الخوف من الفتنة استنادا إلى القاعدة الأصولية التي تقول: ( ما أدى إلى حرام فهو حرام ) وبالتالي: ( ما أدى إلى واجب فهو واجب ) فالفتنة حرام ودرؤها واجب وهو المشهور عن جمهور الصحابة والتابعين حيث استدلوا بالأدلة التالية:
من القرآن الكريم:
1- قوله تعالى ﴿ يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين﴾( [1]).
قال ابن عباس: أمر الله تعالى نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهم بالجلابيب، وقال ابن سيرين: سألت عبيدة السلماني عن قول الله تعالى ﴿ يدنين عليهن من جلابيبهن﴾ فغطى وجهه ورأسه.
2- وقوله تعالى ﴿ ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ﴾( [2]) .
قالوا: ما ظهر بحكم الضرورة كأن كشفته الريح.
وقالوا أيضا: ما ظهر بحكم العادة وهو زينة ظاهر اللباس.
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( إلا ما ظهر منها ) أي كالرداء وظاهر الثياب، لأنه لا يمكن إخفاؤه ومثله قال ابن سيرين والنخعي وأبو الجوزاء والحسن.
وقال ذلك ايضا أحمد بن حنبل في تفسير زاد المسير لابن الجوزي: حتى الظفر يحرم أن يظهر منها.
3- وقوله تعالى ﴿ وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ﴾( [3]) .
فظاهر الآية خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لكنها عامة الحكم بجميع النساء لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وذلك عن طريق القياس الأولى أو ما يسمى ( القياس الجلي).
من الأحاديث النبوية الشريفة والآثار:
1- عن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : « لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين»( [4]).
قال الشيخ ابن تيمية : ( وهذا يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن ، وذلك يقتضي ستر وجوههن ).
وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم « لا تلثم المراة ولا تتبرقع ولا تلبس ثوبا بورس ولا زعفران »( [5]) .
2- عن السيدة عائشة رضي الله عنها في حديث الإفك وفيه قولها : ( فسترت وجهي عنه بجلبابي ... )( [6]).
3- عن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أردف الفضل بن العباس يوم النحر خلفه وفيه قصة الخثعمية التي وقفت تسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فطفق الفضل ينظر اليها، فأخذ النبي عليه الصلاة والسلام بذقن الفضل فحول وجهه عنها( [7]).
فلو لم يكن عورة لما حول وجهه عنها مع أنها كانت محرمة بالحج لذلك كانت كاشفة وجهها.
4- واخرج ابن سعد عن سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما اجتلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم صفية رأى عائشة متنقبة وسط النساء فعرفها.
5- وورد في مصنف عبدالرزاق عن سيدتنا أم سلمة رضي الله عنها قالت: ( لما نزلت آية الحجاب خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان لسترهن وجوههن بفضل أكسيتهن).
6- عن سيدنا عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: « إياكم والدخول على النساء: فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو؟ قال: (الحمو الموت)( [8]) فلو كان الوجه غير عورة لسهل على الأحماء للضرورة المدعاة لهم.
7- عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه : ( أن أم سليم صنعت حيسا ( نوع من الحلوى) وأرسلت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمناسبة زواجه من زينب بنت جحش فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه وجلسوا يأكلون ويتحدثون ورسول الله جالس وزوجته مولية وجهها إلى الحائط إلى أن خرجوا)( [9]).
8- قصة إجلاء بني قينقاع: ( أن امرأة من العرب قدمت بجلب لها)( [10]). فباعته بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ بها فجلعوا يراودونها على كشف وجهها ، فأبت ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها فلما قامت تكشف بعض جسمها فضحكوا منها فصاحت ، فوثب رجل من المسلمين فقتله... )( [11]) .
فكونهم يريدون منها كشف وجهها فأبت هذا دليل على أنها كانت مغطية وجهها.
9- وأخرج البيهقي بإسناد صحيح عن عاصم بن الأحول قال: ( كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقبت به)، فنقول لها: رحمك الله ، قال الله تعالى ﴿ والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة﴾( [12]) هو الجلباب ؟ فتقول لنا: أي شي بعد ذلك ؟ فنقول: ﴿ وإن يستعففن خير لهن ﴾( [13]) فتقول إثبات الحجاب.
فإن كن النساء القواعد والفتنة فيهن أخف يسترن وجوههن فما هو حال غيرهن؟!!
10- عن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده ميمونة زوجته، فأقبل عبدالله بن أم مكتوم شيخ كبير أعمى فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «قوما واحتجبا منه فقلت يا رسول الله: أليس هو بأعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال عليه السلام: أفعمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟»( [14]).
فتأملوا رحمكم الله تعظيم المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لهذا الأمر وتشديده فيه مع علمه بنزاهة وكمال عفتهن وسلامة صدورهن وصحبتهن لكمال النبوة كيف أمرهن بالاحتجاب لئلا ينظرن إلى ابن أم مكتوم مع كبر سنه وعمى بصره وفقد جماله وبعده عن الآفة في جميع أحواله حتى زجرهن عن النظر إليه تعظيما لأمر الله وحسما لمادة الآفة عن البواطن العفيفة أن يبقى خاطر لذكر غير محرم لم يؤذن في النظر إليه موافقا لقوله تعالى لأزواجه.
﴿وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ﴾( [15]) وبهذا تأمن الفتنة( [16]).
وأقول: إذا أراد الخاطب أن يخطب فتاة لا يحق له أن يرى من خطيبته إلا الوجه والكفين، وهذا معروف مشهور يتناقله الخاصة والعامة على السواء إذن تبين أنه إن لم يرد خطبتها فلا يحق له أن يرى حتى وجهها وكفيها. ولكن لا يعني هذا الكلام أن المرأة تحتجب وتجلس في بيتها ولا يحق لها أن تعمل أو يخرج من بيتها فالإسلام سمح للمرأة بالغزو في سبيل الله لمداواة الجرحى وسمح لها بالعمل لكن ضمن حدود شرعية تخرج محتشمة مستورة عفيفة وبهذا يكون المجتمع مجتمعا إسلاميا حقيقيا يعيش في عفة وصفاء.
وذكر الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي حفظه الله تعالى في كتاب: ( إلى كل فتاة تؤمن بالله ) بشأن حجاب المرأة ما يلي:
قال: إن أئمة المسلمين كلهم قد أجمعوا على ما يلي:
1- لا يجوز أن تكشف المرأة أمام غير الذين استثناهم الله عز وجل شيئا أكثر من وجهها وكفيها.
2- لا يجوز لها أن تكشف الوجه والكفين أيضا إذا علمت أن حولها من قد ينظر اليها النظر المحرم الذي نهى الله تعالى عنه، بان يتبع النظرة النظرة ولا تستطيع أن تزيل هذا المنكر إلا بحجب وجهها عنه وعلى هذه الحالة يحمل ما نقله الخطيب الشربيني عن إمام الحرمين من اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات الوجه)( [17]) وقد صرح بهذا القيد القرطبي فيما نقله عن ابن خويذ منداد من أئمة المالكية : أن المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها الفتنة فعليها ستر ذلك( [18]).
وقال صاحب الدر المختار من الحنفية : وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال لا لأنه عورة بل لخوف الفتنة ولا يجوز النظر إليه بشهوة.
وهكذا فقد ثبت الإجماع عند جميع الأئمة ( سواء من يرى منهم أن وجه المرأة عورة كالحنابلة والشافعية، أو من يرى منهم أنه ليس بعورة كالحنفية والمالكية): أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عند خوف الفتنة بأن كان من حولها ينظر اليها بشهوة ومن ذا الذي يستطيع أن يزعم أن الفتنة مأمونة اليوم وأنه لا يوجد في الشوارع من ينظر إلى وجوه النساء بشهوة( [19])؟!.
3- واتفقوا على جواز كشف المرأة وجهها ترخصا لضرورة تعلم أو تطبب أو عند أداء شهادة أو تعامل من شأنه أن يستوجب الشهادة فهذه النقاط الثلاث محل إجماع لدى الأئمة وعامة الفقهاء.
ثم إنهم اختلفوا فيما وراء هذه الأحوال وهو أن تكون المرأة بادية الوجه في مجتمع عام وليس ثمة من يتعمد النظر اليها بريبة وهذا فرض وهمي اليوم فقد ذهب البعض كما رأينا إلى أنه لا حرج عليها في ذلك. وذهب آخرون إلى أنه يجب عليها أن تستر وجهها مطلقا.
هذا هو حكم الإسلام في لباس المرأة اتفقت عليه كلمة علماء المسلمين كلهم معتميدن في ذلك على نصوص واضحة صريحة في كتاب الله تعالى وأحاديث ثابتة من سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا عثرنا بعد ذلك على وقائع وتصرفات فردية لبعض نساء الصحابة أو التابعين أو غيرهم تخالف هذا الذي أجمع عليه الأئمة مما دل عليه صريح الكتاب والسنة فإنها وقائع محجوجة بالحكم المبرم الذي دل عليه إجماع الأئمة وصريح الكتاب والسنة وحاشا أن يكون حكم الله هو المحجوج بها( [20]).
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى